|
ليلة انتصار الإرهاب.
[align=justify]تعود ليلة السادس عشر من شهر ماي لترسم مشاهد رعب استوطنت الذاكرة الجماعية المغربية. في مثل هذه اليلة المكفهرة من العام 2003 تعرضت مدينة الدار البيضاء المغربية لاعتداءات ارهابية نجمت عنها جراح معنوية و مادية تكاد لا تندمل. جماعة من الشبان الذين ارتووا من ينابيع الظلام و التطرف الديني المدمر، استهدفت السمعة الإسلامية و الدولية للمملكة المغربية التي بقيت طوال سنوات مديدة بعيدة عن التيارات الاسلامية المتشددة. المغرب منذ وصوله إلى صفحات التاريخ السياسي للأمم العالمية أبدع في تقديم مفهوم استثنائي عن التعايش العرقي و الديني. اليهود و المسيحيون و المسلمون بالإضافة إلى الأمازيغ والعرب و الأفارقة النازحين، كلها فئات اجتماعية متمازجة تنتمي إلى مجتمع متجانس هو المجتمع المغربي.
الأهداف العمرانية التي اختارتها الجماعة الظلامية كانت حساسة، فقد استهدف الإنفجار الإنتحاري الأول مطعما غاصا بجلسات عائلية هادئة، و ألقى الإنتحاري الثاني بأشلاء جسده المحترق إلى مقر الرابطة اليهودية المغربية، بينما بادر الإنتحاري الثالث إلى غرز سيفه في جسد كل إنسان مذعور يقترب منه، قبل أن يضع نهاية مريرة لحياة تبعث على الإشمئزاز. كانت المحصلة حالكة جدا، ليلة صافية تخللتها لقاءات صداقة و محادثات عائلية فضلا عن تظاهرات ثقافية تكرس لشعار "مغرب الثقافات"، تحولت في لمح البصر إلى كابوس مروع، لسبب واحد، و لمسبب واحد، يتلخص في الفهم الخاطىء للإسلام. ذلك الدين العالمي القائم على إفشاء السلام و الذي حولته أحداث سبتمبر 2001 و شبيهاتها إلى دين يتبنى أسلوب العنف و فوبيا الحضارة. لم تتوقف مخلفات اعتداءات 2001 عند مستوى تسويق صورة مشوهة عن الإسلام، بل إنها ألحقت كوارث جسيمة بالعديد من البلدان المسلمة و في صدارتها العراق و أفغانستان. ما يستدعي الإستغراب الكئيب هو أن شلالات الدماء التي سكبتها شعوب كاملة برمتها لم تقنع بعد فريقا من المسلمين بحقيقة واقعية منطوقها أن أحداث سبتمبر2001 لم تكن انجازات بطولية بقدر ما هي مغامرات ترتبت عنها مآسي بشرية ماتزال تداعياتها قائمة إلى الآن.
لقد تذرع منفذو هجمات ماي 2003 في المغرب، برواية يفندها التاريخ المغربي المعاصر. لقد زعموا أن استهداف بناية الرابطة اليهودية المغربية انتقام من اليهود جراء تصرفاتهم القمعية ضد الفلسطينيين. باستطاعة أي مواطن مغربي أن يفند هذا التبرير الواهي، فجميع المغاربة بلا استثناء يتذكرون بوضوح كيف دافع اليهود المغاربة خلال أحلك فترات حكم المغفور له الحسن الثاني عن العدالة الاجتماعية و كيف شكلوا نواة الحركة الشيوعية المغربية التي ذاق أعضاؤها أصناف العذاب و القمع زمان الراحل الحسن الثاني. كما أن التبرير الإرهابي تدحضه المواقف التاريخية لليهود المغاربة حول قضية فلسطين. أما أبرز مثال، فهو أبراهام السرفاتي، زعيم الحركة الشيوعية المغربية السابقة، الذي ظل يندد بسياسات الميز العنصري التي تنفذها اسرائيل ضد الفلسطينيين. جدير بالذكر أنه خلال حكم الحسن الثاني،و في الوقت الذي كانت فيه كل التنظيمات الاسلامية المغربية تعبر عن تبعيتها المطلقة للملك، كان اليهود المغاربة منضوين تحت راية الشيوعية العربية التي تأسست على أفكار و مسار كل من الرئيس العراقي صدام حسين و المناضل الفلسطيني جورج حبش. هذا السرد التاريخي عن الدور الوطني و القومي و الأممي لليهود المغاربة كان قادرا على ثني الإرهابيين عن تنفيذ خطتهم اللاإنسانية، بيد أن مفعول المخدرات الأيديولوجية أثبت التاريخ أنه لا يضاهى. [/align]
نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)
|
19 / 05 / 2009, 37 : 02 PM
المواضيع المتشابهه
