بطريركية القدس الشريف في دفاتر الكنائس العثمانية
ترجمة كمال خوجة
الدفتر 3 ص 3
تقدم ياني من شاركوي بطلب ذكر فيه أن بأن المبالغ التي أخذها ياقوغوس وكيل البطريرك من تركة المتوفى بارطنوس وهو من رهبان القدس تعود للورثة ويجب أن تعود إليهم. وحول الطلب إلى شورى الدولة وبناء على المعروض المقدم إلى دائرة التنظيمات تبين أن بعض البراءات المعطاة لبطريركية القدس فيما يخص بملكية متروكات الرهبان الذين يتوفون دون وارث ورد فيها لفظ "بلا وارث" ولم يرد هذا اللفظ في بعضها ولدى إجراء الاتصالات مع نظارة الخارجية أرسل قلم الديوان الهمايونية ورقة المقتضى بتاريخ 24 محرم سنة 95 ورد فيها أن الرهبان في جملة الأديرة والكنائس بالممالك المحروسة صنفان ؛ صنف منزو أو تارك للدنيا يقيم في الأديرة والصنف الآخر يتواجد في الكنائس . فالمنزوي قبل أن يدخل الدير يترك ما ملك لأقاربه أو من يريد من الناس أو يهبه للجهة التي يريدها . وبعد الدخول فإن كل ما يملكه بعد ذلك مما هو داخل الدير أو في سائر الممالك التي قصدها المتوفي لتنفيذ أمر كلفته به البطريركية يكون بعد وفاته للدير الذي يقيم فيه. أما متروكات الذين يتواجدون في الكنائس فإن ما يتعلق من أشيائه بالكنيسة من صليب أو لباس ونحوه يكون للكنيسة والباقي يكون للورثة. والبطريركيات تتعامل على هذا النحو منذ القدم . ورهبان دير القدس هم من الصنف الأول. أما لفظة"بلا وارث" المدرجة في براءة بطريركية القدس أدرج مقدما بصورة من الصور وعليه فإنه ينبغي طي هذه اللفظة من براءة البطريركية التي وردت فيها وأن ذلك غير مضبوط لدى قلم الكنائس والأديرة الكائنة بدار السعادة والممالك المحروسة فيتعين طلب كل بطريركية دفترا وأن حل وتسوية هذه المسألة والمبالغ التي يبحث عنها الشاركويلي اعتبرت من المسائل الحقوقية فيرجع أمر حوالة المسألة إلى المحكمة لنظارة المذاهب الجليلة وسلمت الأوراق بتاريخ 22 صفر إلى النظارة المذكورة لإجراء المقتضى.
وجوابا على هذا أرسلت النظارة المشار إليها تذكرة مؤرخة في 4 شعبان سنة 95 مرفقة بالأوراق المتعلقة بالموضوع وقدمت إلى الدائرة بتاريخ 8 شعبان سنة 95 ولدى قراءتها تبين من معناها أن إدراج لفظة "بلا وارث" في براءة بطريركية الروم تقرر بمحضر شورى الدولة بتاريخ 17 ذي القعدة سنة 90 على اثر طلب الورثة المبالغ المودعة في بنك أثينا باسم المتوفى كساريوس هاجي يواكيم وهو من رهبان القدس وأدرجت صورة القرار في الجلد الثالث من الدستور للعمل بموجبه واستنادا إلى هذا القرار قدم ورثة الراهبين بارطنوس وكساريوس طلبا بتحصيل حقوقهم الموروثة، لكن بطريركية القدس أصرت على اللفظة المذكورة لم تدرج في البراءات العالية حتى ذلك الوقت وطلبت إلغاء القرار. وعلى اثر ذلك أشار قلم الديوان الهمايوني إلى ضرورة طي وإخراج لفظة "بلا وارث" من البراءات . لكن إدراج القرار في دستور شورى الدولة اكسبه قوة النظام، وأن إجراء مثل هذا التعديل من صلاحيات شورى الدولة وأن ادعاءات الورثة هي من المسائل الحقوقية وعليه فإنها من اختصاص المحكمة.
ولدى التحري عن أساس القرار المذكور تبين أنه على اثر ادعاء بطريركية الروم في القدس ردا على ادعاءات ورثة هاجي يواكيم، بأن كافة مخلفات الرهبان هي للكنيسة التي يتبعونها وأنه ليس من حق الورثة المطالبة بشيء منها، أجريت مخابرات مع قلم الديوان الهمايوني وتم الرجوع إلى السجلات العتيقة وتبين أن بعض البراءات المعطاة منذ عام ألف تضمنت عبارة بلا وارث وبعضها لم تتضمن كما لم تدرج عبارة بلا وارث في البراءات التي أعطيت في عامي خمسة وخمسين وواحد وسبعين، وأدرج فيها نص قبول أية وصية من الرهبان لفقراء الكنيسة والبطريرك وعدم تدخل بيت المال في تركات الرهبان الذين يموتون بلا وارث أو كان ورثتهم غائبين. أما إذا كان الورثة حاضرين فيسلم الصليب والملابس وغيرها من الأشياء المتعلقة بالرهبانية إلى مأموري الكنيسة التي يتبعونها. وما عدا ذلك من أموال وأملاك تترك للورثة الحاضرين والموجودين. ويتطلب الأمر بعد ذلك استرجاع نقود المتوفى يواكيم من بنك أثينا وتحصيل متروكات المتوفى بارطانيوس من الوكيل السابق لبطريرك الروم في القدس الشريف ياقودوس أفندي، وتقسيمها بين الورثة وفق أحكام الشروط القديمة ويتطلب الأمر بعد الآن درج لفظة بلا وارث في البراءات الشريفة وتنبيه قلم الديوان الهمايوني في هذا الخصوص بالمحضر المقدم مرفقا بقرار دائرة الداخلية بتاريخ 17 ذي القعدة سنة 90 وبموجبه أدرجة لفظة "بلا وارث" في براءة بطريركة الروم في القدس.
وبناء على هذه التفصيلات تبين أن لفظة"بلا وارث" كتبت في بعض البراءات العالية ولم تكتب في بعضها ، وأن إلغاء هذا القرار جاء مع بيان البطريركية بأن لفظة "بلا وارث أدرجت في ورقة المقتضى في قلم الديوان الهمايوني لسبب غير معروف وطلبها طيها وإخراجها. إلا أن طلب بطريركية القدس طي وإخراج هذه اللفظة من براءة البطريركية وإعطاء البراءة في صورتها القديمة يتطلب إحالته إلى قلم الديوان الهمايوني، وإحالة طلب ياني الشاركويلي إلى المحكمة بحسب العائدية وإبلاغ البطريركيات بالدفاتر المزمع طلبها من أجل الكنائس والأديرة وإشعار النظارة المشار إليها بكل ذلك. والأمر لحضرة من له الأمر. 27 شوال 295 و 12 تشرين الأول سنة 294 /24 أكتوبر 1878
نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)
|