التسجيل قائمة الأعضاء



 
القدس لنا - سننتصر
عدد مرات النقر : 137,866
عدد  مرات الظهور : 162,388,976

اهداءات نور الأدب

العودة   منتديات نور الأدب > على مرافئ العروبة وفي ساحات الوطن > أحداث وقضايا الأمّة > المقالة السياسية
المقالة السياسية المقالة السياسية عموماً

إضافة رد
 
أدوات الموضوع
قديم 30 / 04 / 2010, 43 : 07 PM   رقم المشاركة : [1]
يوسف سامي اليوسف
ناقد ومترجم

 الصورة الرمزية يوسف سامي اليوسف
 




يوسف سامي اليوسف is on a distinguished road

الغيتو الصهيوني ـــ يوسف سامي اليوسف

[align=center][table1="width:100%;"][cell="filter:;"][align=justify]مخطئ كل من يحسب أن الصهيونية قد فعلت أيما شيء سوى أنها أنشأت صنفاً من أصناف الغيتو (حارة اليهود) على شطر من الساحل الشرقي للبحر المتوسط، وذلك بعد ما شردت الفلسطينيين من ديارهم، وأحلت محلهم يهوداً استوردتهم من ثلاثة وثمانين إقليماً من أقاليم الدنيا، وكذلك بعدما انتحل الصهاينة لغة الكنعانيين وسموها اللغة العبرية زوراً وبهتاناً. وحتى الاسم الرسمي للغيتو الصهيوني هو اسم كنعاني، تدخل في تركيبه كلمة «إيل» الذي هو الله (تعالى) في اللغة الكنعانية أو الفينيقية. ولقد اتضحت هذه الحقيقة بعد اكتشاف لغة أوغاريت التي ثبت أنها لا تختلف عما يسمى باللغة العبرية في شيء ذي بال.[/align][align=justify]
فلا خروج عن سمت السداد إذا ما أعلن المرء أن التوراة، التي اتخذوا محتواها ذريعة لإنشاء الغيتو، هي ثقافة منحولة من بابل وكنعان ومصر الفرعونية. فقد تمكّن الدارسون الغربيون أن يردّوا الكثير من عناصر التوراة الملفقة إلى تلك الأقطار الثلاثة حصراً، ولاسيما إلى بابل، مدينة النور في العالم القديم، بل أعجوبة الدنيا في الألفين الأول والثاني قبل الميلاد، وفي المكتبات العربية اليوم كتب كثيرة مدارها على الانتحال الذي مارسه الكهنوت اليهودي من أجل تأليف التوراة.
ويبدو أن اليهود قد بذلوا جهوداً كبيرة طوال أزمنة مديدة، وذلك ابتغاء تأسيس هذا الغيتو الذي يتوجب على كل عاقل أن يتساءل عن جدواه، أو عن لزومه، حتى لليهود أنفسهم. ولابد للمتأني، حين يتأمل الظاهرة الصهيونية، من أن يخطر في باله هذا القول: تمخض الجمل فولد فأراً.
فمما هو ناصع لكل مهتم بالمسألة الفلسطينية أن اليهود أقاموا الدنيا بأسرها ولم يقعدوها، وذلك ليهندسوا هذا الغيتو الذي سوف يعتزلون في جوفه إلى أن يأذن التاريخ بزواله. ومما هو مرجّح أن شعوب المنطقة العربية لن تقبلهم في أي يوم من الأيام، وذلك لأنها لا مصلحة لها بوجودهم، بل هي تتضرر من هذا الوجود، حتى في حال السلام، لأنهم يعيشون من نفط العرب الذين يتوجب عليهم أن يجوعوا لكي يشبع الصهاينة، أو سكان الغيتو، أما رفض المنطقة العربية لهم فهو شيء يعزز ما فحواه أنهم ما صنعوا سوى صنف من أصناف المعزل الذي يعزلهم عما سواهم من الناس. أضف إلى ذلك أنهم الغزاليون بحكم تقاليدهم، أو هم معتادون على الإقامة في جحر ضبّ يفضلونه على الاندماج بالآخرين. فمما يعلمه الجميع أن اليهودي شخصية سردابية انعزالية مغلقة.
ومما لابد له من أن يلفت انتباه المؤرخ أن مؤتمر سان ريمو، الذي عقد إثر الحرب العالمية الأولى، قد منح الصهاينة النصف الجنوبي من بلاد الشام، أو كامل فلسطين والمملكة الأردنية الهاشمية الحالية، ولكن الذي تم بالفعل هو أن فلسطين وحدها قد وضعت تحت تصرفهم، شريطة أن يكون خمس أراضيها، أو زهاء ذلك، مكرساً للفلسطينيين، يقيمون فيه. وهذا هو التقسيم الحقيقي، وليس ذاك الذي أصدرته الأمم المتحدة سنة 1947. ويبدو أن الغربيين سرعان ما تنبهوا لخطورة الدولة التي قرروا تأسيسها بناء على منحة سان ريمو، أو الهبة السخية التي وهبوها للصهاينة، فراجعوا أنفسهم، واكتفوا بإعطائهم فلسطين وحدها. وفي هذا ما يؤكد أن الغربيين أنفسهم لا مصلحة لهم البتة في بناء الغيتو، ولهذا فإنه أعقد مما ظن أصحاب النظريات الاقتصادية الذين خدموا الإنسان وأحلوا محله منتجاته المادية بوصفها المحرك الوحيد للتاريخ والحياة الجماعية.
ويتساءل نتنياهو، رئيس وزراء الغيتو سالفاً، في كتاب له عنوانه «مكان تحت الشمس»، عن السبب الذي جعل الغربيين يحرمون الصهاينة من شرقي الأردن. ولكنه يحجم فلا يجيب عن سؤاله هذا، مع أن الإجابة سهلة جداً. (يبدو أن رجال السياسة كثيراً ما يكونون أغبياء، فضلاً عن كونهم بلا أخلاق، في معظم الأحيان) إن الغربيين، أو ربما اليهود الذين يملكون أمريكا ويحكمونها، كما يقال، لن يسمحوا لليهود الذين يحتلون فلسطين بأن يمتد نفوذهم إلى مشارف الينابيع الغزيرة للنفط في العراق وفي الساحل الشرقي للخليج. ويجب أن نميّز بدقة بين اليهود الذين يملكون أمريكا (إن كان اليهود يملكون أمريكا) وبين الصهاينة الذين لن يكونوا البتة إلا في حال التبعية للولايات المتحدة، سواء أكانت تلك الولايات من مقتنيات اليهود أم من مقتنيات سواهم.
فمما هو بديهي أن دولة عصرية قوية تضم الشطر الجنوبي من بلاد الشام سوف تنطوي على تهديد مضمر للمصالح الإمبريالية في غرب آسيا وشمال أفريقيا. وهذا يعني أن الغربيين يخافون من الصهيونية بمقدار ما يخافون من الوحدة العربية سواء بسواء. ولعل مما هو ناصع تماماً أن ثمة قراراً إمبريالياً (يهودياً؟) بمنع قيام أية بنية تاريخية متينة أو رصينة في أي مكان من أماكن العالم الإسلامي بأسره، ولاسيما إذا كان قريباً من منابع النفط.
ومخطئ كذلك كل من يحسب أن كل شيء قد انتهى، وأن الصهاينة لن ينالوا، في قابل الأجيال، جَزاءهم الذي يستحقون. ولست لأذهب هذا المذهب من باب التنفج العنتري، وإنما من باب آخر، لعله أن يكون تفسيراً خاصاً لنظرية ابن خلدون التي تنطوي على دراية عميقة بالسيرورة الموضوعية لشؤون الحياة والتاريخ. فمما أكده ذلك الحكيم في مقدمته على نحو إضماري، أن ثمة عدالة نسبية في قلب المجرى الفعلي للتاريخ، حتى وإن كانت لا تتمتع بالكلية أو بالشمول. فالغيتو الصهيوني مرتبط بمصير الغرب، والغرب هابط لا محالة. ولسوف يهبط الغيتو معه هبوط زوال وانقراض.
لكم هو حكيم هذا الرجل الذي سطا بعض الألمان، ولاسيما هيغل واشبنغلر، على نظريته وانتحلوها بتكتم شديد. فالقوة التي لها السيادة اليوم سوف تصير إلى العبودية في المستقبل، وذلك بناء على ناموس ضروري أو حتمي يند عن كل نقض أو إلغاء، إذ إن نواميس الحياة التاريخية أمتن من الفولاذ.
وهذا هو حتماً مصير الأوروبيين والأمريكيين والصهاينة، والأخيرون من هؤلاء ما كان لحركتهم أن تعرف دربها إلى الوجود لولا تلك السورة العارمة التي عاشها الغربيون خلال القرون الستة الأخيرة. وفضلاً عن ذلك، فإنه لا بقاء لشيء، والتغير هو الصفة الأولى لجميع الكائنات التي لا تملك أن تكف عن التبدل بتاتاً. فأين الامبراطورية الرومانية، وأين الدولة الأموية وأين قوة فرعون.... الخ؟
ولهذا، يملك المرء أن يؤكد، مستنداً إلى منطق الأشياء وطبعها، أن مصير الصهاينة سوف يكون أسود كالحاً في المستقبل. ولو أرادوا اجتناب ذلك المصير المنحوس لأسسوا لهم دويلة على قطعة من الأرض في إحدى الأمريكيتين، ولاسيما في كندا، وذلك بعدما أباد الغربيون الهنود الحمر، فلم تعد الأرض تخص أحداً. أما أن يغتصبوا أرض الفلسطينيين، وأن يطردوهم من حقولهم وديارهم، ويشردوهم صوب كل أفق وتحت كل سماء، وأن ينكبوهم بالمجازر والكوارث، ثم أن يفلتوا من العقاب، فهذا أمر لن يتم بتاتاً، وذلك لأن الجزاء يتوافق مع طبع التاريخ وسننه، أو مع المنطق المتحكم بمساره الحتمي أو الموضوعي. ولست لأذهب هذا المذهب من باب «التفكير الرغبي»؛ بل من باب استقراء التاريخ بعد التحديق طويلاً في أحداثه وتفاصيله.
ولاعجب، فالتاريخ الذي أفرز الشروط التي كفلت بناء الغيتو الصهيوني سوف يعمل هو نفسه على إفراز الشروط الكفيلة بتدميره وإزالته من الوجود.
فمما أوحى به ابن خلدون على نحو مضمر حقيقة فحواها أن مايبنيه الزمان يهدمه الزمان. إذن، لاغلو إذا مازعم المرء بأن تلاطم أمواج التاريخ كفيل بهدم ذلك البنيان الهش الذي يعيش، كالأشنيات، عالة على سواه من المجتمعات، ولاسيما على نفط العرب حصراً، أو على جزء مما ينهبه الغربيون من ذلك النفط. لقد نبع الغيتو الصهيوني من آبار الزيت العربية، ولسوف يضمحل ويتلاشى بالتدريج حين تبدأ تلك الآبار بالنضوب والاضمحلال. وهذا يعني إن ذلك الغيتو قد جاء مشروطاً بثلاثة شروط، هي: التوراة والسورة الأوروبية ونفط العرب.
ففي سنة 2002 كانت ميزانية الغيتو أربعة وستين ملياراً من الدولارات، وربما صارت أكثر من ذلك في هذه الأيام. ولو أنه قد بيع كله مع سكانه وجملة محتوياته ومقتنياته لما درّ ذلك البيع المتخيّل مبلغاً كهذا المبلغ الفلكي. فمن أين لهم هذا؟ بداهة، إن تلك الأموال الطائلة هي حصة الغيتو من نفط العرب، ولاسيما نفط الخليج الذي ينهبه الغربيون علناً وفي وضح النهار، بعدما يتركون شطراً منه للطبقة الخائنة. ومن لا يدرك هذه الحقيقة الناصعة تمام النصوع، فإن فطنته، أو جهاز بداهته في حال عطالة يتعذر رأبها أو إصلاحها. ولئن لم ترصد داخلك الخاص، فما من قوة على الأرض تملك أن تجعلك قادراً على أن ترى.
إذن، يجوز القول بأن الغيتو الصهيوني هو تجمع طفيلي لا تنبع طاقته من داخله، كما هي حال المجتمعات السويّة، بل هو يعيش عالة على سواه من القوى دون أي شعور بالخجل، حتى لكأنه يشبه مريضاً يحقن بالأدوية على نحو دائم. ثم إنه كذلك شاد في نشوئه المصطنع والنائي عن حقيقة النشوء الطبيعي للمجتمعات، لأنه نشأ من وعد قدمه وزير لإحدى الدول الكبرى، وكذلك من قرار أصدرته الأمم المتحدة، التي لا تزيد عن كونها أداة من أدوات الإمبريالية، والتي لا يحق لها البتة أن تعبث بمصائر الشعوب. كما عبثت بمصير الشعب الفلسطيني الذي قدمته أُضحية على مذبح يهوا.
ولعل أهم ما في أمر الغيتو الصهيوني اليوم أن الفساد يقضمه من داخله. فبينما كان قادة الجيل الصهيوني الأول إرهابيين أو مجرمين (بيغن وشامير وشارون وسواهم)، فإن قادة الجيل الراهن فاسدون متعفنون، لا يتورعون عن اختلاس الأموال العامة، أو عن استلام الرشاوى واستغلال مناصبهم من أجل الإثراء السريع. وهذه علامة انحلال ناصعة تمام النصوع. فحين يفسق المترفون أنذر بالزوال وسوء الأحوال.
إذن، تلكم هي الصهيونية التي ناصرها «العالم الحر» على نحو لم يؤلف من قبل: إرهاب وفساد وكوارث ومذابح تعرض لها الشعب الفلسطيني طوال السنوات الستين الأخيرة.
يقول أحد أمثالنا الشعبية: فلان يطعم نفسه جوزاً فارغاً، أي هو يزعم لنفسه صفات ليست فيه. وحين ادعى الصهاينة أنهم هزموا سبعة جيوش عربية ـ وهذه أكذوبة قد تنطلي على الكثيرين ـ فقد أطعموا أنفسهم جوزاً فارغاً، وذلك لأنهم لم يهزموا (ولا كان في ميسورهم أن يهزموا) أي جيش قط، بل إنه لم تقم أية حرب في منطقتنا منذ مئات السنين.
وربما جاز الزعم بأن نشوب الحرب ممنوع في هذه المنقطة نفسها، وهي التي يتقرر مصيرها من خارجها، منذ مئة سنة تقريباً. فمن شأن الحرب الضروس الطاحنة أن تدفع الصهاينة الآتين للارتزاق إلى مغادرة الغيتو صوب بلاد الثراء في أوروبا وأمريكا. وإذا ما غادروه فإنه يكون قد انتهى، أو يكون المشروع الصهيوني قد أفلس بالفعل. ولهذا، فإن حرباً حقيقية لم تنشب في منطقتنا، وهي لن تنشب على المدى المنظور.
أما الذي جرى ههنا بالفعل، منذ عام النكبة حتى اليوم، فلا يزيد عن كونه صدامات ومناوشات خفيفة قلما تبلغ شدتها الدرجة الوسطى، ولهذا فإنها لا تستحق أن تحشر في فصيلة الحروب، وإنما في أشباه الحروب، مع أن جيوشاً جرارة في الجانبين هي التي خاضتها أو نفذتها. وبما أن تلك الجيوش كبيرة العدد وجيدة التسليح، فقد كانت شديدة القدرة على إنجاز تواترات حربية أو تاريخية هائلة جداً. وبما أنها لم تفعل ذلك، مع قدرتها عليه، فإن الأمر يعتوره الريب من ألفه إلى يائه. ولهذا أراه يحتاج إلى توضيح وتفسير بغية استيفاء الحقيقة. وتلكم هي مهمة المؤرخ الذي لم يولد بعد، أيّاً كانت جنسيته أو لغته. ويتوجب على ذلك المؤرخ المقبل أن يحذر الحذر الشديد من أي تزوير قد يضفيه اليهود على وقائع التاريخ، فهم مشهورون بالإساءة إلى الحقيقة.
فقد زوروا مجموعة من الحقائق هذا بعضها:
أولاً: زعموا أن اللغة الكنعانية هي لغتهم، فسموها اللغة العبرانية، تماماً كما زعموا أن أرض كنعان هي أرض أجدادهم، فغيروا اسمها بما يتناسب مع أغراضهم وأهوائهم.
ثانياً ـ زعموا أن هتلر أباد منهم ستة ملايين نسمة، مع أنهم لا يملكون برهاناً غير زائف على أنه قد أباد منهم ستة آلاف فقط.
ثالثاً ـ ادعوا بأن الحرب هي التي شردت الفلسطينيين وطردتهم من ديارهم. وفي الحق أنهم طردوا الناس بالسلاح والمجازر في عام النكبة. ولو كانوا أبرياء وصادقين لسمحوا اللاجئين بالعودة إلى بيوتهم عند انتهاء تلك الحرب المزعومة.
رابعاً ـ أشاعوا ما فحواه أنهم هزموا سبعة جيوش عربية، مع أنهم لم يخوضوا معركة واحدة جديرة بأن تسمى معركة. فلكي ينتصر جيش عليه أن يحارب أولاً. والغريب أن جيشهم ينتصر دون أن يحارب. وبذلك فإنهم يذكرون المرء بنكتة مدارها على يهودي راح يرجو الله بإلحاف كي يمنحه الجائزة الكبرى، ولكن دون أن يشتري بطاقة يانصيب فبكل تأكيد كانت القوات العربية تسحب من أمامهم، فتخلى الأرض من السلاح والجند، ثم يدخلها جيش الصهاينة ظافراً، ولكن دون قتال.
وربما جاز لي أن أزعم بأن ما يسمى الجيوش العربية هو في الباطن جيوش الإمبريالية، أي جيوش اليهود، لأن الإمبريالية واليهود شيء واحد تماماً. وهذا ما يفسر مبدأ «ماكو أوامر» الذي كان سائداً في فلسطين طوال عام النكبة. لقد اصطدم الصهاينة بجيوش ليس لديها أوامر بالقتال إلا عند الدفاع عن نفسها، أو عن أرض لم التقسيم السري المكتوم، وهو الذي جرى حقاً، أو تم تنفيذه على الأرض، قد سمح بتسليمها للصهاينة فالصدامات الكبرى خيضت بين جيشهم وبين جيشين عربيين نضالاً عن مدينين هما حسب قرار التقسيم الشكلي الذي أصدرته الأمم المتحدة ليكون شهادة ميلاد للغيتو، وكذلك حسب قرار التقسيم الفعلي الذي تم تنفيذه، بعض من حصة العرب في فلسطين التي خضع معظمها للافتراس يومئذ.
فما عاد خافياً على أي مراقب نبيه أن جميع الجيوش احتياطي للإمبريالية والصهيونية، ومما يؤكد هذه الفكرة، أو الحقيقة، أن الجيش الأثيوبي قد دخل الصومال علناً لينجز بعض الغايات الإمبريالية، كما يؤكدها أن بعض الجيوش العربية قد ضربت الفلسطينيين مراراً وتكراراً منذ عام النكبة وحتى اليوم، ولا سيما في الأردن ولبنان. ومما هو في الصدق أن بعض الجيوش العربية قد انتزعت السلاح من أيدي الناس في فلسطين خلال عام النكبة. وفي وقائع الأيام الراهنة أن ثلاثة آلاف جندي مصري يحاصرون قطاع غزة الآن من جهته الجنوبية لصالح العدو الصهيوني.
وفي صلب اليقين أن الصهاينة ما هزموا أحداً سوى الشعب الفلسطيني الأعزل أو شبه الأعزل، والذي خذ له العالم كله وأسلمه للأيدي اللئيمة الحاقدة، بينما انصب على الصهاينة دعم جنوني لا حدود له. ومن شأن هذا الدعم أن يثير الاستهجان حقاً، والأهم من ذلك أنه يثير الريب ويدعو إلى التساؤل حول ما هو مخبوء. وقد جاءهم ذلك الدعم من الشرق والغرب على السواء، إذ إن أوروبا الشرقية كلها كانت تقف صفاً واحداً إلى جانب الصهاينة في أثناء عام النكبة المرّ. وفي حسباني أن الدعم قد أتاهم من العرب والعجم والديلم والروم والروس والفرنجة، وربما من شعوب لم يكشف النقاب عنها حتى الآن. ولهذا فإن في ميسور العاقل أن يعتقد بأن كياناً تاريخياً يحتاج إلى هذا الدعم كله، لهو كيان زائف شاذ مصطنع، ولا يملك أن يدوم طويلاً.
ولولا ذلك الدعم المتطرف؛ بل الهستيري، والمنقطع النظير في التاريخ، لاستطاع الشعب الفلسطيني وحده أن يطرد الصهاينة من فلسطين بالحجارة والهروات والخناجر، ولقذف بهم إلى البحر قبل عام النكبة بكثير.
ومما هو وثيق الصلة بهذا الرأي أننا نحن الفلسطينيين الذين عاصروا النكبة، أو الكارثة المرّة، نؤمن جازمين بأن اليهود جبناء ولا يصلحون للقتال. إنهم عرق غير بطولي بتاتاً، وذلك على النقيض تماماً مما أشاعوا في العالم بأسره. وهذا اعتقاد رسخته تجربتنا معهم، فقد كانوا يهاجمون في بعض الأحيان قرية فلسطينية هنا، أو قرية هناك، وليس فيها سوى بضع بنادق صدئة، ومع ذلك فإنها تتمكن من دحرهم، مع أن عددهم يكون بالمئات المسلحين بأسلحة شديدة التفوق على أسلحة الفلسطينيين. ولشدة جبنهم، فقد كنا نسميهم أبناء الميتة.
تقول أدبيات الصهاينة إنهم كانوا بغير سلاح تقريباً عشية دخول الجيوش العربية إلى فلسطين في شهر أيار سنة 1948، أو قل إن تسليحهم كان خفيفاً، وهذه حقيقة أملك أن أؤكدها بوصفي شاهد عيان. ومن غير المعقول أن تجمعاً بشرياً هذا شأنه قد استطاع أن يتمثل السلاح وتقاليده، وأن يفرز بنيته النفسية، بتلك السرعة الصاروخية العجيبة، وأن يهزم سبعة جيوش، ثلاثة منها (المصري والأردني والعراقي) أعدها الإنجليز أحسن إعداد بغية التصدي للألمان إذا ما وصلوا إلى قناة السويس، أو إلى منابع النفط في العراق.
ومن المؤكد أن الفلسطينيين ذوي التسليح الصدئ يومئذ (كان ثمن البندقية الجيدة في عام النكبة أكبر من ثمن بيت) قد استطاعوا أن يهزموا جيش الصهاينة، دون مساعدة من أية قوة عربية، عدداً من المرات لا يحصى.
وبوسع المرء أن يذكر مثالين كانا مشهورين في تلك الفترة، وهما قرية سلمى (قرب يافا) وقرية لوبيا (قرب طبريا). وهذه حقائق لا أحسب أن كتب الصهاينة وأدبياتهم قد تجاهلتها تمام التجاهل. (كان كاتب هذه السطور شاهد عيان على الصدام الذي جرى في لوبيا صبيحة الثامن من حزيران سنة 1948، يوم استطاع الفلاحون المسلحون بأضعف الأسلحة أن يهزموا جيش الصهاينة الخفيف التسليح في النصف الأول من عام النكبة، أي حتى سريان مفعول الهدنة الأولى في الحادي عشر من شهر حزيران) لقد تمكنت لوبيا من أن ترغم ذلك الجيش اللابطولي على مغادرة أرض المعركة بعدما خلف وراءه أربعاً وسبعين جثة، عدا عن الجثث التي أخلاها، كما خلف شيئاً لا يستهان به من الأسلحة والعتاد الحربي. نعم، استطاعت قرية أنجدتها القرى المجاورة أن تهزم ألفاً وخمسمائة جندي صهيوني يتفوقون على عدوهم في كل شيء عدا الصفات الذاتية التي هي أساس النصر إذا ما كان هنالك توازن في التسلح.
والجدير بالتسجيل، من أجل الحقيقة والتاريخ، أن جيش الإنقاذ راح يتفرج على الصدام من مسافة لا تزيد عن خمسة كيلومترات دون أن يحرك ساكناً عن ساكن..
وفي الحق أن ثمة من الأدلة ما يكفي لإقناع المرء بأن الصهاينة لم ينتصروا في أي صدام كبير على أي جيش عربي بتاتاً، فكل الذي جرى بينهم وبين الجيوش العربية لا يزيد عن كونه مناوشات وصدامات صغيرة فقط، أعني أنه لم تجر أية معركة تستحق أن تسمى معركة بتاتاً، مع أن بعض البلدان العربية كانت تعج بالجيوش. فانتصار الجيش الصهيوني على الجيوش العربية كان يحتاج إلى معجزة خارقة تهبط عليهم من السماء، وذلك بسبب الفارق في التسلح والتدريب اللذين كانا لصالح العرب، أقله حتى شهر أيلول من عام النكبة. ولهذا، فقد خسر الصهاينة جميع المناوشات الكبرى، ولا سيما مناوشة جنين التي خاضوها ضد الجيش العراقي، واعترفوا بألف ومائتي إصابة، وكذلك مسلسل المناوشات التي دارت في القدس ومحيطها وضواحيها بينهم وبين الجيش الأردني. وحتى حصار الفالوجة لم يكن لصالحهم، مع أنهم تعمدوا أن يهينوا الجيش المصري أكثر من سواه.
فمما ليس بالمعقول أن تهزمهم قرية ذات سلاح صدئ وأن يهزموا، في الوقت نفسه، جيوشاً أعدها الإنجليز لمواجهة الألمان. ولكن، أليس من البلاهة أن يعتقد أحد بأن الجيوش التي يحوزها الإنجليز، أصحاب وعد بلفور، كانت سوف تقاتل الصهاينة وتقذف بهم إلى البحر؟ ولهذا، فإنني أحذر المؤرخين جميعاً أن ينظروا إلى أقوال الصهاينة إلا بعين الارتياب.
وفي زعمي أن جميع ادعاءاتهم زائفة حتى يثبت العكس.
وربح جيشهم مناوشات صغيرة جداً صُممت بحيث تصدم قوة صهيونية كبيرة بمفرزة عربية صغيرة العدد. ومن أبرز الأمثلة على ذلك ما جرى في المالكية، وهي ضيعة في أقصى شمال فلسطين، يوم استطاع لواء صهيوني أن يبيد سرية لبنانية مؤلفة من ثمانين جندياً فقط، وكذلك يوم تمكن لواء صهيوني مدرع من أن يبيد سرية مشاة سورية تتألف من مائة جندي، وذلك إلى الغرب من قرية الجش. وتزعم وثائق الصهاينة أن الصدام قد تم إلى الشرق من سعسع المجاورة ؟؟ من جهتها الغربية. وهنالك مثال ثالث، وهو تلك السرية الأردنية الصغيرة التي هزمت على أيدي الآلاف من جنود العدو الصهيوني في مدينة الرملة دون أن تنجدها أية قطعة عسكرية عربية مهما تكن جنسيتها.
ومما هو معلوم أن الصهاينة قد خاضوا، في عام النكبة، سلسلة من الهجمات التي شنوها على مدينة القدس العربية بغرض احتلالها وانتزاعها من أصحابها الشرعيين. ومن المؤكد أنهم جندوا عدداً كبيراً من المتطوعين الأوروبيين الذي يحلمون باسترداد القدس من العرب منذ أيام الحروب الصليبية. ويمكن للمرء أن يراجع مذكرات عبد الله التل، ذلك الضابط الأردني الشهم الذي كان يقود كتيبة أردنية نافحت عن المدينة المقدسة، وحمتها من الصهاينة وصدتهم عنها كما يمكن للمرء أن يراجع كتاب «النكبة» لعارف العارف الذي كان شاهد عيان على كل ما جرى في القدس وضواحيها خلال ذلك العام.
لقد كانت هجماتهم وهجمات أنصارهم من المتطوعين الأوروبيين شديدة الشراسة حقاً في بعض الأحيان، ولكنها دحرت كلها، أو أحبطت وباءت بالإخفاق، ليس فقط في مدينة القدس وحدها، بل كذلك في محيطها وضواحيها. ولا عجب فالجيش الأردني أعد لمواجهة الجيش الألماني. وفي هذا برهان حاسم على أن الصهاينة لم يهزموا أي جيش عربي، حتى الجيش المصري الذي حاصروه في الفالوجة، والذي تآمرت عليه قيادته بكل وضوح. أن يلحق الصهاينة هزيمة بالجيش الأردني، أو العراقي أو المصري، فذاك إنجاز يحتاج إلى إعداد طويل، أو معجزة سماوية خارقة. وبما أنهم لم يتمكنوا من الاستيلاء على القدس العربية، مع شراسة هجماتهم وحدّتها، فإنهم لم يكونوا أنداداً للجيش الأردني، أو لأي من الجيشين الكبيرين الآخرين. وحتى الجيش السوري الذي كان قيد الإنشاء في عام النكبة، قد أكد تفوقه على جيش الصهاينة في معظم الصدامات التي خيضت بين القوتين على ضفتي نهر الأردن من جهته الشمالية. وهذا يعني أن المأفون وحده هو من يصدق بأن الجيش الصهيوني المولود للتو في عام النكبة قد هزم سبعة جيوش عربية يومئذ.
ومما يعرفه الجميع أن الصهاينة قد احتلوا القدس سنة 1967 دون قتال، بينما كانت البلدان العربية تعج بالجنود والأسلحة والعتاد الحربي الشديد التنوع. وفي الحق أن الجيش الأردني قد انسحب من القدس ومن الضفة الفلسطينية، باستثناء كتيبة مدرعة ظلت ترابط في جنين، قبل بدء القتال في الخامس من حزيران، وأظنني على صواب إذا ما زعمت بأن ما يجري في منطقتنا منذ عام 1948 حتى اليوم لا يتجانس مع قوانين التاريخ المعروفة، أو تلك التي تحدث عنها ابن خلدون أو سواه من المهتمين بفكرة التاريخ. فلئن كان الصهاينة بواسل وصناديد إلى هذا الحد الأسطوري، كما يزعمون، فلماذا لم يستطيعوا أن يحتلوا القدس وينتزعوها من الجيش الأردني في سنة الكارثة، بعد ما بذلوا قصارى جهدهم من أجل أن يحمي القدس من شرهم عام 1948، بينما تنصل من مهمة حمايتها كلياً في سنة 1967؟
وعلى أية حال، فإن الصهيونية قد استفادت كثيراً من الهزيمة المصطنعة، أو المسرحية، التي لحقت بالجيوش العربية في عام النكبة. وهذه هي أهم الفوائد:
أولاً ـ كانوا يحتاجون إلى عتلة من شأنها أن ترفع معنوياتهم وتقنعهم بأن بحر الأمة العربية المحيط بفلسطين ليس بذي أهمية وبذلك يتشجع يهود العالم ويأتون إلى الغيتو بعد التأكد من صحة قول أبي نواس:
«ليس الأعاريب عند الله من أحد». وجاءت الهزيمة الشكلية المفتعلة أو الزائفة لتقنع اليهود وسواهم بأن العرب ليسوا خطيرين بتاتاً، وفي الميسور أن يهزمهم جيش الصهاينة متى شاء. وبالفعل هاجر إلى الغيتو ربع مليون يهودي من رومانيا سنة 1952 وحدها.
إن الهزيمة وما تلاها من هزائم بعد سنة الكارثة، قد حطمت معنويات العرب. ودفعتهم إلى اليأس من إمكانية تحرير فلسطين، وأعدّتهم للقبول بوجود الغيتو الصهيوني على أرض فلسطين التي اغتصبت بقوة السلاح واقتلع سكانها منها بواسطة المجازر وإراقة الدماء.
وإذا ما تم اعتراف العرب بحق الغيتو في الوجود، فإن الصهيونية تكون قد انتصرت على نحو نهائي. ويبدو أن المواطن العربي قد داخ اليوم ويئس من المعضلة الفلسطينية التي لا أفق لها أولا أمل من ورائها. وعندي أن هذا التدويخ قد تم على نحو مدروس وبالتعاون بين قوى الشر العالمية وقوى الشر المحلية معاً.
ثالثاً ـ إن المناوشات والصدامات التي دارت بين الصهاينة والجيوش العربية في سنة الكارثة قد وجد فيها العدو فرصة ممتازة للزعم البهتاني بأن الحرب هي التي شردت الفلسطينيين، وليس المجازر وإزهاق أرواح الأبرياء. هكذا، بصفاقة متمادية، راحوا يزورون الحقيقة ويدعون بأن الحرب المزعومة، التي كانت الأنظمة العربية سببها، وفقاً لمزاعمهم، هي التي بعثرت الشعب الفلسطيني تحت كل سماء وأحالته إلى مجموعات من اللاجئين المشردين، بلا وطن، بل حتى بلا مأوى يقي من الحر والقر، في كثير من الأحيان. لقد زيفوا الحقائق التاريخية قبل أن يمضي على حدوثها عام واحد فقط.
بيد أن هذا التزوير لا ينطلي على أي حصيف نزيه بتاتاً، وذلك لأن وقائع المجازر معروفة للقاصي والداني منذ تلك الأيام. فمن المؤكد أن مجزرة دير ياسين لا يجهلها أحد. حتى الوكالة اليهودية استنكرت الفظاعة التي تعرض لها سكان تلك القرية المنكوبة، ولا سيما بعد ما سبى الصهاينة قسماً من أهاليها وأخذوهم إلى القدس. وقد اعترف بن غوريون، الإرهابي الكبير القادم من بولونيا، بالمجزرة وأنحى باللائمة على بيغن وعصابته المتطرفة في الإجرام كما اعترف الرجل نفسه، أعني بن غوريون، في مذكراته بمجازر ارتكبت في شمال فلسطين وجنوبها، أواخر تشرين الأول من عام النكبة. ولا ريب في أنه يشير إلى مجزرة الصفصاف القريبة من صفد، وكذلك إلى مجزرة كفر عنان القريبة من الرامة في قضاء عكا، ثم إلى مجزرة الدوايمة الواقعة بين غزة والخليل في الجنوب.
ومنذ بضع سنوات استطاع مؤرخ صهيوني أن يكتشف مقبرة جماعية لضحايا مجزرة الطنطورة التي ارتكب فيها الصهاينة من الفظائع ما لا يقل عما ارتكبوه في دير ياسين، بل أكثر. ومع ذلك كله، فإنهم مازالوا يصرون على أن الحرب المزعومة هي التي شردت الفلسطينيين وبددتهم في كل أفق واتجاه.
ترى، لئن كانت الحرب الخلب، وليس المجازر الهمجية، هي التي بعثرت الشعب الفلسطيني، فلماذا لم يسمح الصهاينة للاجئين بالعودة إلى حقولهم وبيوتهم بعد انتهاء تلك الحرب الزائفة، وبعد صدور قرار من الأمم المتحدة يقضي بعودتهم إلى ديارهم التي طردوا منها بقوة السلاح؟ إن الجواب واضح، وهو أن الصهيونية أرادت أن تستورد اليهود من جميع أرجاء العالم، وأن توطنهم في الأراضي التي أخلاها الفلسطينيون.
فبينما كان الصهاينة يوهمون العالم بأنهم ضحايا لعدوان شرس تشنه عليهم «الرجعيات العربية» بسبعة جيوش جيدة التدريب والتسليح، فقد راحوا يذبحون الشعب الفلسطيني من الوريد إلى الوريد، بينما كان الكثيرون من أبناء الجنس البشري يصفقون لهم لأنهم أبطال أشاوس استطاعوا أن يستخلصوا «أرض أجدادهم» من براثن «العرب الإرهابيين» وههنا بالضبط تكمن مأساة الشعب الفلسطيني الذي كان يذبح ويصرخ دون أن يسمعه أحد ظناً من المتفرجين بأن الذين يُذبحون هم الصهاينة. وهذا هو الخبث بأم عينه. وهو ما يبين السبب الذي جعل تلك الطفيليات الصهيونية التافهة تنجح بالضبط حيث أخفق صناديد أوروبا وفرسانها الشجعان خلال الحروب الصليبية.
ويلوح لي أن ما قد جرى في منطقتنا منذ سنة 1916 حتى اليوم من شأنه أن يؤكد حقيقة فحواها أن ثمة طبقة في العالم العربي تجوز تسميتها باسم «الطبقة الخائنة» وهي التي تحالفت مع بريطانيا، ذروة الإمبريالية، واعتادت أن تسميها في وثائقها المعلنة باسم «الحليفة بريطانيا»، مع أنها كانت الأولى بين جميع القوى الإمبريالية التي تنبت المشروع الصهيوني. ومما يعرفه تلاميذ المدارس اليوم أن «الحليفة بريطانيا» قلبت ظهر المجن للعرب بعد طرد الأتراك، فمنعت نشوء الدولة العربية الموحدة التي تضم الهلال الخصيب وشبه جزيرة العرب، أو هي تمتد من إسكندرون حتى عدن، ثم جزّأت هذه المنطقة باتفاقية سايكس ـ بيكو المشهورة، وأتبعت ذلك بأن أصدرت وعد بلفور وكشرت عن أنيابها علناً، فصارت العدو الأول للشعب الفلسطيني.
ولعل مما صار ناصعاً تمام النصوع اليوم أن هنالك حلفاً مثلثاً يتألف من الإمبريالية والصهيونية والطبقة الخائنة التي تملك العالم العربي ملك يمين، وتشترك في حكمه مع الحليفتين الأخريين. ولا يخفى أن هذا الحلف يتقاسم غنيمة النفط، ولكن على نحو غير متكافئ ولقد استطاعت فورة النفط التي بدأت زهاء عام 1972 أن توسع مساحة هذه الطبقة إلى الحد الفاحش في الزمن الراهن. وإن التقاء فيصل الهاشمي مع وايزمن، زعيم الحركة الصهيونية في العقبة، سنة 1919، وتنازل الأول بوثيقة رسمية عن فلسطين للصهاينة، هو واحد من أدل الأدلة على الخيانة الوطنية التي تمارسها هذه الطبقة منذ زمن طويل، وذلك مقابل صيانة مصالحها المادية وضمان تدفق المال إلى أرصدتها في المصارف العالمية.
وتتألف هذه الطبقة الخائنة اليوم من أصحاب المليارات، أو من رجال الفنادق الذين لا تربطهم أية رابطة برجال الخنادق. والأهم من ذلك أنها تمتلك أجهزة بوليسية قمعية، بل مجزرية في بعض الأحيان، إذ تتقمص شخصية الإمبرياليين الدمويين أو الإرهابيين في تعاملهم مع الأمم المعتدى عليها. وفضلاً عن ذلك، فإن للطبقة الخائنة مثقفيها الذين يناضلون عن مصالحها بالكلمة، بل هم لا يتورعون أحياناً عن الجهر بمواقفهم المتآزرة مع الإمبريالية والصهيونية.
يقال بأن الكلب أصله ذئب، وبأنه كان يهاجم الأغنام مع الذئاب، ولكنه رأى أنه قد يحصل على بعض المكاسب من الرعاة إذا ما اشتغل حارساً للقطعان، بدلاً من أن يستمر في مهاجمتها مع إخوانه الذئاب. وبذلك فإنه يكون قد خان جنسه أو فصيلته الحيوانية. وهذا هو بالضبط ما فعله رجال الطبقة الخائنة التي رأت أن مصلحتها لا تتحقق على خير وجه إلا إذا تعاونت مع الإمبريالية بدلاً من معاداتها.
وليس بخاف على الحصيف، بل حتى على صغار الأطفال، أن هذه الطبقة الخائنة هي التي سلمت فلسطين للصهاينة في عام النكبة، كما سلمتهم مساحات شاسعة من الأراضي العربية سنة 1967. وهي نفسها التي ناولت العراق للغربيين سنة 2003 حين قرروا تدميره وتجزئته وإخراجه من التاريخ. ولقد نكبوا ذلك الإقليم الأصيل العريق نكبة من شأنها أن تذكّر المرء بالغزو المغولي الذي تعرض له سنة 656هـ، أو 1258م. فهل ثمة من ريب في أن الأمريكيين هم تتار العصر الراهن ومغوله وبرابرته؟ إنهم أمة تحترف الإرهاب وتمارسه طوال السنوات السبع والخمسين الأخيرة، على الأقل.
ومما هو معلوم أن التاريخ، أو الحضارة البشرية العالية قد بدأت في العراق، ولا سيما في شطره الجنوبي، كما قال كريمر الأمريكي المتخصص بالسومريين. وعندي أن التاريخ يتفسّخ اليوم ويتزنخ في الولايات المتحدة. وكثيراً ما أتخيل أن هذه الهجمة الأمريكية الهمجية على العراق هي ضغط تمارسه النهاية على البداية، حتى وإن صح أن اليهود هم الذين أرسلوا الأمريكيين إلى ذلك الإقليم من أجل تحقيق جملة من الغايات، بينها الثأر للسبي الذي مارسه عليهم الآشوريون ثم البابليون، وبينها كذلك ترميد ذلك القطر الذي ينطوي على تهديد مضمر لوجود الغيتو الصهيوني المصطنع الهجين.
وعلى أية حال، فإن مما يقبله الذهن دون تردد أن ليس في مقدور الإمبريالية أن تنهب ثروات العرب، وأن تعيق نموهم الاقتصادي، أو أن تتحكم بمصيرهم كله إلا بالتعاون مع طبقة خائنة مكلفة بأن تلجم كل شيء وتدفعه إلى الخلف، أو ترغمه على المراوحة في المكان. وما كان في ميسور الصهيونية أن تؤسس لها كياناً دون دعم من تلك الطبقة للمشروع الاغتصابي نفسه. كما أن دخول الغربيين إلى العراق لم يكن ممكناً لو لم تمنحهم الطبقة الخائنة أماكن على الأرض تنزل فيها جيوشهم الجرارة من البحر، ولو لم تسمح لهم بالعبور في القنوات والمضائق المائية.
بيد أن تسليم فلسطين للصهيونية، وكذلك تسليم العراق للإمبريالية، بعد حل الجيش العراقي عشية الغزو الأمريكي لبلاد الرافدين، وعلى نحو مباغت ومثير للدهشة، بل للاستهجان، هو عندي أهون بكثير من التدمير الذي مارسته الطبقة الخائنة نفسها على الإنسان العربي الذي كان مترعاً بالنخوة والشهامة والكرامة، بل حتى بالأنفة والإيمان إنسانية الإنسان. لقد مرّغت أنفه بالوحول وأفرغته من كل محتوى أصيل ونبيل، بل استطاعت تلك الطبقة أن تجعل شخصيته ريشة في مهب الريح، لا يدري كيف يتجه ولا ما يصنع، وذلك بعد ما روّضته وحشرته في برهة انعدام الوزن، حتى صار كالقط الداجن الذليل، لا يؤمن بالمستقبل ولا يحترم الماضي، ولا يريد من الحاضر إلا المال والبضائع والشهوات، وخاصة ممارسة الاستهلاك بشكل يجهل كل تقنين أو ترشيد. فحطمت روح الإنسان وقيمه الجلى، تماماً كما حطمت الوطن و المجتمع جملة، ولا سيما مؤسساته التي أفرغتها من كل محتوى فاعل حتى صارت تجسيداً للعطالة والبطالة. يقيناً، إن تدجين الناس أو ترويضهم هو وظيفة من أبرز الوظائف التي تنهض بها هذه الطبقة الخائنة من خلال أجهزتها القمعية المعادية للوطن والمواطنة، بل لإنسانية الإنسان.
ولعل في ميسور أي عاقل نزيه أن يؤكد للقاصي والداني، وخاصة للقيادة الفلسطينية حصراً، أن الفلسطينيين، تحت ظلال اختلال التوازن في التسلح، وفي جو هيمنة الطبقة الخائنة على مسار الحركة الفلسطينية، لن ينالوا سوى شيء خلب، أو سوى سراب وأوهام فقط. وليس غريباً أن القيادة الفلسطينية لا تأبه بأهم حقيقة ينبغي على المرء أن يعرفها عن اليهودي، وخلاصتها أن شايلك يأخذ ولا يعطي بتاتاً. فليس صدفة أن يكون الفلسطينيون قد تعرضوا بعد اتفاق أوسلو (1993) لمجازر لم يتعرضوا لمثلها في أي يوم من الأيام السالفة.
ثم إن القيادة الفلسطينية قد صرّحت مراراً وتكراراً بأنها تريد أن تدشن دولة فلسطينية عاصمتها القدس. ولكن الصهيونية، في غضون ذلك، راحت تدأب دوماً، ودون كلل أو ملل، على التوجه الجاد نحو تهويد المدينة المقدسة كلها، وذلك ببناء المستوطنات اليهودية على أرض العرب، وبأموال العرب، وبأيد عاملة عربية، في آن واحد.
ولكن، لا مراء في أن الحركة الفلسطينية مشروطة بظرف العالم العربي، أولاً، وبالظرف العالمي، ثانياً. وهي لن تنجز شيئاً ذا بال، إلا إذا نهضت البلدان العربية ونمت وتطورت. ولكن هذه البلدان مشكومة أو ملجومة بالطبقة الخائنة المتحالفة مع الإمبريالية والصهيونية جهرة وعلى نحو لا يخفى على كل من يستطيع أن يحضر. فالوظيفة الأولى لهذه الطبقة هي إجهاض كل حمل ومنع كل ولادة وإطفاء أي بزوغ في البلدان العربية، وذلك بواسطة أجهزتها القمعية المنتشرة في المجتمع انتشار الرمال في الصحراء. وهذا يعني إعاقة نمو البلدان العربية وإجهاض مستقبلها واغتياله أو وأده، وإحالة جميع الناس فيها إلى موتى بلا قبور. إن الموت في الحياة هو ما يراد للإنسان العربي والمجتمعات العربية في هذه الأيام.
ولا غلو إذا ما ذهب المرء إلى أن الدعم لمطلق الذي منحه الغربيون للصهيونية هو حادث شاذ في التاريخ البشري بأسره. وهو ليس بالأمر الطبيعي بتاتاً، بل لعله أن يدلل على خلل عميق في الشخصية الأوروبية، أو على صدع لا يُرأب في التاريخ الأورو ـ أمريكي المعاصر، وربما الحديث كله. فمن شأن العقل أن يستهجنه أو أن ينذهل به ثم يتساءل عن أسبابه أو عما يربض وراءه من خفايا وأسرار، لأنه فعلاً ليس بالعقلاني بتاتاً، ولا شبيه له قط في الزمان منذ آدم حتى اليوم.
ومن الغرائب المستهجنة أن يسكت معظم (أو ربما جميع) المفكرين الغربيين اليوم عن هذه الظاهرة المثيرة للاستهجان بسبب شدة تطرفها، سواء من حيث النوعية أم من حيث الكمية، حتى لكأن تاريخهم لا يعنيهم قط. وفي الغرائب كذلك أن يتلاقى اليمين واليسار في أوروبا وأمريكا، وكذلك الحكومات والقوى المعارضة لها عند فكرة أمن الغيتو الصهيوني وحين عدد اشبنغلر أمارات اتضاع أوروبا، فقد ذكر الرياضة والعلم والصناعة وتضخم المدن واستفحال المال وتخشب الشكل الفني، ولكنه لم يذكر هذه الأمارة الشديدة الدلالة، أعني الإمداد اللامحدود الذي يهبه الغربيون للصهاينة. أليس في العجائب والغرائب أن ثمة أمماً بكاملها تضع جميع إمكانياتها وطاقاتها تحت تصرف أناس لا ينفعون تلك الأمم ولا يضرونها.
وإنها لأكذوبة كبرى تلك التي تقول بأن الغرب قد دعم الصهاينة لأن له مصلحة اقتصادية في إنشاء الغيتو الصهيوني الذي من شأنه أن يحمي النفط ويسهّل تدفقه إلى بلاد الغربيين، فالغيتو لا يكاد يحرس نفسه، وحماة النفط هم العرب وليس الصهاينة. أما تلك الفكرة التي تنص على أن الغربيين قد دعموا الصهيونية بشكل مفرط أو متطرف لأن اليهود يسيطرون على المجتمعات الأورو ـ أمريكية فهي أكثر إقناعاً من الفكرة الأولى التي لا رصيد لها في الصدق بتاتاً.
ولئن كان تاريخ الغرب يتألف من حقبتين متواصلتين، وهما الحقبة الأوروبية والحقبة الأمريكية، فإن في الميسور القول بأن إسهام الأمريكيين في خلق عنجهية الصهاينة، بعد تزويدهم بجميع لوازم العدوان، هو أزخم من إسهام الأوروبيين بكثير. ولعل ما هو أهم من ذلك أن الإمبريالية الأوروبية التي اعتادت أن تنهب البلاد الفقيرة وتجزرها بلا رحمة، بين الفينة والأخرى، قد كانت تعيد صياغة تلك البلاد وتدفعها نحو الحياة الحديثة عبر تنشيط المجتمع المدني وتعزيز مؤسساته. أما هذه الإمبريالية الأمريكية المسعورة فإنها تخصي الآخر وتسعى صوب تدميره وإحالته إلى حطام، فالأقاليم التي لم تُغز من الخارج بواسطة الجيوش الإمبريالية قد غزيت من الداخل بواسطة العملاء، أو قل بواسطة الطبقة الخائنة.
وعندي أن اكتشاف أمريكا قد جاء وبالاً على جميع الأمم في القارات الثلاث: آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية فمنذ حرب كوريا حتى اليوم قتل الأمريكيون الإرهابيون، الذي هم مغول العصر الراهن، ملايين الأرواح البشرية في تلك القارات الثلاث. ولعل في الميسور الذهاب إلى أنه ما من بؤس على الأرض، وما من شقاء ولا جوع ولا اضطهاد ولا قمع ولا إراقة دماء بشرية إلا وسببه تلك الولايات (الويلات) المتحدة الأمريكية. إن هذا هو عصر أمريكا، فويل للشعوب في عصر أمريكا، وويل للضعفاء الذين لا يملكون أن يناضلوا عن أنفسهم في هذا الزمن الكالح المرّ.
ومن المفاجآت التي جاء به الإمبرياليون الجدد أن دفاع الأمم عن حرياتها ومصائرها ولقمة عيشها قد صار ينظر إليه على أنه إرهاب في هذه الحقبة الأمريكية الرمادية اللون، وهذه دُرجة (أو موضة) جديدة لم تألفها الإمبريالية من قبل إلا لماماً. فلم يعد مسموحاً للبلدان المعتدى عليها، مثل أفغانستان والعراق وفلسطين، أن تناضل عن غذاء أطفالها الذي ينهبه الغربيون والصهاينة في رأد الضحى، وكل مناوءة للإمبريالية وزبانيتها ليست سوى إرهاب في المنطق الأمريكي الجديد، حتى لكأن الوطن والوطنية لا تدخل في معجم الإمبرياليين الجدد. فالأمريكيون الذين اجتثوا الهنود الحمر، وقصفوا اليابان بالأسلحة النووية، وأزهقوا ملايين الأرواح في عدد من بلدان العالم، ولا سيما في كوريا والفيتنام وأفغانستان والعراق، دون أن يكفوا عن التشدق بفكرة «حقوق الإنسان» التي أحالوها إلى بهتان وحديث إفك، بل إلى رماد تذروه الرياح، أولئك ملائكة نورانيون هبطوا من الفردوس الأعلى، وكل من عارضهم فهو إرهابي لا يستحق سوى الفَناء.
إنه زمن أمريكا، فويل للشعوب في زمن أمريكا.[/align][/cell][/table1][/align]

نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)
يوسف سامي اليوسف غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 01 / 05 / 2010, 56 : 06 PM   رقم المشاركة : [2]
خيري حمدان
أديب وقاص وروائي يكتب القصة القصيرة والمقالة، يهتم بالأدب العالمي والترجمة- عضو هيئة الرابطة العالمية لأدباء نور الأدب وعضو لجنة التحكيم

 الصورة الرمزية خيري حمدان
 





خيري حمدان has a reputation beyond reputeخيري حمدان has a reputation beyond reputeخيري حمدان has a reputation beyond reputeخيري حمدان has a reputation beyond reputeخيري حمدان has a reputation beyond reputeخيري حمدان has a reputation beyond reputeخيري حمدان has a reputation beyond reputeخيري حمدان has a reputation beyond reputeخيري حمدان has a reputation beyond reputeخيري حمدان has a reputation beyond reputeخيري حمدان has a reputation beyond repute

رد: الغيتو الصهيوني ـــ يوسف سامي اليوسف


موضوع زحم وكبير يكشف عن الكثير من التلفيقات والهراء الذي صاحب الحروب المزعومة، ولكن لا بدّ للفلسطينيين تحديدا العمل على التحرر من هذا الوبال وعدم الاعتماد فقط على حتمية زوال إسرائيل كما جاء في مقدمة ابن خلدون، خاصة وأن هذه الدويلة كانت على وشك استخدام قنابلها الذرية في مرحلة من المراحل وقد تفعل ذلك لاحقا.
ردّ سريع لا يفي هذا الجهد الكبير الذي قام به الأستاذ سامي
مودتيِ
خيري حمدان غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 03 / 05 / 2010, 02 : 12 AM   رقم المشاركة : [3]
حسن الحاجبي
حسن الحاجبي


 الصورة الرمزية حسن الحاجبي
 




حسن الحاجبي has a reputation beyond reputeحسن الحاجبي has a reputation beyond reputeحسن الحاجبي has a reputation beyond reputeحسن الحاجبي has a reputation beyond reputeحسن الحاجبي has a reputation beyond reputeحسن الحاجبي has a reputation beyond reputeحسن الحاجبي has a reputation beyond reputeحسن الحاجبي has a reputation beyond reputeحسن الحاجبي has a reputation beyond reputeحسن الحاجبي has a reputation beyond reputeحسن الحاجبي has a reputation beyond repute

رد: الغيتو الصهيوني ـــ يوسف سامي اليوسف

أستاذي الفاضل : يوسف سامي اليوسف
إنها الويلات المتحدة حقا
ووعد الله تعالى لابد وأن يتحقق , لكنه عز وجل لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم .
لك جزيل الشكر وخالص التقدير
توقيع حسن الحاجبي
 قالت: أرفع رأسك عاليا فأنت عربي , قلت علميني يا سيدتي , علميني كيف يكون الرفع بعد الخضوع , علميني كيف يكون النهوض بعد الخنوع , علميني أن أستقيم واقفا , فقد أطلت الركوع .
نعم يا سيدتي ...أنا عربي لكنني موجوع .
حسن الحاجبي غير متصل   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
لغة الكنعانيين, الصهيوني, الغيتو, يوسف سامي اليوسف, سموها عبرية زورا


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
(مواقد الأصالة) إلى يوسف سامي اليوسف روعة النقد العربي المعاصر ـــ محمود علي السعيد محمود علي السعيد الشعر العمودي 1 11 / 06 / 2010 36 : 03 AM
المنشد البريطاني سامي يوسف - حسبي ربي وطلع البدر علينا وغيرها هدى نورالدين الخطيب الملف الصوتي و المرئي الديني 3 29 / 07 / 2009 13 : 04 AM
مختارات من شعر كارين بوي ـــ ترجمة: يوسف سامي اليوسف يوسف سامي اليوسف من الشعر العالمي 3 21 / 07 / 2009 41 : 12 AM
رحبوا معي بانضمام الناقد والمترجم يوسف سامي اليوسف.. مازن شما الترحيب بالأعضاء الجدد 6 27 / 06 / 2009 25 : 11 AM


الساعة الآن 43 : 01 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Tranz By Almuhajir *:*:* تطوير ضيف المهاجر
Ads Organizer 3.0.3 by Analytics - Distance Education

الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة وتمثل رأي كاتبها فقط
جميع حقوق النشر والتوزيع محفوظة لمؤسسة نور الأدب والأديبة هدى نورالدين الخطيب © ®
لا يجوز نشر أو نسخ أي من المواد الواردة في الموقع دون إذن من الأديبة هدى الخطيب
مؤسسة نور الأدب مؤسسة دولية غير ربحية مرخصة وفقاً لقوانين المؤسسات الدولية غير الربحية

خدمة Rss ||  خدمة Rss2 || أرشيف المنتدى "خريطة المنتدى" || خريطة المنتدى للمواضيع || أقسام المنتدى

|