[طلعت سقيرق]

[frame="10 98"]
[align=justify]
هدى ..مساء الخير وكثير من صراخ الشوق ..
كانت خطواتي قبل أن أصل إلى البيت مغسولة بالبرد والتعب والتساؤل عن أشياء كثيرة .. دمشق تفتح ذراعيها لقصيدة قد تجيء وقد لا تجيء .. وحدي في شوارع المدينة .. أسير متلفتا باحثا عن وجهك !!.. تضحك الصور منـّي .. أنت هناك في كندا .. ربما استيقظت قبل ساعات قليلة .. هل شربت قهوة الصباح دوني ؟؟.. هل توزعت مثل كل الأيام على ما زرعت يداك من ورد يشبه شبابيك روحي ؟؟.. كم تبعد كندا عن مدى نظري ولماذا لا تسيرين الآن في واحد من شوارع دمشق كي أحكي لك عن أشياء كثيرة ربما أولها عن أمنية في أن تكون حيفا قريبة منك ومني فنمشي معا ونختصر المسافات والزمن !!.. تصوري لو أنّ حيفا مازالت لنا ، لا تظني أنني يائس ، أقول فقط من باب الرجاء تصوري لو أنها لم تذهب هي وبقية فلسطين إلى تلك الأيادي الغريبة التي جاءت من آخر الدنيا ؟؟.. لو أنّ ستين عاما من العمر كانت على غير ما كانت عليه في الواقع ، أي لو كانت فلسطين قد بقيت ككل الدول العربية بلدا عربيا تخلص من الاحتلال وسار كلّ شيء بشكل طبيعي؟؟!!.. ماذا كان يحدث ، وكيف كانت حياتنا كفلسطينيين ستكون ؟؟..
خطاي على الأرصفة تئنّ بردا وأبحث عن وجهك بين الوجوه .. لكنك الآن في كندا وأنا في دمشق .. سأشرب كأسك المشغول بالياسمين والورد فاسقني .. لكن أفكرت معي ماذا كان سيحدث لو أنّ الذي جرى وحدث لم يكن إلا أضغاث أحلام ؟؟!!..
أعرفت الآن لماذا أعيد وأكرر في كل ما أكتب انه لا يكفي أن يعيدوا لنا فلسطين ، كل فلسطين ، بل عليهم أن يعوضونا عن ستين عاما من عمر مأساة تركتنا أشلاء ممزقين مبعثرين تلوكنا الجراح وتعضنا الآلام ؟؟.. لكن كيف سيعوضون ذلك وبأي طريقة ؟؟.... صدقيني لو أنهم دفعوا مال الدنيا كلها مقابل ما حدث لنا خلال ستين عاما لما أعطونا مما نستحق إلا أقلّ من القليل ..
شوارع المدينة باردة .. ربما شربت قهوتك وانتهيت الآن وأخذت تدورين في البيت مثل فراشة حلم .. سأشرب كأسك المحنى بالنشيد فاسقني .. صبي شيئا من زيت الأمنيات فقد فاض الحزن أو كاد .. هل طعم القهوة مر ؟؟.. المرارة يا هدى ليست من قلة السكر لكن من حياة صارت الغربة عنوانها العريض .. لو لم يحدث ما حدث .. لما كنت الآن هناك في كندا .. حيفا أقرب بكثير يا هدى ، وجبل الكرمل يستطيع أن يسيج خطانا بكلّ لهفة الدنيا وعبير ابتسامة تتسع لكلّ ما فينا من آمال ..
سأغزل ثوب الربيع من شمس آذار .. لكن يا هدى هل أملك من العمر ما يكفي لأكتب قصيدتي ذات صباح على جدار من جدران حيفا ؟؟.. تصوري كلانا لا نعرف من فلسطين إلا ما قاله الأهل .. لا نحفظ تفاصيل البيت المسروق ؟؟.. لا نستطيع أن نقول هنا كانت شجرة الليمون التي اتكأنا على جذعها ذات يوم .. فمن سيعطينا بدل هذا الحرمان ؟؟.. من سيعطينا ثمن الولادة والعيش في الغربة ؟؟.. وما هو الثمن ؟؟..
خطاي مثقلة ببوح الروح في شارع بعيد .. وها أنت تحدقين في فنجان قهوتك باحثة عن تفاصيل صغيرة في بلد غريب .. سأشرب كأسك حتى لو كان الشراب ذوب دهشة وبقايا سؤال .. فاسقني حتى لا ترتعش خطاي على الرصيف أكثر .. عودي بي وإن في لحظة خيال مجروح إلى مدينة أتمنى أن أعانق حفنة من ترابها قبل أن أغمض العين وأنام .. اسقني فالظمأ الذي في دمي يطلّ من عينيّ ويعبـّد الأرصفة بشوق لا ينتهي ..
دمشق 18/2/2008
[/align]
[/frame]

[آمنة محمود]

قصة رائعة

بوركت وجزيت خيرا

سأتابع كل جديد

مودتى تقديري