الشبهة
الشبهة: واردٌ يرد على القلب، يحول بينه وبين انكشاف الحق له. وإنما سميت
الشبهة شبهة لاشتباه الحق بالباطل فيها، فإنها تلبس ثوبَ الحق على جسم الباطل.
يقال: تشابه الشيئان واشتبها: أشبه كلُّ واحد منهما صاحبه.
وأكثر الناس أصحاب حسن ظاهر، فينظر الناس فيما أُلبسته من اللباس، فيعتقد
صحتها؛ وبعضُ الناس ينقدحُ الشك في قلبه بأول عارضٍ من شبهة؛ وهذا لضعف
علمه وقلة علمه وقلة بصيرته؛ إذا وردت على قلبه أدنى شبهة، قدحتْ فيه الشكَّ
والرَّيب؛ بخلاف الراسخ في العلم، لو وردت عليه الشُّبَه بعدد أمواج البحر ما أزالت
يقينه، ولا قدحتْ فيه شكاًًّ، لأنه قد رسخ في العلم فلا تستفزه الشُّبهات؛ بل إذا وردت
عليه، ردَّها حَرَسُ العلم وجيشه مغلولة مغلوبة.
فمتى باشرَ القلبُ حقيقةَ العلم، لم تؤثر تلك الشبهة فيه، بل يقوَى علمه ويقينه بردِّها
ومعرفة بطلانها. ومتى لم يباشر حقيقة العلم بالحق قلبُه، قدَحتْ فيه الشك بأول
وَهْلة، فإنْ تداركها، وإلاَّ تتابعتْ على قلبه أمثالُها حتى يصير شاكاًّ مرتاباً.. فإنْ
أشرب شبهات الباطل، تفجَّرتْ على لسانه الشكوكُ والشبهات والإيرادات، فيظن
الجاهلُ أنَّ ذلك لسعة علمه، وإنما ذلك من عدم علمه ويقينه.
ومثال هذا: الدرهم الزائف، يغترُّ به الجاهل بالنقد، إلى ما عليه من لباس الفضة؛
والناقد البصير يُجاوز نظره إلى باطنه وما تحت لباسه، فتنكشف له حقيقته، ويطَّلع
على زيفه (اللسان: شبه، مفتاح دار السعادة 152 للإمام ابن القيم الجوزية).
نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)
|