[align=center][table1="width:100%;background-image:url('http://images2.layoutsparks.com/1/185984/vintage-floral-smoking-lady.jpg.gif');background-color:burlywood;border:4px double burlywood;"][cell="filter:;"][align=justify]
بعين القلب والروح والوجد ننظر إلى كل حبة تراب في فلسطيننا .. نحن الذين ولدنا خارج فلسطين ، نشعر بأن الغربة غربتان ، وأن اللجوء لجوءان ، وان العذاب عذابان .. ذلك أننا لم نكحل العيون برؤية وطن الأجداد والأهل والأحبة، وطننا ، فكنا ومازلنا نحن الحنين المتصل الممزوج بالشوق المزدوج ، والحب المزدوج ، والتطلع المزدوج.. أهلنا الذين عرفوا كل شبر من تراب الوطن حملوا إلينا الحنين وراحوا يعبئون الروح بأحلامهم المضافة إلى أحلامنا، بحبهم المضاف إلى حبنا ، بشوقهم المضاف إلى شوقنا .. كانوا يصرون على أن نحمل الأمانة ، وأن نحملها لأولادنا جيلا بعد جيل ، فصارت فلسطين تكبر فينا وتعلو شجرة حبها لتغطي العمر كله .. وهذا ما جعل الرهان على نسياننا نكتة سخيفة ما عادت تجدي أو تفيد ، فالذين راهنوا فوجئوا بأن الأجيال التي ولدت خارج الوطن، وصار أكبرها في الرابعة والخمسين من العمر ، أكثر إصرارا على العودة وحب فلسطين من أي توقع ، فهم يحفظون البلد وتفاصيل البلد وكأنهم عاشوا كل سنوات أعمارهم في فلسطين ..
إنه الحب الكبير العميق الرائع الجميل ، حب الفلسطيني لفلسطينه التي لا يرضى عنها بديلا .. وإذا كانت الغربة غربتان ، فهذا دليل على أن التذكر سيكون مضاعفا وغير قابل للتراجع .. فالأجيال التي ولدت في الغربة محرومة من صدر وطن دافئ تلقي عليه الرأس وتعب الأيام ، هذه الأجيال تحمل من النقمة ما تحمل على من حرمها وطنها وبيتها وعمرها .. ومهما كانت المغريات ، فكل واحد من هؤلاء يشعر بغصة الغربة ، هذه الغصة التي لا ترحم لأنها تجرح العمر كل لحظة ، فالحرمان من الوطن لا يعادله حرمان، والبعاد عن الوطن لا يعادله بعاد ..
يظنون أن الغريب يمكن أن ينسى .. لكن كيف ؟؟.. ويظنون أن اللاجئ يمكن أن يغفر.. لكن كيف ؟؟.. ويظنون أن سنوات العمر التي انقضت في كل هذا التشرد والغربة والعذاب يمكن أن تسقط خلف الظهر.. لكن كيف .. كل هذا وهم وأي وهم!!.. فالنسيان كلمة محذوفة من أيامنا حين تتعلق بالوطن.. والغفران لا نعرفه حين يتعلق الأمر باللجوء .. وإسقاط التذكر يصبح نسيا منسيا حين يتعلق الأمر بتلك السنوات التي انقضت حرقة وألما.. إنها الذاكرة الفلسطينية التي تأبى ، وستأبى ، أن تكون متوقدة بغير فلسطين وحب فلسطين ..
[/align][/cell][/table1][/align]