سبحانك ربي لا إله إلا أنت، ما أعظمك وما أصغرني، ما أقواك وما أضعفني، ما أوسع حلمك وما أشد حماقتي.!
حينما أنظر في نفسي، أشاهد خليقة تدب فيها الحياة، خليقة تفكر وتعي، تسعى وتتحرك، تجرأ وتتحدى، فأقول ما أعظم خالقي، الذي وهب لي الفكر والوعي، ومنحني الحركة والسعي، وبث بداخلي الجرأة والتحدي. لكن لا يلبث نظري يتأمل عظمة هذا الخلق، حتى تراودني أوهام وتنتابني نوبات من الغرور. أسأل نفسي، وقد تذكرت قول الإمام علي ـ رضي الله تعالى عنه ـ :
أتحسب أنك جرم صغير... وفيك انطوى العالم الأكبر.
لمَ لا أكون عظيما وقد وهبت فكرا ومنحت حركة وتحد؟ هل أنا جرم صغير يسبح في هذا الكون الفسيح، وبداخله كل عوامل القوة والنفوذ؟ لمَ لا أكون قويا؟ أكون عظيما؟ فوحشيتي تثير الرعب في نفوس الجبناء، ورجاحة عقلي تنمي عندي خاصية الدهاء والرياء وتجنبني الوقوع في فخ الغباء. أنا قوي، أنا عظيم.. ومن يرى عكس ذلك أعلمه فنون الطاعة وطرق الاستسلام. أنا ولا غير أنا..
أصحو على وجع بداخلي، لا أفقه علته، إنه جسم غريب تدب فيه الحياة، يقوم بوظيفة لا تقدر عليها أرقى التكنولوجيات، يستلم الأوامر من عضو آخر، ويتم التنسيق بينهما وبين الأعضاء الأخرى بروعة وإتقان، فتراودني أفكار غريبة، ترى ما الذي يتحرك بداخلي ويقوم بوظائفه خير قيام، دون أوامر ولا رغبة مني.! ما الذي يجعل هذا الجسم، هذا المصنع الذي يسير أوتوماتيكيا بأحدث وأرقى ما لم يصل إلى كنهه الإنسان. هل بداخلي حياة أخرى لا أملك منها سوى التمتع بسلامتها، أو البكاء على ضعفها وعلتها؟!
سبحانك ربي، هل أنا عظيم بفكري وجبروتي، أم أنا صغير أمام أصغر عضو بداخلي؟ فما أعظمك ربي وما أصغرني! هل أنا قوي بعدتي وعتادي، ببعدي نظري ودهائي، أم ضعيف أمام علة تتمكن بداخلي فترهن مصيري وتودي بحياتي؟ فما أقواك ربي وما أضعفني؟ هل أنا ربّ العرش وعظيم القوم وسيد الأسياد، أم أنا عبد ذليل يرجو رحمة ربه في كل آن؟ سبحانك ربي، ما أوسع حلمك وما أشد حماقتي!
هل أنا عظيم بفكري وجبروتي، أم أنا صغير أمام أصغر عضو بداخلي؟ فما أعظمك ربي وما أصغرني!
فعلا نحن صغار جدا أمام الخالق, قليلوا الحيلة و محدودوا الطاقات فسبحان الله الذي خلق فسوى.
تحيتي و تقديري لك أخي الكريم