[د. ناصر شافعي]

الصرع
د. ناصر شافعي

مشكلة الصرع واحدة من المشكلات الطبية التي تثير القلق و الخوف للأسرة نظراً لحدوث أعراض المرض بصورة مفاجئة و في أي مكان ، مما يجعل الأسرة تتجنب الحياة الاجتماعية و النشاطات الجماعية و و تعزل مريض الصرع ليبقى وحيداً يعاني من الوحدة و الاكتئاب و الخوف من تكرار النوبات الصرعية .

و كلمة " صرع " هي كلمة يونانية .. و لقد اعتقد اليونانيون القدماء أن هناك أرواح شريرة تستحوذ على المريض و تسبب له هذه الأعراض .

كتب " أبو قراط " أبو الطب منذ 400 سنة قبل الميلاد عن الصرع فقال :
" إنه عبارة عن خلل في المخ و لا يمكن عمل شئ تجاه هذا المس الشيطاني "

و في عام 1930 استخدم جهاز رسم المخ الكهربائي لأول مرة و تم معرفة أن سبب الصرع وجود مراكز في المخ تبعث موجات كهربية غير عادية و تم فهم الأسباب المختلفة التي تؤدي إلى حدوث النوبات الصرعية و تحسنت كثيراً طرق العلاج و طرق منع حدوث النوبات .

و مرض الصرع موجود في كل بلاد العالم و بنسب متفاوتة و نسبة حدوثه في الذكور مثل الإناث .

مريض الصرع :
مريض الصرع في الغالب يكون شخص عادي يصاب بنوبات مرضية تظهر على هيئة نشاط جسمي غريب قد تكون مصحوبة بتشنجات .. و تحدث هذه النوبات بشكل غير متوقع و غريب فتخيف المحيطين به خاصة من الأغراب . و في حالات قليلة قد يصاب المريض المتخلف عقلياً ببعض النوبات الصرعية .. و لكن عامة يجب معاملة مريض الصرع على أنه ليس مريضاً عقلياً و ليس مسكوناً بالأرواح الشريرة و لا يؤدي لمس هذا الشخص للعدوى بنفس المرض .

و لا ينبغي أن يكون الصرع سبباً لعزل المريض داخل مجتمعه ، بل يجب مساعدته أن يعيش حياة عادية و أن ينخرط في النشاطات الاجتماعية المختلفة مع إبعاده عن الأماكن أو الأشياء التي قد تؤذيه عند حدوث النوبات الصرعية .
أسباب مرض الصرع :
هناك أسباب عديدة للصرع أهمها :

تعرض مخ الطفل لبعض المشكلات التي تحدث أثناء الحمل و قد تؤدي إلى حدوث تلف في بعض مراكز المخ .

نقص الأكسجين أو إصابة رأس الطفل أو حدوث نزيف في بعض أجزاء المخ نتيجة صعوبة في أثناء عملية التوليد .

تعرض حديث الولادة لبعض الأمراض التي قد تؤثر على المخ و تؤدي إلى حدوث الصرع مثل زيادة نسبة الصفراء في الدم زيادة كبيرة أو حدوث التهاب في المخ أو التهاب سحائي أو ملاريا مخية .

إصابات الرأس لدى الأطفال .

هناك بعض الأمراض الوراثية قد تسبب خللاً في بعض مراكز المخ و تؤدي إلى الصرع .. و يمكن لهذا النوع من المرض أن يظهر في أي وقت من عمر الطفل حسب نوع المرض الوراثي .

أورام المخ و أسباب أخرى .

قد تبقى مجموعة من المرض لا يمكن تحديد السبب الأساسي لحدوث الصرع لديهم ( غير معلوم السبب ) .

أنواع و أعراض مرض الصرع :

نوبات حديثي الولادة :
تحدث منذ الميلاد حتى عمر أسبوعين و يحدث فيها ارتخاء أو تيبس في الجسم و فترات قصيرة من عدم التنفس و صراخ غير معتاد .. و تحدث زرقة في جسم و أطراف الطفل مع تقلب حدقة عين الطفل إلى الخلف و حدوث حركات غريبة في الجسم .

تشنجات الطفل العضلي اللاإرادي :
يحدث في الأطفال من عمر شهرين حتى 20 شهراً .. و يحدث في هذا النوع تشنجات متكررة عند الاستيقاظ أو الدخول في النوم أو عند الإجهاد . و تحدث غالباً هذا النوع في الأطفال المتخلفين عقلياً .

نوبات الصرع الخاطفة ( المفاجئة ) :
قد تحدث في أي عمر للطفل خاصة بين عمر 4-7 سنوات و تكون في شكل تشنجات عنيفة مفاجئة لبعض عضلات جسم الطفل قد تلقي بالطفل و عادة لا يفقد الطفل وعيه .

نوبات الذهول أو الشرود ( صرع خفيف ) :
و يكثر هذا النوع في الأطفال بين 3-15 سنة . و عند حدوثها يتوقف الطفل فجأة عما يقوم بعمله و يحدق بنظره إلى فراغ ولا يستجيب لأي منبهات أثناء النوبة و يصبح غائباً عما يحيط به.

النوبات الصرعية البؤرية :
تحدث في أي عمر . و قد تبدأ الحركة الغير إرادية في إحدى أجزاء الجسم و قد تنتشر بطريقة معينة حتى تملك الجسم كله .

النوبات الحركية النفسية :
تحدث في أي عمر و تظهر عادة عندما يكون المريض وحيداً فيبدأ بإحساس مسبق بحدوث النوبة و ذلك على هيئة إحساس بالخوف أو شم أو سمع أو رؤية أشياء غريبة ثم تحدث النوبة الحركية و تكون مصاحبة لها ذهول أو شرود .

النوبات الصرعية الكبرى :
تحدث في أي عمر .. مهمة و تكون مسبوقة بإحساس من المريض ( أو إنذار ) بحدوث النوبة ثم يحدث الصرع الذي يكون على هيئة حركات عنيفة و متكررة لأعضاء الجسم المختلفة يفقد خلالها المريض الوعي و قد يعض المريض لسانه أو يفقد السيطرة على التبول .

علاج الصرع :
يمكن السيطرة على أنواع الصرع لاعن طريق الأدوية . و لا شك أن تشخيص نوع الصرع و تحديد العلاج المناسب من قبل الطبيب المختص و متابعة المريض و الحرص على الانتظام في العلاج من أهم أسباب نجاح هذا المرض .

و لابد من تعاون الآباء مع الطبيب المختص في دقة و صف النوبة الصرعية و ما يحدث قبلها و أثناءها و بعدها حتى يمكن للطبيب أن يِشخص نوع الصرع و يحدد العلاج المناسب لهذا النوع.

و نؤكد أنه لا يمكن التنبؤ بفترة دوام المرض أو علاجه و لكن هناك أنواع من الصرع يمكن علاجها و التخلص منها .

ماذا نفعل للطفل إذا أصيب بنوبة صرع ؟
أن حماية جسم الطفل من الإصابة أثناء النوبة الصرعية من أهم الأشياء التي يجب أن توضع في الاعتبار .. فنحاول إبعاد جسم الطفل عن النار أو الماء أو الأشياء الحادة أو أي خطرة أخرى ، و نضع وسادة لينة تحت رأسه و نحاول أن نفتح أي ملابس ضاغطة حول عنقه قد تعيق التنفس أثناء النوبة .. و يجب البقاء بجانب الطفل أثناء النوبة و عدم تركه وحيداً و يفضل وضع الطفل على جنبه بعد توقف النوبة و محاولة تهيئته حتى يعود إلى رشده .. و يجب عدم وضع أي شئ في فم الطفل أو إعطاءه ماء ليشرب .

التعامل مع الطفل الذي يصاب بنوبات صرع :
إن المساندة النفسية لهذا الطفل من الأشياء الأساسية التي تساعد الطفل في أن يعيش حياة عادية .. فيجب أن يفهم الطفل طبيعة المرض و نطمئنه على أن الصرع مثله مثل أي مرض آخر يمكن الشفاء منه .. و لا يجب الإفراط في حماية الطفل أو تدليله بل يجب أن يعامل على أنه فرد عادي من أفراد الأسرة . كما يجب عدم إلقاء اللوم عليه لكونه المسبب لمشاكل الأسرة فيصبح وحيداً منبوذاً و منطوياً على نفسه . و يجب تشجيعه على ممارسة حياته العائلية و الأسرية بصورة طبيعية و أن ندرب أفراد الأسرة على كيفية التعامل معه بشكل طبيعي و مساعدته عند حدوث النوبات الصرعية .

حقوق النشر محفوظة للمؤلف - كتاب حياة صغيري - القاهرة