عش واستمتع بالكسل !
الحلم الذهبي
يقول انطوان تشيكوف :
" أعتقد أنه لا سعادة حقيقية للانسان بدون الكسل !" .. وقد يبدو هذا القول تهكماً , ولكن ما أكثر مافيه من الحقيقة. فإن الرجل – أو المرأة طبعاً – الذي يقضي حياته في عمل متواصل , فلا يتوقف عن ذلك الا ريثما يزدرد لقيمات تقيو أوده, أو الن سلطان النعاس غلبهعلى أمره , لا يمكن أن يكون سعيداً في حقيقة الأمر , وان كان لا يشعر بالتعاسة , فلأنه لم يتسع له الوقت ليسأل نفسه , أو ليعرف طعم الحياة .
وصدقني أنه اذا لم يتسع أمامك الوقت جملة ساعات كل يوم تشعر فيها أنك غير مطالب بشئ على الاطلاق , فتستطيع أن تستلقي , أو أن تمتطي , أو تتمشى , أو تقرأ , أو تذهب إلى دار السينما . اذا لم يتسع لك الوقت ساعات كل يوم لتفعل ذلك كما تشاء , فأنت إنسان غير سعيد !
ولكن من سوء طالع الانسان أن الفترة الأولى من حياته – منذ صدر شبابه بمعنى أصح – لا تسمح له بذلك كما ينبغي , فان مطالب العيش , و الطموح إلى بناء المستقبل , لا تترك للإنسان وقتاً للكسل . واذا تركت له بعض الوقت , فان دماء الشباب الفوارة تجعله يشغله بما لا يقل احهاداً عن العمل .. فاذا اسلخ عهد الشباب , كنا أرباب أسر و آباء أطفال , وكان علينا أن نفكر في تأمين شيخوختنا , وتأمين أولادنا اذا حدث لنا أمر الله المحتوم . لذلك ننهمك في العمل ولا نسمح بذلك الكسل اللذيذ , ونضطر - آسفين – الى تأجيل هذه المتعة الكبرى , التي هى شرط السعادة الضروري . لأوان الشيخوخة .
فالشيخوخة , أو بمعنى أصح سن التقاعد , هو الحلم الذهبي الذي يحلم به كل إنسان , كي ينعم بالكسل الجميل , ويستطيع التصرف في حياته كما يشتهي . فأنت لا تملك وقتك الا اذا كان فارغاً من المسئوليات و المطالب . أما و أنت مسئول , فوقتك مشغول , فأنت ملك لوقتك و ليس وقتك ملك لك ..
تحياتي .. د. ناصر شافعي