مؤتمر الأقزام
عندما عقد الأقزام مؤتمرهم لمناقشة قضية الساعة و البحث عن حل لها .
وصلوا جميعا متفرقين و جلس المتجاورون منهم جغرافيا متباعدين لأن بينهم حساسيات و حزازات ,وفي القرى التي يحكمونها ,يسر بعضهم أن يسمع عن البعض الآخر النكات.
كانت كلمة الإفتتاح للشيخ القزم المضيف, و الحق يقال أن علامات الوقار كانت بادية عليه إلاأن خشية و ارتباكا كانا يقرءان في عينيه.
لقد رحب بالجميع وذكر آيات من كتاب مقدس تدعوإلى الشروع وتبارك البداية.
مافتئ ينهي خطابه حتى انطلق القزم الغريب الأطوار واتهم الجميع بالمكيدة و التماطل و الخيانة ومضى يحرك سبابته كل مرة في اتجاه معين من القاعة يقهقه أحيانا ويصرخ أخرى يال الفظاعة.
همس أحد الأقزام في أذن مجاورة له:لو كان هذا المعتوه في قرية من قرى الغرب لوضعوه في مصحة نفسية للعلاج ولروقب باستمرار و من يدري ربما كتب عنه تقرير بأن حالته ميؤوس منها وأن عليه أن يبقى بعيدا عن المجتمع لأنه لا يرجى منه نفع بل قد يلحق الضرر بمن حوله".
ضحك القزم المستمع خفية و رد:"لكن في قرى الشرق هذا المستلب قيمته من قيمتنا".
بعد صب كل سخطه على الزمن و الواقع و المجتمعين أعلن القزم الغريب الأطوار انسحابه و نزل من كرسيه و مشى خطوتين ثم تعثر في لباسه الطويل , سقط على فمه و ارتمت إحدى أسنانه بين يديه و بينما تأسف الجميع على حاله و ظنوا أنه متألم و مستاء وقف هو مبتسما و السن في يديه.
كان يقول في نفسه:'هل أبدلها بسن ذهبية أم عاجية أم أطلب من قزم ذي عينين ضيقتين أن يصنع لي واحدة مستديرة أو مزخزفة فأبدو أكثر تميزا, إنني أهوى الإختلاف و التميز, ياإلهي كم أنا متميز!!"
غادرالقزم الغريب المكان و حاول الشيخ المضيف إعادة الهدوء للمجلس وأعطى الكلمة لقزم يحكم قرية ذات تاريخ ,عرفت عنها أمجاد و ترك قدماءها كتابات وبنايات تدل على عبقرية و حكمة واستبداد و مهابة.
لكن يبدو أن كل ماورثه هذا القزم عن أجداده هو الإستبداد و الفرعنة أما الحكمة و المجد والرقي فقد تناثروا كحبات الرمل عند هبوب الريح.
قال القزم المتفرعن أنه يجب إيجاد شيء و ليكن حدثا أو واقعة أو مشروعا تلتهي به شعوب الأقزام فتكف عن الشعارات و المطالبات و الضجيج و الضوضاء خاصة بعد الشعائر الدينية وفي أيام الأعياد والمناسبات.
قال أن سواد الليل كلما زارته توبخه عن ما يدور في قرى الأقزام و تهدده باستبداله هو وغيره من الحاضرين لأن سطوتهم بدأت تضعف و لم يعودوا قادرين على النهي و الجزر و القهر و الإسكات.
استسمح المتفرعن الجالسين ليشرب كوبا من الماء لكنهم سرعان ما لاحظوا اصفرارا غير عادي على وجهه فسارع المضيف بطلب سيارة إسعاف له و اشترط على المسؤولين الكتمان فقرر الطاقم الطبي أن يذهب في حافلة كتب عليها:"'أشهى آيس كريم لحضور المؤتمر الكريم" .و بعد نجاحهم في إعادة إنعاش المتفرعن و إيصاله لمستشفى ,كل عامليها شقر, كان أول طلب له أن يحضروا له آيس كريم بالفانيليا و الفستق و الشكولاته و عندما شرح الطبيب الذي يتحدث لغة الأقزام بصعوبة بأن مايريده مضر بصحته قال المتفرعن أنه سيبعثه وراء الشمس و أنه سينفيه إلى كوكب الغيلان إن لم يكن بين يديه بعد دقيقتين آيس كريم بالفانيليا و الفستق و الشكولاتة بل وتوت الأرض أيضا
استمرت وقائع المؤتمر وكان دور القزم الذي يشبه البطة و الذي لم يعرف أحد من أين أتى ليصل في قريته إلى السلطة , قال أن الحل في إقامة مهرجانات تدعو للاحتفال وإن استدعى الأمر ليكن في كل شهر كرنفال .
صفق له قزم أنيق وقال أن قرى الأقزام تسعد للأفراح و أنها تعج بالمواهب
لم ينه الأنيق تصفيقه حتى وقف قزم في الركن و فتح محفظته ,ليخرج صورة صار يمررها على الجميع وقد كان البعض ينطق الله حين يرى الصورة ,و البعض يهمس مااسمها والبعض يسأل مارقم هاتفها المحمول, أما القزم الشاب فقد سأل إن كان عندها عنوان على الماسنجر.
انتهى المؤتمر بإصدار قرار سري بتشجيع المواهب و المهرجانات و حتى الكرنفالات ودعم صناعةالتجميل و رفع الضرائب الجمركية على استيراد مساحيق التجميل و العطور و الملابس الداخلية.
وخرج قرار صريح فصيح تداولته الصحافة قيل فيه أن أقزام المؤتمر نددوا و شجبوا و استنكروا الأوضاع الإقليمية و أن جلسة جديدة ستعقد في نهاية الموسم .
Nassira
نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)
|