الأديب السوري د.محمد شادي كسكين في حوار لـ" أخبار اليوم "الجزائرية
[align=center]
الأديب السوري المغترب محمد شادي كسكين في حوار لـ " أخبار اليوم" الجزائرية:
''أجمل ما في تظاهرة الجزائر عاصمة الثقافة العربية اهتمامها بالكتاب''
04/12/2007
نال درجة البكالوريوس في طب الفم والأسنان من جامعة تشرين باللاذقية.. حاز جائزة سعاد الصباح للإبداع الفكري والأدبي العربي عن قسم الدراسات الشعرية لعام 2003 ـ 2004 عن كتابه: الشعراء العرب المعاصرون في نصف قرن: 1950 - 2000..
عضو مؤسس ورئيس المركز الافتراضي لإبداع الراحلين، عضو اتحاد كتاب الأنترنت العرب.. عضو الرابطة الفلسطينية لتدوين الجرائم الصهيونية.. عضو مؤسس والرئيس العام لاتحاد المدونين العرب.. عضو مؤسس في المركز الافتراضي لأبحاث الرسول الأكرم.. عضو منظمة أورانوس الفنية الدولية.. ترجمت بعض كتاباته وقصائده إلى اللغات الإيطالية والإنجليزية والفرنسية والسويدية والرومانية والبولندية... وكأن هذه السيرة الذاتية الثرية لم ترو ضمأه، فأضاف لنفسه لقبا آخر، شاعر الغرباء، إنه محمد شادي كسكين، الأديب السوري المقيم حالياً في السويد.. »اصطادته« »أخبار اليوم« فكان لها معه هذا الحوار..
- أجرى الحوار: الشيخ بن خليفة
؟ تسمي نفسك »شاعر الغرباء«، هل يكفي أن تقيم في الغربة لتعتبر نفسك شاعرا للغرباء؟ ولماذا هذا التوصيف الحزين؟
؟ ربما توافق الناس على قصر مصطلح الغربة على غربة الوطن والمكان، ولكن غربتي وغربة الملايين مثلي غربة من نوع آخر.. ولقد اخترت هذا المسمى قبل اغترابي عن وطني بسنوات.. غُربتنا عالم بعيد عن عالم الغابة الذي يحياه هذا العصر.. غربة الحالم بكون يحيا فيه الإنسان مشاعر الإنسان الأول المحب لأخيه الإنسان بالفطرة، القادم إلى الحياة لينجز ثم يرحل في هدوء.. وعالم غربتنا لا يدخله إلا من اخترق فضاءات الحلم والتحليق والتفكير العميق فأبحرفي ملكوت الفكر ثم ارتقى.. لكي تحيا غريباً عليك أن تكفر بالنفاق والأنانية.. غربة اعتنقها الكثير من الأدباء والشعراء داخل أوطانهم وخارجها.. غربتنا غربة الروح قبل غربة الوطن.. فكيف إذا اجتمعا معاً، بدأت قافلة غربتنا بآدم وحواء حينما اغتربا عن الجنة وأكملها الأنبياء بجهادهم ومعاناتهم وإنسانية المعالم في رسالاتهم وآمن بها الشعراء والثوار والأحرار.. يا سيدي »طوبى للغرباء« فـ »كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل«.. قال الشاعر العراقي الصافي النجفي:
إنما الشاعر الصحيح غريب
فهو يمشي مشرّد اللب حائر
إن رأى شاعرا يفيء إليه
وطن الشاعر الغريبِ الشاعر
وقلت يوماً:
هكذا تشرق شمسي عند إعلان الوفاة
أنتم تبكون موتي
وأنا اليوم أعلنت حياتي.
؟ ما الذي يدفع دكتورا في الطب إلى ولوج ميدان الأدب، وهل هناك تقاطع بين الميدانين؟
؟ كلاهما يتعلقان بالإنسان، لكنني وجدت أن الطب ميدان يعالج الجسد فاتجهت إلى ميدان يعالج الأرواح والأفكار والتاريخ والأمم.
؟ ما هي قراءتك للراهن العربي عموما وواقع الثقافة في البلدان العربية؟
؟ إن كنت تقصد الواقع العربي السياسي فقل:
لي فيك يا ليل آهات أرددها
أواه لو أجدت المحزون أواه
لا تحسبني محباً أشتكي وصباً
أهون بما في سبيل الحب ألقاه
إني تذكرت والذكرى مؤرقة
مجداً تليداً بأيدينا أضعناه
ويح العروبة كان الكون مسرحها
فأصبحت تتوارى في زواياه
كم صرفتنا يد كنا نصرفها
وبات يملكنا شعب ملكناه
أما الراهن الثقافي فهو لا يخرج عن الواقع السياسي إذ هو انعكاس له.. الثقافة بمعناها الحقيقي هي علاقتنا مع الله والذات الإنسانية ومع العالم المحيط كوناً وفكراً.. لن يخرج المشهد الثقافي العربي من أزمته ما دام المثقف يبيع إيمانه!
إذا لم يجد المثقف خبزاً فكيف له أن يوجد فكراً!.. لن نخرج من أزمتنا ما دام التغريب عن الهوية هو طريق من يريد الشهرة وما دامت نسبة الأمية في بعض أقطارنا العربية تصل إلى أكثر من 50 بالمائة من نسبة السكان وأما الأمية المعلوماتية فحدث ولا حرج.. لقد مضى 85 عاماً منذ شرعنا في القضاء على أمية الإناث وكانت النتيجة كما نراها اليوم.. الثقافة لم تكن يوماً إلا نبضاً شعبياً ووجهة نظري في الأمر أن وزارات الثقافة في الوطن العربي تعرقل المثقف بدلاً من أن تسانده... إن منتدى واحداً كمنتدى »من المحيط إلى الخليج« في عالمه الإفتراضي على شبكة المعلومات الذي أسسه الشاعر الفلسطيني مصطفى مراد العام ,2006 والذي يضم الآن أكثر من 890 من الشعراء والكتاب والروائيين والأدباء العرب من مختلف أنحاء العالم ينجز ما ينجزه أي إتحاد عربي للكتاب وأي وزارة عربية للثقافة ويكاد يتفوق عليهما.. لقد أنجز المنتدى كتباً إلكترونية باللغة الإيطالية والفرنسية والإنجليزية ويعمل هذا العام على إنجاز 4 كتب ورقية و20 كتاباً إلكترونياً تترواح بين الشعر والنقد والقصة باللغة العربية والفرنسية والإيطالية والإنجليزية والألمانية والبولندية والسويدية والروسية.. ثم يتساءلون بعد ذلك أين المثقف العربي!!
؟ كيف تجد الشعر العربي الحالي، وما تقييمكم لواقع الرواية العربية؟
؟ العرب أمة الشعر ماضياً وحاضراً.. يختلط الغث بالسمين أحياناً وهو ما لا يمكن إنكاره.. يحتاج واقع الشعر العربي إلى أمرين: الأول: التوازن بين الشعر العمودي بكل قيمه الجمالية والموسيقية والشعر الحر بآفاقه الواسعة وعوالمه المنفتحة والثاني: ترشيد الموجة المتصاعدة من المبتدئين في ولوج عالم الشعر... يمتلك شعراؤنا والشباب منهم على وجه الخصوص الكثير الكثير ولكننا يجب أن نخلع لثام المجاملات لنرتدي رداء النقد الإيجابي البعيد عن النفاق الثقافي.
أما الرواية العربية فأزمة المثقف العربي معها أنه يهابها.. وخاصية الرواية أنها لا تعتنق الخوف ولا تقبل التوقف عند حد معين من الجرأة.. لقد مضى جيل الرواية العربية كنجيب محفوظ وعبد الرحمن منيف وجمال الغيطاني وحنا مينا والطيب صالح. ويبدو اليوم أن معين الرواية العربية نضب ذكورياً لتملأ أسماء نسائية على نحو ما الفراغ الناجم في الرواية العربية كـ»ليلى العثمان« و»أحلام مستغانمي«...
؟ ألا ترون بأن الدراما السورية خصوصا والصناعة السينمائية والتلفزيونية في سوريا قد طغت على المشهد الثقافي بشكل أخفى أو كاد يخفي معالم الإبداع الأخرى؟
؟ في هذا القول بعض الشيء من الحقيقة دون أن نغفل أن الصناعة السينمائية والمسرحية والدرامية هي جزء من الحراك الثقافي والإبداعي الحضاري.. وفي الواقع الثقافي السوري تحديداً فإن فجيعة سوريا في فقد أعلامها الكبار كـ»نزار قباني« و»محمد الماغوط« و»عبد السلام العجيلي« و»عبد المعين الملوحي« و»ممدوح عدوان« تزامنت مع انتقال المشهد الفني في سوريا إلى حالة جديدة تمثلت في ثورة من الأعمال الفنية التاريخية والاجتماعية والكوميدية لاقت الاستحسان محلياً وعربياً.. هذا التزامن أدى إلى شيء من إخفاء معالم المشهد الثقافي السوري، خاصة وأن مقاعد القمة من المثقفين السوريين الراحلين ما تزال شاغرة لم يتمكن مثقف سوري من الاقتراب من قوائمها..
؟ تراجع دور المثقف العربي بشكل ملحوظ في السنوات الأخيرة، وبات صوته مختنقا لا يكاد يُسمع. هل يعود ذلك برأيك إلى ضعف النخب العربية أم إلى التضييق السلطوي عليها؟ وكيف يمكن للنخبة استعادة زمام المبادرة لتأدية الدور الواجب عليها والمنتظر منها؟
؟ المثقف العربي لم يمت وتراه بين كل أزمات الأمة وتعقيداتها يحاول فينجح تارة ويخفق تارة أخرى.. مرة أخرى أقول إن المثقف هو ابن بيئته وعندما ينسلخ المثقف من بيئته يموت... المحيط العربي يعاني من مفردات كالمحسوبية والفساد والتقييم المادي ودكتاتورية المثقفين الكبار.. لذا إن يظهر صوت عربي قوي يكن منسجماً مع هذا وذاك أو يختنق كمداً أو يخرج من وطنه، فيما ندر فتأخذه الدنيا الجديدة فيذهل عن ملكة إبداعه ليسد ثغراً تاق إلى اللقمة فلما لم يجدها أتبعها بتخمة لا تسأل عن مصدرها في أول فرصة تلوح له.
؟ توجد سوريا اليوم في دائرة التهديد الأمريكي. كمثقف سوري كيف تنظر إلى نظرة أمريكا والغرب عموما إلى بلدكم؟ وما الذي تقومون به على مستواكم لتصحيح هذه النظرة؟
؟ أمريكا كحكومة وسياسة لا تنظرإلى السوريين إلا كنظرتها لسائر العرب والمسلمين... غير أن لسوريا خاصية تجعل نصيبها من الحقد والمؤامرات أكبر قليلا.. سوريا اليوم في نظر السياسة الأمريكية هي الشوكة في حلق المطامع الاستعمارية الجديدة في المنطقة... دمشق اليوم كما كانت عبر التاريخ قلعة عصية.. ولذا ترى الإدارة الأمريكية أن أهدافها لن تتحقق في المنطقة ما دامت مفردات المقاومة والصمود والنضال مستعرة في المنطقة سواء في دمشق وبغداد ولبنان وغزة والضفة الغربية، ولذا فهي تُلوّح تارة بالعقوبات وتارة بالحرب والعدوان، أمريكا تظن كما ظن كل استعمار قديماً وحديثاً أنها رب العالم وهي واهمة، رب العالم هو الله وصمود وإيمان الشعوب الحرة المدافعة عن سيادتها واستقلالها وترابها ومبادئها هو الذي أسقط كل استعمار وسيسقطه اليوم وغداً.. أمريكا ثقافة الشر والاستعباد وامتصاص خيرات الشعوب والعيش على دمائها سحابٌ يتكثف لحينٍ من الدهر فيمطر موتاً وظلماً وألما ثم لا يلبث أن يندثر في سجلات الغابرين، أما الشعب الأمريكي فثقافة الإعلام المسيطر وروتين الهمبورغر يخفيان عنه غباء قيادته وإجراميتها..
الشعوب الأوروبية أكثر انفتاحاً واستماعاً إلا أن مفردات الإعلام المتصهيّن المسيطرة تعقد مسألة توعية هذه الشعوب بجوهر الصراع في المنطقة العربية. على المستوى الشخصي هناك نشاط لا يزال محدوداً نقدر له التوسع قريباً لنقل وتعريف المواطن السويدي بالحضارة العربية وحقيقة المواقف السورية والعربية وعدالة وإنسانية الرسالة التي تحملها الشعوب العربية.
؟ توشك تظاهرة الجزائر عاصمة الثقافة العربية على نهايتها، هل تابعتم هذه التظاهرة، وما رأيكم فيما حملته إن كنتم قد تابعتموها أو بلغتكم أصداء حولها؟
؟ تابعت أجزاء من هذه التظاهرة الثقافية، كان من أجمل ما تضمنه برنامجها برأيي ما أكده منسق تظاهرة الجزائر عاصمة الثقافة العربية كمال بوشامة من أن التظاهرة ستقيم ركناً يشرع فيه بتقديم حوالي 365 إصدارا جديدا في انتظار الشروع في إعادة طبع 600 كتاب كلاسيكي لكتاب جزائريين وأجانب، 90 منها مترجمة عن روائع الأدب الجزائري المكتوب بالفرنسية، إضافة إلى إعادة طبع بعض المؤلفات العربية المشهورة، أما باقي الكتب فتتوزع بين 100 كتاب فني و200 عنوان من كتب الأطفال، إضافة إلى تقديم 50 مكتبة متنقلة تجول في الولايات الجزائرية، وأعتقد أن التظاهرة كان فرصة للأشقاء الجزائريين لاكتشاف التراث الثقافي لبلادهم والتعرف على خصوصياته مقارنة ببقية البلدان العربية الأخرى المشاركة والتي ستتمكن عبر هذا الحدث من مد جسور التواصل مع الثقافة الجزائرية.
؟ كلمة أخيرة؟
؟ كل الشكر لـ»أخبار اليوم« التي منحتني فرصة الحديث والبوح لأهلي وشعبي في الجزائر.. الجزائر التي ينحني لها العرب والعالم احتراماً لشعبها وثورتها ونضالها وأضرحة شهدائها الكبار.
[/align]
نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)
|