موعد مع الفرح
"مهداة إلى الغالية على القلب الأستاذة ناهد شما "
أبوحي حزين يا أختاه ؟ أيؤرقك هذا البوح الحزين ؟
بوحي حزين ٌ .. ربما .. لكنه ليس حزينا ً لأجل الحزن فقط ..
أو ربما أنا لم أعد أراه بوحا ً حزينا ً .. وربما ما عدت أشعر أن بوحي حزين ..
بوحي ليس إلا لوحة استقيت ألوانها من حدائق الوطن .. حدائق الوطن التي جفت أشجارها
قبل الآوان وتيبست أغصانها وذبلت أوراق الورد فيها وقطرات الندى ما زالت تغلفها .
حدائق الوطن يا غالية ليست حزينة .. بل تكاد تكون مبكية من شدة الحزن .
من قال بأني لا أتمنى أن أكتب عن الفرح .. لا أتمنى أن أعيش الفرح ..
أن أتنفس الفرح ..
لكن كيف وأنا ما زلت أتنفس هواء غزة الجريحة .. هواء القدس الأسيرة ..
هواء حيفا وأريحا ؟
ما زالت رائحة النار والبارود تخنقني كل ليلة .. ما زلت أتحسس أثار الندبات والجروح
التي لم أطعنها في جسدي إنما تلقيتها غدرا ً في روحي ..
ما زالت أثار الدم المسفوك ندية على جبهتي وما زالت أنياب الفرقة عضاتها مرتسمة
على جدار قلبي ..
فكيف ستكون حروفي من فرح وأنا أغرق في محيط من الحزن ليس له قرار ؟
قولي لي يا أختاه هل تغيب غزة عنك ساعة الغروب .. هل تغيب صفد من أحلامك ؟
ألا تذكرين الأقصى الشريف وأنت بين يدي الله تستقبلين صلاتك ؟
ألا تمرّ بخيالك شواطىء البحر هناك وعرائس البحر التي سبيّت .. ألا تسمعين صدى
حيفا ويافا عند كل آذان ؟
ألا تشتاقين القدس .. ألا تحفر قلبك أنات القدس وهي تستغيث على المآذن ..
أغيثونا يا عرب ؟
يا غاليتي الحزن يحاصرنا فكيف نفرّ منه .. كيف نوجه معاول الحروف نحو بستان الفرح
وشتلات الفرح كلها قد بعثرت بذورها .. ذهبت بها الريح شمالا ً وجنوبا ً
وخلف المحيطات ؟
كيف نلّم وجعنا يا غالية ونلّم بذور الفرح في أكفنا ونزرعها في حدائقنا وندفن في المقابر
كل صور الحزن ؟
قولي لي يا غالية فأنا قد اشتقت للفرح ولصباحات الفرح ولأحاديث الفرح
ولفجر الفرح ومساءات الفرح ..
اشتقت أن أرسم الفرح في دفتر عمري .. أشتقت ان أرسمه عروسا ً ..
أشتقت أن أزفه لأجمل عرسان الفرح ..
اشتقت لأحفاد الفرح .. اشتقت لوطن الفرح وسماء الفرح ورياض الفرح ..
اشتقت يا ناهد مثلما اشتقت أنت لعالم الفرح ..
لا بد يا ناهد وأن يكون لنا موعد مع الفرح ..
انتظريني يا أختاه لا بد أن يحين موعد الفرح .