المنهج التكويني لنادي ضياء القوافي بدار الشباب تمنراست / الجزائر
تـقديم
المنهج التكويني لنادي ضياء القوافي دار الشباب تمنراست / الجزائر
بقلم : الأستاذ مبروك بالنوي
* إن القصيدة في عرفنا بناء يتأتى من علاقات تركيبية صوتية ودلالية لرؤيا محددة تقدم فكرة عبر إحساسات صادقة في سمو لغة شعرية متعددة الدلالة خارجة عن القول المباشر لتحول القاموس المعجمي إلى فضاء دلالي حتى تخرج العبارة أو الصيغ اللغوية عن خطها الدلالي النمطي الغير قابل للتأويل إلى فضاء يعطيها التعدد وحق التأويل في سياق شعري يعيد صناعة اللغة من جديد فكل قصيدة بهذا المعنى هي قول جديد ذو بناء جديد * إن الشعرية المعاصرة وليدة الأسلوب الدلالي من خلال تناسق المستويات التركيبية الصوتية الدلالية بالتعامل الغير النمطي مع المستوى الأدائي و اللفظة و العبارة و المقطع الشعري . فالشعرية هي إحساس لغوي تتحدد فيه الدلالات من زاوية ما تشع به المدلولات تتحقق بموجبه ذاتية الكلمة والعبارة وخصوصية السياق وتفرد النص وتناميه. * فشعرية اللغة تقتضي خروجها الفاضح عن العرف اللغوي النثري لأن إحساسنا الشعري هو المعيار الذي يميز بين اللغة الشعرية و اللغة النثرية لذا لا يجب أن يكون الموضوع الشعري مبرر لإفقار لغة النثر فالقصيدة المعاصرة لا تؤمن بخطية الدلالة ولا يجب أن نقرأ عنصر معزولا عن بقية عناصر الأخرى في البنية الشعرية لأن هذه البنية ليست في ابتداع فكرة جديدة وإنما غايتها في كيفية صياغتها في نسق سياقي تتفاعل فيه مجموعة العناصر اللغوية و الأسلوبية و الدلالية و البنائية التركيبية بشكل يجعل الصيغة الشعرية رؤيا عميقة متعددة المدلولات و ليست فكرة خطابية موجهة فالسياق الشعري تكون كل عبارة فيه موفورة الدلالة مهما كانت وجهة هذه الدلالة تكون خصوصيتها هي التي تميزها عن النثر ويكون الإيقاع العروضي وسيلة للتأثير وليس وسيلة لجلب الدلالة. * لذا علينا أن نميز بين المعايير اللغوية و المعايير اللغوية الشعرية أي القيم اللغوية كإبداع و القيم اللغوية كدلالة خطية موازية للقاموس المعجمي لا تنحرف عنه و التي لا يمكن أن تكون إلا عبارة موجهة تلقينية أو تعليمية أو إخبارية وليست شعرية أو منظومة عروضية و النظمية هنا إيقاعية و ليست قيمة دلالية . لأن الجمل الشعرية تؤدي دلالات متعددة المستويات بينما الصيغ اللغوية لا تمثل إلا وجودها العيني الخطي الدلالة المباشرة الغير قابل للتأويل . فكان حقيا على اللغة الشعرية أن تكسر قواعد الأداء المألوفة لإبتداع وسائلها الخاصة مما لا يستطيع النثر تحقيقه في القيم الجمالية فكانت حقيقة القول الشعري المقروء الفاعل هي : أن الشاعر لا يقول ما يرغب فيه بصورة مباشرة ولا يسمي الأشياء بأسمائها لأن الشعرية الجديدة هي رؤيا دالة لا تقدم بشكل إسقاطي مباشر و إنما تؤل من خلال المستويات البنائية التي تمثلت فيهن من هذا المنطلق كان نادي ضياء القوافي من خلال التكوين في الكتابة الأدبية يقدم لتلاميذه الأدوات الشعرية قصد إحكام السيطرة عليها من أجل الرقي بهم إلى مستوى الشعرية الفاعلة وكان منهجه يشتمل على كيفية تركيب الصور و الرموز والنص القرآني و الأساطير و الموروث الثقافي المحلي و العالمي كي تتداول في سياقاتهم الشعرية من أجل القضاء على التقريرية و المباشرة في القول الشعري كخطوة أولية قصد إطلاق مخيلتهم في الفضاء الشعري وكان إختيار الشكل العروضي الخليلي أي قصيدة البيت الشعري ضرورة فرضتها أمور عدة منها أولا : محاولة تنمية الحس الشعري و تأصيله لأن تلاميذ النادي يعانون التشتت في التذوق الفني الشعري ثانيا : لأن أكثر محفوظاتهم كانت قصائد خليلية الشكل وذلك لأن النص الشعري الذي يتمثل كل حلقات التمدرس كان من هذا الشكل فتلاميذ النادي كلهم أبناء الثانويات. ثالثا : لأن البيت الخليلي يضبط بشكل صارم حجم العبارة الشعرية فهي ما بين متوسطة أو موجزة. لذا كان الإنطلاق من هذا الشكل رغم محدوديته في تحمل الأنساق التعبيرية في سياق يمكن أن تتآزر فيه كل البُنى الشعرية لازما حتى نُمكن التلاميذ من التعامل الحقيقي مع التراث تم تنقلهم للقصيدة الحرة بكل إجادة فهذه الطريقة جعلتهم ينحون إلى تأليف تواليف إستعارية بعيدة الدلالة على خط إيحائي ترميزي غالبا ودمجه في سياقاتهم الشعرية موفورة الدلالة مع محاولة إعادة تشكيل القالب العروضي في البحور الشعرية الصافية و المركبة فمثلا بحر البسيط و هو بحر مركب من تفعيلاتين وهما مستفعلن فاعلن مع جوازاته يصبح كمايلي
مستفعلن فاعلن مستفعلن فَعِلُنْ (01) فَعْلن فعولن مفاعيلن مفاعلتن مستفعلن فَعِلن مستفعلن فَعِلنْ (02) فَعْلن مفاعلتن فعْلن مفاعلتن مستفعلن فعلاتن فاعلن فعِلن مستفعلن فاعلن مستفعلن فعْلن (03) فعْلن فعولن مفاعلين مفاعيلن فعْلن فعولن فعولن فاعلن فعْلن فعْلن مفاعيلن مستفعلن فعْلن فعْلن مفاعلتن فعْلن مفاعيلن أما البحور الصافية مثلا بحر الكامل متفاعلن متفاعلن متفاعلن فعِلن مفاعلتن مفاعلتن فعو فعِلن فعولن فاعلن متفاعلن فعْلن فعولن فاعلن فعِلن فعو فعْلن مفاعلين مفاعلين فعو فعْلن مفاعلتن فعولن فاعلن
وهكذا دواليك في محاولة تدوير التفعيلة داخل البيت الواحد مع بقاء نفس الوزن رغم أن تركيب الألفاظ يختلف عن وضع الأساسي للبحر مما يمكن التلميذ من تشكيل العبارة على أنماط مختلفة تخرجه من تقليد تراكيب الشعراء الذين قرؤوا لهم و تأثروا بهم و من جلباب محاكاتهم في مستوى البناء العروضي لقصائدهم.هذا من جهة أما من الناحية الدلالية فسياقاتهم الشعرية تحاول الخروج عن المألوف ومحولة بث طواعية في جملهم عن طريق التركيب السياقي الغير المباشر.من هذا التصور أعددنا رُزنامة التكوين في الكتابة الأدبية .
نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)
التعديل الأخير تم بواسطة ياسين عرعار ; 29 / 07 / 2010 الساعة 45 : 02 AM.
سبب آخر: تلوين العنوان