وثائقي ((يهود لبنان: الولاء لمن)) لندى عبدالصمد:
[align=center][table1="width:100%;"][cell="filter:;"][align=justify]مرزاحي غادر لبنان مواطنا وعاد اليه غازيا وكنيس بيروت بقي فارغا مع نجماته الخشبية السداسية
'يهود لبنان: الولاء لمن' لندى عبدالصمد:
زهرة مرعي
بيروت ـ 'القدس العربي' ـ جمهور غفير احتشد في صالتي متروبوليس في صوفيل متابعاً 'أيام بيروت السينمائية' التي كانت هذا العام بشراكة مع قناة 'بي بي سي عربي'. كافة العروض حظيت بجمهور لافت، ومنها الوثائقي 'يهود لبنان: الولاء لمن'. هذا الشريط الذي دار في حدود الـ45 دقيقة أخرجته الزميلة في قناة بي بي سي عربي ندى عبد الصمد، ووضعت السيناريو من خلاصة كتاب من تأليفها عن يهود لبنان صدر في بدايات هذا العام.
الحشرية لمعرفة ماذا يقول يهود لبنان تقود إلى صالة السينما حتى وإن كان في البال مسلمات وثوابت ترسخت بفعل الزمن والتجربة. من بداياته حرص الفيلم على التعريف بيهود لبنان 'فئة لبنانية عربية دينها اليهودية ونبيها موسى'. تعريف من شأنه أن يُحمِّل أبطال الوثائقي وزر كل كلمة فيه، أقله تعبير بالانتماء وليس فقط النطق بالعربية.
استند هذا الوثائقي إلى مواطنين لبنانيين عاصروا عن قرب مواطنيهم من اليهود وخاصة في وادي أبو جميل ـ منطقة في قلب العاصمة بيروت ـ كلهم أجمعوا على حسن العلاقة التي كانت قائمة بين اليهود ومختلف العائلات الدينية في لبنان. لكن بحسب المختار عيتاني فإن قيام دولة إسرائيل ككيان عنصري بدّل في المعادلات. ومنذ سنة 1948 بدأت العائلات اليهودية تغادر تباعاً بلدها الأم لبنان إلى الكيان المصطنع سيئ الذكر "إسرائيل " وتحت جنح الظلام. وبحسب ما نستشفه من الوثائقي ومن المعلومات فإن العدد الأكبر من يهود لبنان غادر بين سنوات 1948 و1967. وهي مرحلة لم يكن فيها ما يضغط على حياة يهود لبنان، بل على العكس فقد قدمت عائلات يهودية من العراق وسورية وإيران إلى لبنان 'لكنها لم تمنح الهوية اللبنانية' بحسب تعليق الوثائقي. وهذا ما يترك 'إيليا متأثراً' لأنه ولد في بيروت ولم تعطه هويتها وهو الذي غادرها سنة 1967 وعاد اليها بجواز سفر اوروبي.
في هذا الوثائقي الذي سار في عدة اتجاهات، منها المعلمات والذكريات مع لبنانيين عايشوا 'اللبنانيين اليهود'، ومنها اليهود اللبنانيون في فلسطين المحتلة، وكذلك كندا والمكسيك. فالكاميرا اقتفت آثار من ترى فيهم إغناء للمادة التوثيقية وربما تجاوباً مع العنوان المطروح كتساؤل. في جانب ذكريات اللبنانيين برز أن جميع من غادر من اليهود فعل سراً. كان الجيران يتفقدوهم ولا يجدون غير الصدى في المنازل الفارغة، والانتماء القادم من الكيان الذي انضم إليه اليهود اللبنانيون. وحدها 'ماري' قالت لجارتها سراً بأنهم ذاهبون إلى إسرائيل 'ولا تخبري أحداً وغداً سنعود إليكم من الجنوب'! هذا ما تذكرته الجارة عندما صار الجنود الصهاينة تحت شرفتها في وادي أبو جميل خلال احتلال بيروت سنة 1982 فخرجت إليهم تنادي 'مرزاحي'! علّ جارهم يكون بين الغزاة؟
مارغو مرزاحي ولد في لبنان وعاد إليه غازياً في اجتياح 1982. سئل عن رد فعله إن كان عليه أن يطلق النار أو يتلقى النار فكان رده بكل تأكيد بأن يموت الآخر. ومارغو نموذج من يهود لبنان الذي جاءه ليقتل أهله، ولو حمل نية مختلفة لرفض التجنيد. وهو في السياق يروي مصاعبه العاطفية في بدايات تركه لـ'وطنه الأم' إلى 'وطنه الكيان'. هو يحتفظ بالكثير من الذكريات التي تبكيه ولا يزال يحتفظ برخصة القيادة الصادرة من لبنان في 11/9/1969 وقبل هجرته بأشهر.
عبادي صورة أخرى لمن هاجروا إلى فلسطين المحتلة 'بليلة ما فيها ضو قمر' كما قال الجيران. رجل وفنان يحب المرح ولا يحب الحرب، أمله أن 'يتفقوا ويفتحوا الحدود'. هو يعتبر نفسه 'لبنانيا ـ إسرائيليا'. يشاهد طوال يومه قناتي المستقبل وأل بي سي اللبنانيتين. حنينه يحفر به عميقا ويجد صلة رحمه مع هاتين القناتين في متابعة الغناء القديم، والتوك شو السياسي الحامي الوتيرة.
في هذا الوثائقي لم نسمع موقفاً أو رأياً من إنشاء الكيان الصهيوني فقط علمنا أن سليم مرزاحي اليهودي تزوج من مسيحية وهما معاً ضد الكيان ومع ذلك هاجرا وتركا لبنان. أما آخر يهود صيدا إسحاق ليفي فقد 'انسحب مع الغزاة' في سنة 1985، وحده الكنيس بقي في حارة اليهود مع نجماته السداسية الخشبية.
إبن إيليا بصل الذي كان صاحب رتبة عالية في الأمن الداخلي اللبناني لا يزال يحتفظ ببزة والده في هجرته الكندية ويعتبرها 'كنزاً' ويعيش ذكرياته اللبنانية كفيلم سينمائي من دون أن يحكي العربية، فهو من 40 سنة في كندا. كذلك ابنة داني لينياردوا في المكسيك حيث وصلتها مذكرات والدها بثلاثة مجلدات التي كانت بحوزة احدهم في لبنان وعن طريق الصدفة، فعادت بالذاكرة لما كانته حياتها في بيروت وعاليه قبل الهجرة.
الجميع يذكر ويتذكر ويذرف الدموع على أطلال الذكريات المهشمة وعلى حبل السرّة المقطوع قسراً. لكنّ الفاعل بقي مجهولاً. حتى الولاء نفسه الذي كان في العنوان العريض للوثائقي حوصر في الذكريات والأغنيات والأصحاب. في حين أن الولاء ليس فقط نسقاً إنسانياً أو تراكماً للذكريات والحنين: هو إيديولوجيا. وهذا ما ترك الوثائقي 'يهود لبنان: الولاء لمن' يحمل عنواناً ويحيد في مساره عن طرحه كسؤال مباشرة أو مواربة. وهذا ما كانت عليه حال البي بي سي الراديو عندما بحثت قبل سنوات في شؤون وشجون يهود العراق في فلسطين المحتلة.
هذا الوثائقي مشغول بتقنية جيدة وتقطيع جذّاب. لكن تبقى في البال أسئلة كمثل 'لماذا يهود لبنان والآن'؟ وبالتأكيد ليس ترميم كنيس اليهود في وادي أبو جميل وبكلفة باهظة هو السبب. وإن كانت البي بي سي تهدف للقول بأن التعايش بين العرب واليهود كان متاحاً قبل الكيان الصهيوني وحتى معه، فقد كان من الواجب المهني سؤال من رحلوا إلى الكيان عن رأيهم بيهودية الكيان. ومن ثم تأتي الأسئلة الأخرى أو تنتفي ضرورتها؟ [/align][/cell][/table1][/align]
نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)
|