مدائن الحضور والغياب
[align=justify]
جديد بيت الشعر الفلسطيني برام الله تمثل بصدور ديوان " مدائن الحضور والغياب" 2009 ، للشاعر عبد الناصر صالح/ من طولكرم / وكان قد صدر له من قبل " الفارس الذي قتل قبل المبارزة " 1980.."داخل اللحظة الحاسمة " 1981.." خارطة للفرح " 1986.."المجد ينحني لكم " 1989.." نشيد البحر " / مطولة شعرية 1990 .. و" فاكهة الندم " 1999..
في ديوانه الجديد " مدائن الحضور والغياب " إحدى عشرة قصيدة تحمل مغايرا لما كان الشاعر قد طرحه من قبل في دواوينه السابقة ، حيث تتبدى هنا لغة فيها الكثير من الترميز والإيحاء والشفافية والبعد في الأغلب الأعم عن المباشرة التي طبعت قصائد الشاعر خاصة في البدايات ..الافتراق عن السابق يعطي صوت عبد الناصر صالح بصمة جديدة فيها تضافر العام مع نسيج الخاص بشكل موح .. ولنا في العناوين " البدوي ".."المائي " .. "حالات البحار العاشق ".. " سلمت يمناك " .. "صوتك هناك ".. "لم يعد صوتك المشتهى " .." مدائن الحضور والغياب " .. " معراج اللذة ".. " وجه الغزالة ..ماس جدائلها ".. " يزهو بقامته "..و " طيور الفينيق " .. معنى من معاني الشعر الذي يشف ويبتعد ويغوص في العمق إلى هذا الحد أو ذاك ..
في " صوتي هناك " نسمع :" أسلمتُ قلبي للغزالةِ/و استويت على رصيف العمرِ/ كي أتنفـّس الصعداء / مثل عرائس الإنشاد / لم تأتِ المدينة / لم أجد صوتي هناك / ولا بجذع النخل ألقيت العبارةَ / قد بحثتُ فلم أجدْ رمح الرماية/ في زخارفها / ولا غجريةً أغويتها بين الكروم / وخنت سرتها فمن أسرى بوردته إليّ؟؟".. حيث الشعر صعود في المشتهى دون ملامسة المعنى أو القصد مباشرة ..فالعبارة تقود إلى العبارة ، والنغم يسوق إلى النغم ، والنشيد يفتح سرة الحلم على الحلم .. لا شيء من المؤدى الجاهز يمكن أن يعطينا ذاته ، بل هو ولوغ مستمر في ألوان السحر المؤدي إلى دهاليز قد لا تنتهي ..لكن هل كل قصائد الديوان تسير هكذا ؟؟..
في " وجه الغزالة .. ماس جدائلها " المهداة إلى فارس عودة نقرأ"ولد معجزةٌ / عاد من نومه تحت الصفيح / وأودع أحلامه غيمة / وعصافير تعبر صوب المخيم / رتـّب أشياءه في الحقيبة / /أقلامه / صورة الأهل / رائحة القمح / واجبه المدرسيّ / بشاشة وجه المعلم أو عنفه حين يغضب /رهبته حين يفشل في أسئلة الامتحان / وفرحته حين يمضي إلى الجائزة ".. و في قصيدة " يزهو بقامته " المهداة إلى عزت الغزاوي " كان يزهو بقامته / وهو يعطي يدا تتوسّد ظلّ الظهيرة / فوق رؤوس التلاميذ / ينتفض الشعر بين أصابعه / يتدفـّق الماء / تحت حجارة نبع قديم / ويسرح في ملكوت القصيدة / يخبرنا – حين يسبر أغوارها - / أن العناقيد تهفو إلى لمسة القاطفين / فمن ينشد امرأةً / ويترجمها كالقرنفل طازجة في كتاب الغواية ؟؟../ آه يا امرأة الصيفِ / هل تشبهين نساء القصائد / في شعرنا العاطفيّ ؟؟/ يسأل القرويّ طلابه / ثَمّ نهرٌ ستعدو الخيول به / ما هو النهر ؟؟.. نهر اللغات / أجاب الفتى واثقا فاطمأنّ المدرسْ ".. نلحظ شيئا من الذهاب والإياب بين القرب والابتعاد لغة وإيحاء وتصويرا ، مما يضعنا أمام قصيدة جديدة يضيف فيها الشاعر عبد الناصر صالح ما يغني تجربته ويرفدها بالكثير ..وهذا دأب الشاعر الذي عاش قضيته فعلا وقولا ، فكانت فلسطين وما زالت معه في كل مكان..
[/align]
نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)
|