إنما المؤمنون إخوة , لكننا خائنون
إنما المؤمنون إخوة" هو قول الله تعالى الوارد في الآية التاسعة من سورة الحجرات:"إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم واتقوا الله لعلكم ترحمون".
قول حكيم من الخالق في جملة من ثلاث كلمات قد تغير طبيعة مجتمع بأكمله، و حين أقول مجتمع لا أقصد فئة صغيرة من مواطني بلد ما بل جماعة المؤمنين الكبيرة التي قد تفصل بينها الحدود و تجمعها التعاملات أو المصالح.
هذه الآية من سورة الحجرات ،التي تحمل بدورها آيات كثيرة عن آداب التعامل والإحترام، جاءت نابذة لأي طائفية و تمزق في صفوف الأمة.
فالأخوة التي هي مثلا ثالث كلمة من شعار فرنسا يفسرها قانون هذه الدولة بأنها :"أن لا تفعل للآخر شيئا لاتريده أن يحدث لك؛وأن تعامل الآخرين دوما المعاملة الحسنة التي تود تلقيها أو أن تعامل بها".
الأخوة التي جاء بها الإسلام تتجاوز مصطلحات الدساتير الخالية من العاطفة فهذا الرسول صلى الله عليه و سلم يقول:" مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر " و كذلك: "المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً وشبك بين أصابعه " وهنا لا يؤكد الرسول فقط على حسن التعامل بل على التعاضد و التلاحم و الوحدة.
المجتمع الإيماني الذي يكافئ الله أفراده إن أحب بعضهم بعض لوجه الله لا لأغراض دنيوية هو كالجسد الواحد و كالبنيان المرصوص
فماذا يحدث الآن لوطننا الكبير الممتد من المحيط إلى الخليج؟
لقد وصف لاورنس العرب حكامه منذ أكثر من ستين سنة بأنهم لايتجاوزون ببلدانهم وضع الفسيفاء السياسية وقطعة الثوب التي تتجاذبها الأحقاد والمجموعة الغير القادرة على التناسق
الشيء المضحك المبكي هنا التناقض القاتل بين الوصفين: البنيان المرصوص و الفسيفاء (أو المجموعة الغير القادرة على التناسق).
والشيء الدرامي و التعيس لدرجة الإختناق هو أن وصف لاورنس لازال صالحا إلى يومنا هذا.
فما الذي حدث ؟؟وطنناالعربي الكبير يشهد بصدق القرآن الكريم بكل آياته وبأقوال محمد آخر الأنبياء و الرسل لما هو قطعة ثوب ممزقة ؟
الأخوة التي جاء بها الدين تكاد تغيب في أزقتنا، في شوارعنا ، في مؤسساتنا، في دولنا و بين بلداننا .
القلوب التي من المفروض أن تكون متآلفة و متآخية ومتحابة هي متنافرة و متناحرة .
"أصلحوا بين أخويكم" التي تلت "إنما المؤمنون إخوة" تحولت إلى حياد و عدم إهتمام ليأتي الأجنبي للتدخل بأسلحته و منظماته وسجلاته التي يملؤها موظفوه وهم متكئوون على الأرائك ربما بينما تخترق شظية جسد طفل لم يدرك بعد أنه ولد في زمن النكسة وعصرالحنين إلى الجاهلية .
قال صلى الله عليه وسلم: "المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه، من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته، ومن فرج عن مسلمٍ كربة فرج الله عنه بها كربة من كرب يوم القيامة، ومن ستر مسلماً ستره الله يوم القيامة".
مخجلة هي أخوتنا التي تتفرج على ضحايا الحصار و الشجار وتفكر في الراتب و إجازة آخر السنة.
مؤسفة أخوتنا التي تخرج من صلاة الجمعة و العيد بشوشة والأوطان ينخرها ألف مرض حتى العضم.
مخزية أخوتنا التي لاتلتزم بحقوق الأخوة التي تدعم وتصحح وتداوي وتغيرالمنكر والتي وصفها إبن تيمية بأنها :حقوق واجبة بنفس الإيمان والتزامها بمنزلة التزام الصلاة و الزكاة و الصيام والحج، والمعاهدة عليها كالمعاهدة على ما أوجب الله ورسوله، وهذه ثابتة لكل مؤمن على كل مؤمن، وإن لم يحصل بينهما عقد مؤاخاة " .
أولسنا خائنين لعقود أخوتنا أولا يحق لي أن أقول أن هذا الدين العظيم سبق الثورات الأوروبية وكتب حقوق الإنسان قبل توثيقها في الملفات الغربية , لكنننا نخذله ونخو نه كل يوم؟؟ .
Nassira
نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)
|