هابيل سانيتيش رواية ميكال أونامونو ـــ خالد أبو خالد
[align=center][table1="width:100%;"][cell="filter:;"][align=justify]إذا كان الأدب الأوروبي في القرن الماضي قد اهتم بتتبع وتحليل قيمتي الخير، والشر في الإنسان، من خلال الأعمال الأدبية في حقلي الشعر والمسرحية على وجه الخصوص، فإنه فعل ذلك تأسيساً على نوع من الفكر المثالي الذي يرى في الشيطان حضوراً دائماً في النفس الإنسانية كما في مسرحية د.فاوست للشاعر الألماني غوته، أو كما في قصيدة الفردوس المفقود لملتون... والتي كتبها في القرن السابع عشر...
ففي الدكتور فاوست، يعالج غوته قصة الساحر الذي باع نفسه للشيطان، مؤسساً هذه القصة على "التاريخ الأسطوري للدكتور فاوست، التي كتبها الأديب الإنجليزي كريستوفر مارلو عام 1588، ميلادية... أما قصيدة ملتون، فهي مؤسسة على موضوعة الشيطان، كعدو لله وعدو للإنسانية، ولقد تطور تناول هذه الموضوعة من أديب لآخر، وتنوع لكنه ظل يواصل امتداداته في الأدب الأوروبي الحديث كما في رواية "هابيل سانتشيش" للكاتب الإسباني ميكال دي أونامونو.
* ترجم هذه الرواية علي جابر، وأصدرتها وزارة الثقافة في سورية، وتقع في مئة وتسعة وخمسين صفحة من القطع الكبير.
* ولد ميكال دي أونامونو، الدون كيخوتي، كما دعاه "أنطونيو ماخادو"عام 1864 في مدينة........ وتوفي عام 1937، في مدينة سلامانكا، وفي هذه المدينة القشتالية قضى معظم حياته الخصبة كأستاذ للغة اليونانية، وعميد لجامعة المدينة.. وكان يعد محيطاً بمختلف المجالات كالشعر، والمسرح والقصة، والرواية، والدراسة، والفلسفة، تاركاً في كل منها بصمات شخصية، وقد نقلت مؤلفاته كلُها تقريباً إلى العديد من اللغات...
* في المقدمة التي وضعها المؤلف، لروايته هذه، قال: "لأني هنا، في بلاد الباسك، التي عدت إليها، بعد غيبة دامت أربعة وثلاثين عاماً شعرت وكأني أستعيد طفولتي".
* وإذا كان الحسد هو الموضوع الذي ارتكزت إليه الرواية، فإن الحسد هنا تجسيد للغواية الشيطانية، التي جعلت قابيل يقتل أخاه هابيل منذ الحادثة الأولى، إلى الحادثة الأخيرة التي تحدث عنها "أونامونو" في روايته، والتي تتلخص في عبارة مركزة على حد تعبير الكاتب بأن الرواية إنما هي "تاريخ انفعالات".
* فحين وافت المنية إحدى الشخصيات الرئيسية للرواية وجد بين أوراقه نوع من المذكرات، كان قد دونها حول انفعالات غامضة ظلت تتأكله طيلة حياته، وكان بين هذه المذكرات نتف مما أسماه الكاتب "اعترافات" تعتبر بمثابة تعليقات حول نفس هذه الشخصية وآلامها... تلك التعليقات الموضوعة بين أقواس، وموجهة لابنته... أما هذه الشخصية فهي الدكتور الطبيب. "واكيم مونيجرو".
* الشخصية الثانية هي هابيل الفنان الطيب صديق الطبيب الذي تربطه به علاقة من نوع خاص، وثمة شخصيتان نسائيتان. إحداهما شريرة أيضاً ولكنها متزوجة من الفنان، أما الثانية، فطبيبة متزوجة من الشرير.
* في هذه اللوحة التي تؤسس نفسها على نوع من المفارقة في العلاقات والمصائر، يروي الكاتب رواية، بأسلوب أقرب إلى أساليب الحكاية الشعبية البسيطة، ذاب الطابع الساذج.. وذلك بهدف تقريب الحكاية للمتلقي، بعيداً عن الأسلوب الفخم الذي اتسمت به أشعار ومسرحيات القرن السابق على صدور الرواية التي صدرت في طبعتها الثانية. عام 1928.
* فالعلاقات التي يتتبعها الكاتب في هذا العمل، تأخذ طابع المماحكة، والتزييف، وتراوح بينهما أو تجمعهما معاً في إطار واحد، وصولاً إلى القتل الذي يحدث بفعل عاملين، الأول المرض الذي يأخذ صيغة الذبحة القلبية، والقتل العمد، في تداخل لا يعتمد الصدفة، حيث تتكرر الحادثة الأولى، فيقتل الدكتور واكيم صديقه هابيل.. لكنه في النهاية يطلب الغفران...
* إن الفرق هنا، في التعامل مع ظاهرتي الخير والشر، في هذه الرواية، والأعمال التي سبقتها في الأدب الأوروبي، هو أن الكاتب استطاع أن ينذر بأجواء الحرب الأهلية الإسبانية التي أخذت ترهص بحضورها، قبل انفجارها بسنوات.. وأنه أراد أن يرفع الصوت من خلال عمل روائي بضرورة تجنب الشر الكامن في حياة الإنسان الواقعي في إسبانيا، بمعنى أن الكاتب في روايته هذه قدحدد موقفه من القتل، ودانه إدانة كاملة.
* جدير بالذكر أن للكاتب أعمالاً هامة.. هي "دون كيخوتي وسانشو...". وثلاث روايات ومقدمة تحت العناوين التالية: "الضباب، الخالة تولا، الحب وعلم التربية، مرآة الموت، القديس مانويل الطيب، الشهيد وتواريخ ثلاثة. الفارس ذو الهيئة الحزينة، ومختارات شعرية...". بالإضافة إلى عدد من الدراسات والمقالات الفلسفية والسياسية.. [/align][/cell][/table1][/align]
نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)
|