مقدمة يوسف إدريس في المجموعة الكاملة لقصص غسان كنفاني .
مقدمة يوسف إدريس في المجموعة الكاملة لقصص غسان كنفاني .
يقول الدكتور يوسف إدريس في المقدمة التي كتبها لمجموعة قصص غسان كنفاني بأن التجربة الروحية التي مرّ بها وهو يقرأ كل هذه القصص القصيرة التي كتبها غسان أحدثت في نفسه آثاراً لم يكن يتصورها، فقد جعلت قضية الشعب الفلسطيني تتحول في نفسه من عريضة دعوى وأعمال بطولية أخبارية، وشعارات تحولت إلى مادة حية خالدة الحياة، إلى قلوب وصدور ونبض، إلى أطفال حقيقيين ونساء ورجال مثلما يتحول كتاب الجغرافيا أمام قارئه فجأة ليس فقط إلى فعليم حي، ولكن إلى أحياء يحملون على أكتافهم كل تاريخ ذلك الشعب وخصائصه، كل ملامحه ودروب خوالجه، كل ما يجعلهم أخلد حتى من الشعب ذاته، فليس أخلد من الشعب إلا الشعب حين يصبح غناءً وموسيقى ولوحات.
وفوق أنها جعلته، وأيضاً لأول مرة، يقرأ الإنتاج الكامل لغسان كنفاني، فقد جعلته يفطن أيضاً إلى أن قراءة قصص غسان القصيرة على انفراد شيء آخر غير قراءتها مجتمعة. ففوق أنها خلية حية ممكن أن تقوم بذاتها، فهي حين تنضم إلى باقي إنتاجه يكون الإنتاج جميعه كائناً حياً عملاقاً، أو بالأصح عملاً فنياً واحداً أكبر بكثير من كل مكوناته مجتمعة، تكون في النهاية "قصة" غسان كنفاني، ناهيك عن روعتها والأثر المهول الذي تتركه فهي هكذا وبالنهاية المروعة التي انتهتها أعظم قصة في تاريخ الأدب العربي.
بل ربما في تاريخ غيره من الآداب. ويضيف الدكتور إدريس قائلاً بأنه لم ير مثل هذا التكامل. فالبطل في مجموعة غسان الأولى مراهق يتكلم القضية لا يزال، ويتعلم عيش "النازحين" ويتعلم ضرب النار. وبالتدرج ينقل غسان القارئ مع البطل والقصبة للوصول بهذا المراهق إلى الحد الذي أصبح القتال عمله من أجل حل قضيته، وللوصول بالقضية إلى المدى الذي أصبحت فيه (أيديولوجية) كاملة وفلسفة بل وكل الحياة. وهناك النهاية تلك التي لم يكتبها غسان في قصصه القصيرة أو الطويلة فنهايات مثل تلك لا تكتب. لقد ظل يكتب حتى بلغ الحد الأعلى للكتابة، حتى لم يعد هناك ما يكتب.
وهكذا كان لا بد للنهاية أن تكون عملاً فوق الكتابة، وفوق آماد التصور، وفوق الخيال. كان لا بد أن تكون (العمل، الشعر) أو الاستشهاد، أرقى وأعظم وأنبل مراحل أي عمل فني أو إنساني على الإطلاق. لقد كانت فلسطين موضوع حياة غسان، وموضوع كتابات غسان، وموضوع رواياته، ومقالاته وقصصه القصيرة، كانت أيضاً موضوع حياته وموضوع موته. وهنا تكمن عبقرية غسان، هذا الإخلاص الكامل للقضية مع الصدق الكاسل لهذا الإخلاص جعله يستطيع أن يكتب كل هذه الأعمال، ومعظمها فنية، دون أن يكرر نفسه مرة أو يتحدث عن الشيء الواحد مرتين. وموضوعه الواحد لم يكن فلسطين كلها دائماً، كان شريحة واحدة من القضية، هي موقف الفلسطيني من قضية فلسطين.
ومن قصص غسان الأولى كان تأثره واضحاً بجوركي وتشيكوف وبالسابقين عليه قليلاً من جيله من الكتاب العرب وهذا شيء طبيعي ولكن غسان ما لبث أن وجد طريقه، فالقضية، ذلك الجبل المغناطيسي الهائل كان جذبها أقوى من أي قرعة أخرى، أو مسالك آخر. ونفسها القضية شكلت أسلوب غسان الخاص، وهكذا حدد غسان للعمل الفني القصصي الذي يتناول قضية شعبية شكلاً فنياً بارع الإتقان، وأهم ما فيه أنه غساني كنفاني مائة بالمائة.
كاتب نور أدبي يتلألأ في سماء نور الأدب ( عضوية برونزية )
رد: مقدمة يوسف إدريس في المجموعة الكاملة لقصص غسان كنفاني .
سيظل الثامن من تموز من كل عام ذكرى خالدة و أليمة..
حين نجح المجرمون بقتلك و فشلوا في تغييبك.
ستبقى قمراً وهاجاً رغم الظلمة الحالكة.
ستظل حروفك أملاً و شمساً تسطع في فضاء الحرية.
في جنات الخلد يا غسـان.
رد: مقدمة يوسف إدريس في المجموعة الكاملة لقصص غسان كنفاني .
القضية بخير
وفلسطين بخير
وشعبنا بخير
ما دامت فيه عقول مشدودة لطين الوطن من خلال رجال يسكنون طينه
وما دامت قيه أقلام تعشق الماضي حاضرا نستنير به
هذه كلها مقدمات مخاض قادم ولا ريب
قد يطول المخاض
وقد يطول النزيف
لكن الصرخة أسمعها
ميساء البشيتي
أحييك
قلما وعلما وهرما
مشكاة أنت على الدرب
مديرة وصاحبة مدرسة أطفال / أمينة سر الموسوعة الفلسطينية (رئيسة مجلس الحكماء ) رئيسة القسم الفلسطيني
رد: مقدمة يوسف إدريس في المجموعة الكاملة لقصص غسان كنفاني .
الأخ الأستاذ الأديب صبحي ياسين
أشكرك من كل قلبي وبإذنه تعالى ستظل فلسطين بخير والقضية
وشعبنا الأبي بألف خير .
واسمح لي , واسمحي لي أختي العزيزة ميساء أن أورد هنا ما كتبه
والد الشهيد الكبير غسان كنفاني في مذكراته عن ولده غسان :
" غسان طفل هادئ يحب أن يكون وحده في غالب الأوقات. مجتهد
ويميل إلى القراءة يحب الرسم حباً جماً. مهمل وغير مرتب ولا يهتم
بملابسه وكتبه وطعامه , وإذا ذهبنا إلى البحر وغالباً ما نفعل... كان
بيتنا قريباً من الشاطئ - يجلس وحده ... ويصنع زورقاً من ورق يضعه
في الماء ويتابع حركته باهتمام .
قال لي ذات مرة وكان عمره سبع سنوات :" بابا انا أحب الألمان أكثر من
الإنكليز ! سألته لماذا ؟ قال : لأن الإنكليز يساعدون اليهود ضدنا".
بتاريخ 26/4/1948 صحونا على صوت الرصاص والقذائف التي تطلق
باتجاه بيوتنا بكثافة من جهة محطة القطار , فخرج ولدي غازي وأحمد السالم
وفاروق غندور وأخي صبحي يحملون بواريدهم ويطلقون الرصاص من بيت
الدرج باتجاه اليهود المهاجمين , وخرجت لاستطلع الأمر حيث رأيت بعيني جثة
رجل عربي لم أتبين من هو ملقاة في وسط الشارع .
وكان ولدي غسان حول أقاربه يجمع أغلفة الرصاص الفارغة الساخنة , في المساء
لاحظت بعض الحروق على كفيه , ورأيت في عينيه نظرة لم أرها من قبل, ارتمى
على صدري , لاحظت أنه مقبل على البكاء , فبكينا سوياً.
بتاريخ 12/2/1950 أرسلت تحريراً إلى وزير خارجية إيطاليا بشأن ميول غسان
وأنا شخصياً لا أشك بأن المستقبل باسم وزاهر أماما غسان , خصوصاً في الرسم
والخط والأدب العربي سواء في نطقه أو كتابته أو ارتجاله .
في 6/3/1955 تأكدت اليوم أن غسان منتسب إلى حركة القوميين العرب ويعمل
في جريدة الرأي الناطقة باسمهم ويقضي معظم أوقاته في مكاتبها .
كنت أتمنى أن يكون غسان وأخوته المشتتون في أنحاء العالم إلى جانبي نعيش معاً
في بيت واحد ساهموا جميعاً في إرساء أساسه, لكنني رغم ذلك أقرأ لغسان كل يوم
وأعرف المقالات التي يكتبها بأسماء مستعارة .
أخاف عليه وأفخر به , أحس أنه سيصير ذا شأن عظيم , أحس به امتداداً لنا , فقد
خلقت فيه المعاناة بشتى صورها وأشكالها والتي عاشها يوماً بيوم الصورة الحقيقية
للفلسطيني .
وفقك الله ياغسان ... ياقطعة غالية من كبدي " .
(( منقول ))