فِي لَيلَةٍ ، مُمْطِرَةٍ
(وَاللَّيثُ) يغدُو رَاعيًا فِي غَابةٍ
كَانتْ هُنَاكَ (هِرَّةٌ)
تَشكُو وَ تَبكِي حَالَهَا
تَرجُو نَجاةً مِنْ رَدَى
وَاسْتَعْطَفَ
أنينُها (اللَّيثَ) ، وَ سَاقَ رَحمَةً
أَهدَى لَهَا مَأوَى يَدُومُ مَسْكَنًا
تَحْتَ ظلالِ أَيكَةٍ
تَحيَا بِهَا بعضُ الطُّيورُ بالوَفَا
تَشدُو بُحُبٍّ أرْضَهَا
مَرَّتْ لَيَالٍ ، ثُمَّ أيَّامٌ بِها
وَ استَقدَمَتْ الْهِرَّةُ
أَقرَانَهَا ، وَ أَسَّسَتْ جَيشًا بِهمِ
أَمستْ جِيوشًا تَنهَشُ
وَ تسرِقُ
وَتقْتِلُ
وَ الأيكُ صَارَ دَولَةً ، مِلْكًا لَهَا
قضتْ جُيُوشُ (الهرَّةِ ) بَأسًا على أنحائِهِ
(اللَّيثُ) غَافٍ ، لا يُبَالي فِعلَهَا
صَارَ لهَا جُندَ الحِمَى ، وَ خادِمًا ، وَ خَانِعًا
كأنَّما لِحُبِّها إسْتَسْلَمَ
وَ أنَّهُ ، لِغيرِهَا نَابُ الرَّدى مُسْتَأسِدٌ
أَمْسَتْ طُيُورُ الحُبِّ دُونَ مَوطِنٍ
شَرِيَدةً ، حَزِينةً ، تُلَمْلِمُ
جِرَاحَهَا
تَبكي غُصُونًا ، وَ زُهُورًا قَدْ ذَوَتْ
دَامَتْ لَهَا أَعْلامَهَا
تَشْكُو إلَى (اللَّيثِ) ، تَعُودُ حَسْرة
بلا جَوابٍ يَشْتفِي أَحزَانَهَا ، شَتَاتَهَا ، وَغُربَةً
أقرانُها اليَمامُ ، وَ الْحَمَامُ مَا عَادُوا لهَا
أَمسَتْ وَحِيدَةً ، شَرِيدَةَ ، غَدَتْ
غَريبَةً عَنْ أرضِها ، كلٌ يخافُ (هِرَّةً) !
قَد قرَّرَتْ أنْ تستَرِدَّ مُلكَهَا
تَذَكَّرَتْ إنْ كَابَرَتْ وَ حَاوَلَتْ
دُونَ عِتَادٍ ، أوَ سِلاحٍ تَمتَلكْ
فإنَّهَا تخشَى عَلى صِغَارِهَا منْ هَجْمةِ الأعداءِ ، وَ اللَّيثِ لهَا
تخشَى ضَياعَ ما بقَى مِنْ عِزِّهَا
وَ اسْتَطْرَدَتْ قائلةً
بِأنَّ نَطْحَ نَعْجَةٍ بِلا قُرُونٍ ، أو حِمَى
فيهِ هَلَاكُ النَّاطِحِ
لِذَا فإِنَّها عَلَى وَعْدٍ بِهَا
يَومُ الفِدَا حينَ تنَالَ العُدَّةَ
بِقُدرةٍ ، وَ قُوةٍ
فتستَردُّ كُلُّ غُصْنٍ قَد ذَوَى
وَ زهْرةٍ قَد أَينَعتْ في ظِلِّهَا
ثمَّ تعِيدُ مُلكَهَا ، وحقَّها
سَتَنْتَظرْ
يَومًا تُبِيدُ المُعْتَدِي
شعر : عصام كمال ( مراد الساعي )