المفاجأة و الحادثة و التجربة
المفاجأة .. إكتشفت فجأة أنني أغنى رجل في العالم .. متى ؟ .. وأين ؟ .. وكيف ؟ ..
في أحد شوارع القاهرة .. منذ عام وأكثر .. تحديداً في ليل السابع عشر من شهر ديسمبر 2007 .. خرجت من المستشفى التي كنت أعمل بها .. هبطت من فوق رصيف الشارع المزدحم ووضعت قدمي على الطريق لأستقل سيارتي .. ثم تلاحقت الأحداث متلاحقة وكأنها ثواني مسرعة .. كأنها كوابيس ليل مفزعة .. غيبوبة .. إفاقة سيارة إسعاف تعوي وتصيح.. إفسحوا الطريق .. أوجه البشركأنها صور متتابعة متلاصقة متداخلة.. الغريب والقريب والصديق !! ..
نداءات وصرخات .. أسف وحسرات .. هناك من يخيط جروحي .. وآخرون يحاولون إستعادة روحي !!.. أطباء يهرولون في عجل .. و إناس يصرخون في فزع .. الجسد حطمته سيارة غاشمة .. مسرعة .. أتت من الناحية المغايرة .. فأطاحت به وبي عشرات الأمتار .. الآن أحسست بإنفصال الروح عن الجسد .. الروح تحلق في السماء باحثة في ذكريات الماضي عن الأهل و الأحباب .. والأحزان و الأفراح .. الجسد يتوجع ويتألم من الكسور و الرضوض والجراح ..
غر فة التخدير .. عشرات المحاذير .. عمليات جراحية كبيرة .. وعلاجات و أدوية قديمة وجديدة .. إبر تنغز وتثقب الجسد العليل .. مهارات أطباء وتمريض فريدة .. على مدى شهور عديدة ..نفقات علاجية .. أعباء مالية ..ضغوط نفسية ..أوجاع جسدية .. ولكن هنا أكتشف معنى الثروة الحقيقية !! أنا أغنى رجل في العالم !! ..نعم أنا أغنى رجل في العالم !! ..أريد أن أكررها و أكررها ويسمعها كل العالم .. أنا أغني رجل في العالم .. ليس بالمال أو الجاه أو القصور .. ولكن بالأهل والأحبة و الأصدقاء .. زوجة محبة حنونة مخلصة ..عائلة و أسرة كبيرة متماسكة .. ومئات الأحبة والأصدقاء والجيران والمعارف يأتون في زيارات عديدة متلاحقة .. وبسطاء القوم ياتون الىّ بهدايا أثمانها باهظة .. وقومي وعشيرتي أهل الجنوب يتوافدون جماعات متتابعة .. يقرأون القرآن و يتلون الأدعية الشافية !!.. زيارات .. محادثات .. مراسلات ..إتصالات هاتفية و مراسلات الكترونية من أرجاء الكرة الأرضية .. وخاصة الدول العربية .
يالها من ثروة !! .. يالها من كنوز !! ..
آه لو يدري البشر المعنى الحقيقي للثروة .. لساد بين الناس الحب و السلام والمودة .. ولأرتفع الناس عن الصغائر و الضغائن و منغصات الحياة .. هذه هى الحياة .. هذه هى المفاجأة و الحادثة و التجربة .. كفاكم الله شر مثل هذه التجربة.