عهد إيلياء(من مواد الموسوعة الفلسطينية-القسم الأول-المجلد الأول)
عهد إيلياء (من مواد الموسوعة الفلسطينية – القسم الأول- المجلد الأول):
ينسب هذا العهد تارة إلى المدينة "إيليا" أي بيت المقدس , أو القدس , وتارة إلى عمر بن الخطاب الخليفة الثاني الذي تمّ في خلافته فتح فلسطين ومنها بيت المقدس.
منذ انتصار المسلمين على الحامية البيزنطية في داثن بأرض العربة في فلسطين , وحتى عام16هـ/637م تقريبا , كان قد تمّ تحرير فلسطين باستثناء قيسارية وبيت المقدس . ثم دخلت الأخيرة في أمان المسلمين عام 16 هـ , وقيل عام 17هـ, وقيل عام 15 هـ . وتختلف الروايات حول من أعطى الأمان من جانب المسلمين لأهل بيت المقدس , وحول من قام من أهل بيت المقدس بأخذ الأمان , ثم تختلف بعد ذلك في مضمون العهد وشروط الأمان : فمن جانب المسلمين قيل إن العهد كان على يد قادة المسلمين في بلاد الشام , وقيل إنه كان على يد الخليفة عمر بن الخطاب . ويبدو أن الذي تولّى الصلح هو عمر بن الخطاب بنفسه بناء على إصرار أهل إيلياء , وكتب عمر لهم العهد وأشهد فيه قوّاد المسلمين .
أما من جانب أهل إيلياء فقيل إن صفرونيوس بطرك إيلياء هو الذي تولى الصلح مع المسلمين وطلب من أهل إيلياء أن ينزلوا ويعقدوا الأمان معهم . وقيل بل كان قد لحق بمصر , وإن الذي تولى مصالحة المسلمين هم العوام من أهل إيلياء والرملة . وقيل إن أبا الجعيد – رجل من المستعربة – نزل في ناس من عظماء إيلياء وصالحوا المسلمين . وقيل اليهود , ولكن اليعقوبي يقول : والمجمع عليه النصارى .
أما بخصوص العهد فقد ذكر الأردي وابن أعثم أن أهل إيلياء سألوا العهد والميثاق والذمة والإقرار بالجزية فأعطوا ذلك ودخلوا فيما دخل فيه أهل الذمة من أهل الشام . يقول ابن أعثم : " وكتب لهم (أي عمر بن الخطاب) كتابا يتوارثونه إلى يومنا هذا (عصر ابن أعثم ) والله أعلم ".
ويقدم اليعقوبي نصا للعهد جاء فيه :
"بسم الله الرحمن الرحيم , هذا كتاب كتبه عمر بن الخطاب لأهل بيت المقدس , إنكم آمنون على دمائكم وأموالكم وكنائسكم , لا تسكن ولا تخرب إلا أن تحدثوا حدثا عاما " وأشهد شهودا .
ونص العهد عند ابن البطريق يماثل تقريبا ما جاء عند اليعقوبي , جاء عند ابن البطريق :
"بسم الله الرحمن الرحيم , من عمر بن الخطاب لأهل مدينة إيلياء أنهم آمنون على دمائهم وأولادهم وأموالهم وكنائسهم ألاّ تهدم ولا تسكن ". وأشهد شهودا . ولا يذكر "إلاّ أن تحدثوا حدثا عاما ".
وجاء عند عبد الرحمن بن الجوزي على النحو التالي :
فلما قدم عمر بن الخطاب بيت المقدس كتب لهم :" إني قد أمنتكم على دمائكم وأموالكم وذراريكم وصلاتكم وبيعكم ولا تكلفوا فوق طاقتكم , ومن أراد منكم أن يلحق لأمنه فله الأمان وأن عليكم الخراج كما على مدائن فلسطين ".
ولكن العهد في تاريخ الطبري يأتي أوسع , وجاء فيه :
"بسم الله الرحمن الرحيم , هذا ما أعطى عبد الله عمر أمير المؤمنين أهل إيلياء من الأمان , وأعطاهم أمانا لأنفسهم وأموالهم , ولكنائسهم وصلبانهم , وسقيمهم وبريئهم وسائر ملّتهم أنه لا تسكن كنائسهم ولا تهدم , ولا ينتقص منها ولا من حيّزها , ولا من صليبهم , ولا من شيء من أموالهم , ولا يكرهون على دينهم ولا يضارّ أحد منهم, ولا يسكن بإيلياء معهم أحد من اليهود . وعلى أهل إيلياء أن يعطوا الجزية كما يعطي أهل المدائن (مدائن الشام) وعليهم أن يخرجوا منها الروم واللّصوت (اللصوص) فمن خرج منهم فإنه آمن على نفسه وماله حتى يبغوا مأمنهم , ومن أقام منهم فهو آمن , وعليه مثل ما على أهل إيلياء من الجزية , ومن أحب من أهل إيلياء أن يسير بنفسه وماله مع الروم ويخلّي بيعهم وصلبهم فإنهم آمنون على أنفسهم وعلى بيعهم وصلبهم حتى يبلغوا مأمنهم , ومن كان بها من أهل الأرض قبل مقتل "فلان " فمن شاء منهم قعد , وعليه مثل ما على أهل إيلياء من الجزية , ومن شاء سار مع الروم , ومن شاء رجع إلى أهله , فإنه لا يؤخذ منهم شيء حتى يحصد حصادهم , وعلى ما في هذا الكتاب عهد الله وذمة رسوله وذمة الخلفاء وذمة المؤمنين إذا أعطوا الذي عليهم من الجزية ". شهد على ذلك خالد بن الوليد وعمرو بن العاص وعبد الرحمن بن عوف ومعاوية بن أبي سفيان .
ثم يظهر التوسع في العهد في تاريخ ابن عساكر والحنبلي , وتكثر شروطه وتتنوع بشكل يختلف كثيرا عما عرفت به عهود الرسول (صلعم) من أهل مقنا ويوحنا بن رؤبة صاحب أبلة وغيرهم , وعمّا عرفت به عهود المسلمين لأهل مدائن الشام , ثم يصبح العهد عاما لجميع النصارى , ويطلق ابن قيّم الجوزية عليه اسم "الشروط العمرية ".
نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)
|