التسجيل قائمة الأعضاء



 
القدس لنا - سننتصر
عدد مرات النقر : 137,819
عدد  مرات الظهور : 162,176,848

اهداءات نور الأدب

العودة   منتديات نور الأدب > مـرافئ الأدب > قال الراوي > الـقصـة القصيرة وق.ق.ج. > ملف القصة / خيري حمدان
إضافة رد
 
أدوات الموضوع
قديم 19 / 03 / 2013, 13 : 09 AM   رقم المشاركة : [1]
خيري حمدان
أديب وقاص وروائي يكتب القصة القصيرة والمقالة، يهتم بالأدب العالمي والترجمة- عضو هيئة الرابطة العالمية لأدباء نور الأدب وعضو لجنة التحكيم

 الصورة الرمزية خيري حمدان
 





خيري حمدان has a reputation beyond reputeخيري حمدان has a reputation beyond reputeخيري حمدان has a reputation beyond reputeخيري حمدان has a reputation beyond reputeخيري حمدان has a reputation beyond reputeخيري حمدان has a reputation beyond reputeخيري حمدان has a reputation beyond reputeخيري حمدان has a reputation beyond reputeخيري حمدان has a reputation beyond reputeخيري حمدان has a reputation beyond reputeخيري حمدان has a reputation beyond repute

النداء الأخير



أدار السائق مفتاح محرّك الشاحنة الذي أخذ يهدر بقوّة ثمّ هبط لإنجاز بعض الأعمال الخاصّة، كنّا نحيط بالحافلة بانتظار إشارة تسمح لنا بالصعود إليها. لم أكن في عجلة من أمري، وكنت في الوقت نفسه متلهفًا للابتعاد عن هذه المدينة. السفر بحدّ ذاته بمثابة هروب نحو عوالم أخرى، قد يكون بعضها افتراضيًا، حسنًا ما الغريب في هذا، ليكن العالم الذي بانتظاري افتراضيّ. لقد سئمت البقاء مُقْعدَا بانتظار حدث. أنا هو الحدث! أدركت هذه الحقيقة مساء الأمس. أنا الحدث، وحدي قادر على خلق دراما في لجّة الرتابة.
لديّ رغبة بأن أكون أوّل الصاعدين إلى الحافلة، لا يوجد مودّعون، فأنا أوّلهم وآخرهم في هذه المدينة. "إلى أين أنت مسافر؟" لم يوجّه أحدهم لي هذا السؤال لكنّي أجبت "سأسافر إلى إحدى المدن البعيدة المتواجدة وسط غابة عذراء" ضحك الآخر من سذاجتي وعقّب قائلا "لم تعد هناك غابات عذراء فوق هذا الكوكب يا سيدي!" أجبتُ بحزم "أنا لست سيدك، أنا لست سيد أحد". لاحظت مؤخرًا بأنّني أستخدم كلمة "أنا" في الكثير من أحاديثي. ما الذي يعنيه ذلك؟ هل أصبحت مسكونًا بهمّي دون الآخرين؟
علينا أن ننتظر بعض الوقت، يوجد خلل بسيط في المحرّك، يجب تغيير حزام المروحة أو شيئًا من هذا القبيل! تبدو رحلتي صعبة حتّى قبل أن تبدأ، ذهبت مع باقي الركاب إلى المقهى القريب، طلبت قهوة وقطعة كعك وجلست في ركن منزوٍ، لم تكن لديّ أيّة رغبة بتبادل الحديث مع أحد، رغبتي الوحيدة هي الابتعاد عن الحضارة والمضيّ نحو الحياة البدائية. لا أدري إذا كانت هناك حقًا حياة بدائية أم أن الأماكن كلّها باتت مسكونة بمخلّفات الحضارة البشرية المُمتهنة؟
- هل لي بالجلوس إلى طاولتك؟ فتاة في مقتبل العمر، تحمل كأسًا من الشاي وقطعة كعك كبيرة، تطلب منّي الإذن بالجلوس. لو كنّا في غابة أو في سهل عريض مفتوح لما اضطُرّت لطلب الإذن منّي بالجلوس، لكنّها كما قلت "الحضارة" التي كبّلت أيدينا، أشرتُ لها بطرف يدي آذنًا لها بالجلوس - جميلة، مندفعة، شرهة.
- تفضّلي سيدتي، اجلسي من فضلك.
- آنسة لو سمحت. ثمّ طفقت بالتهام قطعة الحلوى وشرب الشاي دون أن تعير أحدًا أدنى انتباه. هذه علامة واضحة على ثقة كبيرة بالنفس، لعلها الوقاحة. أضافت قائلة "أكره السفر مع هذه الشركة، غالبًا ما تتعطّل حافلاتهم قبل الانطلاق أو بعد ذلك بقليل، لكنّي في عجلة من أمري."
- أين وجهتك يا آنسة؟
- آنا، اسمي آنا. هل قرأت آنا كرنينا لليو تولستوي؟ أبي مولع بالأدب الروسيّ وأصرّ على تسميتي بآنا. أؤكّد لك بأنّ خياراتي أفضل بكثير من تلك الرومنسية المنتحرة تحت عجلات القطار.
وجدت نفسي أمام ثرثارة لا تُحْتمل، وكنت أبحث عن خلوة على وقع عجلات الحافلة المنطلقة كأفعى متلوّية نحو المجهول المعلوم، كم أنا ساذج! أخبرني عن وصفة ما تريحني من ترداد "الأنا". النسيان نعمة يصعب نيلها، النسيان مشروع أنانيّ للغاية، فضيلة مغمّسة بكمّ كبير من الرذيلة. أنا نكرة، لا أحد. أنا مفرغٌ من القيمة المضافة، لا أحد يستحقّ رفقتي.
- من أنت، أقصد ما اسمك، يجب ان أعرف اسمك لأنّك ستجلس إلى جانبي، رقم بطاقتك 67 وأنا السنة التالية، أنا آنا الثرثارة وعليك تحمّل اقتحامي لعالمك، لا مفرّ من ذلك. أتبعت كلماتها برشفة كبيرة من كوب الشاي دون حرج.
- أنا نكرة يا رفيقة الطريق، لم يسبق أن عاملتني امرأة بهذه العفوية. هل عليّ أن أجلس إلى جانبك حقًا؟
- نعم. بالمناسبة، أنا فتاة ولست امرأة، وهذا لا يعني بأنّني بريئة ولا أقبل بمزيد من الأسئلة الشخصية. لكنّي أصرّ على معرفة اسمك.
- أنا الموظف السامي كارنين يا آنستي. لم تمتلك نفسها عن الضحك وغرقت تقهقه بملء صوتها، لكنّها أحجمت حين رأت عشرات الرؤوس تدور نحوها.
- كارنين يكبرها بعقدين من الزمن، كارنين صاحب أذنين كبيرتين، رجل غير قادر على إشباع رغباتها بالاندفاع والبحث عن المغامرة. أنت تبدو عكس ذلك يا كارنين.
- بل أبدو مملا للغاية، أبحث عن الملل وأهرب من المغامرة، لكنّ يبدو بأنّ المغامرة قد بدأت الآن بعد أن تعثرت بك في هذه الرحلة.
- ماذا تقترح؟
- أن تصمتي قليلا، هل هذا كثير؟
- نعم هذا كثير. لن أصمت طِوال الطريق وسترى.
كانت تحدّق في عينيّ بتحدّ واضح وكانت تبتسم، النهار كلّه كان يبتسم لها، إنّها تنتمي لذلك النمط اللعين من النساء، اللواتي يتعذّر الهرب منهنّ ما دمن قد أعلنّ حالة الحرب بأنثوية عفوية ضدّ الرجولة المقيّدة. حاولت النظر بعيدًا علّها تبعد عينيها بعيدًا عنّي، لكنّ هذا لم يجدِ نفعًا، كانت تحدّق وتبتسم وتأكل وتشرب الشاي وتتمتّع بقهري وتعذيبي، كانت تجذبني لعالمها بكلّ سهولة ودون عناء، وأنا أبدو مطيعًا غير قادر على الصمود في وجهها. همست بعد دقائق "هيّا يا كارنين، لقد حان وقت السفر ألم تسمع صوت النداء الأخير؟".





نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)
خيري حمدان غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 19 / 03 / 2013, 42 : 12 PM   رقم المشاركة : [2]
د. منذر أبوشعر
محقق، مؤلف، أديب وقاص

 الصورة الرمزية د. منذر أبوشعر
 





د. منذر أبوشعر has a reputation beyond reputeد. منذر أبوشعر has a reputation beyond reputeد. منذر أبوشعر has a reputation beyond reputeد. منذر أبوشعر has a reputation beyond reputeد. منذر أبوشعر has a reputation beyond reputeد. منذر أبوشعر has a reputation beyond reputeد. منذر أبوشعر has a reputation beyond reputeد. منذر أبوشعر has a reputation beyond reputeد. منذر أبوشعر has a reputation beyond reputeد. منذر أبوشعر has a reputation beyond reputeد. منذر أبوشعر has a reputation beyond repute

بيانات موقعي

اصدار المنتدى: سوريا

رد: النداء الأخير

الأديب الكبير ،أخي الأستاذ خيري:
لا مفر أبداً..ولا ركن لنا في هذه الدنى المتلاطمة حولنا..بل لا عزاء لنعمة الهدوء ولحظات التأمل.
لكن برأيي أن صاحبنا له (تلتين الخاطر) في هذه الصحبة الإجبارية،فما هكذا أدوات التخلي عن الناس لنشدان العزلة !
والخير كله لك،ونبقى مع صدق طيب الحديث.
توقيع د. منذر أبوشعر
 تفضل بزيارتي على موقعي الشخصي

http://drmonther.com
د. منذر أبوشعر غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 19 / 03 / 2013, 57 : 12 PM   رقم المشاركة : [3]
رشيد الميموني
أديب وقاص ومترجم أدبي ويعمل في هيئة التدريس -عضو الهيئة الإدارية / مشرف عام على المنتديات والأقسام / نائب رئيس رابطة نور الأدب


 الصورة الرمزية رشيد الميموني
 





رشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond reputeرشيد الميموني has a reputation beyond repute

بيانات موقعي

اصدار المنتدى: المغرب

رد: النداء الأخير

هكذا هي إبداعاتك أخي الغالي .. يتردد صدى ندائها فينبث في النفوس وتطرب له القلوب .
ربما كانا هذا النداء الأخير أزليا لكنه لم يجد صداه إلا مع ظهور تلك الأنثى (أنا) التي ستغير كل شيء وقد تدمر كل شيء بما في ذلك تلك (الأنا) المتحكمة .
استمتعت جدا بنصك أخي كعادتي ..
شكرا لألقك ..
ودمت لكل المحبة .
رشيد الميموني غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 19 / 03 / 2013, 18 : 01 PM   رقم المشاركة : [4]
خيري حمدان
أديب وقاص وروائي يكتب القصة القصيرة والمقالة، يهتم بالأدب العالمي والترجمة- عضو هيئة الرابطة العالمية لأدباء نور الأدب وعضو لجنة التحكيم

 الصورة الرمزية خيري حمدان
 





خيري حمدان has a reputation beyond reputeخيري حمدان has a reputation beyond reputeخيري حمدان has a reputation beyond reputeخيري حمدان has a reputation beyond reputeخيري حمدان has a reputation beyond reputeخيري حمدان has a reputation beyond reputeخيري حمدان has a reputation beyond reputeخيري حمدان has a reputation beyond reputeخيري حمدان has a reputation beyond reputeخيري حمدان has a reputation beyond reputeخيري حمدان has a reputation beyond repute

:sm3: رد: النداء الأخير

اقتباس
 عفوا ,,, لايمكنك مشاهده الروابط لانك غير مسجل لدينا [ للتسجيل اضغط هنا ] المشاركة الأصلية كتبت بواسطة منذر أبوشعر
الأديب الكبير ،أخي الأستاذ خيري:
لا مفر أبداً..ولا ركن لنا في هذه الدنى المتلاطمة حولنا..بل لا عزاء لنعمة الهدوء ولحظات التأمل.
لكن برأيي أن صاحبنا له (تلتين الخاطر) في هذه الصحبة الإجبارية،فما هكذا أدوات التخلي عن الناس لنشدان العزلة !
والخير كله لك،ونبقى مع صدق طيب الحديث.

الأديب العزيز منذر أبو شعر.
بصراحة صاحبنا له ثلاثة أرباع الخاطر بهذه الرفقة. لا هدوء ولا غابات عذراء حتى الفتاة المرأة كتلة من نار وستكوي قلبه "ربّما" فيما بعد. قد تستحق القصة جزءا ثاني أخي منذر، لم أفكر بالأمر حقيقة، لكنّي أشكرك من كلّ القلب على دفء حضورك الغالي، طابت أوقاتك.
خيري حمدان غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 19 / 03 / 2013, 22 : 01 PM   رقم المشاركة : [5]
خيري حمدان
أديب وقاص وروائي يكتب القصة القصيرة والمقالة، يهتم بالأدب العالمي والترجمة- عضو هيئة الرابطة العالمية لأدباء نور الأدب وعضو لجنة التحكيم

 الصورة الرمزية خيري حمدان
 





خيري حمدان has a reputation beyond reputeخيري حمدان has a reputation beyond reputeخيري حمدان has a reputation beyond reputeخيري حمدان has a reputation beyond reputeخيري حمدان has a reputation beyond reputeخيري حمدان has a reputation beyond reputeخيري حمدان has a reputation beyond reputeخيري حمدان has a reputation beyond reputeخيري حمدان has a reputation beyond reputeخيري حمدان has a reputation beyond reputeخيري حمدان has a reputation beyond repute

:sm3: رد: النداء الأخير

اقتباس
 عفوا ,,, لايمكنك مشاهده الروابط لانك غير مسجل لدينا [ للتسجيل اضغط هنا ] المشاركة الأصلية كتبت بواسطة رشيد الميموني
هكذا هي إبداعاتك أخي الغالي .. يتردد صدى ندائها فينبث في النفوس وتطرب له القلوب .
ربما كانا هذا النداء الأخير أزليا لكنه لم يجد صداه إلا مع ظهور تلك الأنثى (أنا) التي ستغير كل شيء وقد تدمر كل شيء بما في ذلك تلك (الأنا) المتحكمة .
استمتعت جدا بنصك أخي كعادتي ..
شكرا لألقك ..
ودمت لكل المحبة .

أخي العزيز الصديق رشيد الميموني.
تلك الأنثى كامنة على ما يبدو في وعي الرجل، ولو قررت الغياب لأوجدها الرجل قبل أن ينتهي به الحال إلى الغابات العذراء. لتكن هذه المتطفلة جزءًا من مسيرة صاحبنا الغارق بهموم الأنا فهي قادرة على قلب كيانه رأسًا على عقب.
أشكرك لحضورك الدافئ وستبقى جزءًا من المسيرة الأدبية التي قطعناها خلال السنوات الماضية والسنوات المقبلة، دمت أخي رشيد والدانوب على موعد.
خيري حمدان غير متصل   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
الأيام, المدير


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
يارفيق الأيام Arouba Shankan نورالاستراحة الصوتية والمرئية 2 21 / 07 / 2020 18 : 05 PM
علب الأيام ميساء البشيتي الـقصـة القصيرة وق.ق.ج. 15 17 / 02 / 2014 42 : 10 PM
في يوم من الأيام مرمريوسف قصص من تراثنا 3 17 / 02 / 2012 17 : 09 PM
كتاب الأيام ميرا فرحات الخاطـرة 3 30 / 07 / 2010 43 : 01 AM


الساعة الآن 21 : 12 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.
Tranz By Almuhajir *:*:* تطوير ضيف المهاجر
Ads Organizer 3.0.3 by Analytics - Distance Education

الآراء المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة وتمثل رأي كاتبها فقط
جميع حقوق النشر والتوزيع محفوظة لمؤسسة نور الأدب والأديبة هدى نورالدين الخطيب © ®
لا يجوز نشر أو نسخ أي من المواد الواردة في الموقع دون إذن من الأديبة هدى الخطيب
مؤسسة نور الأدب مؤسسة دولية غير ربحية مرخصة وفقاً لقوانين المؤسسات الدولية غير الربحية

خدمة Rss ||  خدمة Rss2 || أرشيف المنتدى "خريطة المنتدى" || خريطة المنتدى للمواضيع || أقسام المنتدى

|