[align=justify][align=justify]
من أشهر الأناشيد التي نحفظها كباراً وصغاراً فيما يتعلق بالهجرة النبوية المباركة نشيد: (طلع البدر علينا)، فهل لهذا النشيد أصل صحيح ؟
أخرج البيهقي (أبو بكر أحمد بن الحسين، ت: 458 هـ) في دلائل النبوة 506 بسنده عن ابن عائشة (عبيد الله بن محمد التيمي، ت:228 هـ وهو ثقة) قال: لما قدم الرسول صلى الله عليه وسلم المدينةجعل النساء والصبيان يقلن:
طلـع البــدر علينـا *** من ثنيات الوداع
وجب الشكر علينا *** مــا دعــا لله داع
وزاد رزين بن معاوية العبدري (ت: 535 هـ): أيها المبعوث فينا جئت بالأمر المطاع، قاله الصالحي محمد بن يوسف (ت: 942 هـ) في سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد 3/ 271.
ورواه البيهقي في موضع آخر من الدلائل / باب تلقي الناس رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث قدم من غزوة تبوك، وقال: وهذا يذكره علماؤنا عند مقدمه المدينة من مكة، وقد ذكرناه عنده، لا أنه لما قدم المدينة من ثنية الوداع عند مقدمه من تبوك، والله أعلم، فذكرناه أيضًا ها هنا (الدلائل 5 / 266).
وأعلّه الحافظ العراقي (عبد الرحيم بن الحسين، ت: 806 هـ) بكون الخبر معضلاًًًً (والحديث المعضل: هو ما سقط من إسناده اثنان أو أكثر في موضع واحد، سواء كان في أول السند أو وسطه أو منتهاه)؛ لأن راوي القصة ابن عائشة وهو ثقة من شيوخ الإِمام أحمد لكنه مات سنة 228 هـ ، فبينه وبين القصة مفاوز(تخريج أحاديث إحياء علوم الدين3 / 1327( . وتابعه الحافظ ابن حجر(أحمد بن علي العسقلاني، ت: 852 هـ) فقال: وهو سند معضل، ولعل ذلك كان في قدومه من غزوة تبوك ( فتح الباري 7 / 261).
وثنيات الوداع إنما هي من ناحية الشام، لا يراها القادم من مكة إلى المدينة، ولا يمر بها إلا إذا توجّه للشام.
ومما يدل على ضعف هذه القصة، أن الروايات الصحيحة في دخوله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة عند هجرته إليها لم تذكر ذلك، فروى البخاري (محمد بن إسماعيل ، ت: 256 هـ) من حديث أنس بن مالك: قيل في المدينة: جاء نبي الله، جاء نبي الله صلى الله عليه وسلم- فأشرفوا ينظرون ويقولون: جاء نبي الله ( صحيح البخاري / كتاب مناقب الأنصار، رقم 3911).
وفي حديث البراء بن عازب: قدم النبي صلى الله عليه وسلم، فما رأيت أهل المدينة فرحوا بشيء فرحهمبرسول الله صلى الله عليه وسلم، حتى جعل الإماء يقلن: قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم فصعد الرجال والنساء فوق البيوت، وتفرّق الغلمان والخدم في الطُرق ينادون: يا محمد، يا رسول الله. يا محمد، يا رسول الله (صحيح البخاري رقم 3925، صحيح مسلم رقم 7522 ).
فائدة
رغم عناية ابن إسحاق (محمد بن إسحاق المطلبي، ت: 152 هـ) بالسيرة النبوية، وتتبعه لأحداثها، فإنه لم يورد هذا النشيد في سيرته.
[/align][/align][align=justify][/align]