لا أريد لهذي القصيدة ان تنتهي
[align=justify]
كما هو مخطط له ، وكما هو متوقع ، صدر الديوان الأخير للشاعر الراحل محمود درويش في آذار 2009 عن دار رياض الريس بعنوان " لا أريد لهذي القصيدة أن تنتهي " ليضم القصائد التي وجدها الروائي إلياس خوري ، وصدرت مقدمته التي يحكي فيها عن الديوان وكيف وجده ،منفصلة عن الديوان .. ليكون الديوان وحده في 154 صفحة ، والمقدمة وحدها في صفحات قليلة ..ولن نتوقف هنا عند الكلام الذي قيل عن أنّ محمود درويش أكبر من أن يقدم له أي كاتب ..كما لن نتوقف عند سبب امتناع إلياس خوري عن إعطاء النسخة الأصلية من الديوان للناشر ، مما جعل النشر معتمدا على نسخة الكترونية منضدة ، تبين فيما بعد ، أنها تحوي أخطاء لا يمكن لدرويش أن يرتكبها في الوزن وغير الوزن ، مما يضعنا حول الكثير من الأسئلة وإشارات الاستفهام ..
الديوان قسم إلى ثلاثة أبواب هي " لاعب النرد " و" لا أريد لهذي القصيدة أن تنتهي " وأخيرا " ليس هذا الورق الذابل إلا كلمات " ويضم الديوان إحدى وثلاثين قصيدة ، بعضها نشر في الصحف بعد رحيل الشاعر ، وبعضها لم يكن معروفا أو منشورا من قبل .. والأخطاء العروضية التي وقعت هنا وهناك ، تدلّ على استعجال غير محمود العواقب من جهة ، وعلى طبع الديوان دون مراجعة معقولة لشاعر يعرف الجميع أنه كان سيد الإيقاع ، ولن نسيء الظن بأحد حين نسأل : لماذا أخفيت النسخة الأصلية التي وجدها الكاتب والروائي المعروف إلياس خوري ، ولماذا ظهرت صور عن هذه النسخة مع البعض بعد صدور الديوان ؟؟.. إذ تبقى الاحتمالات مفتوحة على الكثير ، رغم أن إلياس خوري لم يقل كلمته التي كانت ستوضح جزءا من الحقيقة .. خاصة أنّ الديوان يتعلق بشاعر كبير أضاف الكثير لقصيدة التفعيلة ، حتى عدّ أحد كبارها على الساحة العربية ، إن لم نقل إنّ البعض اعتبره سيد قصيدة التفعيلة العربية دون منازع ..
إذا تجاوزنا الأخطاء التي حدثت ، مع صعوبة تجاوزها في ديوان لمحمود درويش !! نقف عند القصائد الإحدى والثلاثين لنرى إلى تفاوت كبير في المستويات يعيدنا إلى مربع نشر ما كتبه الشاعر بعد موته .. إذ كما كنتُ قد طرحتُ مرارا ، هل يجوز أن ننشر كلّ ما نجده للشاعر -أو الكاتب - بعد رحيله؟؟.. وما أدرانا أنّ الشاعر كان يريد نشر هذه القصيدة أو تلك، ألا يحتمل أن هذه القصيدة كانت مخبأة لأنها لم تعجب الشاعر فنيا ، وانه كان يريد إعادة النظر بها أو إلغاءها كلية ؟؟.. ألا يحتمل أيضا أنّ بعض القصائد غير مكتملة وأنّ الشاعر كان سيضع لها نهاية أو يضيف مقطعا ما لذلك تركها جانبا ؟؟.. هل كان الشاعر يرضى أن تجتمع قصائده على هذا الشكل الذي خرجت به ، وهو الذي كان يحاول أن يعطي كلّ ديوان شكلا أو معنى أو فلسفة تختلف عن الديوان السابق ؟؟.. كل هذا يجوز طرحه بعد قراءة الديوان ، رغم إيماننا بأنّ إبقاء بعض القصائد مثل " لاعب النرد " و" لا أريد لهذي القصيدة أن تنتهي " وغيرهما طيّ الكتمان خسارة كبيرة لأن مثل هذه القصائد رائعة في مسيرة الشاعر وفي فلسفته الشعرية كلها .. مما يجعلنا نقول لو أنّ صدور الديوان انتظر أكثر ، ودرست قصائده أكثر، لكان هذا أفضل بكثير ، تجنبا لما وقع من أخطاء ، واستبعادا لبعض القصائد التي لا ترقى لمستوى قصائد أخرى في الديوان نفسه ..ولأن الديوان قد صدر ، وما عاد يفيد أن نرجع الزمن إلى الوراء ، نقول إنّ الأخطاء العروضية التي اكتشف وقوعها في الديوان هي أخطاء صادرة عن التنضيد ليس إلا والدليل أثبته الشاعر الشاب قاسم فرحات حين أسمعني بعض القصائد بصوت الشاعر ، وتبين أنّ ما قاله بصوته لم يكن فيه الخطأ الذي وقع في الديوان .. لاحظوا إذن كم تسرعوا في إصدار الديوان !!.. والقصائد التي تشكل خطوة وعلامة فارقة ، تنسينا ربما بعض القصائد التي لا تصل إلى هذا المستوى ، ليبقى الديوان علامة فارقة تضاف أو تختتم أعمال هذا الشاعر الكبير إن لم نفاجأ بجديد ما زال طيّ الكتمان !!..
[/align]
نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)
|