التهاب الغدة النكفية ( النكاف )
د.ناصر شافعي
مرض التهاب الغدة النكفية عرف من مئات السنين ، فقد وصفه " أبقراط " أنه مرض متوسط الحدة يتميز بوجود تضخم بجوار الأذن و مصحوب بآلام في الخصيتين .. و في أوائل القرن العشرين ثبت أن هذا المرض يمكن أن يكون له مضاعفات خطيرة أهمها التهاب المخ و الأغشية المحيطة به .. و لم يكن سبب المرض معروفاً بعد .. و لكن في عام 1934 تمكن العالمان " جونسون " و "جود باستور " من إثبات أن السبب في المرض فيروس دقيق الحجم و ليس جراثيم عادية .. و في عام 1941 ذكر العالم " ويزيل هوفت " أن المرض كثيراً ما يكون مصحوباً بالتهاب المبيض و البنكرياس.
و فيروس الغدة النكفية يدخل جسم الإنسان عن طريق الجهاز التنفسي العلوي و يتمركز في خلايا الغدد المختلفة و يظهر في سوائل الجسم المختلفة مثل اللعاب ، البول ، السائل النخاعي ، الدم و بخاصة في اليوم الأول أو الثاني على الأكثر من بداية العدوى بالفيروس .
و ينتشر هذا المرض في معظم بلاد العالم .. و خاصة في المناطق المزدحمة و الريفية حيث يزداد التعرض لانتشار المرض .. و قد يحدث و باء للمرض كل بضعة سنوات .. و يزداد المرض في الأطفال من عمر خمسة حتى خمسة عشر سنة .. و تكون أعراض المرض و مضاعفاته أقل حدة و خطورة في الأطفال عنه في الكبار .
أعراض المرض :
تبدأ ظهور الأعراض المرضية للنكاف بعد " فترة الحضانة " للفيروس و التي غالباً ما تتراوح بين ثمانية عشر إلى واحد و عشرون يوماً .. و قد تتأثر الغدد اللعابية كلها بالفيروس و لكن أكثر الغدد اللعابية تأثراً هي الغدة النكافية .
تتضخم الغدة النكافية في الجهتين أو في جهة واحدة .. و قد تتضخم أحدهما قبل الأخرى بثلاثة إلى خمسة أيام .. و يكون هذا التضخم مصحوباً بآلام في الغدة النكفية أو آلام مع تحريك الفك .. و غالباً ما يزول هذا التضخم بعد سبعة إلى عشرة أيام .
و قد يحدث التهاب للخصيتين في الذكر أو المبيض في الأنثى و لكن قلما يحدث هذا في الأطفال .. و يكمن خطورة هذه الالتهابات إذا حدثت وقت البلوغ فقد تؤثر على وظائف هذه الغدة و قد تسبب في حدوث العقم .
و غدة البنكرياس قد تتأثر بالفيروس فيحدث لها التهابات في نسبة قليلة من الأطفال فترتفع درجة الحرارة مع ألم في أعلى البطن و يمكن تشخيص التهاب غدة البنكرياس بالفحص المعملي الخاص به . و لكن لا يحدث مرض السكر كإحدى مضاعفات هذا المرض .
و من المضاعفات الخطيرة لمرض النكاف التهابات الجهاز العصبي المركزي و التهابات أغشية المخ الذي يمكن أن يحدث في حوالي 10 % من الحالات .. و يمكن أن تحدث أيضاً التهابات أغشية القلب و المفاصل التي يمكن أن تحدث كمضاعفات للمرض و لكنها لا تسبب أي أعراض مزمنة .
تشخيص المرض :
يستلزم تشخيص مرض النكاف العرض على الطبيب المختص الذي يستطيع تحديد أعراض المرض السريرية و مضاعفاته و الفحوصات المعملية المطلوبة .
خطورة المرض و مضاعفاته :
رغم أن مرض النكاف أعراضه بسيطة في الأطفال إلا أن أعراضه شديدة و مضاعفاته كثيرة في البالغين و الكبار مثل التهابات المخ و الحبل الشوكي و التي قد تؤدي بحياة المريض أو تؤدي إلى الصمم الدائم .. و التهابات الخصيتين و التي قد تؤدي إلى العقم .. و المضاعفات الأخرى التي يمكن أن تسبب الكثير من المتاعب الصحية للمريض .
علاج المرض :
يجب علاج المرضى بواسطة الطبيب المختص و ذلك بعزل المريض و الراحة التامة في الفراش و أخذ العلاج اللازم للأعراض المرضية و معالجة مضاعفات المرض .
الوقاية من مرض النكاف :
و للوقاية من مرض النكاف يجب تجنب العدوى بهذا المرض .. و ذلك بعزل المريض و عدم التعرض له و الابتعاد عن استعمال أدوات المريض الشخصية التي قد تنقل الفيروس .
و يجب التطعيم ضد فيروس الغدة النكفية ( النكاف ) و ذلك عند بلوغ الطفل سنة من عمره .. و قد يكون هذا اللقاح منفرداً ( لقاح ضد الغدة النكفية فقط ) أو يكون على صورة التطعيم الثلاثي الفيروسي ( غدة نكفية و حصبة المانية و حصبة عادية ) و هي تعطى للطفل تحت الجلد ..
و يجب عدم إعطاء هذا اللقاح للحوامل .
و لا شك أن الاهتمام بضرورة التطعيم من هذا المرض قد أدى إلى انخفاض ملحوظ في معدل الإصابة به و بالتالي هبوط ملحوظ في نسبة مضاعفات هذا المرض .
حقوق النشر محفوظة للمؤلف / كتاب حياة صغيري / القاهرة