الأعلام العربي ومسؤوليته في ..
الأعلام العربي ومسؤوليته في ..
" تكوين الصورة النمطية لبعض الشعوب "
حين يتابع المشاهد بعض الفقرات الإعلانية ، أو المسلسلات الدرامية ، أو البرامج الحوارية ، يلاحظ ربما وجود محاولة لصنع تلك الصورة النمطية عن الجنسيات والشعوب الأخرى، وذلك من خلال العديد من الظواهر التي ترسم صورة الآخرين في مخيلتنا وتجعل من ملامحهم مجرد (عامل إثارة) يحفزنا ضدهم أو معهم ، وهو ما قد يصنع فجوة بين المشاهد وبين أفراد تلك الشعوب العربية أو الإسلامية.
ففي مجتمعاتنا الخليجية على سبيل المثال لايخفى على أحد وجود ملامح عامة تساهم في تكوين صورة نمطية عن بعض الجنسيات كالمصرية واليمنية والسودانية، إلى جانب جنسيات أخرى كالبنغالية والهندية.. هذه الملامح التي تشكلت بسبب مزاولة نسبة كبيرة من هذه الجنسيات لمهن متواضعة أو ذات دخل مادي محدود وهو ما أثر في صورتهم ، لكن الأسوأ هو ممارسة بعض وسائل الإعلام في ترسيخ هذه الصورة، وهو ما ينمى الإحساس بالتعالي على هذه الجنسيات التي تجمعنا بها روابط دينية وثقافية .
وللأسف فإن هذا السلوك قد انسحب أيضا على الأنثى في الإعلام العربي، من خلال البرامج الحوارية و الإعلانات أو المواد الدرامية، كأن نجد تلك الصورة المألوفة لجلسة من السيدات تضم جنسيات عربية في الغالب مشرقية، ونرى المرأة السعودية في صورة تقليدية تظهرها على أنها الأكثر تحفظا وانغلاقا، واللبنانية الأكثر تأنقا وتزينا، والمصرية الأكثر ثرثرة وجرأة..الخ.
وسواء كانت هذه الصورة في برنامج حواري أو في إعلان تجاري، فهو ترسيخ لصورة ما، وصنع لمثير شرطي.. بحيث يجد الشاب نفسه حين يسمع لهجة فتاة سعودية أو لبنانية أو مصرية يتوقع سلوكا معينا.. وهذا التنميط الساذج يجعلك لا إراديا تستبعد وجود سعودية في جرأة المصرية، أو مصرية في هدوء السعودية، أو سعودية في تأنق اللبنانية وزينتها.
إن الزائر الخليجي للمدن العربية يواجه أحيانا بردود أفعال نتيجة هذه الصورة حين يصل بيروت أو القاهرة، فيجد نظرات تسدد إليه وأسرته.. ولعلَ المواطن العربي من الجنسيات السابقة قد يشعر بنفس الإحساس حين يصل إلى أراض خليجية بهدف العمل.. وهو ما يمثل ضغطا عليه، وقد يكون الضغط الأكبر على الفتاة في كل الحالات.
إن الفضائيات العربية تعمل وتحفز " ضد / مع " الجنسيات العربية والإسلامية الأخرى، ولا بد للنابهين والعقلاء من عدم الانسياق وراء تلك الصورة التي ترفع من روح العنصرية والانغلاق ، ولا تعطينا ملامح جديدة من الشعوب المجاورة أو التي تعيش بيننا .
الحل الوحيد هو الاعتراف بروح الفرد، وأن يعامل الإنسان حسب شخصيته هو، ويكفينا أن نتذكر أن أهل الآخرة سيحاسب كل فرد منهم على عمله وحده، أليس أولى بنا أن نمارس ذلك في حياتنا الدنيا أيضا ؟
نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)
|