| 
				
				ورطة   ' الميتا ' ( شذى الصنهاحي )
			 
 " الميتا "  !
 
 أكرم  " طفل   ذكي جدا  هو يشبهك  ، وسنّه مثل سنّك لا يتجاوز الثامنة من عمره ، لكنه كثير الانطواء وخجول، مولع جدا بعالم الإلكترونيات ، لا يحب اللعب والحديث إلا مع هاتفه الذكي ..
 ذات ليلة وهو كعادته ، في حجرته ،  وبصحبة هاتفه  ، تفاجأ  بصوت غريب  يردد اسمه ، استغرب أول الأمر ، ولكنه  اقترب  من مصدر الصوت ، ليجد أن الصوت يرتفع  كلما اقترب من هاتفه ...
 حمل هاتفه مرددا  :" نعم ،  أنا أكرم من أنت ،  وماذا تريد  ؟  "
 وبسرعة فائقة ودون سابق إشعار  ، تحول  إلى " بطاقة هاتف" .
 في تلك اللحظات دخلت أخته الكبرى إلى حجرته تبحث عنه ، فلم تجده ، فانتبهت إلى الهاتف فوجدت بطاقة بقربه  ،فلم تتردد لحظة في وضعها داخل الجهاز  ، حاول أكرم أن يمنعها، صاح وصرخ بأعلى صوته لكن بلا فائدة !
 وبينما هو في  وضعية  ذهول وفزع ، سمع صوتا يردد " مرحباً بك في عالم الخيال والعلم "
 وأضاف  : أعلم مدى عجزك عن الكلام ولكن سأتركك لتكتشف هذا العالم وسأعود إليك بعد هنيهات!
 لم يفهم أكرم  ما يجري ، أحس الوحدة والغموض ، وطفق يتطلع فيما حوله، خطوط غير مستقيمة  وشاشات  رقمية ضخمة   تتخللها أرقام كثيرة  وأكواد غريبة   استسلم للأمر ، وخاطب نفسه مهدئا من روعه " سأتجول بين هذه الأكواد كلها   ، لعلي أكتشف رقما يعيدني إلى حالتي العادية ...
 وما أن أبصر رقما مختلفا  ، شكله ضخم يشبه رقم تسعة ، لكن برؤوس متعددة حتى بادره قائلا :
 " ساعدني أرجوك ، لأنه يبدو أنك ملك الأرقام ، وسيد الأكواد والمسيطر عليها "
 فقال له الرقم :
 " كلا أيها الكائن الغريب  المتحول ، فما من أحد دخل هذا العالم  الإلكتروني ، ورجع بعد رحلته بسلام "
 ازداد قلق " أكرم "  ، وألقى بذاكرته الأولى في وسط الأرقام كمحاولة منه للنجاة والخلاص.
 في تلك اللحظة سمع صفارات إنذار تخبر أن  فيروسا كبيرا  في طريقه إلى  الرقم الكبير، وأنه تمكن من الدخول ، والاستحواذ على جميع المعلومات الأخرى والبيانات.
 دبت الفوضى ذاكرة البطاقة ، فتحولت المعلومات إلى أرقام  وشيفرات  ورموز  متنوعة..
 مما جعل أكرم  يرتعب أكثر وينتفضُ  محاولا  الهرب.
 لكنه شعر بعجز شديد ، وصاح ينادي بأعلى صوته   " أنقذني ياصديقي ... أنا محتاج إليك "
 لم يرد عليه الهاتف  .. ولم يتمكن لأن جميع المعلومات تغيرت وتبدلت ، فلم يعد باستطاعته إنقاذ صديقه " أكرم  " لأنه بدوره في ورطة كبرى ..!
 بعد برهة ، دخلت أخت أكرم  ، تبحث عنه في حجرته ، لكنها لم تجده ،، فحملت الهاتف وحاولت أن تفتحه  لكنها لم تتمكن ، فخاطبت نفسها قائلة : ربما المشكلة في البطاقة التي وضعتها داخل الجهاز قبل قليل !
 سحبت البطاقة ووضعتها فوق المكتب بالقرب من الهاتف وغادرت الحجرة وهي تنادي أين أنت يا أكرم؟ '  ..
 وفي تلك اللحظة  عاد " أكرم " إلى حجمه الطبيعي وصورته الأولى  ، فتنهد  تنهيدة كبيرة وهو يخاطب  نفسه في المرآة " ما أغربها من رحلة ، وما أهولها !  " يا لغباوتي ، كيف  أترك أصدقاء حقيقيين وأصاحب صديقا إلكترونيا لن يستطيع  إنقاذي إذا وقعت في ورطة !
 ثم مالبث أن صرخ في فزع وهو يحطم هاتفه الذكي .
 
 
 نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)
 |