الفضول
قال عمر بن الخطاب (ت: 23 هـ، وولي سنة 13 هـ): اعتزلِ الفضول تسلم.
أي ابتعد عن الدخول فيما لا يعنيك.
وأصل (الفضول) جمع فضل (بالفتح فسكون) وهو الزيادة على الاقتصاد، ثم
استعمل الجمع استعمال المفرد فيما لا خير فيه، ونُسب إليه على لفظه فقيل: فضولي
(بضم الفاء) لمن لا يشتغل بما لا يعنيه، وجُعل علماً على نوع من الكلام أو
التصرُّف، فنزِّل منزلة المفرد.
والفقهاء يطلقون (الفضولي) على من تصرَّف بالشيء وليس بمالك له ولا وكيل ولا
وليٍّ.
والفضول يدخل في كل شيء، وبلاؤه واسع، واعتزاله عسير إلاَّ على من وفقه الله
وأعانه. قال رَباح بن يزيد اللخمي (134هـ - 172 هـ) وكان أحد العلماء الثقات
العباد، من أهل المجاهدات والأخلاق الرفيعة: رضتُ نفسي على ترْك المآثم حَوْلاً
ثم حَوْلاً فضبطتها، ورضتُ لساني على ترك ما لا يعنيني، فبعد خمسَ عشرة سنة
ضبطته ! قال أبو عثمان سعيد ابن الحدَّاد المغربي شيخ المالكية (ت: 302 هـ) : إنه
ليغلب على ظني أن هذه الرياضة إنما كانت من لدن بلغ، لأنه مات ابن ثمان
وثلاثين سنة، وكان قد حمل نفسه على الاجتهاد (طبقات علماء إفريقية وتونس
124، معالم الإيمان في معرفة أهل القيروان 1 /260 ). وقال الإمام الشافعي
(محمد بن إدريس150هـ - 204 هـ) مما يزيد في العقل تركُ الفضول من الكلام
(زاد المعاد 3 /417 ).
وقال الحارث بن أسد المحاسبي (165 هـ - 243 هـ) وجدتُ أصول الفضول
المتحركة من القلب تظهر على السمع والبصر واللسان والغداء واللباس والمسكن:
ففضول السمع يُخرج إلى السهو والغفلة؛ وفضول البصر يُخرج إلى الغفلة والحَيْرة؛
وفضول اللسان يُخرج إلى التزيُّد والبدعة؛ (يعني: التفاصح للناس والتزيُّد في
الكلام)؛ وفضول الغذاء يُخرج إلى الشَّره والرغبة (يعني: التوسع في الغذاء والترف
فيه، فيجرُّ صاحبه إلى النهم والرغبات الفاسدة والمشتهيَات المؤذية في الدين
والبدن)؛ وفضول اللباس يُخرج إلى المباهاة والخُيلاء؛ وفضول المسكن يُخرج إلى
الإسراف والفخر (رسالة المسترشدين 168 )، وقال الصحابي الجليل ابن مسعود
(عبد الله بن مسعود الهُذلي، ت: 32 هـ): أنذركم فضول الكلام، حسْب أحدكم ما
يبلغ به حاجته، فإن الرجل يُسأل عن فضول كلامه كما يُسأل عن فضول ماله
(إحياء علوم الدين 8 / 212 ، ونسبه الحارث بن أسد المحاسبي في رسالة
المسترشدين 176 خطأ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم).
نور الأدب (تعليقات الفيسبوك)
|