[نهال عبد الله]

[align=justify]

• حوار : سلام الزبيدي
رسخ اسمه ليكون من الأسماء المعروفة في الوطن العربي كشاعر وقاص له بصمته المتميزة المؤثرة خاصة في قدرته الكبيرة على التجديد والابتكار في الشكل والمضمون معا ... ثلاثة و ثلاثون عملا مطبوعا في الشعر والقصة والرواية والنقد .. وثلاثون عاما في العمل الصحفي .. عضو اتحاد الصحفيين السوريين ، عضو اتحاد الكتاب العرب، عضو اتحاد الكتاب والصحفيين الفلسطينيين .. عضو رابطة الأدب الحديث في مصر ..رئيس تحرير مجلة "المسبار"الثقافية الشهرية والمسؤول الثقافي في مجلة " صوت فلسطين"..
مدير رابطة المبدعين العرب.. توزعت كتاباته بين الشعر والقصة والرواية، والقصة القصيرة جداً، والنقد الأدبي، كما كتب المسرحية ذات الفصل الواحد،وكتب الأغنية الشعبية التي غنتها فرق كثيرة وقدمت في الإذاعة والتلفزة في عدة دول عربية.
كان ويزال التجديد هاجسه الدائم في مختلف الفنون الأدبية التي أبدع فيها ولاسيما في حقل الشعر، ولعل من أبرز مظاهر التجديد لديه الشعر الذي كتبه على شكل بطاقات مفتوحة زمنياً بين الأعوام ( 1996 – 2000) ، وقصيدة السطر الواحد كما في القصيدة الصوفية وقصائد مجموعته ( خذي دحرجات الغيوم) ، وغيرها من مظاهر التجديد.
إنه المبدع على الدوام الشاعر الفلسطيني طلعت سقيرق من الجيل الثاني من شعراء المقاومة.
في هذا الحوار ... يحكي لنا عن حبه و نضاله من أجل فلسطين و قصيدته الصوفية التي كسرت نطاق الشكل التقليدي للقصيدة وعن رمز المرأة التي تحمل كل معالم شعر .
• كيف بدأ طلعت سقيرق يكوّن نفسه بنفسه ومن تلمس لك الموهبة في الصغر ؟؟..
• بدأ ذلك منذ الصغر .. كنت ربما في المرحلة الابتدائية وعلى الأكثر في المرحلة الإعدادية .. كنت قارئا نهما بل مولعا بالقراءة .. القراءة زاد لا يمكن التخلي عنه مهما كبر المبدع .. الآن شيئا من التضاؤل في هذا الشيء وهذه جريمة ..أن نعطي دون أن نتزود فكأننا نضحك على الناس وعلى أنفسنا .. شخبرت .. جربت .. فشلت كثيرا .. حتى استوى عودي في مرحلة ما ..بعدها صرت مشروع شاعر أو إنسان يمشي على درب الإبداع ..طبعا هذا ليس تواضعا ولا يحزنون ، لكنه صرخة لجيلنا الجديد حتى يعمل ويجتهد وبتعب قليلا ..ربما لم يكن
احد في حينا أو محيطنا الصغير يهتم بالموهبة حتى يتلمس عند هذا الولد الذي كنته شيئا ..
• أنطولوجيا الشعر الفلسطيني خلال خمسين عاماً! هل يمكن أن تتحدث عن هذا الشعر الفلسطيني .. وتحول القصيدة الفلسطينية نحو الحداثة، وأنت الوحيد الذي دخلت هذه الموسوعة لماذا؟
• طبعا لست الوحيد الذي دخلت الموسوعة إلا إن كنت تقصد من الشعراء الفلسطينيين في سورية .. طبعا لماذا ؟؟.. هذا سؤال لا ادري جوابه لأنني لست معد الانطولوجيا الفلسطينية الإيطالية ..
الجديد في شعرنا الفلسطيني كثير وهو لا يتوقف عند جيل محدد .. الحداثة مستمرة مع استمرار الحياة .. مفهومنا للحداثة هو الذي يعطي ما نريد من هذه الحداثة أن تقدم .. شعراء القصيدة الفلسطينية كلهم يكتبون الحداثة .. كل جديد يتطلب تغييرا في مبنى القصيدة قد نسميه حداثة .. البعض يظن أن الحداثة ترتبط بقصيدة النثر طبعا هذا خطأ .. فالحداثة ليس شكلا أو ما يشبه الشكل ، هي منظومة كاملة تدخل في كتلة القصيدة والفن .. كل شاعر حديث إن قدم تجربة عصره بصدق .. وهو متخلف إن ابتعد عن هذه التجربة ومفهومها ..
• ربما قصد بالحداثة ابتكار الرمز والصورة وما إلى ذلك .. ربما كانت عند العض هذا الشيء من الغموض ؟؟
• الغموض غموض وليس حداثة ..الشاعر الغامض شاعر فاشل عندما لا يعرف كيف يعبر عن معطيات عصره بصورة واضحة ..أما الصورة والمفردة وما إلى ذلك فهي أدوات تعطي الشعر بصمة ما ولا تجعله يختلف عن غيره .. هو صاحب صورة مبتكرة أو غير مبتكرة وهكذا ..
• تجربتك الشعرية والتي انفردت بها خصوصاً فيما يتعلق بالقصيدة ذات السطر المدور المتلاحق ، والتي تحتاج إلى تحكم هائل بالوزن الموسيقي. فهل لك أن تحدثنا عن هذه التجربة وكيف خطرت لك الفكرة؟ ؟
• قصيدة السطر الواحد أو السطر المدور أو السطر الملتف أو السطر الدائري ..قلت من قبل هي تجربة تشبه تجربة ذاك الذي يقف في الأعلى وبيده كرة ثلج يتركها تتدحرج وتكبر ويزداد حجمها إلى ما لا نهاية ,, وجه الخلاف هنا أنها تحمل دائما إشعاعا جديدا وصورة جديدة وقولا جديدا مضافا .. هي تبتكر صورتها بشكل يدهش السامع .. التفعيلة التي في القصيدة لا تتوقف .. الشاعر في هذه الحالة متمكن من الموسيقى بشكل كبير لأن تغيير النغمة سهل جدا حين تفلت التفعيلة من يد الشاعر .. وهذا يحدث خللا كبيرا .. القصيدة في السطر المدور تحتاج إلى الكثير من المقدرة حتى تكون مكتملة ..
• أليس هذا النوع فاضح لأنه لا يترك مجالا للشاعر كي يرتب أدواته وصوره ؟ كيف تكتبه إذن؟
• هذا صحيح .. قصيدة السطر الواحد لا تترك لك مجالا أو متكأ لتتوقف لذلك فهي وليدة الشاعر مباشرة . هي على تماس مع العصب الشعري ..فأنت لا تستطيع أن تدير أدواتك أو مشاعرك بروية وان تأخذ نفسا لتعيد القول .. في بيت الشعر تتوقف عند نهاية البيت لتأخذ نفسا و تعد نفسك لانطلاقة جديدة .. كذلك في التفعيلة أو قصيدة النثر .. هنا أنت أمام حالة مشاعر لا تعرف التوقف إلا في النهاية وعندها يكون ما قلته قد قلته ..
• يذهلني الكم الهائل من الصور الغزيرة في شعرك ! من أين تأتي بهذه الصور ؟
• هذه حالة خاضعة لحدة المشاعر ربما أو لجموح الخيال أو للكثير من ملاحقة المعاني ..هذا قولي الذي أفترضه .. لكن يبقى النقد هو القدر على الخوض في دراسة مثل هذه الأمور ..
• يقال طلعت سقيرق عاشق دائم ويعطي المرأة حقها من الغزل ! يعني هل تعتبر نفسك قريب إلى حد ما إلى تجربة الشاعر المرحوم نزار قباني ؟ الذي كان يكنى بشاعر النساء وهل أنت شاعر الحب ؟
• نزار قباني حالة مفردة ..الأخطل الصغير حالة مفردة .. كما كان جميل بثينة حالة مفردة .. كل الشعراء في الغزل وغير الغول قريبون من بعضهم وبعيدون في الوقت نفسه .. اكتب عن الحب لأنني أحب ..حياة من غير حب ليست جديرة أن تعاش.. الحب طبعا اكبر من مجرد لفظة انثنى ..لكن للأنثى موقعها الكبير في عالم الغزل وأنا اكتب عنها الكثير لأنني فعلا أحب الأنثى ولا أتصور حياتي دون حبها .. قد أحب كل يوم أنثى لأكتب لها قصيدة .. يقولون طلعت سقيرق يحب كل يوم حبا جديدا .. ليكن فهذا شيء جميل لا أنكره ..
• إذن ماذا تعني المرأة بالنسبة لك ؟
• الأنثى كل شيء جميل رقيق رائع معطاء .. الأنثى وردتي الجميلة وصديقتي وحبيبتي ورفيقتي وزوجتي وأمي وأختي .. الحياة من غير أنثى لا معنى لها ولن يكون لها معنى ..وحياة طلعت سقيرق من غير أنثى حياة منتهية ..
• طلعت سقيرق لا يحب النمط و الركون إليه ..يبحث دائما عن التجديد ! فهل تعتبر نفسك شاعر التجديد؟
• طبعا .. النمط ركود وموت .. النمط كسل شعري وأدبي وفني .. كل الشعراء الذين ركنوا إلى النمط هم شعراء خارج دائرة حياة الشعر ..
• هل هذا ما دفعك إلى القول عن أنّ سورية تكرر شعراءها حاليا ؟؟..
• هذا ينطبق على كثير من البلدان العربية .. ليس هناك في سورية الآن اسم شعري واحد يضيف شيئا للشعر ..هناك شعراء يتناسلون وبشكل مقيت .. أين الشاعر المجدد ..أعطني اسما واحدا وأتحداك .. هذا مأزق .. والمأزق الأكبر منه أن كل واحد من هؤلاء المتناسلين يظن انه شاعر مهم .. وهنا قمة المأساة ..
• هناك أزمة في النقد العربي لا حد لها . غياب النقد فتح المجال لكثير من الشعر السيئ كي يطفو على السطح ! ماسبب هذه الأزمة ؟
• هذه الأزمة نتاج أزمة شعر أولا ونتاج ظن النقاد أنهم مبدعون ثانيا .. ظن النقاد أنهم شعراء وقاصون ومسرحيون فراحوا يكتبون أدبا تافها.. هم أول من ساهم في أزمة النقد وأزمة الإبداع .. الناقد لا يصلح لأن يكون مبدعا بأي شكل من الأشكال .. فكيف تفهمه ذلك ؟؟..
• ماذا أعطتك فلسطين ككاتب وشاعر ؟
• ليكن السؤال ماذا أعطيت لفلسطين .. نحن محتاجون لفلسطين .. أظن أنني ساهمت ضمن كتابها بشيء قل أو كثر لكنه مقبول ..
• إلى أي مدى ساهم الشاعر الفلسطيني في النضال الفلسطيني من حيث النضال المسلح والنضال السياسي أيضا؟
• مقولة قديمة لا تنطبق على هذا العصر ..ربما ساهمنا بشيء من التحريض .. بشيء من التعريف بقضية شعبنا .. بأننا أبقينا فلسطين حية في الذاكرة .. من جهة النضال المسلح ما قدمناه قليل جدا ..
• كل كتاب يشكل بصمة وكل الكتب تكمل بعضها لتشكل ملامح طلعت سقيرق فأي كتاب من كتبك هو نبض طلعت سقيرق ؟
• كل الكتب وأقولها صادقا .. الكتاب الأقرب لي هو مجموعتي " احتمالات " المجموهة القصصية الصادرة عن اتحاد الكتاب العرب . بقية كتبي كانت قطرات في المسيرة لا اعرف ماذا سيكون مصيرها في المستقبل .. ربما تكون عظيمة ورائعة ومتفوقة ..وربما تكون مجرد كتابات أهدرت الحبر دون جدوى .
• أخيرا ماذا تقول عن قصيدة النثر والقصة القصيرة جدا في هذا الوقت ؟؟..
• قصيدة النثر جنس أدبي لا ينكر ولا يمكن أن ينكر ، لكنه صار مركبا لمن هب ودب ..اختلط الحابل بالنابل وضاعت الملامح ..كاتب الخاطرة شاعر نثر .. كاتب السطور شاعر نثر ..كاتب الكلمات المتقاطعة شاعر نثر .. ومشكلة كتاب قصيدة النثر أنهم يصدقون أنهم شعراء بل يبالغون ويلغون غيرهم من الشعراء ..اذكر لي خمسة أسماء تكتب قصيدة النثر بشكل جيد ولك جائزة .. لست ضد قصيدة النثر ولا يمكن أن أكون .. لكن أعطني شعراء نثر وهنا المهم .. طبعا القصة القصيرة جدا ليست في حال أحسن ..
• أخيرا ماذا تقول؟
• من يجد أن الفن صعب فليجد له عملا آخر هذا أفضل له وللفن .. نحن نعيش في تخمة فنية فارحمونا وارحموا أنفسكم.. أي عمل آخر سيعطيكم مردودا ماديا أفضل .. فلماذا هذا الإصرار على تصديع رؤوسنا ..

[/align]