باني الجزائر الحديثة، و أحد أبرز ممثلي الخط العروبي التقدمي في الجزئر،
اشتهر بمساندته للقضية الفلسطينية عبر قولته التاريخية:"الجزائر مع
فلسطين ظالمة أو مظلومة". امتلك تأثيرا واسعا في العديد من المنظمات
التحررية في العالم، كما تجرأ ليطالب بابتكار نظام عالمي جديد يكرس
للتوازن بين العالم الشمالي و العالم الجنوبي و يمنح للدول حديثة العهد
بالإستقلال أن تبدأ مشاريعها التنموية دون توجيهات أو ضغوطات
أجنبية. مساهمته كانت غير متكافئة في ملف الصحراء الغربية، فقد
بارك تقسيمها بين موريتانيا و المغرب، لكنه غير موقفه و طرد العديد
من المغاربة لإرغام المملكة المغربية على التنازل عن حقها الشرعي في
أقاليمها الصحراوية. و في كل الإحتمالات، فإن ظهور علاقات
تعاون سليمة بين المغرب و الجزائر كان مستبعدا أو شبه مستحيل،
الملك المغفور له الحسن الثاني كان يخشى من تمدد التجربة الناصرية
في مصر، إذ أصبح واضحا أن القومية تستلزم النظام الجمهوري، إلى
درجة أن هواري بومدين اعتبر النظام المغربي رجعيا طبقا للمقاسات
القومية المتشددة، على الرغم من أن الراحل الحسن الثاني كان الحاكم
العربي الوحيد الذي اعتمد التعددية السياسية ثم بوغت بانقلابات
عسكرية استوحاها المنفذون من الطريقة المصرية و من خلافات داخلية
غير أساسية و بمجرد نجاته من المحاولات الانقلابية الخطيرة، أشهر
الحسن الثاني السوط لتحصين العرش العلوي.
توفرت في الملكية المغربية كل الظروف المرشحة لها للخضوع
لمخططات انقلابية، فعلى العكس من السعودية معقل المقدسات
الإسلامية و المتميزة بالانصات الشعبي للآراء الدينية المزكية لملكية
آل سعود، كان المغرب قريبا من الأسلوب الثوري لهواري بومدين
و العقيد القذافي، كما كان هدفا للأفكار المصرية. لقد استهوى
نجاح الضباط الأحرار المصريين في اسقاط الملكية كل التشكيلات
العسكرية في العالم العربي و غير العربي، ما زاد من حساسية هذه
الفترة التاريخية، أن كل الملكيات التي أجهزت عليها الثورات
العسكرية تمتد إلى الحقبة الإستعمارية، في العراق و ليبيا و المغرب
و مصر ارتبط تأريخ الملكيات بالمحتل الأوروبي، فقد كانت نظام
الحكم السياسي قبل و أثناء الإستعمار و في بعض الحالات كان
الإستعمار مخترعا تأسيسا على انحطاط الوعي الديني. لم يعد سرا
أن التأويل المتخلف الذي منح للإسلام شارك في انجاح الإستعمار
بل و تشريع حضوره و بالتالي ممارساته الإستنزافية و الإجرامية،
و لحد الآن، فإن خطبة الجمعة مناسبة أسبوعية لمباركة انجازات
الأصنام. بعد أن أنفق سنين من النضال و العمل الحثيث من أجل
تحطيمها، أصبح الإسلام يبني للمجتمعات أصناما جديدة. إن عالم
الدين مثلما هو شهير قد يسيء و قد يفيد الدين الذي يمثله و البادي
أنه أساء إلى الدين في العديد من المراحل التاريخية المنطلقة من القرون
الوسطى إلى الوقت الراهن حيث لا تزال صناعة الأصنام بمباركة
دينية مستمرة و فاعلة. فهل استبدل الجياع برنس هواري بومدين
أو برنس الثورة برؤى دينية متخلفة؟...
دعهم فقط أصبحوا جميعا منظرين مرموقين لمفردات:" التضرع"...
"للبيت رب سيحميه"...و عندما جهز أبرهة جيشه لتدمير الكعبة
المشرفة فروا إلى الجبال...لم أبتدع شيئا، هكذا تقول الحكاية التي