عندما نفقد الخجل والكرامة
[align=justify]
استوقفني منذ أيام ما تداولته الأوساط الإعلامية في لندن عن صحوة متأخرة للضمير الأوروبي تجلت في الدعوة لمقاطعة البضائع الإسرائيلية على اعتبار أن الشركات المستوردة تقدم جزءاً من أرباحها لدعم بناء المستوطنات الإسرائيلية ، حتى أن أحد الطلاب البريطانيين كان يضطر لشراء ما يحتاجه من متاجر بعيدة عن مسكنه حتى لا يضطر لشراء بضائع إسرائيلية من متاجر تقع بجوار مسكنه ، ويقول :
(أنا أوجه صفعة لتلك المتاجر التي لا تحترم زبائنها ومواقفهم الملتزمة بالعدالة والرغبة في إحقاق السلام ) ، وتقول ناشطة سلام بريطانية، :(لا يمكن أن أشرب قهوتي وأدفع بعضاً من مالي لصالح الشركة التي تخصص سنوياً جزءاً من ريعها لدعم المستوطنات الإسرائيلية ، وأنا أشعر بالخجل والإحساس بأنني أرتكب جرم الخيانة إذا ما فعلت ذلك ، وأنه أمر خسيس وغير أخلاقي يجعلني أشعر أن قهوتي بها سموم الخيانة .! )
حسناً .إذن هنأك من يشعر بالخجل إذا ابتاع بضائع إسرائيلية وهم من غير العرب، لكن ماذا عن العرب الذين فقدوا الخجل والإحساس الوطني والكرامة ، عندما يقومون باستيراد وتسويق البضائع الإسرائيلية .!
في الشهر الماضي نشرت صحيفة ( يديعوت احرنوت ) الإسرائيلية تصريحاً لمسؤول إسرائيلي يقول فيه:
(انه وعلى الرغم من إجراءات المقاطعة إلا أن بضائعنا تصل إلى معظم دول العالم بما فيها الدول العربية والإسلامية ، وأن هناك ثلاث دول فقط لا تستقبل البضائع من (إسرائيل) وهي : سورية ولبنان وإيران ) ،
ويضيف : أن لإسرائيل تجارة واسعة مع دول عربية وإسلامية تتم بشكل مباشر أو غير مباشر بحذف كل ما يشير إلى اسم ( إسرائيل ) على السلعة المصدرة ، ويتم تصدير هذه البضائع وتسويقها عبر شركات وهمية تحمل أسماء محلية في البلدان المستوردة .
لاشك أن الضغوط الأمريكية هي وراء إسقاط جدار المقاطعة العربية لإسرائيل ، خاصة بعد حرب الخليج الثانية ، وتحرير الكويت ، واتخذت الضغوط أشكالاً متعددة كإصدار قوانين تحظر على الشركات والدول مقاطعة ( إسرائيل ) بهدف فرض سيناريو جديد بإشراف الولايات المتحدة لفرض التعايش مع إسرائيل دون قيامها بالانسحاب من الأراضي العربية المحتلة .
منذ عدة شهور دعت جماعة مناصرة للفلسطينيين في هولندة إلى مقاطعة المنتجات الإسرائيلية التي تبيعها متاجر( البرت هاين ) التي تبلغ حصتها في السوق الهولندية 30 % ، ويقول (فيم لانكامب ) رئيس مجلس إدارة اللجنة الفلسطينية – الهولندية : نرغب في زيادة الوعي العام بمحنة الفلسطينيين والجدار العازل والمستوطنات .ومن المفيد التذكير بموقف اسبانيا التي قامت مؤخراً بحرمان جامعة ( أرئيل ) الإسرائيلية من المشاركة في المسابقة الخاصة بالعمارة التي أقامتها جامعة مدريد بسبب وجود الجامعة الإسرائيلية في مستوطنة على أرض مدينة نابلس، ويأتي هذا الموقف تنفيذاً لقرارات الاتحاد الأوروبي باعتبار أن المستوطنات الإسرائيلية غير شرعية .
في المقابل نرى كبار المسؤولين الإسرائيليين يزورون العواصم العربية ويعقدون اتفاقات للتعاون والتبادل التجاري وسط ترحيب وحفاوة من قبل أنظمة ألغت حالة العداء مع دولة العدوان وأدارت ظهرها لمصالح شعوبها الوطنية والقومية ، وفي الوقت الذي تنصح فيه الحكومة الإسرائيلية أعضاءها بتجنب السفر لبريطانيا ودول أوروبية أخرى تجنباً لمثولهم أمام المحاكم كمجرمي حرب ، حتى أن السفير الإسرائيلي في لندن( رون بوستور) اعترف مؤخراً لصحيفة (ديلي تلغراف ) اليمينية التوجه ( بأن فيروس كراهية إسرائيل ينتشر في الحياة البريطانية أسرع من انفلونزا الخنازير.!!)
ولا ننسى طبعاً أن محكمة اسبانية أصدرت منذ عدة أشهر أمراً باعتقال 6 إسرائيليين من بينهم ( بنيامين بن اليعازر )وزير الحرب الإسرائيلي السابق لارتكابهم جرائم تعود إلى عام 2002.
المواطن العربي الذي يشعر بالإحباط والخيبة ومن تقاعس الأنظمة العربية يتساءل :
إذا كنتم غير قادرين على الاتفاق على أي موقف مشترك ضد العدو الإسرائيلي ، لماذا لا تعودون إلى استخدام سلاح المقاطعة ومحاصرة إسرائيل اقتصادياً بدلاً من مشاركتها في إحكام الحصار حول الشعب الفلسطيني . ؟
[/align]
نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)
|