هناك ما يشبه الصمت في الزمان والمكان
[frame="10 98"]
[align=justify]
هدى أيتها العزيزة الغالية
كم مضى من الوقت لم أقرأ فيه حروفك .. يوم .. يومان ؟؟.. هناك ما يشبه الصمت في الزمان والمكان .. أتساءل ، ويحق للمرء أن يشعل فتيل التساؤل أحيانا : ترى ما الذي يشغلها عني وما تعودتُ انشغالها عني ..؟؟.. لا يهم يا هدى أن تترك كلماتي رائحة الياسمين في الجو ، أو رائحة الزعتر البريّ .. أحب أن أدلق الكلمات من قلبي ونفسي وروحي مباشرة على الورق .. سبحان الله هذه العادة لا استطيع أن أغيرها منذ زمن طويل، وهناك من يجد فيها تجاوزا للمعقول ، أو شيئا مفاجئا غير منطقي .. ليكن فأنا أتعامل معك دون حاجة لوضع حدود وسدود أمام كلماتي .. وإذا كان ذلك لا يعجب البعض فلهم أن ينصبوا محكمة لمحاكمتي على صدقي !!.. إذ صار الزمن زمن كذب مفضوح ..
تعودنا ، أنا وأنت - ولاحظي أن الأنا أنانية في تقدمها !!- أن نكتب في أشياء كثيرة.. ولا ادري اليوم لماذا أحب أن أحدثك عن اثر السكون والصمت والإهمال أحيانا على الذات المنتظرة أو المتلقية .. ربما كنتُ مخطئا وكان هناك ما يشغلك فعندها اعتذاري سابق .. لكن عشت يا هدى خلال يومين مثل المتلصصين الذين يتابعون خطوات الآخرين بل وأنفاسهم .. ولن أقول مثل رجال الأمن الذين يحصون حتى دقات القلوب حتى لا أثير حفيظتهم!!.. لا أدري بالتحديد كم عدد المرات التي فتحت فيها البريد ، وكلمة أو جملة " هذا الملف فارغ " تثير الأعصاب أحيانا .. وإذا ابتسم الحظ وبانت نواجذه ووجدت كلمة يوجد رسالة ، ترينني مثل الأطفال ، أضغط فورا على " افتح يا سمسم "! فتكون الرسالة سامحها الله إعلانا عن البحث عن بنت الحلال ، أو عن ابن الحلال .. أو إن كان الأمر أيسر فعن دعاية لأغنية يفترض أن نهديها لمن نحب .. وهذا – لكثرة غيظي – يعيدني إلى حيث كنت انتظر وأنتظر .. أقول خيرا يا هدى ..
إثارة الأعصاب في ديارنا العامرة من المحيط إلى الخليج ، وأحدهما على ما اذكر كان هادرا والآخر ثائرا كما يروي الرواة ، موضة معروفة في هذا العصر .. تكونين ماشية على الرصيف بأمان الله فيخرج بوق سيارة يخبط الرأس وكل أفكاره وغيرها .. أو تمر سيارة أخرى ولا يحلو إلا أن تمر في مستنقع ماء ينتقل كله بما فيه من طين وغيره إلى البنطال والقميص والحذاء وحتى شعر الرأس وإن أراد الواحد منا أن يشتم نظر إليه السائق نظرة مرعبة تذكرني بأفلام "دراكولا" مما يدفعنا لبلع الشتيمة والماء والطين وأشياء أخرى !!.. أما البريد الالكتروني فهو مختص حين يطول انتظارنا له بمدّ لسانه وجعلنا مقهورين فوق قهرنا .. على كل يا سيدتي وصديقتي هذا ما أردت أن أقوله.. عن أي انزعاج .. ولماذا الانزعاج؟؟.. البريد الكتروني المحترم جدا يقول لنا " هذا الملف فارغ " فماذا في الأمر من المنغصات؟؟.. !!..
طلعت سقيرق
دمشق 17/ 2/ 2007
الغالي طلعت..
هل استغرقت في الصمت و هل غبت ؟؟!!
ربما.. لكني بالتأكيد لم أنشغل عنك....
من طول ما أحاورك ماثلاً في أعماق ذاتي قريباً ممّا يجعل أدواة الحوار تختلط أحياناً في سجلّ ذاكرتي بين ما سطرته أصابعي عبر البريد الالكتروني و ما سطرته الروح لكيانك الصديق العزيز الماثل فيَّ، و هذا لأني في حوار دائم معك بين هذا و ذاك..
مع هذا يا صديقي أنت تعرفني و تفهمني كما أعرفك و أفهمك و تستشعر حزني و فرحي كما أستشعر حزنك و فرحك و قد رسّخت الصداقة الحقّة بيننا ميراث الدم المشترك و الطباع الموروثة..
ما الذي يجعل النفس تتصدع أحياناً و الروح تذبل و هي تعزف لحنها الحزين؟؟!!
عادة ما تضيع التفاصيل و تختلط الأسباب و تبقى النتائج وحدها...
أصمد أحياناً أمام الأخبار و الأهوال و الأحوال و تفاصيل الحياة المرهقة و أبقى منتصبة كشجر السنديان..
و أتعب أحياناً من صمودي أسأم من ابتسامتي و من مظاهر فرحي..
مزاجية أنا كما تعرفني..
أحياناً تعصف الرياح بجراح نفسي بلا مقدمات و تنهار السدود التي تقي طفولتي و أنتبه أني في مهب رياح الحياة العاتية..
أحياناً أتوجع من جرح ظننته قد شفيَ و أصرخ دون أن يخرج صوتي من صمتي أو تتحرك أصابعي و كثيراً ما أحسّ أنّ في أعماق نفسي بركانا ما يريد أن ينفجر لكنه لا يجد فوّهة يخرج منها..
أجد الجراح أحياناً تستفزّني حين يشرق الدمع و تقهقه فوق أعصابي و حتى من حولي.. حتى على غصون شجرة الأرز المثقلة بالثلج تقرع نافذتي..
وسط هذه الأجواء و بركاني المغطى بثلج الصمود المتجمل بابتسامة أجيد رسمها على وجهي و ملامحي أكثر مما أجيد وضع الأحمر و الأخضر كبنات جنسي..
ما أن يصلني دفء كلماتك محملاً عبر البريد الالكتروني حتى تنتظم ذاكرتي و يعود لروحي رونقها تتغير أجواء نفسي فجأة و تشرق الشمس و تصدق الابتسامة و يشعّ الفرح و يسود و أستعيد طفولتي...
و أضحك كالأطفال و أنا أتذكر ماء المطر و الأوحال و السائق "الدراكولا "أو كما يحلو لأختي التفسير حين تصف الفرق: في بلادنا يصدمك أحد المارّة ثم يصوب لك نظرة نارية تجعلك تنكمش و تحذرك من الاعتراض و هنا في كندا يصدمك شخص بذات الأسلوب لكنه يتبعها بجملة من الأسف العميق و الاعتذار الذي يمنعك من الاعتراض أيضاً و الفرق كما تراه أنّ الأول صادق و الثاني كاذب!!
هل أدركت المعنى؟ حين تسرقنا الغربة من أزمنتنا و شخوصنا وذلك الإحساس الملازم على البعد بأننا خارج الزمان و المكان حتى تلك التفاصيل السلبية تبدو محببة حين نتذكرها و يبقى الحنين سيّداً لصوت أذان الفجر يشقّ العتمة و يبعث الدفء، للضجيج الذي يعجّ بالحياة لبائع الكعك يجوب الطرقات منادياً على بضاعته، لعاشق يبثّ لواعجه في أغنية تبثها مسجلة سيارته للحيّ كلّه الذي تقطنه الحبيبة، للمطر الحبيب معطراً بعبق الزعتر و الياسمين حتى بأوحاله و الأزمنة المتداخلة في الأحياء الشعبية و الأسواق......
لمشاعر الناس التي تشبه مشاعرنا و ملامحهم التي تشبه ملامحنا...
نبض الحياة الذي يشتاقه الغريب
شكراً لك يا صديقي فأنت دائماً تدرك متى تخرجني من أزماتي و كيف تغير اللحن من نغم حزين إلى نغم سعيد..
هـدى الخطيب
مونتريال 18/2 /2007
[/align]
[/frame]
نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)
|