قال صلى الله عليه وسلم : ( إذا وقع الذباب في شراب أحدكم فليغمسه ثم لينتزعه فإن في إحدى جناحية داء وفي الأخرى شفاء ) أخرجه البخاري وابن ماجه وأحمد .. وقوله : ( إن في أحد جناحي الذباب سم والآخر شفاء فإذا وقع في الطعام فامقلوه فإنه يقدم السم ويؤخر الشفاء ) رواه أحمد وابن ماجه
من معجزاته الطبية صلى الله عليه وسلم التي يجب أن يسجلها له تاريخ الطب بأحرف ذهبية ذكره لعامل المرض وعامل الشفاء محمولين على جناحى الذبابة قبل اكتشافهما بأربعة عشر قرنا .. وذكره لتطهير الماء إذا وقع الذباب فيه وتلوث بالجراثيم المرضية الموجودة في أحد جناحيه نغمس الذبابة في الماء لإدخال عامل الشفاء الذي يوجد في الجناح الآخر الأمر الذي يؤدي إلى إبادة الجراثيم المرضية الموجودة بالماء وقد أثبت التجارب العلمية الحديثة الأسرار الغامضة التي في هذا الحديث .. أن هناك خاصية في أحد جناحي الذباب هي أنه يحول البكتريا إلى ناحية .. وعلى هذا فإذا سقط الذباب في شراب أو طعام وألقى الجراثيم العالقة بأطرافه في ذلك الشراب أو الطعام .. فإن أقرب مبيد لتلك الجراثيم وأول واحد منها هو مبيد البكتريا يحمله الذباب في جوفه قريبا من أحد جناحيه فإذا كان هناك داء فدواؤه قريب منه .. ولذا فإن غمس الذباب كله وطرحه كاف لقتل الجراثيم التي كانت عالقة به وكاف في إبطال عملها كما أنه قد ثبت علميا أن الذباب يفرز جسيمات صغيرة من نوع الإنزيم تسمى باكتر يوفاج أي مفترسة الجراثيم وهذه المفترسة للجراثيم الباكتر يوفاج أو عامل الشفاء صغيرة الحجم يقدر طولها بــ 20 : 25 ميلي ميكرون فإذا وقعت الذبابة في الطعام أو الشراب وجب أن تغمس فيه كي تخرج تلك الأجسام الضدية فتبيد الجراثيم التي تنقلها من هنا فالعلم قد حقق ما أخبر عنه النبي صلى الله عليه وسلم بصورة إعجازية ومن هنا يتجلى أن العلم في تطوره قد أثبت في نظرياته العلمية موافقته وتأكيده على مضمون الحديث الشريف مما يعد إعجازا علميا قد سبق به العلماء الآن
المصدر " الإعجاز العلمي في الإسلام والسنة النبوية " محمد كامل عبد الصمد
هل أتاك حديث الذبان !؟
كتابات - مصطفى الهادي
على ساحات ميادين الانتر نت تدور معارك طاحنة كثر عددها وطال أمدها وكلها تدور حول حديث الذبان الذي رواه راوية الإسلام ( أبو هريرة ) ، فأحببت أن أقرع بسيفي هامة الصراع وأبحث بحثا علميا بحتا مدعما بالأدلة بعيدا عن إبطي الذبان أو جناحيه بل اتناول بقية أجزاءه بالبحث والتحليل لأني رأيت أن مدار النقاش يدور فقط حول جناحي الذبان ، وأن تحت إحداهما سما أو داء وتحت الجناح الثاني دواءا من دون نظر الأخوة المتحاربين إلى بقية الأجزاء وهل فيها أيضا سما وترياقا أم أنها من اخبث أجزاء جسم الذبانة .الله الموفق ولا أدعي الكمال .
قال ابن الأثير : الذباب وتكنيه العرب : أبو جعفر ، أبو حكيم ، أبو الخدوش . والذكر منهُ : عنترة [1]وأبو جُميح ، أبو درَيس ، أبو رُميَح ، أبو زياد ، أبو عُميَر ، أبو عَوف ، أبو القنّور . والأنثى منه : أم الخنابس، أم الغُول [2] .
والذباب أنواع كثيرة ولكن أقصرها عمرا هي ذبابة المنازل التي يبلغ متوسط عمر الذكور منها (17) يوما ، والأنثى (29) يوما .
ولا يوجد لدينا نص قديم يبين لنا حال الذبان عبر التاريخ غير ذبابة الفاكهة الأحفورية والتي عُثر عليها ولم تختلف في مواصفاتها مع ذباب هذا الزمان وقد قُدر عمرها بـ ( 40 ) مليون سنة . وكذلك المدونات المصرية التي رُسمت فيها أشياء طائرة صغيرة تبين فيما بعد أنها الذبان وقد جاء ذلك لأن الله تعالى بعث الذباب عقوبة على فرعون وشعبه ولما كانت التوراة والمزامير من أقدم النصوص التي بين أيدينا والتي عاصر موسى خلالها الفترة الفرعونية القديمة فقد وجدنا الآيات التالية :
في وصف مضار الذباب ميّتا جاء في الجامعة : (( الذباب الميتُ يُنتنُ ويُخمِرٌ طيب العطار )) [3]. وفي النص الوارد في إشعياء وصف الله تعالى الوباء الذي ينتشر من ترع مصر بأنه الذباب فقال : ((ويكون في ذلك اليوم أن الربّ يصفِرُ للذباب الذي في أقصى ترع مصر )) [4] . وفي الخروج فقد سلط الله تعالى الذباب على فرعون وشعبه لأنهُ مؤذ جدا وناقل للأمراض ومفسد للأطعمة وغيرها [5].
وفي القرآن ورد أيضا ذكر الذباب وله تفاسير عجيبة ولكننا نختار ما يناسب البحث هذا . قال تعالى : (( يا أيها الناس ضرب مثل فاستمعوا له أن الذين تدعون من دون الله لن يخلقوا ذبابا ولو اجتمعوا له وان يسلبهم الذباب شيئا لا يستنقذوه منه ضعف الطالب والمطلوب )) [6]. والقول هنا فيه وجهان
الأول : ليس المقصود من ذلك الأصنام ، لأن الذباب ماذا يأخذ منها ، وماذا يسلبها ؟ هل ينتزع قطعة حجر منها ! بل الخطاب موجه هنا إلى رؤوس الكفر الذين يدعونهم الناس من دون الله ويطلبون إليهم حاجاتهم كما هو مبين في الآيات التي قبل هذه الآية ، فإذا انتزع الذباب من هؤلاء صحتهم وأمرضهم فهل هم قادرون على إرجاع تلك الصحة ؟ كلا ، وهذه حكمة عظيمة منهُ تعالى : حيث دل على أن الذباب لا يحمل غير المرض تحت إبطيه أو فوق جناحيه أو في أشواك رجليه .
الثاني : أنه يسلب الهيبة من هؤلاء الذين يدعونهم الناس من دون الله تعالى فيسقطهم ويستبين ضعفهم ومن هنا فإنه تعالى سلط على فرعون الذباب والبعوض وهي اضعف المخلوقات ، وقد روي أن ذبابا وقع على أنف المنصور وهو يخطب ، فحرّك رأسه ليطرُدهُ ـ وكان الخلفاء لا يحركون أيديهم على المنابر ـ فطار حتى سقط على رأسه ، فحركها فطار حتى وقع على عينه ، فحرك رأسه فطار حتى وقع على عينه الأخرى ؛ حتى أضجره ، فذبه بيده ، ثم نزل فسأل عمر بن عُبيد : لم خلق الله الذباب ؟ فقال : ليُذل به الجبابرة ، ثم قرأ قوله تعالى : وان يسلبهم الذباب شيئا لا يستنقذوه منه ضعف الطالب والمطلوب .
وهارون الرشيد ذلك الملك الجبار الذي كان يخاطب السحابة فيقول لها : شرّقي وغربي فأين ما مطرت فإن خراجك لي ، هذا الطاغية صعد يوما المنبر ليخطب ، فسقطت ذبابة على وجهه فطردها فعادت فحصر فارتجّ عليه ولم يستطع أن يخطب واصفر لونه فقال هذا المغرور : يا أيها الناس انظروا إلى أجلكم منصبا وافضلكم أما وأبا وأحسنكم وجها وانفذكم أمرا آذته ذبابة فلم يستطع لها دفعا ثم تلا : أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم : (( يا أيها الناس ضرب مثل فاستمعوا له أن الذين تدعون من دون الله لن يخلقوا ذبابا ولو اجتمعوا له وان يسلبهم الذباب شيئا لا يستنقذوه منه ضعف الطالب والمطلوب )) [7] .ثم نزل ذليلا .
وتحت عنوان : ضعف الطالب والمطلوب قال الجاحظ : (( كان بالبصرة قاض يقال له عبد الله بن سوار ، وكان حليما وقورا مهيبا في أصحابه ، لم يطعن عليه أحد كان يصلي الظهر ويجلس في مجلسه في الجامع فلا يتكيء ولا يتحرك كأنه بناء مبني ، وكذلك يصلي العصر والمغرب والعشاء ، ولم يقم إلى وضوء ولم يحتج إلى شرب الماء وكان إذا تكلم لا يحرك يده ولا يشير برأسه ، وهذا شأنه في كل يوم فبينما هو كذلك ذات يوم والناس مجتمعون ينظرون إليه ويعجبون إذ سقطت على أنفه ذبابة ، فأطال المكث ، ثم تحول إل جفن عينيه فأراد القاضي الصبر على عض الذباب ونفاذ خرطومه ، ولكنه أوجعهُ وأحرقهُ ، فأطبق جفنه الأعلى على جفنه الأسفل ، فتنحى الذباب ثم عاد وغمس خرطومه في مكان أدماه وأوهاه ، وهكذا الح الذباب في أذى القاضي فاستفرغ القاضي صبره وبلغ مجهوده ، فلم يجد بدا من أن يذب عن عينيه بيده ثم بطرف كمه وقال : استغفر الله فما أكثر من أعجبتهُ نفسه فأراد الله أن يعرفهُ ضعفهُ ما كان مستورا ، وقد علمت أني عند نفسي من أضعف الناس ، فقد غلبني أضعف خلقه ! ثم تلا قوله تعالى : وان يسلبهم الذباب شيئا لا يستنقذوه منه ضعف الطالب والمطلوب .
المعارك التي تدور رحاها على ميادين المواقع الإلكترونية حول حديث الذباب والتي يقودها أبو هريرة قسمت الناس إلى فريقين ، فريق يعارض ذلك وأسلحته العلم والعقل والمنطق السليم ، والفريق الآخر سلاحه العناد والجمود والتحجر ، الفريق الأول يستخدم أسلوب العقل والفريق الثاني يلجأ إلى الشتم والاتهام والطعن وغيرها من أسلحة العاجز . ولو تركنا الحديث عما في أجنحة الذباب واتجهنا إلى الأجزاء الأخرى من جسم الذباب لهالنا ما سنعرفه عن هذه الحشرة القذرة من مضار خطيرة . ونقول :
لنفترض إننا استثنينا جناحي الذبابة وتركنا ما فيهما من داء أو شفاء ، فبماذا نتقي نحن البشر بالذي في رجلين الذباب أو فضلاتها ؟ والجميع يعلم أن أحسن مكان يقف عليه الذباب هو غائط الإنسان وفضلات الحيوانات والجيف والجثث المتعفنة وغيرها من الأماكن القذرة التي تغري الذباب برائحتها النتنة . ولا يكاد يختلف اثنان بأن الذباب يحمل في رجليه العن الميكروبات واخطرها واخبثها ، وأنه عندما يحط على جسم الإنسان فإنه يتحرى بمجساته الخشنة المشعرة فتحات العيون وأطراف الأنوف وزوايا فتحات فم الإنسان ، وكذلك الجروح وغيرها من الأماكن الحساسة فإذا وقع الذباب على فم الإنسان أو زوايا عيونه المغمضة وألقى حمولته اللعينة وما تحمله أرجله من خبائث ، فماذا نفعل بجناحيه وكيف لنا أن نعرف أين الشفاء فيهما . إن العلم اثبت أن أقذر مكان في الذباب هو رجليه وليس جناحيه . ثم إذا كانت نظرية الدكتور أبو هريرة صحيحة من أن الذباب يحمل الدواء مع الداء ، فماذا نفعل بذباب التسي تسي الذي إذا قرص الإنسان فإنه ينام نومته الأبدية ، ولا يوجد علاج في الدنيا كلها حتى هذا اليوم يستطيع أن يوقض النائم جرّاء لسعة هذا الذباب ، فهل عزب عن الأطباء أن يكتشفوا المنبه تحت الجناح الثاني لهذه الذبابة .
ثم ماذا نفعل بذبابة الفاكهة التي تلقي بيوضها داخل زهرة الفاكهة فتفسدها وتملأها بالديدان ، وماذا نفعل بذباب الكلاب الأخضر ونوعه الثاني الأزرق ولسعاته الموجعة التي تسبب قروحا والتهابا مكان اللسعة تبقى آثارها دائمة ، فيا أبا هريرة أن هناك أكثر من ستين صنفا من الذباب ، فهلا بينت لنا أي صنف منها يحمل الشفاء ؟ وهل تنطبق قاعدتك الصحية على جميع أنواع الذباب ؟ أم أنها خاصة بذباب الصفّة التي كانت مقرك الدائم ؟ ولا ندري إلى أين نذهب بقول من قال لرسول الله (ص) في واقعة الإفك : يا رسول الله إن الله عصم ظلك من أيقع عليه الذباب فينجسهُ .. الخ الرواية فهل كان هذا القائل أعلم ن رسول الله بنجاسة الذباب ، وعزب ذلك عن رسول الله (ص) ثم كيف يُعقل أن يدرك بدوي
جاهل قذارة الذباب ثم يفوت ذلك على من كان شعاره النظافة من الإيمان محمد رسول الله . فيقول ذلك ا لبدوي :
إذا وقع الذباب على طعامي رفعت يدي ونفسي تشتهيه
ولكنها طامات أبى هريرة وحقٌ له ذلك إذا كانت أمعاءهُ تتعاوى من الجوع في جوف الليل فتوقظ النائم .
ونتانة الذباب وقذارته عند جميع الناس معروفة منذ الأزل ، حتى أن العرب وضعت ذلك شعرا في دناءة انفس بعض الناس كما قال عبد الله بن محمد بن أبي عُيينة إلى صديق له يعاتبه :
ولستُ بساقطِ في قـدر قـومِ وإن كرهــوا كما يقع الذبـابُ [8]
وقد استخدم العرب أمثلة أصبحت مشهورة مثل قولهم : ( منجي الذباب ) : ويُضرب به مثلا للئيم الذليل يكون عليه واقية من لؤمه وذُله فيشبههُ بقذارة الذباب ، كما قال إبراهيم بن العباس :
كن كيف شئت وقل ما تشا وأبرق يمينا وأرعــد شمالا
نجا بك لؤمك منجى الذباب حمتـهُ مقاذيـرهُ أن يُنــالا [9]
ولو تناولنا كل ذبابة على حدة في التشريح والبحث لوجدنا أن لكل ذبابة خاصية في التدمير ونشر والإمراض ، فذبابة المنزل مثلا تنقل الأمراض التالية : التيفوئيد ، الكوليرا ، الزحار ، الحمى المعوية ، والرمد .
والذبابة البيضاء الصغيرة تهاجم الحمضيات فقط وتدمرها وتجعلها خاوية على عروشها .
وذبابة التسي تسي ، تنقل فايروس النوم الذي يقتل الألوف من الناس سنويا .
ويبدو أن أبا هريرة لم يسمع بالذباب الأسود المسمى جنس الذلفاء ( Simulium ) فهذا الذبابة عندما تلسع الإنسان فإنها تضع فيه يرقات دودة طفيلية : كلابية الذنب الملتوية ( Onchocerca volvulus ) وتدريجيا تنضج اليرقات تحت جلد المصابين وتصير ديدانا ، وتبدأ كل واحدة بإنتاج ديدان بالغة الصغر تدعى خُييطيات ( microfilariae ) منتجة الملايين منها تنضج هذه الديدان عن طريق الذبابة السوداء التي تلتقطها فتنمو داخل الذبابة مرة أخرى ثم ترجع إلى جسم الإنسان عن طريق اللسع ثم تبدأ بغزو العينين وتسبب العمى ، وقد تجتمع في جسم ضحية واحدة أكثر من ( 200 ) مليون دودة .
هذه الطفيليات تعذب ضحاياها البشر فعلى مر السنين يثخن الجلد وتظهر عليه قشور جلدية وغالبا ما تظهر على الجلد لطخات كريهة بسبب زوال الصباغ ( dipigmentation) وهكذا يصاب الضحايا بما يوصف بدقة بمرض جلد التمساح ، أو جدل العظاية ، أو جلد النمر ثم تشتد الحاجة إلى الحك الشديد ، وقد دفعت هذه الحالة الكثير إلى الانتحار ، وعندما يُهاجم الذباب الأسود المناطق التي يغزوها فإن الناس يتركون بيوتهم ومزارعهم ويهربون فهل ينفع هنا ما تحت الجنح الثاني من شفاء في رد الناس إلى بيوتهم ، واستنادا إلى تقديرات مركز كارتر في اتلانتا ، جورجيا ، الولايات المتحدة الأمريكية فإن هنالك نحو (126) مليون شخص معرضون للإصابة ، و18 مليون شخص يحملون تلك الديدان وأما الذين فقدوا بصرهم فيتراوح عددهم أكثر من مليونين . الغريب في الأمر أن الأبحاث التي أجريت على نوعين مهمين من الذباب لم تشير إلى وجود منافع في الذباب بل أثبتت هذه المباحث أن الذباب كله ضرر من رأسه إلى أخمص قدميه ، فالأبحاث التي أجريت على ذبابة التسي تسي بغرض القضاء عليها أو إيجاد علاج مضاد للأمراض التي تنشرها ومنها مرض النوم ، لم تؤد إلى اكتشاف العلاج تحت الجناح الثاني ، بل تم اختراع دواء ( اسبرتاميزين ) مختبريا الذي اثبت فاعليته للقضاء على فايروس النوم . وكذلك أجريت الفحوص المختبرية على الذبابة الأحفورية التي عُثر عليها وقد اثبت علميا الفحص والتشريح لهذه الذبابة أنها لا تختلف عن ذباب اليوم إطلاقا وقال الدكتور : جورج بونيا الأصغر : (( التشريح الداخلي لهذه المخلوقات يماثل بشكل مدهش ما تجدونه في الذباب اليوم فالجناحان والأرجل والرأس ، وحتى الخلايا في داخلها عصرية المنظر جدا ))[10]. وقد أقام الاستاذ كيري روبن من جامعة كالفورنيا عام 1992 بوضع مشروع دروس ( فيلا ) بهدف حل الشفرة الوراثية لجميع مورثات ذبابة الفاكهة وغيرها وقد جعل الأستاذ روبن المعلومات التي جمعها متاحة على شبكة الانتر نت وقد باتت الخريطة الوراثية على وشك الانتهاء بفضل كريش فينيتر مدير شركة سلايرا لعلم الوراثة ، فلم يعثر على أي دواء تحت إبط الذبابة أو جناحها، بل وجدت كلها قذارة ونتانة .
إن طامات أبو هريرة ليس لها حدود ، والله وحده يعلم لو قام أبو هريرة بفتح ذلك الكيس الذي قال عنه : والله لو فتحت الكيس الثاني لقطعتم هذه وأشار إلى رقبته ، فماذا يحدث . ولو أردنا تتبع ما أورده أبو هريرة من طامات لطال بنا البحث ولكننا نكتفي باليسير منها .
ومن ذلك : إنكاره أن العرب كانت تعرف السكين بل كانت تعرفها المدية فيقول : والله إن سمعت بالسكين إلا يومئذ وما كنّا نقول إلا المدية.لم يعلم المسكين أن السكين اكثر دورانا في كلام العرب من المدية بكثير ! وما أظن أحدا منهم يجهل معنى السكين بخلاف المدية، فان اكثر العامة لا يعرفونها وكأن أبا هريرة لم يقرأ ولم يسمع قوله تعالى في سورة يوسف وهي مكية (وآتت كل واحدة منهن سكينا) . وكأنه لم يرو عن رسول الله صلى الله عليه وآله قوله: من جعل قاضيا بين الناس فقد ذبح بغير سكين
فأبو هريرة لا يفرق بين ذبابة وكبابة خاصة عند كضة الجوع عندما تتعاوى أمعاءه ومن هنا وصف جعفر بن ابي طالب بأنه ابا المساكين لأنه الوحيد ا لذي كان يشفق على أبي هريرة ويطعمهُ كل يوم .
وأما ترجمته من الطبقات والإصابة وحلية الأولياء وغيرها فهو الواصف لنفسه فيقول: كنت أجيرا لابن عفان وابنة غزوان بطعام بطني أسوق بهم إذا ركبوا وأخدمهم إذا نزلوا
وكنت ألزم رسول الله صلى الله عليه وآله على ملئ البطن.
ويقول : والله الذي لا إله إلا هو إن كنت لاعتمد بكبدي على الأرض من الجوع وإن كنت لاشد الحجر على بطني من الجوع
وعن أبى هريرة قال: رأيتني أني لاخر فيما بين منبر رسول الله صلى الله عليه وآله إلى حجرة عائشة مغشيا علي فيجئ الجائي فيضع رجله على عنقي ويرى أنى مجنون وما بي من جنون ما بي إلا الجوع .
وقوله : وكنت ألصق بطني بالحصباء من الجوع، وكنت استقرئ الرجل الآية هي معي كي ينقلب بي فيطعمني. شخص هذه حاله إذا وجد الذباب وليس الكباب فهل يحجم عن تناوله؟ شخص هكذا يصف نفسه كيف لا يغمس الذباب في الإناء ولربما طابت له نفسه فأكله مع الطعام ، أليس هو القائل : من أكل بصل عكة كأنما زار مكة .
اسمع له وهو يصف جعفر : كان خير الناس للمساكين جعفر بن أبي طالب كان ينقلب بنا فيطعمنا ما كان في بيته. وأخرج البغوي من طريق المقبري - كما في ترجمة جعفر من الإصابة - قال: كان جعفر بن أبي طالب يحب المساكين ويجلس إليهم ويخدمهم ويخدمونه ويحدثهم ويحدثونه فكان رسول الله صلى الله عليه وآله يكنيه أبا المساكين. وأخرج الترمذي والنسائي الصحيح كما في ترجمة جعفر من الإصابة أيضا عن أبي هريرة قال: ما احتذي النعال ولا اركب المطايا ولا وطأ التراب بعد رسول الله صلى الله عليه وآله أفضل من جعفر بن أبي طالب [11]. وعن أبي هريرة انه قال: تبعت جعفر بن أبي طالب ذات يوم وأنا جائع فلما بلغ الباب التفت فرآني فقال لي: أدخل فدخلت ففكر حينا فما وجد في بيته شيئا إلا نحيا كان فيه سمن مرة، فانزله من رف لهم، فشقه بين أيدينا، فجعلنا نلعق ما كان فيه من السمن والزيت وهو يقول: ما كلف الله نفسا فوق طاقتها ولا تجود يد إلا بما تجد [12].
ونحب هنا أن نختم بحث معركة الذبان بدعاء كان أبو هريرة يحب أن يدعوا به فيقول : اللهم هب لي ضرسا طحونا ، ومعدتا هضوما ، ودبرا نثورا !!
ثم لا أدري كيف نسب أبو هريرة حديث الذباب للرسول (ص) ونسى أن الرسول (ص) هو القائل : كل ذُباب في النار إلا النحلة [13].
ونسى أيضا أو تناسا ماذا قال أصحاب رسول الله له في قصة الإفك حيث قال له أحدهم : إن الله عصم ظلك من أن يقع عليه الذباب فينجسهُ ، فلا تشك في زوجك .
[1] - العنتر هو الذباب الأزرق المؤذي ، / خزانة الأدب ، سيبويه ص 129 / ومحيط المحيط لبطرس البستاني / ص 636 طبع بيروت 1977
[2] - المرسّع لإبن الأثير ، طبع بغداد سنة 1971 .
[3] - الجامعة الاصحاح العاشر الفقرة : 1 .
[4] - إشعياء الاصحاح السابع الفقرة : 18 .
[5] - راجع الخروج الاصحاح الثامن الفقرة : 21 .
[6]- سورة الحج آية 73.
[7] - الحكمة والأدب عند الفرس والعرب ، محمد باقر السبزواري طبع طهران الأولى ج1 . وكذلك التدوين في أخبار قزوين ج4 ص 189 .
[8] - كتاب المحاسن والمساوي ج1 ص 291طبع قم .
[9] - ثمار القلوب في المضاف والمنسوب الفقرة 816 .
[10] - نقلا عن صحيفة ذا نيويورك تايمز ، عدد 3 / اكتوبر / 1982 .
[11] - في ص 197 من الجزء الثاني من صحيحه في باب مناقب جعفر وأخرج نحوه أبو نعيم في ترجمة جعفر 117 من الجزء الاول من حليته. ونقل ابن عبد ربه الأندلسي - في فصل الجود مع الاقلال من الجزء الأول من عقده الفريد .
[12] - هذا الحديث أخرجه أبو نعيم في ترجمة جعفر من حلية الأولياء ص 117 من جزئها الأول من طريق المقبري عن أبي هريرة أيضا. وهذا الحديث أورده ابن عبد البر في ترجمة جعفر من الاستيعاب .