المدير العام وعميد نور الأدب- شاعر أديب وقاص وناقد وصحفي
ترهل القصة القصيرة جدا
[align=justify]
ليس جديدا القول ، بالنسبة لي على الأقل ، أن جنس القصة القصيرة جدا ، وبما يعني افتراقا حادا ونهائيا عن جنس القصة القصيرة ، أنّ ما أصاب قصيدة النثر من جهة، ونمطية قصيدة التفعيلة من جهة ثانية، قد اعتور الفن كجنس وحوّله إلى مطية سهلة ، يستطيع من شاء ركوب ظهرها والسير بها إلى الأمام أو الوراء فالأمر سواء !!.. وعتبي الشديد على الصديقين أحمد جاسم الحسين ويوسف حطيني اللذين فتحا الباب عريضا واسعا لدخول من يملك أو لا يملك الموهبة" لبيت "هذا الجنس اللطيف !!.. وظنهما أنهما بذلك يعطيان الحق لمن حرمه !!.. وليتهما لم يفعلا ابتداء من المهرجان-أو الملتقى- الأول وحتى المهرجان الذي يأتي ربما بعد ما شاء الله من سنوات !!..
والمشكلة التي لم يجد كلاهما لها حلا أو ربطا !!.. أنهما خلطا الحابل بالنابل حين وضعا ما خطر على بال كل واحد منهما من أركان وتقنيات وخصائص وهموم أيضا.. وعندما جاء ثانيهما أقصد الصديق يوسف حطيني ليكحلها ما استطاع إلا أن يعميها .. وأرجو من صديقيّ الحسين وحطيني أن يتسع صدرهما وأن يحسنا الظن في أننا نريد أن نبني لا أن نهدم .. فيوسف حطيني يورد في كتابه " القصة القصيرة جدا بين النظرية والتطبيق " أنه يريد أن يصوب ويصحح ما وقع فيه صديقه أحمد جاسم الحسين من أخطاء في كتابه الرائد " القصة القصيرة جدا " والذي وجد فيه الباحث محمد توفيق الصواف في كتابه " القارئ ناقدا" مادة تصلح للتندر أكثر مما تصلح للدراسة !!.. وأعود إلى صديقنا يوسف حطيني لأجده يقول في كتابه :" أنا افترض ، في مرحلة المخاض التي ما تزال تعيشها – يقصد القصة القصيرة جدا - أن يمر كاتبها بمرحلة كتابة القصة القصيرة كتمرين على السرد لأن ما أنتج حتى الآن لا يمكن أن يثقف الكاتب الثقافة الكافية لكي يكون بارعا في هذا الفن الجديد" أهذا معقول يا صديقي يوسف !!.. تريد من كاتب القصة القصيرة جدا أن يتمرن – وبماذا – بكتابة القصة القصيرة ؟؟.. ثم من قال لك ، ومن أخبرك أن هذا الفن مازال في مرحلة المخاض ؟؟.. يا صديقي عمر القصة القصيرة جدا صار أكثر من خمسة وثلاثين عاما على أقل تقدير .. فهل سيكون المخاض على طول الخط ؟؟.. وهل من المنطق أن نتمرن من خلال كتابة القصة القصيرة ؟؟!!..
وأيضا يعتبر صديقنا حطيني أن الوقت مازال مبكرا عن ضبطها من خلال مقياس نقدي صارم !!.. أعتقد يا صديقي أن علينا أن ننتظر أعمارا وأعمارا كي نطرح ما نريد !!. وفي كل الأحوال فالكاتب يختصر لنا عناصر القصة القصيرة جدا – وهو محق هنا بالاكتفاء بالعناصر دون حاجة إلى تفريعات لا معنى لها – بالحكائية والوحدة / الحبكة والعقدة بشكل خاص / والتكثيف والمفارقة ثم فعلية الجملة .. ويختم الكاتب يوسف حطيني بحثه هذا وعنوانه " نظرية القصة القصيرة جدا " بالقول :" من هنا نرى أن القصة القصيرة جدا لها أركانها وتقنياتها ، ولها موضوعاتها الكبيرة، وهي يمكن أن تؤثر مثل أي نوع أدبي آخر ، إذا كتبها كتاب قادرون على رفع شأنها " وظني أن كتاب حطيني كله يقوم على هذا الفصل " نظرية القصة القصيرة جدا " ويمتد على مدار الصفحات 25-52 من الكتاب الذي يقع في 168 صفحة أي أنه يختصر ما يريد قوله بأقل من ثلاثين صفحة .. ولا يبتعد كثيرا عما جاء به احمد جاسم الحسين من قبل في كتابه القصة القصيرة جدا " الصادر عام 1997 وكتاب حطيني صادر في العام 2004 .. وهناك كتب في هذا المجال منها " فن القصة القصيرة /مقاربات أولى " لمحمد محيي الدين مينو وصدر عام 2000 وكتاب "إضاءات نقدية في القصة القصيرة جدا / 1997- 2003" لسليم عباسي وصدر في العام 2004 .. ولست أدري إن كان هناك كتب أخرى في الوطن العربي .. وكنت أتمنى على الكتاب المشكورة جهودهم أن يبتعدوا عن الخلط وأن يؤرخوا لهذا الجنس أو الفن بشكل صحيح ، وأن يدرسوا طول القصة – وكنت قد رأيت ألا يكون عدد كلماتها أكثر من مائة كلمة في دراسة سابقة لي - وإدهاشها وما إلى ذلك بشكل أوسع .. وليت هؤلاء استفادوا حقا مما كتبه الدكتور سمر روحي الفيصل الذي أسس ووضع ودرس قبلهم لهذا الفن وبكثير من التوسع منذ العام 1991 .. وقد اختصر الدكتور سمر روحي الفيصل ما دار بعده البقية بكثير من التخبط الذي لا يجدي فقال منذ العام 1991 :" أجد أنّ التركيز والتكثيف والإيجاز والصور السريعة والإيحاء والإدهاش ، والاختيار الذكي الثر للمقدمة والنهاية ، من أهم صفات القصة القصيرة جداً . وظني أنّ الوصف يجب أن يكون مختصراً أشدّ الاختصار، وأنّ الشخصيات يجب أن تحضر بكثافة وقوة ، وأنّ الحدث يجب أن يكون متحركا غنيا نابضاً على الأغلب . وفي كلّ الأحوال ، على القصة القصيرة جداً أن تترك أثراً ودهشة ومغزى ورعشة إعجاب ..".. هل نجد فيما يورده من أتى بعد سمر روحي الفيصل أكثر مما أورد أو أوضح ؟؟..
كان الأولى بمن جاء بعده من كتاب أن يضعوا حدودا تمنع الترهل في القصة القصيرة جدا التي يمتد عمرها منذ العام 1970 ..وعليّ الإشارة هنا إلى أن من كتبوا القصة القصيرة جدا أولا ، أي إذا رضينا باعتبارهم جيل الرواد ، كانوا أقدر على كتابة هذا النوع وأكثر دراية بخباياه وجمالياته .. منهم : محمود علي السعيد ، ، محمد توفيق السهلي ، محمد أكرم مباركة ، محمد توفيق الصواف ، حنان درويش، طلعت سقيرق ، حسن حميد ، جمال جنيد ، وليد معماري ، زكريا تامر، دلال حاتم ، محمد قرانيا ، محمود شقير ، عبد الله أبو هيف ، محمود موعد ، حسين المناصرة، حكيمة الحربي ، اسكندر نعمة، ، عوض سعود عوض ، جبير المليحان ، فهد العتيق ، عارف العضيله ، نبيل جديد ، نضال الصالح ،عدنان كنفاني، نجيب كيالي ، ضياء قصبجي ، محمد ابراهيم الحاج صالح.. وهذا جزء من كلّ ، مما يعني أنّ القصة القصيرة جداً قد توافر لها عدد كبير من الكتاب الذين أعطوها جهدا لا يستهان به.. بينما كان الجيل اللاحق – كتابة - ضعيف الجملة والحكاية والقدرة على بناء قصة جميلة .. وكثير منهم خلطوا بين القصة والخاطرة بشكل مضحك .. ونماذج الملتقيات حافلة بما هب ودب من نماذج سيئة في أكثرها !!..
[/align]