المناضله نسيبة بنت كعب /وائل المهدي
في القرن العشرين وما بعده نشاهد في الفضائيات وعلي صفحات الجرائد بعض النساء المطالبين والداعين لتحرير المرأه ويدعون بأن الاسلام هو سبب تخلف المرأه وهو سبب سجن المرأه في منزلها وكل ذلك يحدث في مؤتمرات وندوات في فنادق خمسه نجوم وفي استديوهات مكيفه وكل ما يتحدثون فيه ينم عن جهلهم بالمرأه المسلمه وبالثقافه الاسلاميه ويجهلون القيادات النسائيه المناضله في صدر الاسلام وعلي عهد سيدنا محمد صلي الله عليه وسلم ولو هؤلاء النسوه العصريات كلفن أنفسهن عناء البحث والتنقيب في مناقب الصحابيات الجليلات لوجدن أنفسهن في حاجه للرجوع لزمن النبوه وللحياه الاسلاميه ويكفيهم معرفه ودارسه المجاهده الصحابيه نسيبه بنت كعب لكي يتعرفوا علي المرأه المسلمه الحقيقيه فهي قمه من قمم الجبال الشاهقه وهي شرف لكل امرأه في العالم الحر فهي زوجه مؤمنه ناجحه وأم عظيمه ومجاهده في سبيل الله .
هي نسيبة بنت كعب بن عمرو بن عوف بن مبذول بن عمرو بن غنم بن مازن ابن النجار، وهي أنصارية من بني مازن، وكنيتها أم عمارة وتزوجتْ من زيد بن عاصم النجارى فولدتْ له عبدالله وحبيبًا، اللذين صحبا النبي (، ثم تزوجت بعده غزية بن عمرو من بنى النجار، فولدت له تميمًا وخولة. وقد شهد معها ومع ابنيها من زوجها الأول أُحُدًا.
وهي من الأوائل ممن دخلن في الاسلام في المدينه عندما قدم الصحابي مصعب بن عمير رضي الله عنه للدعوه لدين الله فكانت أول من أسلم واستجاب لدعوه مصعب بن عمير.
في بيعة العقبة الثانية، كانت أم عمارة ممن بايعن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- ذكر ابن إسحاق أنه كان في بيعة العقبة الثانية اثنان وسبعون رجلاً وامرأتان، فيزعمون أن امرأتين قد بايعتا رسول الله- صلى الله عليه وسلم- وكان لا يُصافح النساء، والمرأتان هما من بني مازن بن النجار نسيبة وأختها، ولقد كان انتصارًا للدعوة الإسلامية أن تدخلها المرأة، وأن تقف مع الرجل في ميدان الجهاد في صف واحد، وتبايع وتقسم على التضحية في سبيل العقيدة، وفي هذا القسم العظيم ما فيه من تضحيات جسام أهونها الوقوف في وجه العشيرة، والنضال المستمر حتى يتم نصر الله.
وعرفت نسيبة بنت كعب- كما عرف المسلمون العائدون معها إلى ديارهم- أن دورهم بعد بيعة العقبة الثانية إنما هو دور إعداد ودراسة وتفقه في الدين والعمل على نشره و أما التفقه في الدين، فقد بدا في الإقبال على سماع مصعب بن عمير الذي أرسله محمد عليه الصلاة والسلام إلى يثرب ليُعلِّم المسلمين فيها أصول دينهم، أما العمل على نشره فكانت الدعوة إليه في السر وفي العلن وكانت نسيبة تحافظ على حضور الجماعة مع النبي (؛ كبقية النساء آنذاك، فتسمع منه الدروس وتتعلم أدب الإسلام.
قال البلاذري (صاحب كتاب فتوح البلدان): شهدت نسيبة يوم أحد وزوجها وابناها وخرجت معهم بشن لها (قربة ماء) تسقى الجرحى، فقاتلت وجرحت اثني عشر بسيف ورمية، وكانت أول النهار تسقي المسلمين والدولة لهم، ثم قاتلت حين كرَّ المشركون، وانحازت إلى رسول الله- صلى الله عليه وسلم- وباشرت القتال، وجعلت تذب عنه بالسيف وترمى عنه بالقوس، ولما قصد ابن قمئة رسول الله- صلى الله عليه وسلم- اعترضت له ومصعب بن عمير، وضربت ابن قمئة ضربات، ولكن عدو الله كان عليه درعان، وضربها بالسيف فجرحها جرحًا عظيمًا صار له فيما بعد غور فقال رسول الله- صلى الله عليه وسلم- "لمقام نسيبة بنت كعب اليوم خير من مقام فلان وفلان، ما التفت يمينًا أو شمالاً إلا وأنا أراها تقاتل دوني"، وقال لابنها عبد الله بن زيد بن عاصم: "بارك الله تعالى عليكم أهل بيت، مقام أمكم خير من مقام فلان وفلان، ومقام زوج أمك خير من مقام فلان وفلان رحمكم الله أهل بيت"، قالت أم عمارة: ادع الله تعالى أن نرافقك في الجنة، فقال: "اللهم اجعلهم رفقائي في الجنة"، فقالت: "ما أبالي ما أصابني من أمر الدنيا"، وبقي بلاءُ نسيبة يوم أحد ماثلاً في أذهان السابقين.
و روى ابن سعد عن موسى بن ضمرة بن سعيد عن أبيه قال: أتى عمر بن الخطاب بمروط وفيها مرط مرجل واسع، فقال بعضهم لو أرسلت به إلى زوجة عبدالله بن عمر صفية بنت أبي عبيد قال: ابعثوا به إلى مَن هو أحق به منها إلى أم عمارة نسيبة بنت كعب، فإني سمعت رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يقول: "ما التفت يمينًا ولا شمالاً يوم أحد إلا رأيتها تقاتل دوني"، وتُعقب إحدى الباحثات على غزوة أحد بقولها: ورأى عليه الصلاة والسلام المرأةَ التي بايعته في العقبة على السمع والطاعة.. رآها في موضع الوفاء بالعهد، وقد تصدت للدفاع عنه في حين فرَّ الرجال و رآها- صلى الله عليه وسلم- ولا ترس معها يحميها من وقع السيوف وتكاثر السهام وهي ثابتة مستهينة بالحياة.. ورأى- صلى الله عليه وسلم- في ذات المكان رجلاً موليًا وفي يده ترسه فناداه: "أن ألقِ ترسك لمَن يُقاتل"، ورمى الرجل الهارب ترسه.. وأسرعت نسيبة إليه فالتقطته في سرعة وعادت إلى مكانها.
ورأى الرسول- صلى الله عليه وسلم- ابنها والدم يسيل من عضده الأيسر فناداه- صلى الله عليه وسلم- فقال: "اعصب جرحك".. فتنبهت إلى ابنها، وأقبلت عليه ومعها عصائب حقويها قد أعدتها للجراح، فربطت جرحه والنبي- صلى الله عليه وسلم- ينظر ثم قالت لابنها: "يا بني انهض فضارب القوم فجعل النبي- صلى الله عليه وسلم- يقول: "مَن يُطيق ما تطيقين يا أم عمارة؟!"، ثم أقبل الرجل الذي ضرب ابنها فقال رسول الله- صلى الله عليه وسلم- هذا ضارب ابنك فقالت: فاعترضته فضربتُ ساقه فبرك فعلوته بالسيف وعاونني ابني حتى أوردته الموت، فقال النبي- صلى الله عليه وسلم-: "استقدت يا أم عمارة؟، الحمد لله الذي أظفرك وأقرَّ عينك من عدوك وأراك ثأرك بعينيك"، وظلت تُدافع عن الرسول- صلى الله عليه وسلم- إلى آخر النهار حتى هدأ النقع الثائر، وبدأ المسلمون يستردون روعهم.
و شهدت نسيبة بنت كعب (أم عمارة) موقعة اليمامة، وهي تترصد وتتربص بمسيلمة الكذاب لتأخذ بثأر ابنها حبيب، وكان معها ابنها الثاني عبد الله الذي اشترك في قتل مسيلمة وقطعت ذراع نسيبة في هذه المعركة، وذكر الواقدي أن نسيبة بنت كعب (أم عمارة) لما بلغها قتل ابنها حبيب- عاهدت الله أن تموت دون مسيلمة أو تقتله .
تلك هي المسلمة المجاهدة الداعية المربية، التي تعدُّ الأبطال، وتربى الرجال، التي لا تعبأ بما يصيبها فى الدنيا، بعد أن دعا لها النبي ( برفقته فى الجنة، فكانت فى طليعة المؤمنات الصادقات، ورصَّعَتْ تاريخها على جبين التاريخ لتكون نموذجًا يُحتذي.
نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)
|