مديرة الموقع المؤسس - إجازة في الأدب ودراسات عليا في التاريخ - القصة والمقالة والنثر، والبحث ومختلف أصناف الأدب - مهتمة بتنقيح التاريخ - ناشطة في مجال حقوق الإنسان
أوراق العيد الفلسطيني - الكتاب الفلسطيني - طلعت سقيرق
[align=justify]تنهض الأحلام ممشوقة القدّ وجدا كلما أشعل العيد في لغة الأيام والسنوات لحظة قدومه إلينا ، لنغسل بحبق الكلام تعب أيام مضت .. فجملة "كلّ عام وأنتم بخير " تخرج من القلب صادقة ممزوجة بكل الأمنيات لتكون الأيام أجمل وأحلى وأكثر هدوءا وراحة بال ، حيث حاصرتنا الهموم وكبلتنا أو كادت..أحزان لا تفتأ تطرق أبوابنا وتدخل حتى قبل أن نفتح الباب ، لنجد القلب العربي كله مثخنا بالحزن والألم والآهة التي تخرج كأنها النار من كل صدر.. فهل نطوي في العيد آلامنا إلى حين ونحدِّق وإن قليلا في عين الفرح حتى يزهر القلب بدقات الابتسامة وإن قليلا ؟؟..
في هذا الخضمّ المتناهي ، نفرد أوراق العيد الفلسطيني، ونتذكر أننا كنا وما زلنا نصرّ على الأمل والتشبث بالضحكة موقنين بحق الفلسطيني في الحياة أكثر فأكثر بعد أن كوته الآلام وجرَّحته الآهات وشقـَّت صدر أيامه وسنواته سكين الأوجاع .. هكذا كان العيد وكنا ومازال فينا إصرارا على الفرح والضحكة والابتسامة .. ولكن ..
لا أدري لماذا يجتاحني بل يغتالني كل هذا الحزن وأنا أرى إلى العيد مشرَّبا بالآهات تمتدّ على كلّ شبر من وطني وتلحق كل جسد من أجساد المنفيين عن فلسطين منذ سنوات صار عدّها يزيد في كآبتنا ويكاد يطل من العيون دمعا لا يرأف بعين أو قلب أو روح أو نفس.. تأكل الجمرات الأصابع والسطور . . فأجد أنّ الحزن ضرورة رغم إصراري على الفرح ، وأجد أن الآهة متكأ رغم تأكيدي على الأمل .. ما بي ؟؟.. هل تغير المسار أو الإيمان بما كان من إصرار مطلق بأن فلسطين كاملة ستعود ، وأننا عائدون مهما جرى ؟؟؟. يقينا هذا الإصرار لن يتغير ولن يتبدل مهما جرى .. لكنه العيد . عيد الفلسطيني في جرح قلبه وغربته وطول شوقه وتمزقه .. عيد الفلسطيني وهو يلهث في دروب العمر منفيا مقتولا مسكونا بصرخة الغريق ودمعة المفارق.. عيد الفلسطيني وهو يفتح العين صباح مساء على غربة تصير ألف غربة حين يجد نفسه في صحراء قفر بعد تفرّق الأهل وابتعادهم عنه بعد أن كانت فلسطين تلمّ شمل الجميع وتجعلهم يلتفون حول الجرح داعين لبرئه .. الأيدي شاخت بعد أن استقرت في يد الصهيونيّ بدعوى السلام ..!.. والعيون ضاع بريق الوجد منها بعد أن صار العدوّ في مرمى البصر جليسا!!.. وكل شيء ارتعش بعد أن ذبحت بغداد ومازالت تحت السكين أنينا ولا من نصير .!! . وتساقط القلب حريقا وحرقة بعد أن أوغل الأخ في دم أخيه فصارت الأرض التي أخذتنا أو أخذناها مجزأة قبل أن يصير الحصرم عنبا !!.. فهل هو عيد الفلسطيني الذي يقول فيه والابتسامة على شفتيه " كلّ عام وأنتم بخير؟؟..".. سنقولها والوجوه تقطر هما وخشية .. سنقولها وسيف الحزن بتار .. سنقولها ونداري غصة الحلق حتى لا تبين .. نقولها ونخبئ دمعة تأبى إلا أن تبلل المدامع والخد .. نقولها لأن عيد الفلسطيني وعد مرهون بغد آت ٍ .. نقولها ونحن نعضّ على الشفة من حرقة .. " فيا أهلنا .. يا قلبنا وحبنا وأرواحنا .. كل عام وأنتم بخير "..