التسجيل قائمة الأعضاء



 
القدس لنا - سننتصر
عدد مرات النقر : 137,865
عدد  مرات الظهور : 162,381,259

اهداءات نور الأدب

العودة   منتديات نور الأدب > تحرير فلسطين قضيتنا > فلسطين تاريخ عريق ونضال شعب > القدس في ألمٍ وليلٍ داج
القدس في ألمٍ وليلٍ داج يختص بالقدس الشريف

إضافة رد
 
أدوات الموضوع
قديم 30 / 10 / 2009, 41 : 04 AM   رقم المشاركة : [1]
أسماء بوستة
أستاذة وباحثة جامعية - مشرفة على ملف الأدب التونسي

 الصورة الرمزية أسماء بوستة
 





أسماء بوستة is a splendid one to beholdأسماء بوستة is a splendid one to beholdأسماء بوستة is a splendid one to beholdأسماء بوستة is a splendid one to beholdأسماء بوستة is a splendid one to beholdأسماء بوستة is a splendid one to beholdأسماء بوستة is a splendid one to behold

بيانات موقعي

اصدار المنتدى: تونس

الصهاينة يعملون ليل نهار لتهويد تراث وحضارة القدس الشريف بقلم أوس داوود يعقوب

الصهاينة يعملون ليل نهار لتهويد تراث وحضارة القدس الشريف



بقلم -أوس داوود يعقوب

[align=justify]
"إذا حصلنا يوماً على القدس وكنت لا أزال حياً وقادراً على القيام بأي شي فسوف أزيل كل شي ليس مقدساً لدى اليهود فيها، وسوف أحرق الآثار التي مرت عليها قرون". "مؤسس الحركة الصهيونية: تيودور هرتزل".

تتمتع القدس دون غيرها من المدن عبر التاريخ بمنزلة ومكانة رفيعة، مستمدة ذلك من تلاقي الأبعاد الزمانية والمكانية والروحية فوق أرضها المقدسة، ضاربة جذورها منذ الأزل، تحمل اسمها الكنعاني، وهي ملتقى الاتصال والتواصل بين القارات، ولب صراعنا مع الكيان الصهيوني الغاصب وجوهره.

ومنذ أن كانت القدس وهي تشغل اهتمام العالمين، وتشهد موجات الغازين وتشمخ بانتصارات المحررين، وقد زاد الاهتمام بالمدينة مع الغزوة الصهيونية الأخيرة لفلسطين بمساعدة القوى الاستعمارية التي أنشأت هذا الكيان واعترفت به "دولة" على الأرض الفلسطينية في 15/ 5/ 1948 ليبدأ الصراع العربي الصهيوني، الذي يطلق عليه اليوم الكثير من أبناء أمتنا "نزاعاً"، ونصر نحن وغيرنا من الشرفاء في العالم على أنه صراعٌ ، صراعٌ ما زال محتدماً، وعلى كل المستويات في الساحات الدولية بالرغم من اتفاقات السلام المذلة، والمشاريع الدولية المختلفة، تزيده شدة الممارسات الفاشية الصهيونية المتلاحقة، والتي تبلغ أوجها اليوم بالحفريات التي تهدد القدس ومسجدها وتنقل الصراع إلى الذروة. بينما العرب نيامٌ، لا يحرّكونَ ساكناً، وبعض الفلسطينيين يصارعون من أجل سلطة هزيلة ودويلة مسخاً ليست إلا وهماً.

والشيء المؤكد هو أنّ: "الحرب الصهيونية الحالية تنطوي ومنذ قيام دولة الاحتلال على شطب وتشويه كلّ ما هو ليس يهودياً وتدمير الآثار التي مرت عليها القرون"، انطلاقاً من تصريحات هرتزل.
وعليه فإنّ التصفية الحضارية مستمدّة من النظرة اليهودية لكلّ ما هو غير يهودي، مشيراً إلى أنّ الأيديولوجية الصهيونية قائمة أصلاً على قِيَمٍ عنصرية ذات طابع استعماري وهي في جوهرها أيضاً مستمدّة من روح الثقافة الغربية تجاه كلّ ما هو غير غربيّ.


أربع مراحل صهيونية لتهويد المدينة:

تأتي مدينة القدس في المقام الأول في المخططات الصهيونية، وهي قمة أطماعها الأولى ونقطة ارتكازها، ومركزاً للتطلعات الدينية والقومية اليهودية، من ذلك إنشاء بيت "قلداس" أو الهيكل كما يطلقون عليه.
وتشير الكثير من الدراسات التاريخية والسياسية إلى أن البلدة القديمة داخل الأسوار قلب القدس وقصبة فلسطين حيث الحرم الشريف وكنيسة القيامة والبراق تتألف من خمسة أجزاء مجموع مساحتها أقل من كلم مربع واحد، وهذه الأجزاء الخمسة هي: الحرم الشريف، والحي العربي الإسلامي، والحي العربي المسيحي، والحي الأرمني المستعرب، والحي اليهودي القديم قبل 1948 أصغر هذه الأحياء لا تتعدى مساحته خمسة دونمات، وتعود معظم ملكيته إلى وقف ذرية إسلامية يقطنه حوالي 2000 من المستأجرين اليهود بيد أن حكومة "تل أبيب" سارعت بعد الاحتلال إلى مصادرة الأملاك العربية المجاورة، وضمها إلى الحي اليهودي بحيث تضاعفت مساحته عشرين ضعفاً وأقيمت عليها مبان جديدة يسكنها اليوم حوالي أربعة آلاف "إسرائيلي"، ومع ذلك بقيت الأكثرية الساحقة داخل البلدة القديمة عربية إلى يومنا هذا، حيث يبلغ تعداد العرب فيها حوالي خمسة وثلاثين ألف نسمة، مقابل أربعة آلاف وخمسمائة "إسرائيلي".


ويذكر المرحوم روحي الخطيب "أمين القدس" أن تهويد مدينة القدس وتغيير بنيتها السكانية يمكن أن يكون قد تم في إطار أربع مراحل هي:
المرحلة الأولى: 1907 - 1917
المرحلة الثانية: 1918 - 1948
المرحلة الثالثة: 1948- 1967
المرحلة الرابعة: 1967 – 1981


ومما لا شك فيه أن المرحلة الرابعة متواصلة إلى يومنا هذا بوتيرة متسارعة فمنذ مؤتمر أنابوليس الذي عقد في تشرين الثاني 2007، ومدينة القدس تتعرض، وبقية أراضي الضفة الغربية، إلى مجزرة ديموغرافية تشهد عليها ما ذكرته دائرة شؤون المفاوضات في منظمة التحرير الفلسطينية عن أن وزارة الإسكان الصهيونية أصدرت جملة قرارات للشروع في عمليات البناء لإقامة 4486 وحدة "استيطانية" منها 92 وحدة في منطقة القدس التي يقول مدير عام مؤسسة الحق إن أكثر من27 ألف منزل عربي فيها مهدد بالهدم.

هذا في الوقت الذي يجري فيه حفر ثلاثة أنفاق تحت البلدة القديمة في سلوان الواقعة عند الطرف الجنوبي الشرقي من السور الجنوبي للبلدة القديمة من القدس، وصولاً إلى حارة باب المغاربة المجاورة للمسجد الأقصى.
مما يعني أن المدينة المقدسة تشهد اليوم أكبر عملية تغيير ديموغرافي منذ العام 1967، ومن يتوقف عند هذه المجريات يتضح أمامه أبعاد المشروع الصهيوني الذي بدأه مؤسسه تيودور هيرتزل، مؤسس الحركة الصهيونية، في المؤتمر الصهيوني الأول في مدينة بال بسويسرا 1897.


ولعل أخطر ما تتعرض له القدس ليس اقتحام 135 عنصرياً باحة الأقصى يوم 19/ 10/ 2008 بل هو تداعيات افتتاح رسمي لكنيس يهودي يوم 12 تشرين الأول عام 2008 أقيم على أرض وقف إسلامي (حمام العين) الذي يبعد بضع عشرات الأمتار عن المسجد الأقصى من جهة الجدار الغربي للمسجد. وخطورة هذا الكنيس، الذي أطلق عليه "خيمة إسحاق" تكمن في ارتباطه بشبكة أنفاق وحفريات تحت وفي محيط المسجد الأقصى حيث تتواصل الحفريات في 18 موقعاً في مختلف جهات المسجد وأسفله، ومن أخطر تلك الحفريات ما يسمى الطريق الهيرودوتي (نسبة إلى هيرودوس) والذي يمتد بطول 600 متر ويربط ساحة البراق بالمدخل الجنوبي لمدينة داوود (البلدة القديمة من سلوان).

وقد سعت العصابات الصهيونية منذ استيلائها على المدينة إلى تشويه وتدمير المعالم الإسلامية التي تزخر بها مدينة القدس، حيث تنتشر في أرجاء القسم القديم منها، حيث تشتمل على مجموعة منها، كمسجد القدس الشريف ومسجد قبة الصخرة المشرفة والمسجد الأقصى المبارك، والجامع العمري وحائط البراق، هذا إلى جانب الأماكن الوقفية الإسلامية المتعددة والمدارس الإسلامية التي تعنى بتدريس العلوم الشرعية واللغوية، كما يوجد العديد من الزوايا الإسلامية إلى جانب الآثار التي خلفها المسلمون، والتي ما زالت من أبرز المعالم في تلك المدينة.

قامت قوات الاحتلال بهدم 14 مبنى تاريخياً وإسلامياً في 14 من حزيران / يونيو 1969م بواسطة الجرافات الصهيونية، وفي العشرين من الشهر نفسه قامت بمصادرة 17 مبنى، منها المدرسة التنكرية في باب السلسلة والتي استعملتها مقراً للجيش الصهيوني. وقد حُرص على الاستمرار بالمطالبة بالكشف عن جانبين كاملين من الحرم الشريف، ويشكلان المنصة الضخمة التي يقوم فوقها المسجدان من ناحية الركن الجنوبي الغربي بالقرب من حائط المبكي القائم الآن، وحتى بوابة القبائل في الطرف الشمالي الشرقي، حيث توجد على امتداد تلك المسافة التي تبلغ ثلاثة أرباع كيلو متر الأوقاف الدينية، والتي تضم المدارس ومساحات تكايا، فضلاً عن مئات العرب الذين يعيشون في تلك الأماكن، ومع ذلك أخذت السلطات الصهيونية بالبدء في أعمال الحفر في مناطق متعددة منها:


أ – أسفل الجدار الغربي للقدس ابتداءً من الزاوية الجنوبية وتجاه الشمال حتى أصبح طول هذه الحفريات الآن حوالي 340 متراً على شكل نفق يبلغ عمقه تحت الأرض 9 أمتار، الأمر الذي أحدث تصدعاً في بعض الأبنية منها: المدرسة العثمانية – عقار الشهابي – المدرسة المنجكية التي تضم مقر الهيئة الإسلامية العليا للقدس - دائرة الأوقاف الإسلامية، كما أخذت في استخدام النفق للصلاة من قبل المتدينين اليهود.

ب – حفريات جنوب المسجد الأقصى، وقد قام بهذه الحفريات البروفيسور "مزار" من الجامعة العبرية حيث اكتشف آثاراً إسلامية وبيزنطية، وتم حفر وإزالة التراب من جنوب جدار الأقصى لعمق كبير.

ج – حفريات النبي داود والتي يشرف عليها "إيجال شيلوح" على أرض عائلة أبي السعود العربية.

د – حفريات قلعة القدس التي بناها السلطان العثماني سليمان القانوني.

وفي آب / أغسطس عام 1969م تعرض المسجد الأقصى إلى عملية إحراق على يد صهيوني متطرف حيث تباطأت سلطات الاحتلال الصهيونية في عملية إطفاء الحريق، مما سبب أضراراً بالغة الأهمية بالمسجد الأقصى، والتهمت النار الجناح الجنوبي الشرقي منه، وقضت تماماً على المنبر المطعّم بالعاج، الذي أقيم في عهد نور الدين، كما أن الأضرار أصابت سقف المسجد.

وقد أباحت السلطات الصهيونية إقامة الصلوات الدينية داخل الحرم الشريف لليهود.

ويتضح لنا من خلال تلك الممارسات التي قامت بها السلطات الصهيونية والاعتداء الصارخ على المقدسات الإسلامية ما يلي:


1 - تباطؤ سلطات الاحتلال الصهيوني في إنقاذ المسجد، وترك النيران تسري في الجناح الشرقي للمسجد وأعمدة الدخان ترتفع منه إلى عنان السماء مؤكدين على الجريمة التي ارتكبت.
2 - كان لنشوب الحريق أثره في جماهير القدس المسلمة حيث سارع عشرات الآلاف من كل صوب إلى المسجد، وأخذوا في إطفاء النار بكل وسيلة.
3 - استنكار العالم الإسلامي لتلك الجريمة الشنعاء التي قامت بها سلطات الاحتلال الصهيوني.
4 - مخالفة السلطات الصهيونية للقانون الدولي بشأن المناطق الأثرية والإسلامية.

وفي آب / أغسطس عام 1970م قامت السلطات الصهيونية بمصادرة الأراضي التي تقع حول مدينة القدس وقراها، كقرى الرام وقلنديا وبيت حنينا في الشمال من القدس، وقرى النبي صموئيل وبيت أكسا في الغرب، وقرى بيت صفاتا وصور وباهر في الجنوب، تحقيقاً لأهدافها التوسعية الرامية إلى إقامة القدس الكبرى.

ورغم ذلك أخذت السلطات الصهيونية في زيادة أعمالها من خلال عرض البروفيسور "يامين مزار" مدير الحفريات الصهيونية في 2/ 8/ 1971م على موشي ديان - وزير الدفاع الصهيوني آنذاك- شرحاً تفصيلياً عن الحفريات التي تتم بالقرب من الحائط الجنوبي للقدس، وكان ديان قد أعطى توجيهاته وتوصياته بضرورة عدم التأخير في عمل الحفريات "يجب العمل على كشف وإعادة ترميم كافة ما يتعلق بأيام الهيكل الثاني، وأُفضّل أن أرى السور كما كان في عهد الهيكل الثاني".


وفي أيار / مايو عام 1972م ازدادت المحاولات الصهيونية في عمليات الحفر بامتداد حائط المبكي حيث تم الكشف عن 180م، ليتبقى 160م للوصول إلى الركن الشمالي الغربي، حيث حدثت تصدعات لمبانٍ ترجع للعصر المملوكي، وأصبحت مهددة بالانهيار، كما استمرت السلطات الصهيونية في عمليات الحفر التي أحدثت فجوات صغيرة في جدار الحرم المكشوف، ورغم الجهود المضنية لمحاولة وقف الحفر إلا أن الحكومة الصهيونية لم تستجب للنداءات بل زادت في تيار السيطرة والانتقام، ووجهت نداءً إلى اليهود، قالت فيه: "أيها المقاولون بالمدينة أين جراراتكم وآلاتكم التي أدّت عملها كما يجب في أول ليلة لتطهير الأرض أمام حائط المبكي (أي إزالة حي المغاربة)، لقد قررت البلدية إزالة الأحياء الفقيرة والخرائب، ولا بد من تنفيذ هذا القرار بدون خوف أو خجل، ولا بد من إصدار الأوامر لإخلاء المئات الذين يسكنونها".

وقد قامت دائرة الأوقاف العربية في القدس بالتصدي لتلك المحاولات الصهيونية، منها ما تم خلال إصدار البيانات للأهالي، وتنبيه السكان إلى المحاولات الصهيونية عن طريق الجرافات التابعة لها بالاعتداء على منطقة سلوان بالقدس ومساحتها 36 دونماً، وتقع في الجهة الجنوبية الشرقية من المسجد الأقصى في منطقة باب الرحمة وامتداد المقبرة الإسلامية.

ورغم ذلك لم تكتف السلطات الصهيونية، بل أخذت بوضع لافتات داخل الحرم القدسي تؤكد فيها بأن المنطقة لمكان جبل الهيكل، كما أخذت في تشجيع الرحلات المدرسية المنتظمة للحرم بحجة الوجود اليهودي. وأخذوا يطالبون اليهود بالقيام برحلات إلى القدس ثلاث مرات في السنة لأداء "الحج"، واعتبروها قبلة الصلاة اليهودية، كما اتبعوا التقويم اليهودي.

وفي 12 من آب / أغسطس عام 1980م قام الكولونيل "وارن" بفتح النفق الواصل بين سور القدس الغربي وسبيل قايتباي، وكانت نيتهم الاستمرار في حفر الخندق المتجه نحو الصخرة المشرّفة، ولولا أن دائرة الأوقاف الإسلامية أقفلته بجدار إسمنتي لكانت الحكومة الصهيونية قد تمكنت من الوصول إلى أهدافها حول هذا النفق.

دولة الإرهابيين وإرهاب الدولة:

لم تقف تلك المحاولات بالتعديات على المسجد الأقصى من خلال الممارسات الصهيونية السابقة، بل أخذت مجموعة إرهابية في كانون الثاني / يناير 1984م بالقيام بمحاولة تدمير الأقصى، ولما افتضح أمر تلك المجموعة هرعت الشرطة الصهيونية إلى المكان، واتهمت عضوين من رابطة الدفاع اليهودي المتطرفة التي يتزعمها الحاخام "مائير كاهانا" وألقت القبض عليهما، ثم أطلقت سراحهما، وسرعان ما برّأت ساحتهما من التهمة التي وجهتها إليهما. وإن دل ذلك على شيء فإنه يدل على التواطؤ مع المتطرفين اليهود للعمليات الإجرامية ضد المسلمين ومقدساتهم الدينية، وليس أدل على ذلك من التقرير الخاص بسؤال أحد أفراد تلك المجموعة، ويدعى "شمون بردة"، الذين قاموا بالتخطيط لتدمير الحرم القدسي الشريف عام 1984م والذي يبين من خلال أقواله أن العملية ما هي إلا عملية منظمة ومدروسة، ووفق مسار زمني كامل لها.

كما أخذت بالعودة إلى عمليات الحفر تارة أخرى بالاشتراك مع وزارة الآثار والأديان وبلدية القدس لشق نفق أسفل أبنية دائرة الأوقاف والمدرسة العمرية؛ لتتصل بالبركة المزدوجة أسفل الأبنية وشمال أسفل طريق المجاهدين وبيت صهيون والمحلات التجارية. ويتسع النفق في اتجاه الشرق ويشكل نفقاً آخر يمتد أسفل المدرسة العمرية. والنفق عبارة عن رواق طويل يزيد عرضه في المتوسط على المتر بينما ارتفاعه متران على الأقل وهو محفور على طول الجدار الغربي للحرم الشريف وأسفل ممتلكات عربية، ويبلغ طوله 470 متراً.


كما أخذت السلطات الصهيونية في العمل لحفر نفق على هيئة نصف دائرة يزيد ارتفاعه على المترين ويبلغ عرضه متراً ونصف المتر، وحفرت منصة تحت الأرض بهدف الفصل بين الخزانين اللذين كانت تربطهما قبل ذلك فتحتان كبيرتان على منسوب المياه. والهدف من ذلك هو مضاعفة القدرة الاستيعابية للنفق الذي أصبح معلماً من معالم القدس ليحج إليه اليهود.

وقد وجدت عملية الحفر هذه استنكاراً من العديد من الجهات وعلى رأسها إدارة الأوقاف الإسلامية في القدس حيث تمّ عقد اجتماع عاجل لبحث تلك المسألة في 11 من يوليو 1994م حضره كل من ممثلي الأوقاف وممثلين عن الجانب الصهيوني ومدير شركة تطوير القدس، ومستشار الآثار في الحي اليهودي، والمشرف على تنفيذ مشاريع التطوير والحفريات، وقد ادعى الجانب الصهيوني بما يلي:


1 – أنه تمّ إنجاز النفق الدائري ويجرى العمل في المنطقة التي تتسع شرقاً.
2 – العمل يجري ببطء لتجنب اهتزازات أو تشققات في الصخر الطبيعي التي تستند عليها أساسات المباني الإسلامية أعلى المنطقة.
3 – ذكر "وان بهات" المسؤول الصهيوني أن الهدف المباشر للنفق الدائري أو المنطقة المتسعة إلى الجانب الشرقي هو: تمكين مجموعات الزوار من الدخول والخروج عبر النفق في وضعه الحالي، حيث إن الدخول والخروج من جانب واحد.
4 – رغبته في الاستمرار في الحفر شرقاً للتمكن من إيجاد مخرج للنفق، وأن أصحاب المحلات هم الذين يضغطون لفتح النفق في نقطة ما في شارع المجاهدين للاستفادة من دخول وخروج السياح.
5 – طلب الجانب الصهيوني فتح منفذ في الشارع لإزالة الطمي الناتج عن عملية الحفر على أن يكون مقاس خط الفتحة في حدود 40 سم.

إلا أن إدارة الأوقاف في المدينة قد ردت على تلك الآراء الصهيونية بأن الهدف من عمليات الحفر هو ما يلي:

1 – أن النية تتجه إلى فتح مخرج للنفق، وفي موقع بديل لشارع باب الغوانمة.
2 – أن الحفريات تتم في الصخر الذي يشكّل أساساً للمباني الإسلامية والمدرسة العمرية، وهو اعتداء صارخ على ممتلكات الأوقاف.
3 – أن الحفر يتم دون إطلاع مسبق للأوقاف بل هناك ادعاءات مستمرة بأن أعمال الحفر قد توقفت.
4 – أن الحفريات هي مقدمة لحفر في اتجاه الشرق أسفل المباني في الجهة الشمالية من الحرم الشريف.
5 – أن الاستجابة للطلب الخاص بعمل فتحة لإخراج الطمي يعني في حد ذاته الموافقة الضمنية على الحفريات التي يتم تنفيذها.
6 – المطلوب الكشف عن مكان الحفريات.

ويتضح لنا من خلال تلك الحفريات ما يلي:

أ – أن السلطات الصهيونية إنما تقوم بعمليات الحفر هذه من أجل طمس معالم الآثار الإسلامية الموجودة بالمنطقة.
ب – يتخيل الصهاينة وجود آثار بالمدينة أسفل الآثار الإسلامية.
ج – محاولة السلطات الصهيونية الدائمة لطمس معالم العديد من المقابر والآثار في شارع المغاربة، وكذلك المناطق التي تحيط بباب الأسباط وباب الرحمة في محاولة منها لطمس المعالم، والتي يذكر منها على سبيل المثال عدد من الصحابة منهم عبادة بن الصامت أول قاضي لمدينة القدس الذي عينه عمر بن الخطاب، وقبر الصحابي الشداد بن أوس.


وأخذت المحاولات الصهيونية في الاستمرار حيث حاول مئة متطرف يهودي دخول حرم المسجد الأقصى ومسجد قبة الصخرة في القدس بمناسبة يوم الحداد اليهودي المزعوم "تيشا بيان"، وهو ذكرى تدمير هيكل سليمان الذي يعتقد اليهود أنه كان مبنياً في هذا المكان، وأن الرومان هدموه عام 70م، وهؤلاء اليهود يطمحون إلى هدم المسجد لإعادة بناء الهيكل المزعوم.

كما سمحت السلطات الصهيونية والمحكمة العليا للمتطرفين اليهود بالصلاة في المسجد مما شكل سابقة خطيرة تهدد بمضاعفات مأساوية حيث وضّح مدير أوقاف القدس "عدنان غالب الحسيني" بأن الفلسطينيين منذ البداية اعترضوا على محاولات المحكمة الصهيونية للتدخل في الشؤون الإسلامية بالقدس.

وقد كانت السلطات الصهيونية في الآونة الأخيرة قد زادت تعسفها تجاه المسلمين ومشاعرهم حتى في إقامة صلواتهم، وذلك بمنع آلاف المصلين من أداء صلاة الجمعة في المسجد الأقصى حيث حوّل الجيش الصهيوني المدينة إلى ثكنة عسكرية، وقام بنشر أكثر من 2000 جندي تساندهم طائرات الهليكوبتر والعربات المدرعة على طرق الضفة المؤدية إلى القدس.

كما أخذت وبصورة مفاجئة بالتوسع في حفر النفق بطول 488 م امتداداً من حائط المبكي، ومروراً بالمسجد الأقصى المبارك للوصول إلى طريق الآلام الذي سار فيه السيد المسيح قرب الأسباط في الحي المسلم في القدس، وهذا في حد ذاته انتهاك جديد للمقدسات الإسلامية.

ممارسات يومية لتزوير التاريخ:

تعددت إجراءات تهويد مدينة القدس إبان الانتداب البريطاني (مرحلة ما قبل التقسيم) وبعد الحرب العربية الصهيونية الأولى (مرحلة التقسيم) وبلغت ذروة تلك الإجراءات بعد اغتصاب القدس العربية في حرب عام 1967، تنوعت تلك الإجراءات آنئذ فشملت الإدارة والتعليم والبنية التاريخية وإقامة "المستوطنات" وتغيير البنية الديمغرافية للسكان وإزالة المعالم التاريخية التي تعطي المدينة العربية هويتها. تهدف سلطات الاحتلال من وراء تلك الإجراءات إلى جعل مدينة القدس يهودية خالصة بسكانها وتراثها وعمارتها وإدارتها وهي سائرة إلى يومنا هذا في ذلك.

وبعد ثلاثة عشر عاماً من إجراءات الضم والتهويد أقرت الكنيست ما سمي بالقانون الأساسي للقدس الموحدة والذي نص على "اعتبار مدينة القدس بشطريها عاصمة موحدة لدولة الاحتلال، ومقراً لرئاسة الدولة والحكومة والكنيست والمحكمة العليا". ومن أجل تهويد المدينة وإتمام ذلك بسرعة قامت حكومة "تل أبيب" بعدة إجراءات أهمها إقامة "المستوطنات" الصهيونية داخل المدينة العربية وتأسيس شركة ترميم الحي اليهودي وتطوير البلدة القديمة في القدس محدودة الضمان، كما جرى تغيير أسماء الشوارع والأماكن العربية إلى أسماء عبرية وغيرها من الإجراءات التعسفية.

ومن أخطر ما تتعرض له المقدسات الإسلامية والمسيحية من جانب العدو الصهيوني، خطر الهدم بسبب الحفريات والتدنيس المستمر من خلال محاولات اقتحام ساحة الأقصى ومحاولات هدمه والعمل على بناء الهيكل المزعوم، ومحاولة السلطات الصهيونية عزل الأماكن المقدسة عن بقية المدينة، وكذلك استيلاء اليهود على حائط البراق والادعاء بأنه "حائط المبكى" حتى يجدوا لهم مكاناً مقدساً يحتجون به على حقوقهم الدينية في المدينة. ولقد مرت حفريات الصهاينة المحتلين بالعديد من المراحل، مثلت نموذجاً للاعتداء على الحضارة الإنسانية ونموذجاً للتشويه والتزوير التاريخي لم تشهد له البشرية مثيلاً. ولعل أخطرها التوسع في شق الأنفاق تحت ساحة الحرم الشريف وبجوار أساسات المسجد الأقصى.

وقد أكدت مواقف دول العالم من احتلال القدس الشرقية في عام 1967 الوضع الخاص للمدينة، وفي هذا السياق أعلنت الولايات المتحدة الأمريكية في 14 من تموز/ يوليو عام 1967 على لسان ممثلها في الجمعية العامة (آرثر جولدبرج) أنها تعتبر القدس واحدة من أقدم مدن العالم، والولايات المتحدة ترى أن القدس الشرقية التي احتلتها (إسرائيل) عام 1967 منطقة محتلة تخضع لقانون الاحتلال الحربي، ولا يجوز (لإسرائيل) أن تقوم بإدخال أي تغييرات عليها.

وفي 14 من تموز/ يوليو عام 1967 أصدرت الجمعية العامة قراراً استنكرت فيه رفض الكيان الصهيوني تنفيذ قرارها رقم (2253)، والذي أكدت فيه عدم شرعية الإجراءات التي اتخذتها (إسرائيل) لتغيير الوضع القانوني للمدينة، وكررت دعوتها لدولة الاحتلال إلى إلغاء جميع الإجراءات التي اتخذتها والامتناع عن اتخاذ أي عمل من شأنه تغيير وضع القدس.

إن قرار الكيان الصهيوني باتخاذ القدس عاصمة أبدية لها يُعد تحدياً صارخاً للشرعية الدولية، ويتعارض مع أحكام القانون الدولي وجميع القرارات الصادرة عن مجلس الأمن، وفي مقدمتها القرار رقم (250) لعام 1968، والذي يدعو فيه مجلس الأمن الكيان الصهيوني إلى الامتناع عن إقامة العرض العسكري في القدس؛ لأن ذلك سوف يزيد من حدة التوتر في المنطقة، وسيكون له تأثير سلبي على التسوية السلمية، وطالب كيان العدو أن تمتنع عن القيام بالعرض العسكري.

كما أصدرت الجمعية العامة، كذلك، القرار رقم (2254) لعام 1968 الذي اعتبر جميع الإجراءات الإدارية والتشريعية التي قامت بها الكيان الصهيوني، بما في ذلك مصادرة الأراضي والأملاك التي من شأنها أن تؤدي إلى تغيير الوضع القانوني للقدس، إجراءات باطلة ولا يمكنها تغيير الوضع فيها.

بعد التعليم، تهويد القضاء:

نهجت سلطات الاحتلال الصهيوني نفس التيار الذي اتبعته في تهويد قطاع التعليم، والذي أوضحناه في مقال سابق نشر في الموقع بتاريخ 31- 08- 2009، تحت عنوان "تهويد التعليم في مقدمة المخططات "الصهيونية" لتهويد القدس الشريف"، حيث أدركت خطورة القضاء وما يتمتع به من نفوذ بين رجال القانون والدين على حد سواء، وهو ما ترفضه السياسة الصهيونية شكلاً وموضوعاً. وعلى هذا الاتجاه اتبعت سياسة دمج القضاء في القدس بالقضاء الصهيوني، من خلال إصدار قانون خاص بذلك (رقم 39)، بنقل محكمة الاستئناف من القدس إلى مدينة رام الله، كما أصدرت قراراً بإلغاء المحكمة الابتدائية في القدس. وقامت أيضاً بفصل جميع المحاكم النظامية في القدس عن النظام القضائي في الضفة الغربية، وقامت أيضاً بفصل جميع المحاكم النظامية في القدس عن النظام القضائي في الضفة الغربية، حيث ظلت تلك المدن والقرى بالضفة الغربية تعمل في ظل النظام القضائي الأردني، بينما اتبع القضاء الصهيوني في مدينة القدس، وقد اتّبِعت لذلك العديد من الخطوات منها:

أ - نقل دفاتر المحاكم السجلات وأثاثها إلى المحاكم الصهيونية.
ب - إصدار تعليمات إلى القضاء والجهاز المعاون له بتقديم طلبات الالتحاق إلى وزارة العدل الصهيونية.
ج - رفض الاعتراف بأي أحكام تصدر عن المحاكم الشرعية في القدس، ونفي رئيس المحكمة الشرعية في القدس، وإعطاء صلاحيات المحكمة الشرعية في القدس إلى المحكمة الشرعية بيافا.
د - إيقاف كل القرارات الصادرة عن دائرة المحاكم الإسلامية، وتجاهل ما يدور في الأوقاف الإسلامية.
ه - إصدار وزير الأديان الصهيوني قراراً ينص بعدم شرعية المحكمة الشرعية في القدس من الناحية القانونية في الدولة.


قرارات دولية جائرة:

يواصل العدو الصهيوني بأشكاله وألوانه، متطرفين وغير متطرفين ارتكاب الجرائم بحق مدينة القدس، وبأساليب وأدوات مختلفة يجعلها غير قابلة للحل والتفاوض أو الاتفاق كما يعلن ذلك صراحة حكام الكيان الصهيوني.

ومنذ أن احتل الصهاينة القدس الغربية في حرب 1948، صدرت القرارات الدولية من هيئة الأمم المتحدة والمنظمات التابعة لها مثل قرار مجلس الوصاية التابع للأمم المتحدة رقم 114 في 20 من كانون أول/ ديسمبر عام 1949، والقاضي بإبطال إعلان (إسرائيل) القدس عاصمة لها، ومن ثم أصبح المركز القانوني للجزء الغربي من القدس والذي احتلته (إسرائيل) عام 1949، من قبيل الأراضي المحتلة التي تخضع لاتفاقية جنيف الرابعة.

ولكن بعد أن تم توقيع اتفاقية هدنة "إسرائيلية" أردنية عام 1949 تأكد تقسيم المدينة واقعياً بين الطرفين، ولكن (إسرائيل) عبرت عن أطماعها التوسعية وأعلنت أن حرب عام 1948 قد بدلت عناصر جديدة مما أقرته المنظمة الدولية عام 1947، إلى أن أصدرت هيئة الوصاية التابعة للمنظمة الدولية نظام الإدارة الدولية الخاص بالمدينة المقدسة في نيسان/ نيسان / أبريل عام 1950.
هذا بالنسبة للجزء الغربي للمدينة من حيث الوضع القانوني.

أما بالنسبة للوضع القانوني للجزء الشرقي، فيعد منذ عام 1949 حتى عام 1950 أرضاً فلسطينية ضُمت على أنها وديعة إلى الأردن. وفي عام 1950 حدث تطور آخر، فلم تكتف (إسرائيل) بما اغتصبته من القدس في إطار ما أسمته "التقسيم الفعلي"، وأعلنت في 23 من كانون الثاني/ كانون الثاني / يناير عام 1950 أن القدس كلها وبدون تحديد هي عاصمتها السياسية، فما كان من الحكومة الأردنية إلا أن قررت هي بدورها اتباع سياسة "الأمر الواقع"، فضمت المناطق التابعة لها في القدس وضواحيها وفي الضفة الغربية من الأردن إلى المملكة الأردنية في 22 من نيسان/ نيسان / أبريل عام 1950، واستمر هذا الوضع حتى عام 1967 حيث تم احتلال القدس الشرقية، فأصبحت أرضاً محتلة مثل سابقتها القدس الغربية خاضعة لاتفاقات جنيف.

ومنذ عام 1967 حاولت (إسرائيل) تطبيق مزاعمها تجاه القدس عبر جملة من السياسات والإجراءات والقوانين التي هدفت إلى خلق وقائع مادية لتغيير الوضع القانوني للمدينة المقدسة بما يخدم المخطط الصهيوني الرامي إلى تهويدها، وبكلمات أخرى إدخال تغييرات جوهرية على التركيب السكاني والوضع الجغرافي والإداري والاقتصادي، لتحويل الفلسطينيين في القدس إلى "أقلية هامشية تختفي تدريجياً"، بينما يتعزز الوجود اليهودي في المدينة. وفي الحقيقة شملت السياسات والإجراءات الصهيونية كافة أوجه الحياة واتخذت جميعها طابعاً عنصرياً.

اعترض العرب على هذه الإجراءات وأوصلوا شكواهم إلى هيئة الأمم المتحدة، فأصدرت الهيئة قرارات بتاريخ 4/ 7/ 1967 و14/ 7/ 1967 اعتبرت بموجبها الإجراءات الصهيونية باطلة، وطالبت بإلغائها والعدول فوراً عن اتخاذ أي عمل من شأنه تغيير الوضع في القدس.

وتُعد هذه القرارات، وقرارات مماثلة بشأن القدس أوضح تعبير عن حظر ضم الإقليم المحتل وفرض السيادة الصهيونية عليه أو اتخاذ أية تدابير ذات طابع سيادي؛ لأن سلطة المحتل على الأراضي هي سلطة مؤقتة بحكم الأمر الواقع ولا يمكن اعتبارها حقاً "مشروعاً".

وقد جاء القرار الدولي رقم 252 ليستنكر إقدام (إسرائيل) على ضم القدس، وليؤكد عدم مشروعية الإجراءات ووجوب المحافظة على وضع القدس.

ومع ذلك لم تأبه (إسرائيل) بموقف الأسرة الدولية وتمادت في إجراءاتها غير القانونية بشأن القدس لتبلغ ذروتها في عام 1980، عندما أقر الكنيست الصهيوني قانوناً "أساسياً" يعلن أن القدس هي العاصمة الموحدة (لإسرائيل)، مما دفع مجلس الأمن مرة أخرى إلى إصدار القرار رقم (478) في (20 من آب/ آب / أغسطس عام 1980)، وأهم ما جاء فيه : التأكيد على أن مصادقة "إسرائيل" على القانون الأساس للقدس، الذي أصدره الكنيست تشكل انتهاكاً للقانون الدولي، وتؤثر على انطباق اتفاقية جنيف الرابعة على جميع الأراضي المحتلة بما في ذلك القدس، وأكد القرار على عدم الاعتراف بـ"القانون" وغيره من أعمال الصهاينة التي تستهدف تغيير معالم القدس ووضعها.

تعددت التسميات والقدس واحدة:

قبل الاحتلال البريطاني البغيض لفلسطين (سنة 1917م) لم تكنْ هناك سوى قدس واحدة، هي تلك التي تحيط بها أسوار سليمان القانوني التي بناها السلطان الكبير في منتصف القرن العاشر الهجري، إضافةً إلى مجموعة من الأحياء أقامها العثمانيون خارج سور القدس في الشمال والشرق والجنوب، مثل حي الشيخ جراح في الشرق، وحي المسعودية في الشمال...

وفي أثناء الاحتلال البريطاني تلاعب المندوبون الساميون بالحدود البلدية للمدينة المباركة، فركَّز رسمهم لحدود بلدية القدس على التوسّع جهة الغرب عدة كيلو مترات؛ حيث الكثافة السكانية لليهود أعلى، أمّا في الجنوب والشرق حيث السكان عرب فلم يتجاوزْ الامتداد بضع مئات من الأمتار، فمُنِعت قرى عربية كبيرة من الدخول ضمن الحدود البلدية للقدس، وهي قرى: الطور، ودير ياسين، وسلوان، والعيسوية، والمالحة، وبيت صفافا، وشُعفاط، ولَفتا، وعين كارم.

هنا ظهرت القدس كمدن عدّة لا كمدينة مسلمة واحدة:

– فـ"القدس القديمة" أو العتيقة هي تلك الموجودة داخل سور سليمان القانوني، ومساحتها 8,71 دونماً (الدونم = 1000 م 2)، وطول السور 4,20 كم 2، وتقوم على أربعة جبال هي: جبل الموريا، وجبل صهيون، وجبل أكرا، وجبل بزيتا، ويوجد الحرم القدسي الشريف في الجنوب الشرقي للقدس القديمة فوق جبل الموريا.
– و"القدس الشرقية" هي القدس القديمة نفسها مضافاً إليها الأحياء التي زادها المسلمون خارج السور، مثل حي الشيخ جراح، وحي باب الساهرة، وحي وادي الجوز. وقد ظهر هذا المصطلح مع احتدام الصراع بين المسلمين واليهود في فلسطين قبل قيام الكيان الصهيوني، فقد تركّز العرب في شرق المدينة بأغلبية كبيرة، في حين تركّز اليهود بأغلبية ساحقة في غربها، فسُمِّي القسم الشرقي بـ"القدس الشرقية"، وأُطلق على الجانب الغربي اسم "القدس الغربية".
– و"القدس الغربية" هي القدس الجديدة التي نشأت في ظلّ الانتداب البريطاني على فلسطين؛ لتستوعب الهجرات اليهودية المتتالية، وقد اتسعت اتساعاً كبيراً، وضمّها البريطانيون إلى الحدود البلدية للقدس عام 1946م، فصارت مساحة القدس كلها 19000 كم 2؛ أي أكثر من عشرين ضعفاً من القدس العتيقة.
– و"القدس الموحدة" مصطلح يستعمله اليهود دلالةً على القدسيْن معاً (الشرقية والغربية)؛ لأنّ المدينة انقسمت عقب حرب سنة 1948م، فسيطَر الصهاينة على الجانب الغربي منها، واحتفظ الجيش الأردني بقيادة عبد الله التل - رحمه الله- بالجانب الشرقي، وحين سيطر اليهود على القدس كلّها يوم 7 حزيران / يونيو سنة 1967م وحَّدوا المدينة وأصرّوا على فكرة "القدس الموحدة عاصمة أبدية لـ(إسرائيل)!!
- و"القدس الكبرى" هي القدس الموسَّعة التي يحاول الصهاينة بها صنع هوية للمدينة تنمحي معها هويتها الإسلامية، فتبدو الأغلبية السكانية اليهودية كاسحة، وتصبح مساحة الأرض التي يسيطر عليها العرب صغيرة جدّاً بالنسبة لما يسيطر عليه اليهود.
ويستهدف مشروع القدس الكبرى تطويق الأحياء العربية في المدينة القديمة، وفصلها عن الأحياء العربية القائمة خارج السور؛ لإجبار العرب على معيشةٍ صعبة تذوب هويتهم معها، أو يضطرون إلى الهجرة من بيوتهم وأوطانهم.

وأيا كانت الأسماء والمسميات، فإنّ القدس بقديمها وجديدها وشرقها وغربها، كانت وستبقى أبد الدهر، مدينة عربية إسلامية.
ونعرف الآن أن ما يزيد عن ستين عاماً من جهود تكريس معالم هذه النكبة، فشلت في تحقيق هدف إزاحة مكانة القدس فلسطينياً، وعربياً، وإسلامياً.

إن معركتنا مع العدو الصهيوني معركة طويلة بدأت منذ أكثر من مائة عام وربما تستمر لبضعة عقود قادمة. وإن سنة التغيير في الكون وسنة التدافع بين الأمم وسنن النصر كلها تقتضي منا أن نبقى مؤمنين باللّه أولاً ثم بحقنا في تحرير أوطاننا ومقدساتنا، والعمل الدؤوب في سبيل ذلك بالكلمة المقاتلة والمساندة الفعالة والجهاد بمختلف صوره إلى أن يأذن اللّه بالنصر من عنده: {وما النصر إلا من عند اللّه}، {ولينصرن اللّه من ينصره إن اللّه لقوي عزيز}، {واللّه غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون}.
[/align]

نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)
توقيع أسماء بوستة
 [frame="15 85"]
لقد كنت قبل اليوم أنكر صاحبي
إن لم يكن دينه إلى ديني دان
لقد صار قلبي قابلا كل صورة :
فمرعى لغزلان و دير لرهبان
وبيت لأوثان وكعبة طائف
و ألواح توراة و مصحف قرآن
أدين بدين الحب أنى توجهت ركائبه
فالحب ديني و إيماني
إبن عربي
[/frame]
أسماء بوستة غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 30 / 10 / 2009, 12 : 12 PM   رقم المشاركة : [2]
نصيرة تختوخ
أديبة ومترجمة / مدرسة رياضيات

 الصورة الرمزية نصيرة تختوخ
 





نصيرة تختوخ has a reputation beyond reputeنصيرة تختوخ has a reputation beyond reputeنصيرة تختوخ has a reputation beyond reputeنصيرة تختوخ has a reputation beyond reputeنصيرة تختوخ has a reputation beyond reputeنصيرة تختوخ has a reputation beyond reputeنصيرة تختوخ has a reputation beyond reputeنصيرة تختوخ has a reputation beyond reputeنصيرة تختوخ has a reputation beyond reputeنصيرة تختوخ has a reputation beyond reputeنصيرة تختوخ has a reputation beyond repute

رد: الصهاينة يعملون ليل نهار لتهويد تراث وحضارة القدس الشريف بقلم أوس داوود يعقوب

مقال قيم فاضح للمخططات الشريرة التي تنوي تهويد القدس و طمس ملامحها الإسلامية, مهام جسيمة على عاتق فلسطينيي القدس مادام غيرهم من المسلمين مقصرين بشكل أو بآخر و حذر ومتابعة دائمة تستلزمها وضعية القدس ومايجري بها وإذا كانت صرخات غربية بدأت تتعالى بشأن ما يجري بالقدس فإن ذلك ليدل على هول الأمر والتجاوزات الفاضحة لدولة الكيان الصهيوني.
تحياتي
نصيرة تختوخ غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 30 / 10 / 2009, 54 : 02 PM   رقم المشاركة : [3]
فيصل بن الشريف الاحمداني
خريج كلية الاداب كاتب و اديب، يهتم بالشعر والدراسات النقدية

 الصورة الرمزية فيصل بن الشريف الاحمداني
 





فيصل بن الشريف الاحمداني is a jewel in the roughفيصل بن الشريف الاحمداني is a jewel in the roughفيصل بن الشريف الاحمداني is a jewel in the roughفيصل بن الشريف الاحمداني is a jewel in the rough

بيانات موقعي

اصدار المنتدى: الجزائر

رد: الصهاينة يعملون ليل نهار لتهويد تراث وحضارة القدس الشريف بقلم أوس داوود يعقوب

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
مقال تثبت به الحجة ايتها الفاضلة أسماء....
تثبت به الحجة على من يزال قابعا في وكر داره و الاقذار الصهاينة يدنسون القدس المبارك
بارك الله فيك أختي أسماء
ودمت بسلام
توقيع فيصل بن الشريف الاحمداني
 
فيصل بن الشريف الاحمداني غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 30 / 10 / 2009, 13 : 07 PM   رقم المشاركة : [4]
أسماء بوستة
أستاذة وباحثة جامعية - مشرفة على ملف الأدب التونسي

 الصورة الرمزية أسماء بوستة
 





أسماء بوستة is a splendid one to beholdأسماء بوستة is a splendid one to beholdأسماء بوستة is a splendid one to beholdأسماء بوستة is a splendid one to beholdأسماء بوستة is a splendid one to beholdأسماء بوستة is a splendid one to beholdأسماء بوستة is a splendid one to behold

بيانات موقعي

اصدار المنتدى: تونس

رد: الصهاينة يعملون ليل نهار لتهويد تراث وحضارة القدس الشريف بقلم أوس داوود يعقوب

[align=center]نصيرة "فراشة نور الأدب" أهلا عزيزتي
لقد صدقت، فالمهمة اليوم ملقاة على عاتق فلسطيني الداخل و خاصة أهالي القدس الشريف،
رغم أن ما يتعرضون له من الصهاينة من إنتهاكات لأملاكهم و أمنهم جسيم،
إلا انهم أثبتوا صبرهم و رفضهم لهذا التهويد و التدنيس السافر لمقدساتهم،
خاصة من خلال موقفهم الأخير و إعتصامهم بالمسجد الأقصى المبارك.
صديقتي، القدس في ألم وليل داج و أصحاب الكراسي في فرح و صبح مشرق...
مرورك شرفني
[/align]
توقيع أسماء بوستة
 [frame="15 85"]
لقد كنت قبل اليوم أنكر صاحبي
إن لم يكن دينه إلى ديني دان
لقد صار قلبي قابلا كل صورة :
فمرعى لغزلان و دير لرهبان
وبيت لأوثان وكعبة طائف
و ألواح توراة و مصحف قرآن
أدين بدين الحب أنى توجهت ركائبه
فالحب ديني و إيماني
إبن عربي
[/frame]
أسماء بوستة غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 30 / 10 / 2009, 39 : 07 PM   رقم المشاركة : [5]
أسماء بوستة
أستاذة وباحثة جامعية - مشرفة على ملف الأدب التونسي

 الصورة الرمزية أسماء بوستة
 





أسماء بوستة is a splendid one to beholdأسماء بوستة is a splendid one to beholdأسماء بوستة is a splendid one to beholdأسماء بوستة is a splendid one to beholdأسماء بوستة is a splendid one to beholdأسماء بوستة is a splendid one to beholdأسماء بوستة is a splendid one to behold

بيانات موقعي

اصدار المنتدى: تونس

رد: الصهاينة يعملون ليل نهار لتهويد تراث وحضارة القدس الشريف بقلم أوس داوود يعقوب

[align=center]الأستاذ الفاضل فيصل بن الشريف الأحمداني
تشرفت بمرورك بمتصفحي
للأسف أخي المصاب جلل و القادم يخيل إلي أنه أحلك و الهمم في الأرض..
فقط الخذلان و الصمت و الهوان...و أنا أول الصامتين، و لكن لا حيلة لي...

إحترامي و تقديري لك
[/align]
توقيع أسماء بوستة
 [frame="15 85"]
لقد كنت قبل اليوم أنكر صاحبي
إن لم يكن دينه إلى ديني دان
لقد صار قلبي قابلا كل صورة :
فمرعى لغزلان و دير لرهبان
وبيت لأوثان وكعبة طائف
و ألواح توراة و مصحف قرآن
أدين بدين الحب أنى توجهت ركائبه
فالحب ديني و إيماني
إبن عربي
[/frame]
أسماء بوستة غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 31 / 10 / 2009, 42 : 03 AM   رقم المشاركة : [6]
بوران شما
مديرة وصاحبة مدرسة أطفال / أمينة سر الموسوعة الفلسطينية (رئيسة مجلس الحكماء ) رئيسة القسم الفلسطيني


 الصورة الرمزية بوران شما
 





بوران شما has a reputation beyond reputeبوران شما has a reputation beyond reputeبوران شما has a reputation beyond reputeبوران شما has a reputation beyond reputeبوران شما has a reputation beyond reputeبوران شما has a reputation beyond reputeبوران شما has a reputation beyond reputeبوران شما has a reputation beyond reputeبوران شما has a reputation beyond reputeبوران شما has a reputation beyond reputeبوران شما has a reputation beyond repute

رد: الصهاينة يعملون ليل نهار لتهويد تراث وحضارة القدس الشريف بقلم أوس داوود يعقوب

الأخت العزيزة أسماء بو ستة

ملف رائع وقيّم , يؤكد لنا مانراه حتى اليوم من محاولات الصهاينة لتهويد
القدس , وما يقومون به من حفريات تحت المسجد الأقصى , كل هذا مؤلم
ويشعرنا بالمهانة والضعف والذل , ونحن نرى كل هذه الأعمال الإجرامية
واللاانسانية ولا نستطيع فعل أي شيء .
صحيح أن مهمة الصمود والتحرير ملقاة على فلسطينيي الداخل , ولكنهم
وأقسم بالله , يحتاجون الدعم والدعم الحقيقي من الخارج من العرب والمسلمين
وممن يؤمن بالحق والعدل .
القلب ينزف , والألم شديد , ولكن , وكما قلت , ماباليد حيلة .
وشكرا لك .
توقيع بوران شما
 بيننا حب أمامنا درب وفي قلوبنا أنت يارب
بوران شما غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 31 / 10 / 2009, 25 : 08 PM   رقم المشاركة : [7]
أسماء بوستة
أستاذة وباحثة جامعية - مشرفة على ملف الأدب التونسي

 الصورة الرمزية أسماء بوستة
 





أسماء بوستة is a splendid one to beholdأسماء بوستة is a splendid one to beholdأسماء بوستة is a splendid one to beholdأسماء بوستة is a splendid one to beholdأسماء بوستة is a splendid one to beholdأسماء بوستة is a splendid one to beholdأسماء بوستة is a splendid one to behold

بيانات موقعي

اصدار المنتدى: تونس

رد: الصهاينة يعملون ليل نهار لتهويد تراث وحضارة القدس الشريف بقلم أوس داوود يعقوب

الأستاذة الفاضلة بوران شما شكرا لمرورك القيم
لا نختلف في ان فلسطيني الداخل بحاجة ماسة إلى دعم من العرب و المسلمين، لكن كيف؟؟؟؟
الدعم المعنوي لن يقدم و لن يؤخر شيء، لا المشاعر و لا الأحاسيس اليوم ستُعيد فلسطين و لن تحمي المسجد الأقصى و القدس
أما الدعم المادي و الملموس بجميع أشكاله، فقد غدا جزءا من الأحلام و لعل "قافلة أميال من الابتسامات" المعرقلة منذ أسبوعين بميناء بور سعيد ابلغ مثال...
للبيت رب يحميه غاليتي
احترامي
توقيع أسماء بوستة
 [frame="15 85"]
لقد كنت قبل اليوم أنكر صاحبي
إن لم يكن دينه إلى ديني دان
لقد صار قلبي قابلا كل صورة :
فمرعى لغزلان و دير لرهبان
وبيت لأوثان وكعبة طائف
و ألواح توراة و مصحف قرآن
أدين بدين الحب أنى توجهت ركائبه
فالحب ديني و إيماني
إبن عربي
[/frame]
أسماء بوستة غير متصل   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
القدس الشريف،تهويد،جرائم،حضارة،أوس داوود يعقوب


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
قبائل ’’بني منشيه’’ الهندية.. مثال على تزوير الصهاينة للأنساب لتهويد فلسطين مازن شما التزييف.والسطو.التاريخي.اللغوي.التراثي 0 04 / 04 / 2015 09 : 04 AM
تفاصيل الوعود الغربية البلفورية منذ عام 1799م وحتى عام 1917م - بقلم أوس داوود يعقوب أسماء بوستة تاريخ و تأريخ 2 02 / 11 / 2012 56 : 01 PM
الراحل طلعت سقيرق.. بقلم أوس داوود يعقوب. مازن شما كتبوا عني 1 17 / 10 / 2012 37 : 11 AM
تهويد التعليم في مقدمة المخططات ((الإسرائيلية)) لتهويد القدس الشريف -أوس داوود يعقوب أسماء بوستة القدس في ألمٍ وليلٍ داج 0 30 / 10 / 2009 54 : 03 AM
إصدار ديوان القدس للباحث و الكاتب الفلسطيني أوس داوود يعقوب أسماء بوستة هيئة المثقفين العرب (للنقاشات الأدبية والأخبار الثقافية) 0 16 / 10 / 2009 30 : 01 AM


الساعة الآن 24 : 01 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Tranz By Almuhajir *:*:* تطوير ضيف المهاجر
Ads Organizer 3.0.3 by Analytics - Distance Education

الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة وتمثل رأي كاتبها فقط
جميع حقوق النشر والتوزيع محفوظة لمؤسسة نور الأدب والأديبة هدى نورالدين الخطيب © ®
لا يجوز نشر أو نسخ أي من المواد الواردة في الموقع دون إذن من الأديبة هدى الخطيب
مؤسسة نور الأدب مؤسسة دولية غير ربحية مرخصة وفقاً لقوانين المؤسسات الدولية غير الربحية

خدمة Rss ||  خدمة Rss2 || أرشيف المنتدى "خريطة المنتدى" || خريطة المنتدى للمواضيع || أقسام المنتدى

|