مصرُ الصَّلاح
***
شعر
صبري الصبري
***
قل للفساد بأرض مصر : ستنتهي
مهما تطاول للئام زمانُ
وتشدقوا بالشر نهجا مجرما
وترنَّمت في إفكه الألحانُ
وتجمّلوا في قبحهم بوسائل
شتى تلوح بزيفها الألوانُ
وتخيلوا أنَّ الكرام فريسة
لهمُ تغوص بلحمها الأسنانُ
واستمرئوا البهتان مكرا سافرا
فيه الهوى والزيغ والطغيانُ
واستخدموا إبليس قائدهم له
فيهم مقامُ راسخٌ ومكانُ
واستعذبوا التعذيب ذلا للورى
إنَّ التَّمسك بالدجى خسرانُ !
تركوا الضياء شريعة وطريقة
إنَّ الضياء على المدى رُبَّانُ !
يهدي الخلائق للصلاح وللهدى
وبه يقوم الحقُّ والميزانُ
ظنوا الحبيبة مصرنا نهبا لهم
فيها الفسادُ لمصرنا العنوانُ
وبها يقيم الضيمُ صرحا شامخا
فيه استطال بفنه (الفنَّانُ)
والرقص بالصالات جهرا معلما
بسفورها تتمايل النسوانُ
وبأن مصر وشعبها في أسرهم
فيه الأنام بقيدهم قطعانُ
مثل العبيد تذللوا لجنابهم
وبأنهم في أرضها عميانُ
وتفرعن الفرعون جهرا عنوة
يرعى الفسادَ يضمه الإعلانُ
فاحت روائح فسقهم وفسادهم
تغشى الأنوف عفونة وهوانُ
والليل عسعس والمظالم عسعست
واليأس لاح تبثه الأذهانُ
يتخلل البهتانُ قسرا مهجة
للناس فيها أظلم الوجدانُ
حتى تبدت ثورة عصرية
فيها الشباب بعزمهم طوفانُ
دكوا الفسادَ ودمروا أصنامه
فترنحت بسقوطها الأوثانُ
وتتابعوا كالغيث يهطل بالنَّدى
يهمي به الإصلاحُ والإحسانُ
واستبسلوا بالحق لاحت نهضةٌ
منها تلاحق فتيةٌ شجعانُ
أهل الكنانة شعبها شعب علا
في المجد أجنادٌ به فرسانُ
خير الجنود بقضهم وقضيضهم
شيبٌ شبابٌ نسوةٌ ولدانُ
فالكل في مصر العلاء مجاهد
في قلبه .. في روحه الإيمانُ
ذخرٌ لدين الله جل جلاله
والمسلمين .. بهم سرى القرآنُ
أصوات حسن بالتلاوة أشرقت
من مصر فيها بالبيان لسانُ
عذبٌ جميلٌ صادحٌ متألقٌ
بنفائس فيها سما الفرقانُ
الشيخ (رفعت) .. (مصطفى) .. ومشايخٌ
كُثْرٌ جميعا بالمهارة كانوا
وبها الفصاحة والبلاغة أينعت
من مصر في كل الدنى وبيانُ
أمُّ العروبة (هاجرٌ) منها زهت
في الكون تسمو بالتقى العربانُ
أبناء (هاجر) جدة العُرْب التي
بمقامها تتفاخر الأكوانُ
وكذا بـ(آسية) اليقين فخارنا
من مصر كانت .. عزَّها الرحمنُ
وكذا بـ(مارية) التي بزواجها
بالمصطفى قد أينع البستانُ
تاريخ فخر واعتزاز أينما
وجهت وجهك يشرق البرهانُ
ستعود مصر نقية وطهورة
لا ظلم لا فوضى ولا بهتانُ
لا بغي لا إفسادُ لا سلب به
تهوي الشعوب وتصرخ البلدانُ
لا فقرُ لا قفرٌ وجدبٌ إننا
سنهب نزرع .. كلنا فتيانُ
نهدي الحبيبة مصرنا أحلامنا
فعلا جميلا ما به نسيانُ
إني فرحت بثورة عفوية
فيها الشباب وفيهم الإخوانُ
لكنني جدا حزنت لفقدنا
أمن البلاد فقادها الشيطانُ
للفتنة الرعناء بين هلالها
وصليبها فتصدَّع البنيانُ
أين الشيوخ العارفون بأزهر
وأئمة الأحياء .. والرهبانُ ؟!
فالناس في مصر العطاء بحيرة
بضرامها تتلاحق النيرانُ
بالخوف تبحث عن أمان حياتها
إن الركيزة في الحياة أمانُ !
وبه يطيب العيش مهما أثمرت
ثمراته فبدونه الحرمانُ
وبغيره الخوف الشديد ... فأمننا
نهرٌ لمهجة قلبنا ريَّانُ
سنعود جمعا للنهوض بقوة
في مصر يعلو بالعلاء كيانُ
وتقوم في مصر الحبيبة كلها
بالمجد في سوح لها الأركانُ
ويعز فيها بالشموخ وبالندى
دوما على طول المدى الإنسانُ
قل للجميع بأرض مصر قد انتهى
عصر الفساد وولت الأحزانُ
إنَّ الشعوب إذا استقام مسارها
طابت بطيب صلاحها الأوطانُ
وبذا تنال فخارها ومنارها
وبها يكون العزم والإتقانُ
والحمد لله الرحيم بفضله
في مصر هلَّ الخيرُ والتبيانُ
صلى الإله على النبي وآله
ما حان في وقت الصلاة أذانُ !