لاورينس بوفن/ اذاعة هولندا العالمية
أصبحت سويسرا ابتداءً من اليوم الثاني عشر من ديسمبر 2008 جزءاً من منطقة شينغن، مما يعني أن الأجنبي الذي لديه تأشيرة دخول إلى هولندا مثلاً، يمكنه السفر من أمستردام إلى زيورخ دون الحاجة لإبراز جواز السفر عند الحدود. لكن التفتيش الجمركي عند الحدود لن يختفي، كما هو الحال بين دول شينغن. ولن يـُسمح للمسافر بإدخال دزينة من قناني النبيذ مثلاً. لماذا تريد سويسرا أن تفتح الحدود وفي الوقت نفسه تحافظ على قوانينها الجمركية الخاصة؟
كلا.. لن يكون هناك حفل شعبي اليوم. فنحن شعب عقلاني. ليأتِ الهولنديون إلى هنا ويحتفلوا إذا أرادوا. هذا ما يقوله أدريان سولبيرغر، الناطق باسم مكتب الاندماج السويسري، المختص بالعلاقات مع الاتحاد الأوربي. يوضح سولبيرغر الفرق بين إلغاء مراقبة الجوازات، وإلغاء مراقبة الحدود. الأمر الأول يخضع لاتفاقية شينغن، أما الثاني فلا.
مركز جمركي سويسري
الوحدة الجمركية
شينغن هي الاتفاقية الأوربية التي تضمن حرية التنقل للأشخاص. بفضل اتفاقية شينغن لم يعد هناك حرس عند الحدود الهولندية- الألمانية منذ عدة سنوات، ويمكنك أن تواصل السفر بسيارتك بين البلدين، دون توقف. لكن الأمر مختلف مع سويسرا، فهذه الدولة الواقعة عند جبال الألب ليست عضواً في الاتحاد الأوربي، وبالتالي ليست عضواً في ما يـُعرف بالوحدة الجمركية.
يوضح سولبيرغ قائلاً الوحدة الجمركية ليست في مصلحتنا. ترغب سويسرا في أن تواصل سياساتها الاقتصادية الخاصة، وأن تعقد اتفاقيات تجارية مستقلة، وهو أمر لم يعد متاحاً للدول الأعضاء في الاتحاد الأوربي. فالاتفاقيات التجارية أصبحت من اختصاص المفوضية الأوربية نيابة عن أعضائها الـ 27. لو اختار السويسريون الانضمام إلى الوحدة الجمركية، فهذا يعني، عملياً، أنهم أعضاء في الاتحاد الأوربي، وهي خطوة تذهب أبعد مما يريده السويسريون.
لذلك ستبقى النقاط الحدودية بين سويسرا وجيرانها. فهي تريد فتح الأبواب أمام حرية التنقل للأشخاص، ولكن ليس للبضائع. السيارات الشخصية التي تنقل المسافرين، ستظل عرضة للتفتيش أيضاً، بحثاً عن السلع المهربة. ولن يتعرض المسافرون إلى التفتيش إلا في حال وجود مؤشرات ملموسة لاحتمال التهريب.
للعلم: لا يجوز للسائحين أن يحملوا معهم أكثر من مائتي سيجارة، ولترين من النبيذ، ولتر واحد من المشروبات الكحولية القوية. اتفاقية شينغن
في عام 1985 وقعت هولندا وبلجيكا ولوكسمبورغ وألمانيا وفرنسا، معاهدة تهدف إلى تحقيق خطوات تدريجية لضمان حرية التنقل للأشخاص بين البلدان الموقعة في بلدة شينغن في لوكسمبورغ. ولم يـُبدأ بتطبيق المعاهدة فعلياً إلا عام 1995. وفي عام 1997 أصبحت بنودها جزءاً من معاهدة أمستردام الخاصة بالاتحاد الأوربي.
إضافة إلى حرية تنقل الأشخاص، تنظم شينغن التعاون الأوربي البوليسي والقضائي، وكذلك نظام التأشيرة المشتركة للقادمين من خارج الاتحاد، وتوحيد إجراءات اللجوء.
توسعت منطقة الشينغن بسرعة وأصبحت كبيرة جداً. وبانضمام سويسرا، تشمل المنطقة الآن 25 دولة، هي دول الاتحاد الأوربي ماعدا بريطانيا وإيرلندا ورومانيا وبلغاريا، ومن خارج الاتحاد كل من آيسلندا والنرويج. يـُتوقع انضمام ليختنشتاين أواخر العام القادم ملاحقة المجرمين
ما دامت الرقابة الحدودية باقية، فلماذا تنضم سويسرا إلى اتفاقية شينغن إذن؟ هناك محاسن ليست معروفة جيداً توفرها الاتفاقية، وهي ما استهوت السويسريين فيها. على سبيل المثال نظام التأشيرة الواحدة، التي تمكن السائحين من خارج الاتحاد الأوربي من زيارة سويسرا دون الحاجة لتأشيرة دخول منفصلة. وهناك امتيازات أخرى تهتم بها سويسرا، تتعلق بالتعاون بين اجهزة الشرطة على الصعيد الأوربي، حيث ستتيح الاتفاقية للشرطة السويسرية الدخول إلى قاعدة البيانات الأوربية للمطلوبين جنائياً.
في عام 2005 نظمت سويسرا استفتاء شعبياً حول اتفاقية شينغن، وقد صوتت أغلبية ضئيلة لصالحها (56%). وكانت الحجة التي استخدمتْ لإقناع السويسريين المتشككين بجدوى الاتفاقيات الأوربية، هو أن هذه الاتفاقية ستسـهـّل ملاحقة المجرمين. وفي الحقيقة فإن الشرطة السويسرية تطلع منذ شهور على قاعدة البيانات الجنائية الأوربية. يقول سولبيرغ: يصلنا يومياً عشرون بلاغا، حول مواد مسروقة، أو أشخاص فقدوا حق الإقامة في أوربا. بل إن بعض اعتقالات جرت مؤخراً بناء على نظام المعلومات هذا.
ليختـنشتاين
بالرغم من وجود نقاط التفتيش الجمركية، فإن الحدود السويسرية لم تعد، ابتداءً من اليوم، حدوداً خارجية للاتحاد الأوربي من الناحية الرسمية. ولكن.. هناك حدود حقيقية أخرى قريباً من جبال الألب، إنها الحدود بين سويسرا وليختنشتاين. هذه الإمارة الصغيرة ليست عضواً في اتفاقية شينغن، وهذا يعني أنه ستكون هناك نقاط تفتيش بين سويسرا وليختنشتاين، للمرة الأولى منذ عام 1923. ولكن لن تكون هناك كابينات لموظفي الجمارك، ولا عوارض حديدية. فقد وافق الاتحاد الأوربي على مقترح سويسري للاكتفاء بنصب كاميرات مراقبة على الحدود بين البلدين.
[/align][/frame]