شِعـرُكَ هذا .. شِعْـرٌ أَعـوَرْ ! 
ليسَ يرى إلاّ ما يُحـذَرْ : 
فَهُنـا مَنفى، وَهُنـا سِجـنٌ 
وَهُنـا قَبْـرٌ، وَهُنـا مَنْحَـرْ . 
وَهُنَـا قَيْـدٌ، وَهُنـا حَبْـلٌ 
وَهُنـا لُغـمٌ، وََهُنـا عَسْكـرْ ! 
ما هـذا ؟ 
هَـلْ خَلَـتِ الدُّنيـا 
إلاَّ مِـنْ كَـرٍّ يَتكـرَّرْ ؟ 
خُـذْ نَفَسَـاً .. 
إسـألْ عن لَيلـى .. 
رُدَّ على دَقَّـةِ مِسكـينٍ 
يَسكُـنُ في جانبِكَ الأيسَـرْ . 
حتّى الحَـربُ إذا ما تَعِبَتْ 
تَضَـعُ المِئـزَرْ ! 
قَبْلَكَ فرسـانٌ قـد عَدَلـوا 
في مـا حَمَلـوا 
فَهُنـا أَلَـمٌ .. وهُنـا أَمَـلُ . 
خُـذْ مَثَـلاً صاحِبَنا (عَنتَـرْ) 
في يُمنـاهُ يئِـنُّ السّـيفُ 
وفي يُسـراهُ يُغنّي المِزهَـرْ ! 
** 
ذاكَ قَضيّتُـهُ لا تُذكَـرْ : 
لَـونٌ أسمَـرْ 
وَابنَـةُ عَـمٍّ 
وأَبٌ قاسٍ . 
والحَلُّ يَسـيرٌ .. والعُـدّةُ أيْسَـرْ : 
سَـيفٌ بَتّـارٌ 
وحِصـانٌ أَبتَـرْ . 
أَمّـا مأسـاتي .. فَتَصَــوَّرْ: 
قَدَمــايَ على الأَرضِ 
وقلـبي 
يَتَقَلّـبُ في يـومِ المحشَـرْ ! 
** 
مَـعَ هـذا .. مثلُكَ لا يُعـذَرْ 
لمْ نَطلُـبْ مِنـكَ مُعَلَّقَـةً .. 
غازِلْ ليلاكَ بما استَيْـسَرْ 
ضَعْـها في حاشِيـةِ الدّفتَـرْ 
صِـفْ عَيْنيهـا 
صِـفْ شَفَتيهـا 
قُـلْ فيهـا بَيتـاً واتركْهـا .. 
ماذا تَخسَـرْ ؟ 
هَـلْ قَلْبُكَ قُـدَّ مِـنَ المَرمَـرْ ؟! 
** 
حَسَـناً .. حَسَـناً .. 
سَـاُغازِلُها : 
عَيْناها .. كظـلامِ المخفَـرْ . 
شَفَتاها .. كالشَّمـعِ الأحمـرْ . 
نَهـداها .. كَتَـورُّمِ جسمـي 
قبـلَ التّوقيـعِ على المحضَـرْ . 
قامَتُهـا .. كَعَصـا جَـلاّدٍ ، 
وَضَفيرتُها .. مِشنَقَـةٌ ، 
والحاجِـبُ .. خِنجَـرْ ! 
لَيْـلايَ هواهـا استعمارٌ 
وفـؤادي بَلَـدٌ مُستَعْمَـرْ . 
فالوعـدُ لَديْها معـروفٌ 
والإنجـازُ لديهـا مُنكَـرْ . 
كالحاكِـمِ .. تهجُرني ليـلى . 
كالمُخبرِ .. تدهَمُـني ليلا ! 
كمشـاريـعِ الدّولـةِ تَغفـو 
كالأسطـولِ السّادسِ أسهَـرْ . 
مالي منها غـيرُ خَيـالٍ 
يَتَبَـدّدُ سـاعةَ أن يَظهَـرْ 
كشِعـارِ الوحـدةِ .. لا أكثـرْ ! 
ليلـى غامِضَـةٌ .. كحقـوقي، 
وَلَعُـــوبٌ .. كَكِتـابٍ أخضَـرْ ! 
** 
يكفـي يا شاعِرَنا .. 
تُشكَـرْ ! 
قَلَّبتَ زبالتَنا حـتّى 
لمْ يبـقَ لمزبلـةٍ إلاّ 
أنْ تخجـلَ مِـنْ هذا المنظَـرْ ! 
هـل هذا غَـزَلٌ يا أغبَــرْ ؟! 
** 
قُلتُ لكـم . 
أَعـذَرَ مَـنْ أَنـذَرْ . 
هـذا ما عِنـدي .. 
عَقْـرَبـةٌ 
تُلهمُـني شِعـري .. لا عبقَـرْ! 
مُـرٌّ بدمـي طَعْـمُ الدُّنيـا 
مُـرٌّ بفَمـي حتّى السُّكّـرْ ! 
لَسـتُ أرى إلاّ ما يُحـذَرْ . 
عَيْنـايَ صـدى ما في نَفْسـي 
وبِنَفسـي قَهْـرٌ لا يُقهَـرْ . 
كيفَ أُحـرِّرُ ما في نفسـي 
وأَنـا نفسـي .. لم أَتحَـرّرْ ؟!
من ديوان الشاعر أحمد مطر