النشر الالكتروني.. ولكن!!..
[align=justify]
من منا لايسكنه الحلم ويتمنى أن نواكب التقانات التي تسير بسرعة فائقة؟؟ ومن منا لايزداد رغبة وشوقاً لأن ينتشر الكتاب في كل مكان، وأن تصير الكلمة صديقة ورفيقة وصاحبة الجميع، أكانت في كتاب أو صحيفة أو مجلة، أو حتى مطلة من شاشة التلفاز مع صورة مناسبة؟؟ لكن هل وصلنا حقاً إلى الطموح بالانتقال إلى الكتاب الالكتروني كما يرى رئيس تحرير مجلة العربي المعروفة؟؟..
في الانتقال إلى قرن جديد، وألفية جديدة، وتطور مذهل جديد، لاننكر إذا أردنا النظر إلى الأشياء بموضوعية وهدوء وروية، أن العلم يقفز قفزاً، وأن الصور تتلاحق بشكل يبهر العين، وعلى أساسه، يأتي نشر الكتاب الكترونياً، ضرورة ملحة تقتضيها الحاجة، ويفرضها التطور الحاصل، شئنا أم أبينا.. لكن أليس من الواجب أن نقيس المسافة بيننا وبين مثل هذا النمط من النشر، والذي يعني أول مايعني، التخلي عن الورق والحبر والمطبعة وما إلى ذلك؟؟ ألا ننظر بعين مفتوحة أولا إلى حجم وكم الأمية في الوطن العربي؟؟ وأقصد هنا الأمية بمعناها البسيط، الذي يعني الإنسان الذي لايقرأ ولايكتب.. ولاأقصد بطبيعة الحال الأمية المركبة التي يتطلب محوها معرفة الحاسب والانترنت والتعامل معهما بيسر وسهولة وبساطة؟؟
هل نريد القفز دفعة واحدة للوصول إلى القمة؟ أم أن علينا وعي وفهم ومعرفة ألفباء كل مايدور حولنا، معرفة اكتشاف، ثم معرفة علم، وبعدها معرفة إتقان ودراية ومهارة وتمكن.. ولايظن، لاسمح الله، أنني أدعو إلى التراخي والإحباط والاستكانة، وترك كل هذه التقانات، لمجرد أنها متطورة كل هذا التطور، ولمجرد أن الأمية عندنا كبيرة. إذ من غير المعقول أن نقف متفرجين في عصر يكاد يسابق نفسه.. ومن غير المعقول الاستهانة بالعقل العربي الذي استطاع أن يواكب التقانة الحديثة وأن يسجل فيها وفي عالمها بصمة.. لكن من غير المعقول أيضاً أن نقفز في الهواء متناسين واقعنا؟؟.. فما الحل؟؟.
لست أهلاً لوضع حلول، إذ أن الأمر أكبر من فرد وأعمق من أن يقول كلمة الفصل فيه إنسان واحد مهما بلغت قدراته.. وظني أن الحوار بين أهل الخبرة في هذا المجال، هو الخطوة الأولى الواجب وضعها للسير إلى الأمام، إذ يفترض أن نسير في طريقين معاً، الطريق الأول يدفع الإنسان العربي ويعلمه ويعطيه من منابع التقانة مايعطيه… والطريق الثاني يواكب عصرنة التقانة ولايسمح لها بأن تتجاوزنا بمراحل عديدة، وهذا الطريق له أهل الخبرة ممن أثبتوا عالمياً أنهم لايقلون عن أمثالهم في الغرب.. فالعقل العربي يستطيع الآن أن يقدم كل شيء بمهارة وتفوق.. لكن ألا يقول قائل، أو ألا يسأل سائل ولماذا لانتطور ثم نتابع؟؟
الإجابة في غاية البساطة، وعلينا أن نتنبه لها ونعيها، إذ أن بناء المعرفة كجانب أحادي، يعني أن التقانة في تطورها المذهل ستبقى أمامنا، وبوضوح أكثر، سنبقى لاهثين خلف مايحدث من تطور علمي.. والمسافة ستزداد مع الأيام بدل أن تقل، لأن تسارع التقدم العلمي كبير وخطير.. ولسنا وحدنا في مجال التعلم والمواكبة في آن، إذ يفترض في كل أمة أن تفعل ذلك، حتى لاتكسر التوازن، وحتى لاتترك في الخلف.. ويقيني راسخ أننا قادرون على تبني الطريقين معاً، طريق التعلم من جهة، وطريق المواكبة من جهة ثانية، وبهما معاً نستطيع أن نتفوق على تسارع الزمن، هذا التسارع المرعب المخيف..
كما قلت لاأقدم حلاً، ولاأستطيع.. إنه مجرد مساهمة في الحوار ليس إلا، الحوار الذي يتطلب جهوداً وتضافراً يشكل وضع لبنة في طريق الحل، إذ أن إيجاد الحلول في مسائل كبيرة يجب أن يكون مسكوناً بالاندفاع الجدي نحو العمل، هذا من جهة، ومن جهة ثانية يتطلب تضافر جهود أهل الخبرة والاختصاص، وإلا ضعنا وتهنا وأخذنا في الدوران حول أمور ثانوية صغيرة، دون أن نصل إلى أي شيء.
أعود إلى النشر الالكتروني، وأخص الكتاب والصحيفة، لأرى أن الأمر مازال قيد أخذ ورد في الغرب، فالناس هناك لم يتعودوا بعد على الكتاب الالكتروني أو المجلة الالكترونية، ولم يقطعوا كل المراحل، ليطالعوا الصحف التي يرغبون بمطالعتها على شبكة الانترنت دون العودة إلى الورق.. لكن هذا لايعني، أن الكتاب الالكتروني، قد طوي أمره، وأن النشر الالكتروني ماعاد في البال، إذ من المحال أن نقول بأن الزمن سيعود إلى الوراء، وأن التطور سيقدم أوراق استقالته.. الأمر محسوم، وعلينا أن نعي أبعاده وأن نستوعب نواحيه منذ الآن..
لنفتح باب الحوار واسعاً قدر المستطاع، لكن علينا الانتباه أن مثل هذا الحوار لايقبل إلقاء الكلام على عواهنه ولايقبل المهاترات وماشابه.. إنه حوار يريد أن يبني حاضراً ومستقبلاً، وماأصعب بناء الحاضر والمستقبل، إذا أردنا أن نواكب التقدم العلمي بجدارة.. وحين توجد الإرادة، فلاشيء مستحيل..
[/align]
نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)
|