[طلعت سقيرق]

[align=justify]في حوار مع الشاعر طلعت سقيرق

جراح الشعر تنزف ونحاول أن نضمدها بنبض القلوب

حوار : كمال خلف

• أكثر من ثلاثين عاما أمضاها الشاعر طلعت سقيرق في التعامل مع القصيدة بكل أشكالها .. بدأ ذلك قبل سنوات من صدور ديوانه الأول " لحن على أوتار الهوى " في العام 1974 وامتد المشوار ليكون الآن صاحب ثلاثين عملا في الشعر والقصة والنقد والرواية .. عمل في الصحافة منذ البداية ومازال .. تطول القائمة إن أردنا أن نعدد.. فلماذا لا ندخل في طرح الأسئلة مباشرة ؟؟..
• ربما صار سؤالا تقليديا .. كيف يقدم الشاعر طلعت سقيرق نفسه للقراء ؟؟..
** شاعر فلسطيني من مواليد دمشق .. حائز على الإجازة في الأدب العربي .. عضو اتحاد الصحفيين السوريين ، واتحاد الكتاب العرب ، واتحاد الكتاب والصحفيين الفلسطينيين .. عضو رابطة الأدب الحديث/مصر .. عملت رئيسا للتحرير ومستشارا للتحرير ومسئولا ثقافيا وما زلت .. أحاول قدر المستطاع أن أترك شيئا ذا اثر في الكتابة ..
• لكنك صاحب " القصيدة الصوفية " الصادرة عام 1999 وقيل يكفي أن يكون طلعت سقيرق صاحب مثل ها العمل حتى يكون قد ترك في الشعر بصمة رائعة مؤثرة ، وأردفت ذلك بديوان " خذي دحرجات الغيوم " الصادر حديثا عن وزارة الثقافة " 2003 .. ألا يعطيك هذا الكثير ؟؟ ..
** أخي كمال الشعر لا يكتمل ويجب ألا يكتمل و إلا فقد كل شيء .. الشعر مشوار حياة وأثر متتابع بالغ الأهمية .. طموحي أكبر بكثير من القصيدة الصوفية وغيرها رغم كل ما كتب عن التجربة وأهميتها ؟؟..
• كنت سأسأل هل وصلت إلى ما تريد .. لكن يبدو أنك غير مؤمن بأسئلة تضع أي نهايات ؟؟..
** هذا صحيح تماما .. أنت شاعر يا كمال وتعرف معنى القول بالوصول أو تحقيق ما تريد تحقيقه من خلال ما كتبت .. عليك وعلي وكل شاعر أن يكتب دون توقف إلى تلك اللحظة التي يشعر فيها بأن قصيدته قد شاخت أو ترهلت عندها عليه أن يتوقف.. هذا يحتاج إلى أصدقاء مخلصين يقولون لك انتبه فقد بدأت تتراجع عليك أن تتوقف ..
• وهل حدث هذا عند أي شاعر من قبل ؟؟..
** للأسف لا .. النقد عندنا مريض .. الشاعر مهووس بالمجد الذي وصل إليه .. الأصدقاء لا يهتمون كثيرا بدربك الذي تمشيه .. هناك قصور مخيف .. كل هذا يجب أن يعالج ..؟؟..
• أنت تتهم النقد إذن بالتقصير واللف والدوران ؟؟..
** أي نقد ؟؟.. أين هو النقد الذي يقول الحقيقة ؟؟.. أين هو الشاعر الذي يريد أن يسمع الحقيقة ؟؟.. النقد في كل صحفنا ومجلاتنا ومجالسنا نقد مترهل باهت لا معنى له .. النقد المترهل يرسخ حالة التراجع ويقويها .. النقد عندنا نقد سهرات وموائد وجبر خواطر .. كل هذا ليس نقدا ، ولن يكون في يوم من الأيام .. لا أريد نقدا يمدحني لأنني المسئول الثقافي في مجلة " صوت فلسطين " لأن هذا النقد يريد أن ينشر مقالا في المجلة ولا يهمه كل شعري .. أريد نقدا يعرف كيف يشير إلى الخطأ والصح ..
• رحم الله الشاعر نزار قباني .. من تجرأ أن يقول له في سنواته الأخيرة أنت تكرر قصيدتك ؟؟.. أي ناقد استطاع أن يفعل .. ؟؟..
** قلت لك لا يوجد عندنا نقد .. لذلك لا تكتمل الصورة الشعرية دون نقد مواكب..
• هل تجد نفسك في القصة وقد صدرت مجموعتك الأخيرة " امرأة تسرج صهوة الروح " مؤخرا عن اتحاد الكتاب العرب .. أي صرت صاحب ست مجموعات قصصية قصيرة منها اثنتان في القصة القصيرة جدا ؟؟..
** لا يمكن أن أكتب شيئا لا أجد نفسي فيه .. أنا مزاجي بشكل يتجاوز الحد أحيانا .. لا أكتب كي أتسلى .. عملنا الصحفي لا يترك لي الوقت لتضييعه في أشياء لا معنى لها كتابة .. كل قصة تعبر عن شيء في داخلي ..
• هل يتساوى ذلك مع الشعر أو يتساوق معه ؟؟..
** الشعر حبيبتي الأولى وموئلي وفضائي .. لذلك كثيرا ما تتأثر قصتي بالشعر ، بلغة الشعر ، بصورته ، ببصمته .. لكن لا أكتب قصة أو قصيدة دون الشعور بأنني مشبع برغبة وجوع لفعل ذلك ..
• ماذا تقول عن الشعراء في الوقت الراهن .. بصراحة لماذا وصل الشعر إلى كل هذا الانحدار ؟؟..
** أخي كمال أنت تعطي حكم قيمة قبل السؤال ..!! رداءة الشعر ، وهي رداءة بامتياز، سببها أن الشعر لم يعد " فرسا جامحا " بل صار " خروفا منطويا " لذلك صار الشعراء يتناسلون ويكثرون بكثرة مزعجة .. لكن يبقى هناك الأصيل .. علينا أن نبحث كي نجد .. المهم أن نحمي الشعر .. أن نضمد جراحه النازفة بنبض قلوبنا.. هل نستطيع؟؟.. نرجو .. لأنه يصعب أن تتخيل الحياة من غير شعر ، ستصبح حياة مملة ومقرفة .. نريد نقدا ..
• يبدو أنك قاس على النقد دون حد ؟؟..
** لأنه سبب المصائب .. النقد هو الميزان الذي يبين لنا جيد الشعر من رديئه .. ماذا يفعل القارئ أمام كم مرعب من النصوص ولا يجد ناقدا واحدا يقول له : انتبه هذا جيد وهذا غير جيد !!.. هل على القارئ أن يأخذ مهمة النقد حتى تنشرح صدور نقاد خائبين؟؟..
• برأيك لماذا غاب النقد هكذا ؟؟
** لأن النقاد ، لأقل أغلبهم ، صاروا أيضا كتاب قصة قصيرة جدا وقصة قصيرة وشعر ، وقد يجدون مستقبلا مجالا لهم في ساحة الرقص ..!!.. ماذا يضير الناقد أن يكون ناقدا حقيقيا دون كتابة القصة والشعر والمسرحية وممارسة الدبكة ..
• لكنك ناقد ؟؟
** النقد بالنسبة لي هو شيء طارئ .. لذلك لا أقول أنا ناقد .. أنا قارئ جيد للنصوص .. نقدي – إذا قلنا إنه نقد – انطباعي ، فهو أيضا قائم على المزاج والتذوق .. النقد الانطباعي يبقى نقدا ذوقيا .. وأنا كتبت النقد بعد سنين طويلة من كتابة الشعر والقصة .. وأقول لك بكل صراحة أنا لست ناقدا أكاديميا ولا يمكن أن أكون لأنني لا أملك مقومات مثل هذا الناقد .. أما البقية فقد تحولوا من النقد الأكاديمي المدرسي إلى الإبداع فجأة فجاءت كتاباتهم عرجاء تنقصها الحرارة .. !!
• ما معنى أن تكتب القصيدة المدورة أو قصيدة السطر الواحد " خذي دحرجات الغيوم " " القصيدة الصوفية " .. ؟؟ ..
** الرغبة في إيجاد شكل جديد مغاير لما سبقه من أشكال .. قصيدة السطر الواحد ذات نفس متتابع وهي رائعة في التعبير عن ذات الشاعر ..
• هل أنهيت التجربة هنا ؟؟..
** لا أظن .. التجربة لم تكتمل .. قصيدة السطر الواحد جميلة وصعبة ورائعة في الوقت نفسه .. علينا أن نحاول معها كثيرا .. أو ربما أجد شكلا مغايرا .. أقول ربما .. فأنا أومن أن التغيير يمس الشكل وليس المضمون ، لأن المضمون يتبع الشكل في كثير من الأحيان ، ولا أعني الموضوع طبعا ..
• سمعت وقرأت لك القصيدة الوطنية والاجتماعية والإنسانية والغزلية .. هل للحدث / الانتفاضة مثلا / تأثير على اختيار الموضوع .. أم هل يفرض الشاعر موضوعه .. أم الأغلب أن تكون القصيدة استشرافية ؟؟..
** كل ذلك صحيح وممكن وجائز .. التقسيم برأيي خطأ .. الشاعر مثل الحياة واسع لا يحد .. الحدث يفرض نفسه .. وقد تكون القصيدة استشرافية أو إنسانية أو اجتماعية، كذلك القصة .. على الشاعر أن يكون مرآة ومستشرفا ونبيا وإنسانا .. عليه أن يكون استثنائيا بكل شيء حتى يكون شاعرا حقيقيا ..
• أخيرا .. ماذا يقول الشاعر طلعت سقيرق عن مستقبل القصيدة ؟؟
** أومن بأنها ستكون بخير .. الزبد يرحل ويسقط مع الأيام ويبقى الأصيل .. لا أستطيع منع احد أوإيقافه عن الكتابة .. الزمن كحكم منصف سيفعل فاطمئن .. سيبقى الشعر سيد الكلام الجميل دون منازع .. [/align]

[نصيرة تختوخ]

النقد هو الميزان الذي يبين لنا جيد الشعر من رديئه .. ماذا يفعل القارئ أمام كم مرعب من النصوص ولا يجد ناقدا واحدا يقول له : انتبه هذا جيد وهذا غير جيد !!.. هل على القارئ أن يأخذ مهمة النقد حتى تنشرح صدور نقاد خائبين؟؟..

وأظن الكاتب خاصة المبتدأ بحاجة لناقد يوجهه و ينبهه ويشجعه وحتى ينقذه إن رآه يتخبط.
تحياتي لك أستاذ طلعت