عين الحب
أَتُسْعِفُنِي الأَلْفَاظُ حِينَ أُجَامِلُ *** وَهَلْ تَهْتَدِتي لِلسَّطْرِ عَنْكَ الأَنَامِلُ
إِذَا كَانَ فِي دُنْيَا السّلاطِينِ عَادِلٌ *** فَذَلِكَ سُلْطَانِي الْمُبَجَّلُ عَادِلُ
فَيَا سَيِّدِي هَلْ فِي الْبِلاطِ مَسَافَةٌ *** تُبَلِّغُنِي رُؤْيَاكَ حِينَ أُحَاوِلُ
أُفَاخِرُ أَهْلَ الشِّعْرِ عِنْدَ لِقَائِهِمْ *** وَلَكِنْ إِذَا أَقْبَلْتَ لا أَتَطَاوَلُ
وَهَلْ يَبْلُغُ الْبَدْرَ الْمُنِيرَ كُوَيْكِبٌ *** عَنِ السَّيْرِ فِي فُلْكِ الرُّؤَى يَتَثَاقَلُ
إِذَا أَنْتَ نَادَيْتَ الْكَوَاكِبَ أَقْبَلَتْ *** مَجَرَّةُ دَرْبِ الشِّعْرِ عَنْكَ تُقَاتِلُ
وَيَا سَيِّدِي إِنِّي يَزِيدُ تَشَوُّقِي*** وَيَسْكُنُنِي تَارِيخُك الْمُتَوَاصِلُ
أَتَذْكُرُ يَوْمًا فِيهِ جِئْتَ تَزِيدُنِي*** يَقِينًا بِأَنَّ الشِّعْرَ مِنْهُ زَلاَزِلُ
هُنَالِكَ فَجَّرْتَ الْبَرَاكِينَ حَوْلَنَا *** وَمِنْ رَحِمِ الْبُرْكَانِ تَأْتِي الْمَشَاعِلُ
أَبَا الرُّوحِ إِنَّ الرُّوحَ فِيكَ مُذَابَةٌ *** وَإِنِّيَ دُونَ الرُّوحِ مِنْكَ مُقَاتِلُ
تَشَكَّلْتُ يَوْمَ النُّورِ حِينَ احْتَضَنْتَنِي*** وَلاَحَتْ لِقَلْبِي مِنْ رُؤَاكَ فَضَائِلُ
أَيُرْجِعُنَا التَّارِيخُ مِلْيُونَ حِقْبَةٍ *** إِلَى حَيْثُ لُوسِي وَالْبُنَاةُ الأَوَائِلُ
هُنَالِكَ صَمْتُ الْكَوْنِ أَغْرَبُ قِصَّةٍ *** وَرُبَّ سُكُونٍ فِيهِ مَا زِلْتُ آمُلُ
وَفِي حَجَرِ الصَّوَّانِ رَسْمُ حِكَايَةٍ ***بِهَا انْبَعَثَتْ مُوسَى وَشُقَّتْ مَعَاوِلُ
وَتُولَدُ فِي كَهْفٍ صَغِيرٍ قَبِيلَةٌ *** بِهَا اتَّسَعَتْ فَوْقَ السُّهُولِ الْقَبَائِلُ
لَقَدْ أَشْعَلَ الْعَقْلُ الْبِدَائِيُّ جَذْوَةً *** بِهَا اتَّضَحَتْ لِلْقَادِمِينَ الْمَسَائِلُ
وَفِي ذَاتِ يَوْمٍ كَانَ حَرْفٌ وَدِفْئُهُ *** وَأَيَّةُ جَدْوَى أَنْ تَكُونَ قَنَابِلُ
وَمَا بَيْنَ عَهْدِ الصَّمْتِ وَالْخَوْفِ هُوَّةٌ *** وَجُرْحٌ لِبَعْضِ الْبُرْءِ لا يَتَمَاثَلُ
وَهَلْ صَخَبُ الآلاَتِ إِلاَّ تَهَرُّبٌ *** مِنَ الصَّمْتِ لَمَّا أَعْجَزَتْنَا الْوَسَائِلُ
أَيَا فَارِسًا جُرِّبْتَ فِي كُلِّ صَهْوَةٍ *** فَكَانَ لَكَ السَّبْقُ الَّذِي لا يُطَاوَلُ
وَيَا عَيْنَ حُبٍّ أَغْرَقَتْنَا بِعَذْبِهَا *** وَدُونَكَ لا تُشْفِي الْغَلِيلَ الْمَنَاهِلُ
لَهِنَّكَ مَهْمَا صُغْتُ عَنْكَ قَصِيدَةً *** أَجَلُّ وَأَعْلَى أَنْ يُحِيطَكَ قَائِلُ
وَيَا أَيُّهَا الْبَحْرُ الْخِضَمُّ إِذَا ارْتَمَتْ *** بِهِ سُفُنِي هَلْ فِي مَدَاكَ سَوَاحِلُ
وَمَا أَنَاْ مِمَّنْ يَسْبِرُ الْغَوْرَ فِكْرُهُ *** فَقَلْبِيَ مَشْغُولٌ وَقَلْبُكَ شَاغِلُ
وَإِنْ كَانَ أَجْرُ الْفَرْضِ لِلْقَلْبِ ثَابِتًا *** أَزِيدُ سُرُورًا لَوْ تُزَادُ النَّوَافِلُ
قَصِيدُكَ بُسْتَانٌ تَنَفَّسَ وَرْدُهُ *** فَحَامَتْ فَرَاشَاتٌ وَغَنَّتْ بَلاَبِلُ
وَهَلْ أَنَاْ إِلاَّ بُلْبُلٌ صُغْتَ صَوْتَهُ *** وَطَمْأَنْتَهُ إِذْ أَغْضَبَتْهُ الأَجَادِلُ
سَحَائِبُكَ الْبَيْضَاءُ غَطَّتْ سَمَاءَنَا *** لِيَسْقِيَنَا مِنْ غَيْثِ قَلْبِكَ وَابِلُ
إِذَا مَا ارْتَوَى مِنْكَ الثَّرَى يَا حَبِيبَنَا *** فَعَنْ مَوْسِمِ الأَزْهَارِ لاَ أَتَسَاءَلُ