الديوان السابع للشاعرة الجميلة والانسانة الراقية فاطمة ناعوت بعنوان "صانع الفرح" والذي صدر مؤخرا تزامنا مع معرض القاهرة الدولي للكتاب 2012 ، بدأتها باهداء جميل ومغاير وفريد من نوعه، اهدته إلى اشرار العالم!. نعم إلى الاشرار، ربما نكون نحن منهم بعض الاحيان، ففي نفس كل انسان جانب شر وجانب خير واحيانا يغلب الشر على الخير؛ فتذكرنا هذه الشاعرة الرقيقة وتهدينا ديوانها السابع قائلة :
(كونوا كالزهور .. صانعي فرح
ولا تكونوا كأبطال الحكايا .. سارقي فرح)
فنذّكر انفسنا بالتالي عندما يغلب الشر على ارواحنا الخيّرة، ان نكون كالزهور الجميلة التي تصنع البهجة والفرح وتدخل السرور إلى ارواحنا بالنظر إليها، فهي تصنع الفرح، وما الفرح الا راحة للنفوس المتعبة.
بعد هذا الاهداء "الذكي" واللّماح والراقي، نبدأ مع الشاعرة رحلة العذوبة في نصوصها الشعرية الجميلة (64 نصا) ونلاحظ حضور والدتها الغائبة –رحمها الله- طاغي على روح قلمها ما تفتأ ان تذكرها حتى في نصوصها الغزلية التي تناجي فيها حبيبا، بعيدا كان ام قريبا، إلى ان اهدتها نصا في غاية الجمال والروعة بعنوان (ساعة الحائط)، سبقتها باهداء خاص يقول :
( إلى سهير ايضا، التي طارت إلى حيث تطير الأمهات ولا يعدن)
ونلاحظ ايضا في نبض قلمها، حضور ابنها الفنان "عمر" الذي رسم لوحة غلاف الديوان، والذي ايضا يعاني من مرض التوحد، او مرض الجمال كما وصفته الشاعرة في احدى مقالاتها :
ومسحت بها على رأس الصغير "عمر"
نص قصير، معدود الكلمات، إلا انه يحمل وجع أم وحبها وصبرها وقلقها وكامل أمومتها اتجاه صغيرها "عمر" –شفاه الله ورعاه-.
وترحل بنا الشاعرة من بلد لآخر ونحط معها رحالنا في مطارات العالم، ويكون لقرطبة مكانها البارز وحضورها الشفاف في بعض النصوص وتمتعنا بفن الفلامنكو في بلاد الاندلس :
(.. صفقُ الاولاد على اكفّهم
وخبطُ احذيتهم على ارض الخشب
وفي مكان اخر هناك نعلو ونهبط مع عصا المايستر سليم سحاب في نص رقيق بعنوان (نهاية النوتة)
كيف يُزيدُ العاشقين اثنين
وايضا تتيح لنا شاعرتنا الجميلة المجال لنتجول في مرسم الفنان أحمد الجنايني (في المرسم)
(.. الألوان نائمة في أنابيبها
والفُرشات ساكنات في إناء الزيت
وبما انها شاعرة مصرية من الطراز الراقي وتحمل همّ بلدها؛ فالثورة لها حضور رقيق في أنين قلمها وتتغزل بها بكل عذوبة ورقة وغزل ..
بل بين الرفاق والصخب والبنات والاراجيح،
باختصار، الديوان مزج ألوان الحياة بين الحب .. والفراق .. والمرض .. والجمال .. والفن .. والحكمة .. والفرح ... كل نص يستحق الوقوف بين الكلمات وقراءة الجمال واستشعار الفن، فهنيئا لمن حصل على هذا الديوان وزيّن به مكتبته.
وشكرا يا صانعة الفرح فاطمة ناعوت على جمالك.