الحـــلقــــة السادسة
[align=justify]في الطريق المؤدي إلى كوخ عمي "العياشي" هاجمتني مجموعة من الكلاب المتشردة، هجومهم كان بسبب اعتقادهم أنه يسري في عروقي دم عربي أصيل ، و قد جرت العادة على الفتك بكل ما هو نبيل – عفوا لم يعد نبيل بل أصبح جاك و توم و ريشارد- زعيمهم كان يريد أن ينتزع مني قطعة لحم أسمر متوسط ، لم يعرف أن لحمي مر بطعم العلقم و أحيانا بطعم الكوكا و الشيح ، حولت السرعة من 40 كلم في الساعة و المسوح بها داخل المدينة، الى سرعة 120 كلم في الساعة التي يعاقب عليها القانون بسحب رخسة السياقة ، و لأنني لم أكن أحمل رخصة سياقة ، و لا أركب إلا سيارة أقدامي من نوع "رونو11 " لم يطبق علي قانون المرور .
أكملت الطريق بعد أن أوقفت سيارتي الإلهية و ركبت عربة يجرها حمار، كان جحشا لكن هموم الحياة أورثته الشيخوخة قبل الأوان ، شعره اختلط مع الغبار ، بل كان كحبات حصى في هضبة متدنية ، رأسه من كثرة التفكير كبر بحجم رأس فيل هرم ، عيناه اتسعت لأنه لم يتزوج ، فقد كان يتوقف عند مرور كل أثان بالقرب منا ، فيطلق صرخة "زوجوني يرحمكم الله يا رجال الخير".
صاحبه لم يشعر بي عندما ركبت لأنه كان مشغول بضربه و سبه ، أعجبني عندما قال له أسرع يا يهودي ، أيامها لم أكن أعرف معنى العبارة فقد كانت تطلق على كل خسيس و ذميم و مغضوب عليه ، تأملت في الحمار جيدا و أنا أهم بالقفز من العربة و قلت في داخلي " إن كان هو يهودي فمن يحتل فلسطين ؟ " .
كان كوخ عمي "العياشي" في مدخل الواحة المترامية الأطراف ، النخيل كأنه جنود بلا حراك ، الخنادق التي كانت تتجمع فيها المياه الزائدة كأنها ثعبان طويل يطوق الواحة ، أما عمي "العياشي " كان يحرسها بقلب ،رغم أنه جسد يتمشى على الأرض و فقط .
عندما دخلت الكوخ عرفني على الفور ، لأن رائحة حدائي الممزق تقتل حتى العقارب ، جلست في الركن الذي تعودت الجلوس فيه ، ثم تناولت زجاجته التي كانت توشك على الانتهاء ، سألته عن محتواها رغم أنني كنت أعرف جيدا ما بها ، قال لي " شراب منعش للروح " ، سألت نفسي لما تحتاج روحه للانتعاش .
سألني و قدماه لا تقويان على الحراك " لما جئت اليوم يا "ناموسة" ؟ ألا يكفيني بعوض الواحة الذي يمتص مني الدم و مشروب ( البروشكة ) " ، أخبرته عن حكايتي مع أبي ، و خوفي من العصا " شردودة " بعد أن قهقهت من كلمة " بروشكة" ، تأمل في ملامحي المقاومة لكل أشكال الطغيان من الآخر ، ثم راح يقص على مسمعي قصة حقوق الإنسان و منظمة الأمم المتحدة و كل زعماء أمريكا ، طبعا كان في حالة سكر من الدرجة العاشرة ، و السكير يحفظ كلامه في مكان بارد و لا يقاس عليه .
كان له قط أسود بمثابة ليلة حالكة لا يطلع عليها صبح قريب، يقتات على الضفادع و العناكب، و كل حشرة تسول لها نفسها إزعاج عمي" العياشي " مصريها الهلاك، سكينته التي تفنن في نسج فصول مسرحيتها جعلتني أخلد للنوم ، بينما صاحب الكوخ خرج ليفتش عن لص قد يكون .
في نومي حلمت اللهم أجعله خير – كنت أتمشى في ساحات المسجد الأقصى ، ألبس ثوبا أبيضا ناصعا لكنني حافي القدمين ، إذا بأفعى ضخمة لا تملك عيون تهاجمني من الخلف ، سالت من قدمي الدماء ليس بسبب عضة الأفعى ، إنما لأن حجر صغير كان بالساحة جرح أصبعي – قمت من نومي مفزوع ، لكنني لم أجد عمي "العياشي" لكي أحكي له حلمي و يفسر لي ما يستطيع أن يفسر ، فهو كان يعمل في إحدى القنوات الأجنبية كمفسر للأحلام و قارئ للحظ و الأبراج.
من يملك تفسير لي حلمي يتصل بي على رقم جوالي مع أنني لا أملك جوال0000000000000
يتبع ..............[/align]