أخى جمال سبع
ما أجمل بوحك وتعبيرك عن الأم بكلمات ذهبية يتفاعل معها الفؤاد وترق لها مدامع العيون......... ويتحرق معها تمرد المتمردون....... وتذوب لها حنايا القلب الصوان حتى يصبح فى رهف الورد .....وتتوارد على البال مواقف عديدة لتأسر ذاكرتنا وتتناحر لتخرج وتعلن عن نفسها لتواردها الكثيف ..............
فأعذرنى لإنسكاب موقف من تلك المواقف على صفحتك
كانت هذه هى المرة الأولى التى أترك فيها حضن بيتى ودفئه وأسيب من يد أمى ......بنت تركت ثوب الطفولة منذ بضع أشهر ..........وغادرت منزلى للجامعة .......بعيداً بعيداً حتى تلاشت الأماكن والمدن والمحطات وتوارت الوجوه عن العيون وليس عن العقل...... وأصبح الهاتف النقال هو وسيلتنا للتلاقى .........كلمات معدودة للإطمئنان على أن صوتى سليم أم متعب ولهفة على السؤال عن أحوالى من كل قريب وبعيد عن الجمهورية ...........كيف الحال ؟؟؟؟؟؟.......تغذ جيداً ............ثقلِ ِ ملابسك ....ذاكرى جيداً ..........ومثل هذا من الكلمات القصيرة
إلا أن جاء يوم .....هو أول أيام رمضان بين بنات تقريباً من نفس عمرى........ مغتربة بينهم فهى غربة داخل غربة .......قفص حديدي حوله قضبان أخرى من العزلة والحذر ...........فكل بنت منا من بيئة مختلفة وفكر وأسلوب خاص بها .........وجاءت لحظة الأفطار بعد صيام فى يوم حار وشاق بين المعامل .....وكل منا أتت بإفطارها ....حاولت الإفطار ولكن لا أستطيع البلع فالماء لا يتسرب لمعدتى والطعام يأبى النزول ...........ماذا حدث ؟؟؟ماذا جرى ؟؟أليس الماء هو الماء والطعام هو الطعام ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟...............لا .كلا ..ليس هما .......فالماء عند أمى مذاب به الحنان.. والطعام مخلوط به الألفة والحب ووالوئام ........اين أنت يا أمى لأرى وجهك ساعة الإفطار؟؟؟؟ حتى أستطيع الاستمتاع به أو حتى أتذوقه وأقول: الله....... الله.......ما أجمل طعامك وحنانك يا أمى وما أجمل حبك وخبزك يا أمى ونظرة عينيك التى تسم على الأكل وشربة الماء وتبسمل مع كل رفعة يد للفم ومع كل نظرة عين لجمالى وصلوات على نبي الرحمة وتسليم وحوقلة وتعوذ ...حتى تبعد العين عنى ......فكل شيئ له شكل ولون وطعم آخر .
أين أنت يا أمى ؟ما هذه المشاعر ؟وكيف تكون مشاعر اليتم .....إن كانت هذه مشاعر البعد فقط ا ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
وأنا بين هذا وذاك وبكاء ودموع وإحتياج لصوتها وحضنها الدافئ ...إذا بالهاتف يعلن سؤالها علي ..:
=ماذا بك يا أبنتى ؟؟؟؟؟؟؟؟لماذا صوتك مبحوح ؟؟؟أكنت تبكين ؟لا ياعمري فأنا أحسست بك ولا أستطيع يا أبنتى الأفطار بدونك
=أمى أنا أفطر ِ فأنا بخير يا غالية
= طيبة أنت يا أبنتى كون ِ بكل خير
إلا وسويعات وطرقات على بابي قبيل الفجر ............وإذا بها تقف أمامى كالحلم المستحيل الذى تحقق لتختلط الدموع بالضحكات والحكايات وسعادة ضمة الأمان لصدر الحنان .
أطال الله فى عمرك أمى ومتعك بالصحة ودعائى لكل أم
ورحمة الله على موتانا
.......
أخى جمال سبع أرجو تقبل مداخلتى المتواضعة وحكايتى
وتقبل تقديرى وأحترامى لك 