حوار مع الأديب الفلسطيني طلعت سقيرق
[align=justify]
حوار مع الأديب الفلسطيني طلعت سقيرق
حاورته : رانيا مأمون / السودان
مع نسمات كل صباح جديد يرحل روحاً وفكراً وحساً إلى وطنه ، وطنه الذي يسكنه ويملؤه عشقه ويشكله حنينه إليه .. يعيش خارجه ولكنه يزوره بروحه كل يوم ويتجول هادئاً في حواري "حيفــا" وشوارعها وأزقتها ويعيش لحظات انتمائه إلى هذه المدينة التي نبتت جذوره منها ..
قامة أدبية ممتشقة منتصبة من ذاك الوطن الذي يجتمع ويتفق على حبه كل العرب؛ هم الذين لم يتفقوا على شيء من قبل..
من أرض "حيفا" خرج وفى سماء "دمشق" يضيء نجمه الأدبي وفى كل العواصم العربية تُقرأ مطبوعاته ..
لم يتنصل من مسئولياته تجاه وطنه السليب فكان له موقع كبير على خارطته الإبداعية الوارفة؛ فله شعر وقصّ وروي وبحث.. مهموم به حد القلق فكتب ومازال وسيظل يكتب عنه- وطنه ..
ندنو منه؛ نسمعه؛ نحاوره؛ نتعرف ويتعرف القارئ السوداني على بعض أغصان شجرته الظليلة – انه الأديب الفلسطيني طلعت سقيرق..
بين صفحات سيرته الذاتية نقرأ : فلسطيني من مدينة حيفا ...ولد في طرابلس لبنان يوم 18 آذار 1953م، نشأ منذ الطفولة في دمشق وفيها تلقى علومه حتى نهاية الثانوية، حيث درس بعدها في جامعة دمشق وحاز على الإجازة في الأدب العربي عام 1979 ...
من صفحة العمل نعرف أنه: عمل في الصحافة/ومازال/منذ العام 1976.. فهو المسؤول الثقافي في مجلة (صوت فلسطين) منذ العام1979.. ومدير مكتب/سورية ولبنان/ لجريدة (شبابيك) الأسبوعية التي صدرت في مالطا منذ العام 1997م ثم مستشار التحرير فيها حتى توقفها عن الصدور.. ومدير دار (المقدسية) للطباعة والنشر والتوزيع في سورية حتى العام 2001م.. صاحب ورئيس تحرير مجلة (المسبار).. رئيس رابطة المسبار للإبداع العربي ...صاحب دار المسبار للطباعة والنشر والتوزيع.
على صفحة إنتاجه المطبوع نقرأ : توزعت كتاباته بين الشعر والقصة والرواية ، والقصة القصيرة جدا، والنقد الأدبي، كما كتب المسرحية ذات الفصل الواحد، وقد قدم بعضها على خشبات المسرح، وكتب الأغنية الشعبية التي غنتها فرق كثيرة وقدمت في الإذاعة والتلفزة في عدة دول عربية..
كتب في الكثير من الصحف والمجلات العربية.. كما أذيعت بعض أعماله الشعرية والنقدية من عدة إذاعات.. تناول النقد أعماله الإبداعية في الكثير من الصحف والمجلات والإذاعة والتلفزة العربية.
*عضو اتحاد الكتاب والصحفيين الفلسطينيين
*عضو اتحاد الصحفيين في سورية
*عضو اتحاد الكتاب العرب
*عضو رابطة الأدب الحديث/ مصر
* ترجمت بعض أشعاره وقصصه إلى الإنكليزية
* حائز على جائزة تحية لأطفال الانتفاضة - وزارة الثقافة في سورية..
· من أعماله المطبوعة :
في الشعر :
· ((لحن على أوتار الهوى)) 1974..
· ((في أجمل عام)) 1975..
· ((أحلى فصول العشق)) 1976..
· ((سفر)) قصيدة طويلة 1977..
· ((لوحة أولى للحب)) 1980..
· ((هذا الفلسطيني فاشهد)) 1986
· (( أنت الفلسطيني أنت)) 1987
· ((أغنيات فلسطينية)) شعر محكي/1993
· .. ((قمر على قيثارتي)) 1993
· ((ومضات)) شعر/بطاقات ديوان مفتوح زمنيا ـ صدرت منه بطاقات متفرقة في الأعوام 1996، 1997، 1998 ،19999 ،2000
· ((طائر الليلك المستحيل)) دار الفرقد/ دمشق 1998
· ..((القصيدة الصوفية)) 1999
· " خذي دحرجات الغيوم " / وزارة الثقافة 2002
· (( بستان الروح )) شعر /2003
في الرواية :
· ((أشباح في ذاكرة غائمة)) 1979
· ((أحاديث الولد مسعود)) 1984
في القصة القصيرة :
· (( الأشرعة )) اتحاد الكتاب العرب بدمشق/1996
· ((احتمالات)) اتحاد الكتاب العرب 1998..
· ((الريشة والحلم )) اتحاد الكتاب العرب / 2001..
في القصة القصيرة جدا :
· ((الخيمة)) 1987..
· ((السكين)) 1987
ببلوغرافيا :
· " دليل كتاب فلسطين " دار الفرقد 1998
دراسات وبحوث :
· ((الشعر الفلسطيني المقاوم في جيله الثاني)) ..طبع عدة مرات في الوطن المحتل 1993 ...
· ((عشرون قمراً للوطن)) دار النمير- دمشق 1996
· ((الانتفاضة في شعر الوطن المحتل )) دار الجليل /1999
نصوص :
· .. (( زمن البوح الجميل )) / مشترك مع ليلى مقدسي/1999....
· ..(( إشارات )) زوايا ومقالات / دمشق 2002
· إذا كسرنا صفة الأديب التي تسبق اسمك عادة؛ لوجدناها تتفتت إلى عدة صفات بعد أن اجتمعن فيها، فنجدك تتوزع بين شاعر وقاص وروائي وناقد وكاتب مسرحي وصحفي .. كيف لك أن تصب النص في قالبه دون أن يؤثر عليه الآخر، بمعنى كيف تتحكم في نظم القصيدة دون أن يلقي القاص فيك أو الروائي بظلاله عليها مثلاً ..؟؟
· يصعب يا صديقتي تفسير مثل هذه الآلية الإبداعية .. تعرفين يا رانيا أن الإبداع عملية شديدة التركيب والتعقيد ..عندما يأتي الشاعر ويأخذ في الكتابة يكون القاص غائبا وكذا الروائي وسواه .. أعيش حالة الشعر بتمامها وكمالها وكل رونقها .. كذلك عندما يريد القاص كتابة القصة .. هناك شيء داخلي يحدث وهو يستطيع أن يفصل ويرتب ويضع حواجز فاصلة .. أحيانا تطغى ملكة الشاعر فتؤثر على بنية القاص وجملته وصورته ، فنقول القاص الفلاني يكتب بأسلوب شاعري ..
بشكل ما ، وإذا أردت التفصيل أجد أن التفسير يعني الإرباك ، ما أصعب أن يفسر الراقص سر رقصته المجنونة أو الموزونة لا فرق ، عند تفسيرها يقع في حالة من الضياع لأنه يضطر إلى إثارة السؤال وهو يرقص فتضيع خطواته وترتبك .. ربما هناك تعدد داخلي يستطيع أن يعطي لكل واحد من هذا التعدد الموجود داخلي وظيفته بانسجام وتلقائية رائعين ..
· هل يمكن الأخذ بأن تعدد مسارات الأديب الإبداعية يعتبر تشتتاً حيث ينعكس هذا التشتت سلباً على التجويد، عكسه إذا كان الأديب ملتزما بجنس أدبي واحد ..؟؟..
· لا طبعا .. ولا يمكن أن أعمم فأقول من يكتب عدة أنواع أفضل .. المرجعية الوحيدة هي تركيبة المبدع وصفاته وآلية البث الإبداعي عنده .. ليس هناك مبدع يشبه الآخر من حيث التوصيف للتركيبة الإبداعية .. لماذا يكون هذا أفضل من ذاك في أمر من الأمور ، ولماذا يكون شاعر ما من الشعراء متفوقا بشكل لافت ؟؟.. هل يتغير الأمر حين يصب الشاعر كل جهوده مثلا في نصه الشعري دون كتابة نوع آخر .. ربما نعم ، وربما لا .. ليس هناك أجوبة منجزة تستطيع أن تعطي توصيفا نهائيا .. منذ البداية كان المبدع خارجا عن التوصيف الناجز وما زال .. هناك موهبة كبيرة بشكل مذهل .. هناك موهبة متوسطة .. هناك موهبة أصغر .. هناك شاعر يرتبك عندما يكتب النثر .. هناك قاص لا يستطيع أن يكتب الرواية .. لا يمكن أن نفسر لماذا وكيف .. العملية كما قلت لك مركبة ومعقدة ..
· أي من هذه الأجناس الأدبية أقرب إليك حد الالتصاق .. أيها يقولك أفضل وأصدق ولمَ.؟؟؟.
· بشكل سريع يمكن أن أقول الشعر ، لأنه الأحب والأجمل والألصق بي .. الشعر يستطيع أن يفرد لي عالما كاملا من الورد لأركض في شوارعه .. لكن بشيء من الروية أرى أن كل الأجناس هي أنا .. أنت تجدين جزءا من طلعت سقيرق في هذه القصة ، تجدين جزءا آخر في هذه القصيدة .. أنا كل هذه الصفحات .. عندما أسقط جزءا فأنا ألغي جزءا من شخصيتي ، ألغي جزءا من المبدع في ّ .. عندما تتجولين في تلك الخارطة الأدبية الواسعة تعرفين الملامح الكاملة لإنسان اسمه طلعت سقيرق .. أعمالي هويتي ، فهل أستطيع حذف أي شيء من هويتي الشخصية ؟؟..
· حدثني عن الخطوات الأولى في درب الأدب وهل من عثرات كانت ..؟ ؟؟.. وأي من هذه العوالم كان مدخلاً للآخر ...؟؟؟..
· في البداية كان هناك حب ما للكلمة ، للحرف ، للجملة .. كنت أقف أمام الحروف متهيبا خائفا وعاشقا أيضا .. تبدأ الحكاية كما قلت في حوارات كثيرة مع لحظة حب ، يتحرك القلم ليقول لهذه الحبيبة إنه يحبها .. أول ما ينهض في حقل الداخل يكون شعرا أو ما يشبه الشعر .. قلت القصيدة التي ربما ذهب نهار أو نهاران وأكثر في تقريب كلماتها من بعضها البعض ، ورغم العرج الشديد في الكلمات ، كان الفرح كبيرا ، فقد صار الولد شاعرا .. وتفرح البنت ربما لأن اسمها يرد في هذه الورقة المكتوبة بخط مرتعش .. بعد حين ، وكنت أعيش في حي شعبي هو الشيخ محي الدين ، أخذت أكتب وأتجرأ فأقرأ أمام الآخرين .. كل هذه الأشياء كانت باهتة كابية لا معنى لها .. تمرين أولي على الكتابة .. عندما استوى عود الحرف بين يدي حاولت أن أنشر فكانت الصعوبات التي لا توصف .. ديواني الأول " لحن على أوتار الهوى " طبعته على حساب الأصدقاء ومنهم من باع دراجته كي يساهم في هذا العمل الخارق ، طبعا حسب ظننا يومها .. فليس سهلا أن يطبع الشاب كتابا هكذا دفعة واحدة .. ربما من حسن حظي أن أخوالي توزعوا بين الشعر والصحافة والكتابة ، فلم يكن الأمر شديد الصعوبة من جهة النشر في الصحف .. ثم ساعدني عملي في الصحافة - وأنا على مقاعد الدراسة في الجامعة ما أزال - على النشر ... العمل الصحفي يجعلنا أقرب إلى النشر والانتشار .. قد يجد من لا يعمل في الصحافة صعوبة البدايات هذه حقيقة ، لكن يختلف الأمر بالنسبة لنا ..
· هل لك طقوس في الكتابة .. أيختلف لديك طقس كتابة جنس أدبي عن الآخر..؟
· لا أظن أن لدي طقوسا خاصة في الكتابة يمكن أن تشكل شيئا مغايرا أو مفصلا .. أيضا أعود إلى طبيعة العمل الصحفي ، فالصحفي يكتب في كل وقت وفي أي مكان هكذا تتطلب الصحافة، هكذا يتطلب العمل الصحفي ، ضرورات المهنة كمهنة ، قد يقال لي هناك عمود فارغ ولا يوجد سواك من المحررين والصحيفة اليومية لا تنتظر ، علي أن أكتب هذا العمود ، لا مجال للانتظار .. أنتقل إلى الإبداع لأجد أن هناك درجات في الحضور والغياب أمام كل جنس أدبي .. أمام الشعر أحس أنني غائب تماما .. أمام القصة يقل الذهاب ، ويقل اكثر أمام المقالة .. الإبداع هو الذي يوزعني ويشتتني ، يفرقني ويجمعني .. قد تكون الموسيقى حاضرة لتشكل نوعا من طقس ، لكن عندما أستغرق أنساها تماما .. قد يشكل النور ولونه طقسا ، أيضا أنساه .. وهكذا .. قد آخذ في الدوران مثل محموم .. قد انظر إلى الأشياء دون أن أراها .. وحين تأتي القصيدة أو القصة أشعر بالسعادة أحيانا وبالحزن الشديد في أحيان أخرى ..الكتابة وفصولها في المجال الإبداعي تسرقني من كل شيء حتى من الاحتفاء بأي طقس .. في بعض الأحيان وعندما اكتب تكون الكلمات في دورانها المحموم في الرأس أسرع كثيرا من قدرتي على كتابتها فأجدها حين أنتهي ناقصة غير مكتوبة على الورق ..
· قل لي عن فلسطين داخلك ..
· فلسطين يا رانيا هي ملامحي وصورتي وصوتي ونبض القلب .. فلسطين حبيبة تشكلت لتكون حبيبة رائعة دائمة الحضور .. هي في الكتابة ، في الحبر، في القصيدة ، في القصة .. البعيد عن الوطن والمحروم منه ، يحبه أشد واكثر وبصوت أعلى .. حكايات الأهل تصبح منذ البداية جرسا ً يدق في كل ثانية كي يفتح العين على فلسطين .. هذه الحكايات تأخذ شكل التذكر والتذكر يعمق اللون ويعتقه ويقويه .. مع الوقت تصبح فلسطين حلما وواقعا معا .. تصبح خليطا مدهشا في حضوره .. لذلك تكون فينا شديدة الغليان ، قوية الحضور ...
· أتختلف فعالية وتأثير المبدع والأديب خاصة داخل فلسطين عنه خارجها في مقاومة الاحتلال ..؟؟..
· لكل منا دوره .. الأدب في المنفى له خصوصية المنفى ، فهو أدب شوق وحنين وثورة ، أدب تطلع دائم إلى العودة ، أدب يحارب الاحتلال بكل السبل.. الأدب في الوطن المحتل أدب مواجهة ومقاومة بشكل مباشر .. هذا الجزء لا يكون دون ذاك .. كل منهما يكمل الآخر .. ليكون الأدب الفلسطيني من المجموع .. حين نقرأ الأدب الفلسطيني في الداخل فنحن نقرأ جزءا من الأدب الفلسطيني ، وحين نقرأ الأدب الفلسطيني في المنفى فنحن نقرأ جزءا .. وفي قراءة هذا وذاك نقرأ الأدب الفلسطيني ككل .. الأدب الفلسطيني هو مجموع ما يكتبه أدباء فلسطين .. يصعب أن نقول أيهما أشد تأثيرا في مقاومة الاحتلال .. كل يؤدي دوره .. عندما اغتيل الشهيد غسان كنفاني كأديب فلسطيني في المنفى كانوا يعرفون انه أديب يؤثر ويؤسس ويبني ويحرض .. عندما يسجن أديب مثل عبد الناصر صالح في الوطن المحتل ، فالعدو يعرف أن شعره يصنع شيئا .. هذا يدفعنا إلى القول إن الكلمة المقاومة تشق طريقها بثقة وقوة ، تزرع وتحرك وتحرض وتبني .. ليكون أدب فلسطين كله أدب مقاومة ..
· أيهما تحتاج فلسطين أكثر، الكلمة التي تقول عنها ولها أم الرصاصة التي تدافع عنها ..؟؟؟..
· لهذا وذاك .. كل ثورة في العالم تحتاج إلى الكلمة والرصاصة معا .. وتكون ثورة ناقصة حين تستغني عن أحد الطرفين .. أيهما أهم ؟؟.. أيهما أجدى ؟؟.. أيهما يجب أن يتقدم أكثر ؟؟.. هل نصمت حين تتكلم البنادق ؟؟.. هل نوقف صوت الرصاص حين نقول القصيدة ؟؟.. برأيي السؤال غير مجد ، ولا فائدة منه .. لن نصل إلى نتيجة حين نقدم هذا على ذاك .. كل منهما ضرورة .. وكل منهما يجب أن يكون في المقدمة .. التكامل هو الذي يصنع ويعطي ويبني ويحرر ..
· ماذا قدم الأدب الفلسطيني للقضية الفلسطينية وهل يؤثر هذا في المواطن الإسرائيلي العادي وهل يقرؤه أصلاً ..؟؟؟..
· صدقيني إن قلت إن التأثير جد واسع وكبير وهام يا رانيا .. الأدب هو ضمير شعب .. الأدب هو مرآة كل شعب .. الأديب الفلسطيني أوصل القضية الفلسطينية إلى كل مكان ، ولا أقول هذا اعتباطا بل بناء على ما تقوله الحقيقة على أرض الواقع .. ولا تنسي أن الأدب الفلسطيني كان أدبا متقدما ببنيته الفنية والموضوعية مما جعله منتشرا في العالم ..
من جهة الاحتلال أو الفرد الذي يعيش في الكيان الصهيوني ، فهناك حالات يمكن أن نقول فيها عن الشخص أو الآخر قد تأثر .. لكن هل أدى هذا التأثير إلى تغيير في ذهنية هذا الآخر ؟؟.. هذا التغيير الذي يفترض انقلابا في المفهوم والقناعة ، مما يقتضي تغيرا في التواجد أي أن يقتنع الإسرائيلي بأنه يقيم فوق أرض ليست أرضه فيرحل .. هل حدث هذا ؟؟.. أظن انه قليل .. أما أن يؤثر الأدب فيجعل الصهيوني يعترف ببعض حقوق الفلسطيني ، فهذه مشكلة ، لأن الفلسطيني هو صاحب الحق .. لا يهمني أن يمنحني من يحتل أرضي بعض حقي وكأنه يمنحني هبة .. أنا الإنسان العربي الفلسطيني صاحب الأرض ، صاحب الحق ، والحل يكون بمنحي حقي كاملا .. أنا من مدينة حيفا ، أهلي وأجدادي من حيفا ، فماذا يقدم لي الاحتلال حين تبقى حيفا محتلة .. برأيي وظيفة الأدب الفلسطيني يجب أن تستمر حتى استعادة كامل الحق العربي الفلسطيني .. كل تنازل هزيمة .. كل تراجع تقصير .. السياسيون يوقعون هم أحرار !!.. لكن الأدب ضمير شعب وعليه أن يبقى مستيقظا لاستعادة فلسطين ، كل فلسطين .. هل هو حلم ، ليكن ، فما أجمل أن نحلم حلمنا هذا .. هل سيطول بنا الزمن ؟؟.. أيضا ليكن فزمن الشعوب لا يقاس إلا بعودة الحقوق ونيل الحرية والاستقلال .. نستطيع أن ننتظر ، وحين نرحل سيأتي بعدنا جيل آخر وآخر وهكذا .. المهم أن نحرس أحلامنا ولا نتخلى عنها مهما كانت الظروف قاسية ..
· قلت لي عن علاقتك الضعيفة بالأدب النسائي السوداني .. ماذا عن الأدب السوداني على العموم ..؟؟؟..
· مشكلتنا بشكل عام أننا متقوقعون كل في بلده .. ولأن الثقافة لها تأثير فهي مطاردة وممنوعة وكأنها مخدرات .. كل واحد منا يعرف عن أدب البلد العربي الآخر ما يصدره نجوم هذا البلد من كتابات .. فهل يكفي هذا لمعرفة كامل الخارطة الأدبية لأي بلد عربي ؟؟.. لا أظن .. المثقفون مقصرون .. الظروف ، ظروف الحصار مؤثرة .. حاجة المواطن العربي للرغيف الذي يؤمنه بطلوع الروح في أقطار كثيرة أهم..
أظن شبكة الإنترنت صارت الآن مرآة ساحرة في جعل التواصل ممكنا وواقعا ، وهذا يحتاج إلى تكاتف جهودنا جميعا .. أتمنى أن أعرف كل صغيرة وكبيرة عن الأدب السوداني ، وعن كل الأدب العربي في بقية أقطار الوطن العربي .. معرفتي بالتأكيد ناقصة ومبتورة وغائمة ومشوشة ..
· كثيرون لا يؤمنون بالمرأة الشاعرة، كيف تنظر إلى الأنثى المبدعة وهل تضع الشاعرة خاصة في مرتبة توازى الشاعر أم أنها دونه ..؟؟؟..
· الذين لا يؤمنون بالأنثى كمبدعة مرضى أو مشوهون .. ما معنى أن أقول إن الأنثى لا يمكن أن تكون شاعرة أو مبدعة ولماذا ؟؟.. النص هو الحكم وليس كون المبدع أنثى أو ذكرا .. يا صديقتي لماذا لا نخرج من هذه الأحكام الجاهزة الغريبة ؟؟.. ما دخل الكتابة بالذكورة والأنوثة ؟؟.. ثم كيف يحق لي أو لسواي أن أضع الأنثى في مرتبة موازية أو أعلى أو أدنى؟؟.. كل هذا مرفوض من أساسه .. طال الوقت الذي ظلمت فيه الأنثى عبر العصور ، فهل نستمر ولماذا ؟؟.. من حق الأنثى أن تأخذ حقها كاملا والسؤال كما أسلفت مرفوض ولا أرضى حتى طرحه .. أقف أمام النص وأحاكم نصا ويأخذ الكاتب الأهمية من هذا النص كمبدع ، ولا دخل للذكورة أو الأنوثة هنا ..
· تختلف مواقف الشعراء من قصيدة النثر .. هذا الوليد الذي أثار جدلاً واسعاً .. ما هو موقفك من قصيدة النثر وهل حدث ونظمتها ..؟؟؟..
· أولا لم تعد قصيدة النثر وليدا فقد كبرت على ذلك ، ما مر من زمن يكفي ليكون حكما ودافعا ومحركا لتثبيت قاعدة متينة لهذا النوع لو أعطي حقه من قبل الكتاب .. من ناحية أخرى أرى أن النص نص ، والمشكلة في من يمارس كتابة النص ، هو الذي يقنعني بقوته أو ضعفه .. هناك شعراء يعتقدون أن على شاعر قصيدة النثر أن يتخلى حتى عن النحو !!.. الاستهتار يولد نصا ضعيفا ، والاهتمام يولد نصا قويا .. ماذا قدم شعراء قصيدة النثر حتى الآن ؟؟.. من خلال الإجابة نعرف القيمة ..
كتبتُ قصيدة النثر قليلا .. أحيانا تكون قناعتي بأن على المقطع النثري مداخلة قصيدة التفعيلة .. لم أستطع الكتابة بشكل عريض وواسع .. ربما أكون السبب ولا دخل للتسمية ..
· ((حاولتفتح القصيدة على التدفق الكامل الذي لا يقف عند فاصلة أو نقطة أو مقطع)) هذا حديث لك عن تجربة جديدة في كتابة الشعر .. هل لك أن تخبرني أكثر عن فلسفتك في هذه التجربة وفى أي ديوان ظهرت أكثر..؟؟..
· في ديوان "خذي دحرجات الغيوم " الصادر عن وزارة الثقافة في سورية العام 2002 أقول " لغة من البحر الهلامي امسحي عن راحتي جسد اللقاء فقد تعبت من التذكر صادني هذا الضباب وصادني هذا العذاب أحاول الآن التجمع خلسة بعد التبعثر مثل آهات الظلال تعبت يا أحلى من الوعد الجميل تعبت يا أغلى من الصمت الجليل " هذا مقطع من قصيدة .. القصيدة تنسحب لتشكيل سطر واحد من البداية حتى النهاية ، أي أنها قصيدة مدورة لا تتوقف إلا عند نهاية القصيدة .. كل قصائد الديوان كذلك .. ترين أن القصيدة تنفتح على التفعيلة وتندلق دفعة واحدة دون وجود فواصل أو نقاط أو نهاية مقاطع .. القصيدة كلها مقطع واحد وقطعة واحدة وسطر واحد .. قصيدة مدورة .. أيضا استعملت هذه الطريقة في " القصيدة الصوفية " 1999 .. إضافة إلى الشكل طورت في موضوعة التعامل مع الأنثى في العملين .. اعتمد شعرنا العربي منذ العصر الجاهلي حتى الآن على تشييء وتجزيء الأنثى ، فأخذ يصف عينيها ويديها .. هكذا وكأنها مجرد قطع .. رفعت القصيدة إلى مستوى التعامل مع الأنثى ككل .. أوقفتها على أرض من الثبات المتصل بالحلم ، فكانت الأنثى أكثر حضورا وتكاملا وجمالا وتأثيرا ، واستعادت الحس الإنساني بصورة أقوى ..
· هل ترى أن نظرية "التلقي" أو "القراءة" في النقد الأدبي الحديث قد احترمت ذهنية القارئ وأوجدت له حقوقاً في العملية الإبداعية بفتح الباب له ليفكر ويستنتج ممَّ يقرأ..؟ وإلى أي حد يمكن أن نقول إنها أعطته هذه الحقوق .. ؟؟.. وهل ما يشبهها بشكل أو بآخر في النقد الأدبي القديم ..؟؟؟..
· أراد النقد الحديث أن يجعل من القارئ مشاركا في بناء النص من خلال التلقي المفتوح ، وهذا يستدعي تأليف المبدع لنص مفتوح أو غير أحادي الجانب ، غير مغلق .. هذا ما يقوله النقد ، فهل حقق النص المنجز هذا ؟؟.. هناك حالة نوسان ، حالة ميل إلى هنا وهناك .. النص القديم في بعضه حقق قدرته على منح القارئ فسحة من المشاركة وكان مغلقا في كثيره .. كل نص أحادي لا يحتمل الإضافة يترك القارئ على الهامش ويجعله مجرد متلق سلبي لا يستطيع التدخل .. لكن نظرية التلقي وجعل القارئ مشاركا قد تسيء إلى النص حين يأخذ الكاتب في المبالغة والتوسع في التجريب .. من جهتي لا أفضل النص المغلق ولا أحبذه ، لسلبيته .. النص المفتوح والاحتمالي يغريني ويستطيع أن يفيدني ويفيد قارئي ..
· ((يتقاطع أي نص تقاطعا رأسيا أو أفقيا مع نصوص أخرى سابقة أو لاحقة ..)) هذا المفهوم وغيره أطلق عليه مصطلح "تناص" من استقرائك للمطروح الآن ، هل يلتزم الكاتب العربي التزاما تاماً بأطر هذا المصطلح .. ؟؟. هل يطبقه تماماً أم يتجاوزه وإلى أي حد ..؟..
· باعتقادي أن المطروح لا يخرج عن كونه " تلاصا " لا " تناصا " إذ ماذا يعني أن آخذ نصا لغيري وادخله في نصي وأدعي أنه نوع من التناص .. لم يرق لي هذا المصطلح وأعتبره سرقة أدبية ليس إلا ..
· هل التناص داخل الجنس الأدبى الواحد أم يمكن للنص أن يتناص مع نص آخر من خارج جنسه الأدبى ..؟؟..
· طبعا أنا أرفض التناص كما قلت لك .. أومن إلى جانب ذلك بالتداخل النصي ، أي بأن النص وليد نصوص سابقة ولاحقة تأثرا وانبناء وهذا يختلف .. أشير إلى قدرة الكاتب على التشكيل والتنويع داخل نصه وهذا بعيد عن الموضوع .. بمعنى أن يحمل النص الواحد الشعر والقصة والمسرحية وما إلى ذلك .. طبعا كل النصوص هنا لكاتب واحد .. يا صديقتي لسنا بحاجة إلى التناص ولن نكون ..
· هل تعارض الناقد فيك مع "طلعت"الكاتب أثناء الكتابة..؟ وهل يحد من انسيابية فكرك وقلمك على الورق بحيث يتدخل ويحدد لك ما تكتبه وتحت أي مصطلح نقدي سيكون وكيف سيقرأه الآخر.. الخ ..؟؟..
· الناقد ينام حين يستيقظ المبدع ويبدأ عمله عندي .. ربما تكون عينه مفتوحة بعض الشيء ولا أشعر ربما .. لكن بالتأكيد هو يفيد ولا يضر ما دام بعيدا عن المبدع أثناء فيضان عملية الإبداع ولو استيقظ تماما لصار كل ما اكتبه ممجوجا لأنه سيخضع للنظام والنظام لا يأتلف مع الإبداع في فوضاه .. المبدع فوضوي منطلق غير عابئ بالحدود والسدود .. المبدع قريب من الجنون .. الناقد يرفض ذلك .. هذا ما يجعله غير موجود أثناء الكتابة ..
· ما الذي تحدثت عنه " أشباح في ذاكرة غائمة " أولى رواياتك ..؟ ؟؟..
الغريب يا رانيا أن أحدا لم يسألني عن هذه الرواية .. هذه الرواية تبدأ بمقطع يقول " … كالعادة ملأت الكوب بالماء ، شربته مرة واحدة، خرجت من غرفتي ، كان الشارع طويلاً جداً ، عرفت أنني سأصل وسيكون بانتظاري ، كل يوم تقريباً ألتقي به ، قد نتكلم عن أشياء كثيرة، وقد لا نتكلم أبداً ، حتى السلام قد لا يكون بيننا ، السلام أصبح شيئاً تافهاً مكرراً ، لماذا أسلم ويسلم.. أسأل عن صحته ويسأل عن صحتي ، هو يعرف حالي وأنا أعرف حاله ، لا داعي إذاً للسؤال ، وما دمت سأصل إليه فلماذا أفكر بالوصول ..
…. عجيب أمر هؤلاء الباعة ، يبيعون بشكل غريب أحسدهم عليه ، ورغم ذلك فهم لا يشبعون، إذا سألتهم عن الرزق سيقولون : ( الرزق قليل ).. مزروعون في هذا الشارع كالصيادين ، الزبون الذي يدخل محلاتهم لا يخرج إلا وفي يده شيء ما ..
فوضى .. فوضى .. العالم كله فوضى ..
لا أحد يؤمن بشيء .. ولا شيء يؤمن بأحد .." وتنتهي ابالمقطع نفسه دون زيادة أو نقصان .. الرواية صدرت في العام 1979 ، لم تحمل أي اسم لأي شخصية ، لم تحمل أي ترقيم للصفحات ، تحدثت عن شخصية مأزومة مركبة صعبة مجنونة .. كل الرواية عبارة عن فيضان داخلي لا يتوقف .. الحدث يدور داخل الشخصية اكثر مما يدور خارجها .. ربما أرسل لك نصها في وقت قريب ..
· ما الذي أردت أن تقوله في قصتك "رجل بلا ملامح" هذا الرجل الذي أصبح يحمل وجهاً ليس له، وجهاً غريباً عنه ..؟
· هي شخصية تتحدث عن الشرخ الذي حدث داخل كل واحد منا .. شخصية ازدادت أزمتها وصولا إلى التنكر حتى للذات ولكل شيء .. الزلزال أخذ الصحو ورماه بعيدا .. فصار الواحد منا رجلا بلا ملامح .. صار كل واحد منا أشبه بجثة تمشي على قدمين .. هو الشرخ يا صديقتي .. وما أصعبه ..
[/align]
نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)
|