شهر رمضان الذي أُنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان فمن شهد منكم الشهر فليصمه ومن كان مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم ولعلكم تشكرون "185")
[align=justify]حين يكون الوطن جريحاً ذبيحاً مخطوفاً إلى هذا الحد وعلى أهبة التفتت وعلى مشارف التقسيم ، وحين يكون الإنسان – إنساننا تحديداً - الذي كرّمه الله وشرّفه بين مشرّد وقتيل- مهان ومنتهك – ونغرق جميعاً في بحر من الدماء.. وحين يُخترق ديننا العظيم بمذهبه الأساسي بقذارة وخبث، من داخله ليشوه وتحول صورته إلى شكل من أشكال الوحشية والتخلف والإرهاب، وهو الطاهر البريء الجميل الحكيم الراقي، الذي اكتملت به الرسالة الإلهية.. حين نيأس من الدنيا وميزان العدل فيها وسط كل هذه الأهوال ولا ننتظر ونرجو غير الموت الرحيم، حينها تفقد المناسبات معناها وتغدو التهاني والتبريكات لا معنى ولا طعم لها.. ولكن..
يبقى رمضان كريم حبيب عزيز مهما غرقنا في أخاديد الجراح الوطنية والإنسانية المزمنة..ولهذا وإكراماً له كان لا بد أن أعود مع قدومه من طول غياب وأجبر نفسي على الخروج من شرنقتي..
أعترف بأن لكل إنسان طاقة وقدرة على الاحتمال، وأنا طاقتي انهارت...
أيام وليالي طويلة والحال هو الحال .. خارج المكان .. خارج الزمان .. خارج العالم بأسره...
لم أكن حيّة مع الأحياء ولا ميتة مع الأموات – كنت في برزخ لوحدي – في شرنقة غزلتها من حولي بإحكام وقبعت داخلها أرتعش...
أغلقني الحاسوب مرات ثم أغلقته مختارة وأغلقت معه الهاتف الجوال وحتى هاتف البيت رغم اعتراض أختي وابني !..
لم أكتب شيئاً ولم أقرأ كتاباً ولا حتى مقالة أو قصيد.. لم أشاهد التلفاز ولا حتى استمعت إلى المذياع..
هي وحدها الريشة لازمت أصابعي طوال الفترة الماضية – عدد من اللوحات – رسمت كما لم أرسم بهذه الكثافة من قبل – لوحات قاسية - جاءت ألوانها قاتمة مظلمة لا يشرق فيها هدايَ ولا أي هدى يطغي عليها لون الدم المسال.. إحدى لوحاتي حين واجهتني في صباح اليوم التالي أفزعتني!..
يتنفس جسدي ربما ولا تتنفس روحي.. لا أستطيع النوم ولا أنا صاحية ...
هذا هو الحال الذي كنت عليه طوال الفترة الماضية حتى قرع رمضان باب سجني الاختياري وطالبني بالخروج ، فلبيت النداء..
لبيت النداء متضرعة راجية من الله سبحانه معجزة تخرجنا من أهوال ما نحن فيه..
عدت تكريماً لرمضان ومكانة رمضان وواجبات رمضان متمنية لكم باسمي وباسم الغائب الحاضر " الشاعر طلعت سقيرق " وأسرة نور الأدب، جميعاً قبولاً ومغفرة من الله وتجارة لا تبور.
هدى الخطيب
نور الأدب [/align]