الحفّار .....
خرج من السوق وهو في كامل أناقته بقفة
مملوءة بما تشتهي النفس وتوجه نحو
سيارته . توقف فجأة و صوب بصره
نحو حفار ضاغط (compresseur ) ملقى
على قارعة الطريق الرئيسي الملبس بالخرسانة.
رمى القفة والمفتاح وتوجه مسرعا ... شغّل
الضاغط وأخذ يزيل به الخرسانة .... توقف
المارة عن السير و راحوا يتفرجون على
هذا المشهد الغريب . بعد فترة هرع إليه رهط
من العمال فنزعوا من يديه آلة الحفر .
تنفس عميقا وانشرحت أساريره وبدا
كمن تعافى من مس عفريت .
أخذوه إلى الطبيب النفسي المتواجد بالقرب
من هذا مكان فقام بتنويمه وسأله: من أنت ؟
أجاب المريض : أنا رئيس بلدية سابق
من الحزب الذي ولد كبيرا و مناضلوه أصحاب
أقذر المهمات ، والفشل عند السيول الجارفة ،
والزلازل المدمرة والثلوج المثلجة ، والقوارير
الخاوية .
الطبيب : وما الذي حملك على ما فعلت ؟
المير : تلك كانت أهم مهمة لي طيلة عقد من
الزمن : الحفر ثم الردم والتلبيس بالخرسانة
الغالية ثم الإزالة في الإيام الموالية . أقالوني
بعدما أصبت بهذه المتلازمة ولم أعد أقوى
على التخلص منها... سألتهم أن يستبقوني
في منصبي لكنهم رفضوا سؤالي وأستخلفوني
بآخر ادعوا أن بنيته أقوى و تخصصاته تشمل
إضافة إلى تخصصاتي هدم الجدران و تكسير كل
ما هو قابل للكسر .
الطبيب للمير بعد إيقاظه : سأصف لك عقارا
فعالا يخلصك من هذا الداء ....
المير : لا أريد عقارا ، إنما صف لي حفارا أسلخ
به الطريق السيار .
نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)
|