التسجيل قائمة الأعضاء



 
القدس لنا - سننتصر
عدد مرات النقر : 137,863
عدد  مرات الظهور : 162,375,281

اهداءات نور الأدب

العودة   منتديات نور الأدب > مـرافئ الأدب > هيئة النقد الأدبي > الدراسات
الدراسات الدراسات النظرية ( هنا) + التبويب

إضافة رد
 
أدوات الموضوع
قديم 14 / 10 / 2022, 18 : 02 AM   رقم المشاركة : [1]
خولة السعيد
مشرفة / ماستر أدب عربي. أستادة لغة عربية / مهتمة بالنص الأدبي


 الصورة الرمزية خولة السعيد
 





خولة السعيد will become famous soon enough

بيانات موقعي

اصدار المنتدى: المغرب

يا جار وادينا

" يا جار وادينا " عنوان أغنية أدتها الراحلة ' رجاء بلمليح' ، وكانت عبارة " يا جار وادينا" مطلع هذه الأغنية، واللازمة المتكررة أربع مرات في النص المكتوب، وأكثر من ثلاث عشرة مرة في الأغنيه، وصوت رجاء يصدح بها مع لحن رقيق.
تعتبر "يا جار وادينا" من أشهر ما غنت الراحلة رغم تميزها في أداء كلمات أخرى سواء بالعربية الفصحى أو باللهجات العربية، و من الأغاني الأخرى لها نجد: صبري عليك طال، طيور الغربة، سلام الله، يا عالم بالغيب.... و تبقى " يا جار وادينا " رونق تلك الكلمات ، والألحان هي المزهرية التي تحفظ بقية الورود.
" يا جار وادينا " نسبت كلماتها للشاعر المغربي محمد حاي ، أما الألحان فكانت لحسن القدميري؛ تلك الموسيقى التي تعزف ألحانها بأوتار في همساتك مع الآلات الموسيقية التي تسمعها، فتجد نفسك ربما تترنم ورأسك أو أنت كلك تتمايل كالمايسترو، فتراقص الأنغام دون الكلمات لمدة تتجاوز دقيقة ونصف ثم تسمع بعد ذلك بعذوبة صوت رجاء يردد المطلع المستهل بنداء كأنه يناديك " يا جار وادينا " لتستفيق على الكلمات المصاحبة للموسيقى.
هذا النداء عبارة تجعلك ترحل أولا بخيالك نحو طبيعة غناء ، تجلس على ضفة الوادي متأملا، فترى جارك على الضفة الأخرى الذي لا يمكنك التخلي عن جيرته وقربه ومحبته.. تناديه لتطلب منه الميل نحوك، الاقتراب منك، الوصول إلى منازلك؛ إلى مغانيك ..
" يا جار وادينا زاور مغانينا" أسلوبان إنشائيان استهل بهما النص؛ نداء وأمر؛ أمر طلبي يأتي بعده استعطاف وإن كان ظاهره خبريا، فحين تقرأ أو تسمع " الشوق أضنانا" تحس بضرورة تلبية الأمر " زاور مغانينا" ، فالشوق لابد أنه دب فيك ، ترق، وترأف لحال من أتعبه الشوق ، خاصة حين يكون الإخبار بعد ذلك مباشرة بأن الوصل يحيي المشتاق، فتنتبه إلى أن هذا المشتاق ليس مضنى فقط، بل إن هذا الإضناء تجاوز حال التعب والإرهاق والسقم إلى لحظة فناء، والشيء الوحيد الذي يمكن أن ينقذ من هذه الحال هو الوصل، ذلك الرباط الذي لا يجب أن يقطع ، وتتردد بصوت "بلمليح" ، " الشوق أضنانا" مرتين، ثم بعدها " والوصل يحيينا" مرتين، كأنها تؤكد الخبرين، وتؤكد حال هذا المشتاق، الذي لا يستطيع أن يتنسم روح الحياة إلا بالوصل، ولاحظ معي الفعلين / الخبرين الواردين بعد ( الشوق/ الوصل) ، ستجد أن الفعل " أضنى " ورد ماضيا، يؤكد وقوع الإضناء بسبب الشوق، أما " يحيي" فجاء فعلا مضارعا ليؤكد كذلك أن الوصل يجعل حركة الحياة مستمرة .
ثم يأتي خبر آخر يعبر عن ضرورة تلبية أمر " زاور" ، فتبين لنا الكلمات هنا ما يكون من سعادة ورغد، بعد عودة الحياة بفضل الوصل، فأنسام جار الوادي طيب، أي أنها شيء جميل تستلذه كل حواس المشتاق، وهي النفَس الذي يحبه ويرتاح إليه، أما الهمس فتطرب به نفس المتلهف لجار الوادي كأنه موسيقى أو لحن عذب مريح ، ثم تعود الكلمات ألما، لتشعرنا أن تلك الأنسام وذلك الهمس أمنية أو رجاء يود صاحبها لو يحس به بعد عودة جار الوادي ، فهو الآن يجد هجر الحبيب يعذبه ، ويرى أن هذا الهجر إن طال سيفنيه ، فيؤكد لنا ب جملة " إن زاد يفنينا" جملة سابقة " والوصل يحيينا"، ليبدأ مقطع جديد بنداء جار الوادي، لكن هذه المرة تظهر لنا فيه الروابي وهي ترجو دنو الأحبة من بعضهم، وقد مدت الأيدي منتظرة مصافحة أو معانقة الحبيب/ جار الوادي، ويؤكد النداء مرة ثالثة وهو بالأغنية تجاوز تسع نداءات، وإن كان الوصل بالبيت الأول من القصيدة يحيي المنادي فإنه هنا يؤكد ذلك بقوله " الوصل يكفينا" كأنه ما يريد إلا العيش بهذا الوصل، ولا يسعى إلا للحياة بعد هذا الوصل، الذي قد لا يطلب أكثر منه، ويكفي عند التلاقي رؤية الرياحين وهي تغازل الأطيار، وتعانق الأنوار، كأن هذا المشتاق قد فقد نعمة البصر بغياب الحبيب، ولكنه مؤمن بأن بصره عائد بعودة الحبيب، أو كأن حزن الطبيعة لهذا الفراق يجعل جمالها غائبا، فتغادر الأطيار الرياحين، وتعم الظلمة عالم الطبيعة، بينما عند اللقاء يكون العناق، وتشهد الأزهار اللقاء ، ومثلما ابتدأ النص / الأغنية بنداء جار الوادي وطلب مزاورته لمغاني المنادي اختتم كذلك أيضا، أي بإعادة نصف المطلع.
في هذه القصيدة التي تمتح ألفاظها من حقل رومانسي جمع بين الطبيعة الغناء الجذابة وبين الأشواق والحب نلاحظ تموجات بحر البسيط الذي تمرد عن طبيعته المعهودة أيضا، فجاء متكسر مويجات التفعيلات خاصة الثانية والرابعة ( فاعلن) من كل شطر شعري ، أي أن شاعرنا لم يلتزم بكسر التفعيلة في العروض أو الضرب فقط، وإنما اتخذ قطع هذه التفعيلات جلهامن بداية النص إلى نهايته،فصارت " فاعلن" " فاعلْ/ فعْلنْ، وأصاب أحيانا الخبن تفعيلة مستفعلن، إضافةإلى زحافات وعلل أخرى كالترفيل بعد القطع مثلا في فاعلن= فعْلان ..، أو الطي في مستفعلن= مستعلن/ مفتعلن...
بهذا النص الشعري إذن لم يحدث أن التزم الشاعر بسلامة تفعيلة " فاعلن " وإنما نجدها غالبا قد أصابها قطع فصارت فاعلن" فعْلن" وإن كان قد فاجأنا في البيت الشعري الأخير بترفيل منحه للتفعيلة، أما مستفعلن فظلت غالبا كما هي إلا أحيانا يصيبها خبن مثلا فتتحول إلى متفعلن.
هذه الموسيقى التي ابتدعها الشاعر لبحر البسيط بعيدا عن جرسه التقليدي الكلاسيكي منحت حركات وسواكن النص نبضات سهلت على ملحن القصيدة خلق موسيقى عذبة تدغدغ المشاعر، فقد تمرد الشاعر على النمط التقليدي للقصيدة شأنه في ذلك شأن الشاعر الرومانسي، وإن كان قد جعل الروي موحدا موصولا بالألف، وبدت القافية في " فينا بينا دينا ... _ ْ _ ْ " وقد دق جرسها ونغمتها موسيقى النص.
ثم إن الطبيعة بدت مشكلة بجمالها وبثورتها بعد اشتياق المنادي لجار الوادي الحبيب، فالروابي صارت أيضا ترجو دنو الأحبة من بعضهم، والرياحين بعد ابتعادهم لم تعد تغازل الأطيار ولا تعانق الأنوار. ويجعلنا هذا التعبير نتأمل استعارات مكنية بحذف المستعار منه وجعل المستعار له يقوم بما يقوم به ، أي إن الشاعر شخص الطبيعة ومنحها مشاعر لتعانق وتغازل وتشهد ، بل وتتحدث فترجو أيضا. وإذا عدنا للبيت الثاني من النص نستطيع أن نجعل من المبتدإ والخبر تشبيها بليغا في قوله " أنسامكم طيب" إذ شبه الأنسام بالطبيعة لرقتها وعذوبتها ولما تمنحه من نفس طيب، وكذلك الأمر بالنسبة ل " الهمس تطريب والهجر تعذيب". فكان حذف وجه الشبه مع الأداة هنا أبلغ وأدق ، ومزاوجة الأسلوب الإنشائي رغم قلته الأسلوب الخبري الذي يعبر عن مشاعر المنادي وأحاسيسه وألمه وشوقه قد عبر عن شيء محسوس يستطيع القارئ أن يتامله كأنه هو من يعيشه.
هذه الأبيات الخفيفة استطاعت أن ترسم بهجتها على المسمع قبل القراءة وترسم بصمتها بتأمل الطبيعة والحب والشوق والرجاء، وترسم عذوبتها بعد أن صارت أغنية بألحان وموسيقى فتشهد بعد الهوى فينا ....
القصيدة المغناة:
يا جار وادينا زاور مغانينا....فالشوق أضنانا والوصل يحيينا
أنسامكم طيب والهمس تطريب....والهجر تعذيب إن زاد يفنينا
يا جار وادينا هذي روابينا .....ترجو تدانينا وهذه أيدينا
يا جار وادينا الوصل يكفينا .... عند تلاقينا نرى الرياحينا
تغازل الأطيار تعانق الأنوار.... فتشهد الأزهار بعد الهوى فينا




رابط الأغنية بصوت المطربة رجاء بلمليح رحمها الله تعالى:
https://youtu.be/vCgnceKmN7E





نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)
خولة السعيد غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 14 / 10 / 2022, 14 : 04 AM   رقم المشاركة : [2]
عزة عامر
تكتب الشعر والنثر والخاطرة

 الصورة الرمزية عزة عامر
 





عزة عامر has much to be proud ofعزة عامر has much to be proud ofعزة عامر has much to be proud ofعزة عامر has much to be proud ofعزة عامر has much to be proud ofعزة عامر has much to be proud ofعزة عامر has much to be proud ofعزة عامر has much to be proud ofعزة عامر has much to be proud ofعزة عامر has much to be proud of

بيانات موقعي

اصدار المنتدى: مصر

رد: يا جار وادينا

مررت بالجيران أصافحهم ، فذكرت على الأعتاب أني نسيت عيوني ، مرورا سريعا مهرولا ، وسأعود إن شاء الله
أسجل إعجابي قبل القراءة .. لعلمي أن كل ما تدرجينه جميلا !
لكن عيوني تؤلمني كثيرا جدا ساستعيدها وآتي مرة أخرى ..
توقيع عزة عامر
 توضأ بالرحمة ..واغتسل بالحب.. وصل إنسانا..
عزة عامر
عزة عامر غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 14 / 10 / 2022, 14 : 10 AM   رقم المشاركة : [3]
خولة السعيد
مشرفة / ماستر أدب عربي. أستادة لغة عربية / مهتمة بالنص الأدبي


 الصورة الرمزية خولة السعيد
 





خولة السعيد will become famous soon enough

بيانات موقعي

اصدار المنتدى: المغرب

رد: يا جار وادينا

ربي يشفيك .. وهذا المرور السريع منك أيضا كان عطرا ...
شكرا لك وأبرأ عينيك ..
في انتظارك دائما
خولة السعيد غير متصل   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
وادينا


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 03 : 01 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Tranz By Almuhajir *:*:* تطوير ضيف المهاجر
Ads Organizer 3.0.3 by Analytics - Distance Education

الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة وتمثل رأي كاتبها فقط
جميع حقوق النشر والتوزيع محفوظة لمؤسسة نور الأدب والأديبة هدى نورالدين الخطيب © ®
لا يجوز نشر أو نسخ أي من المواد الواردة في الموقع دون إذن من الأديبة هدى الخطيب
مؤسسة نور الأدب مؤسسة دولية غير ربحية مرخصة وفقاً لقوانين المؤسسات الدولية غير الربحية

خدمة Rss ||  خدمة Rss2 || أرشيف المنتدى "خريطة المنتدى" || خريطة المنتدى للمواضيع || أقسام المنتدى

|